البارت السابع

34 27 12
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

وصف الأنبياء في القرآن والكتب الأخرى:

وقد تعرَّض القرآن الكريم إلى ذكر الأنبياء فوصفهم بكلّ جميل ينبغي أن يوصفوا به، ونسب إليهم كلّ مأثرة كريمة تلازم قداسة مقامهم ونزاهة السفارة الإلهية.
فهم المصطفون، قال تعالى: (اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ) (آل عمران: ٣٣)، والحديث عن معرفة آل إبراهيم وآل عمران لا يسعه هذا المختصر، والمراد من العالمين أي عالمي زمانهم.
وهم الموقنون، قال تعالى: (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالأَْرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (الأنعام: ٧٥).
وهم المهتدون، قال تعالى: (وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ) (الأنعام: ٨٤)، وقوله تعالى: (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) (الأنعام: ٩٠).
وهم العالمون بالعلم اللدنّي، قال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالاَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) (النمل: ١٥).
وهم المنعّمون، قال تعالى: (أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا) (مريم: ٥٨).
وهم المحسنون، قال تعالى: (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (الأنعام: ٨٤).
وهم الصالحون، قال تعالى: (وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ) (الأنعام: ٨٥).
وهم المفضَّلون، قال تعالى: (وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكلاًّ فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ) (الأنعام: ٨٦).
وهذا مجمل الذوق القرآني في سرده لصفات الأنبياء، وعلى هذا رأي الطائفة الحقّة.
وأمَّا ما ورد في الكتب السماوية المحرَّفة حيث وصفت الأنبياء والأوصياء بما لا يتناسب مع مقامهم ومنزلتهم، بل لا يتناسب مع المؤمن العادل فكيف بمن يرتبط بالحقّ تعالى، ومن تلك الأوصاف ما ورد في الإصحاح الثاني عشر من التكوين:
إنَّ إبراهيم ادّعى أمام فرعون أنَّ سارة أخته الجميلة وليست بزوجته وقد أكرمه فرعون بعد أن تزوَّج بها وأعطاه غنَماً وبقَراً وحميراً وعبيداً وإماءاً، وبعد ما علم فرعون بأمر سارة عاتبه فرعون ثمّ ردَّ فرعون سارة إلى إبراهيم(٣٢).
وفي الإصحاح التاسع عشر من سفر التكوين في سرده لقصَّة لوط مع ابنتيه في الجبل وأنَّ الكبيرة قالت لأختها: أبونا قد شاخ وليس في الأرض رجل ليدخل علينا فلنسقي أبانا خمراً ونضطجع معه فنحيي من أبينا نسلاً، فسقتا أباهما خمراً في تلك الليلة واضطجعت معه الكبيرة وفي الليلة الثانية سقتاه الخمر ودخلت معه الصغيرة، فحملتا منه فولدت كلّ واحدة منهما ابنين(٣٣).
وفي الإصحاح السابع والعشرين من سفر التكوين:
(إنَّ إسحاق أراد أن يعطي ابنه عيسو بركة النبوّة فخادعه يعقوب وأوهمه أنَّه عيسو وقدَّم له طعاماً فأكل وشرب وأعطاه بركة النبوّة ومنعها من عيسو)(٣٤).
وقد ذكر إنجيل (متّى) في الإصحاح الأوّل نسب يسوع المسيح تفصيلاً وجعل المسيح وسليمان وأباه داود من نسل مَن ولد من زنا(٣٥).
وفي الإصحاحين: الحادي والثاني عشر من صموئيل الثاني: أنَّ داود زنى بامرأة أوريا المجاهد المؤمن وحملت من ذلك الزنى فخشي داود الفضيحة وأراد تمويه الأمر على زوجها فلم يفلح فأرسله إلى الحرب وجعله في الصف الأوّل فقُتل، فضمَّ زوجته إلى بيته وتزوَّجها علناً(٣٦).
والعجب من الأمم المثقَّفة ورجال العصر ومهرة العلوم الناظرين في التوراة الرائجة، والمطّلعين على ما اشتملت عليه من الخرافات كيف تعتقد بأنَّها وحي إلهي وكتاب سماوي، نعم إنَّ تقليد الآباء كالغريزة الثانوية يصعب التنازل عنه إلى اتّباع الحقّ والحقيقة، لكنَّ الحقّ إذا بلغ من الظهور لهذه الدرجة لا يمكن التغاضي عنه.
نعم قد ورد في المضمون القرآني ما قد يوهم انتقاص المنزلة كما توهَّم البعض وصف النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بما لا يناسبه لسوء فهم قوله تعالى: (عَبَسَ وَتَوَلَّى) (عبس: ١)، إلاَّ أنَّ القرآن الكريم لمَّا كان بعضه يفسّر بعضاً فإنَّ ذلك التوهم لا ينسجم، بل مندفع بقوله تعالى: (إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم: ٤)، وقوله تعالى: (إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (الأحزاب: ٣٣).
وكيفما كان فعقيدتنا أنَّ الأنبياء والأولياء لا يمكن إدراك مقاماتهم، وإنَّما يمكن أن ندرك بعض ذلك وهو الواصل إلينا من الطرق النقيّة، ولذا ورد في الزيارة: (مَنْ أرَادَ اللَّهَ بَدَأ بِكُمْ وَمَنْ وَحَّدَهُ قَبِلَ عَنْكُمْ وَمَنْ قَصَدَهُ تَوَجَّهَ بِكُمْ، مَوَالِيَّ لا اُحْصِي ثَنَاءَكُمْ وَلا أبْلُغُ مِنَ الْمَدْح كُنْهَكُمْ وَمِنَ الْوَصْفِ قَدْرَكُمْ، وَأنْتُمْ نُورُ الأخْيَارِ وَهُدَاةُ الأبْرَارِ وَحُجَجُ الْجَبَّارِ، بِكُمْ فَتَحَ اللَّهُ وَبكُمْ يَخْتِمُ [اللَّهُ‏] وَبِكُمْ يُنَزّلُ الْغَيْثَ وَبكُمْ يُمْسِكُ السَّمَاءَ أنْ تَقَعَ عَلَى الأرْض إِلاَّ بإذْنِهِ)(٣٧)، نعم مع الاعتقاد بذلك والتزامه لا ننحدر ونقع في فخّ الغلوّ لأنَّا نعتقد أيضاً بما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: (إيّاكم والغلو فينا قولوا إنّا عبيد مربوبون وقولوا في فضلنا ما شئتم)(٣٨)، وفي حديث آخر عنه عليه السلام: (هلك فيَّ رجلان محبّ غالٍ ومبغض قالٍ)(٣٩).
هذا كلّه بلحاظ الواصل إلينا في تحديد أوصافهم عليهم السلام.
خصائص الإمام المهدي عليه السلام:
وأمَّا ما وصل إلينا في بيان خصوصيات الإمام المهدي عليه السلام فمنها:
١ _ عن جابر، قال: سمعت سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطّاب يحدّث أبا جعفر محمّد بن علي عليه السلام بمكّة، قال: سمعت أبي عبد الله بن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (... والحجّة القائم كأنَّه كوكب درّي في وسطهم، فقلت: يا ربّ من هؤلاء؟ فقال: هؤلاء الأئمّة، وهذا القائم يحلّ حلالي ويحرّم حرامي وينتقم من أعدائي، يا محمّد أحببه فإنّي اُحبّه واُحبّ من يحبّه)(٤٠).
٢ _ عن أبي وائل، قال: نظر أمير المؤمنين علي إلى الحسين عليهما السلام فقال: (إنَّ ابني هذا سيّد كما سمّاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيّداً وسيخرج الله من صلبه رجلاً باسم نبيّكم يشبهه في الخَلق والخُلُق، يخرج على حين غفلةٍ من الناس، وإماتةٍ للحقّ، وإظهارٍ للجور، واللهِ لو لم يخرج لضربت عنقه، يفرح بخروجه أهل السماوات وسكّانها، وهو رجل أجلى الجبين، أقنى الأنف، ضخم البطن، أزيل الفخذين، بفخذه اليمنى شامة، أفلج الثنايا، ويملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً)(٤١).
٣ _ عن السيّد بن محمّد الحميري في حديث طويل يقول فيه: قلت للصادق جعفر بن محمّد عليه السلام: يا بن رسول الله قد روي لنا أخبار عن آبائك عليهم السلام في الغيبة وصحَّة كونها فأخبرني بمن تقع؟ فقال عليه السلام: (ستقع بالسادس من ولدي والثاني عشر من الأئمّة الهداة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوّلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وآخرهم القائمبالحقّ بقيّة الله في أرضه صاحب الزمان وخليفة الرحمن، والله لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه لم يخرج من الدنيا حتَّى يظهر فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً)(٤٢).
٤ _ عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (المهدي من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خَلقاً وخُلُقاً، تكون به غيبة وحيرة تضل فيها الأمم، ثمّ يُقبل كالشهاب الثاقب يملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً)(٤٣)، وقد يظهر أنَّه ليس المراد من الاسم هو الاسم اللفظي، بل المراد مسمّى الاسم أي اتّحاد الحقيقة، والمراد من الكنية اتّحاد الصفات إذ من البعيد أن يكون المقصود من الرواية محض اتّحاد الاسم والكنية لعدم المنقبة في ذلك فقد تحصل لأيّ شخص، اللهم إلاَّ أن يقال: إنَّه اسم لفظي منح من السماء ويكفي هذا منقبة إذ لا يشاطره أحد، أجل منحة السماء نفس أمرية تكشف عن المكوّن الذاتي لا اعتبارية جزافية وعطايا فوضوية.
٥ _ عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي عليه السلام يقول: (إنَّ في الليلة التي يولد فيها الإمام عليه السلام لا يولد فيها مولود إلاَّ كان مؤمناًً، وإن ولد في أرض الشرك نقله الله إلى الإيمان ببركة الإمام)(٤٤)، وهذه منقبة انحصارية اختصَّت بالإمام المهدي عليه السلام بأنَّ اليوم الذي ولد فيه الإمام يوم كريم تكرَّم وتشرَّف بولادة الإمام فهو الذي أضفى لليوم هذه الكرامة والمنقبة، وليس ذلك بعزيز إذ تتشرَّف الأماكن والأزمان بأصحابها كتشرف كربلاء بشرافة الحسين عليه السلام.
٦ _ عن المفضَّل، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (إنَّ لصاحب هذا الأمر بيتاً يقال له: بيت الحمد، فيه سراج يزهر منذ يوم ولد إلى يوم يقوم بالسيف، لا يطفأ)(٤٥)، إذ الظاهر ليس المراد البيت المادي كما أنَّه ليس المراد من السراج السراج المادي، بل لعلَّ المقصود منهما هو المقام المعنوي والكمالي له عليه السلام، كما أنَّ الغاية داخلة في المغيّى، فإنَّ هذا المقام والكمال مستمرٌّ بوجوده عليه السلام ولا ينتفي بعد قيامه بالسيف.
٧ _ عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عن أمير المؤمنين عليه السلام: (... المهدي من ذرّيتي، يظهر بين الركن والمقام، وعليه قميص إبراهيم، وحلة إسماعيل، وفي رجله نعل شيث)(٤٦)، فإن كلّ ذلك فيه كنايات وإشارات لمقامات وكرامات له عليه السلام.
٨ _ عن أبي صلت الهروي، قال: قلت للرضا عليه السلام: ما علامات القائم منكم إذا خرج؟ قال: (علامته أن يكون شيخ السنّ، شاب المنظر، حتَّى أنَّ الناظر إليه ليحسبه ابن أربعين سنة أو دونها، وإنَّ من علامته أن لا يهرم بمرور الأيّام والليالي عليه حتَّى يأتيه أجله)(٤٧).
٩ _ المهدي كلمة من كلمات الله(٤٨)، ونور الله في الأرض(٤٩)، فإنَّه ورد في القرآن الكريم أنَّ عيسى عليه السلام كلمة الله، قال تعالى: (إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالآْخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ) (آل عمران: ٤٥)، وهكذا أنَّ الإمام وُصف أنَّه من كلمات الله، وهكذا ما يرتبط بالنور. فقد جاء في قوله تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ في‏ زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى‏ نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَليمٌ) (النور: ٣٥)، ثمّ إنَّ عدّ هاتين الصفتين من الصفات الاختصاصية مع أنَّ سائر الأئمّة أيضاً كلمات الله وهم أنواره أيضاً باعتبار أنَّ الرواية قد صرَّحت ونصَّت على الإمام المهدي ولو من جهة التطبيق أو مزيد خصوصية في التصريح بناءً على تشكيكية المعنى الوجودي.
١٠ _ يحمل حجر موسى بن عمران وهو وِقْرُ بعيرٍ ولا ينزل منزلاً إلاَّ انبعث عين منه، وقد يقال: فيه إشارة للحمل الثقيل وأنَّه لا يمكن حمل هذا إلاَّ مِمَن خصَّه الله بذلك، كما في قوله تعالى: (إِنَّا سَنُلْقي‏ عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقيلاً) (المزّمل: ٥)، وقوله تعالى: (يا يَحْيى‏ خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) (مريم: ١٢)، وفرق بين الأخذ بالقوّة وبين الحمل، كما أنَّ المراد من العين في الرواية كناية عن الحكمة والخير، وهكذا المنزل ليس المادي وإنَّما قلب المؤمن، لكن الظاهر أنَّ المراد هي الأمور المادية _ ويتأكَّد بقرينة ما في (الخرائج) عن أبي سعيد الخراساني، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام، قال: (إنَّ القائم إذا قام بمكّة وأراد أن يتوجَّه إلى الكوفة نادى مناديه: ألا لا يحمل أحد منكم طعاماً ولا شراباً، ويحمل حجر موسى بن عمران وهو وقر بعير، فلا ينزل منزلاً إلاَّ انبعث عين منه، فمن كان جائعاً شبع ومن كان ظامئاً روي، فهو زادهم حتَّى ينزلوا النجف من ظهر الكوفة، فإذا نزلوا ظاهرها انبعث منه الماء واللبن دائماً)(٥٠) _ وهذه الأمور هي التي يرثها الإمام المهدي عليه السلام من الأنبياء، كما عليه الآثار الأخرى من قبيل قميص آدم ويوسف وخاتم سليمان وغيرها.
١١ _ على يد المهدي يظهر تابوت السكينة، فعن سليمان بن عيسى، قال: بلغني أنَّه على يدي المهدي يظهر تابوت السكينة من بحيرة طبرية حتَّى يحمل فيوضع بين يديه ببيت المقدس، فإذا نظرت إليه اليهود أسلمت إلاَّ قليل منهم، ثمّ يموت المهدي(٥١)، وهكذا عصا موسى، فعن أبي جعفر عليه السلام، قال: (كانت عصا موسى لآدم عليه السلام فصارت إلى شعيب، ثمّ صارت إلى موسى بن عمران، وإنَّها لعندنا وإنَّ عهدي بها آنفاً وهي خضراء كهيأتها حين انتزعت من شجرتها، وإنَّها لتنطق إذا استنطقت، اُعدَّت لقائمنا عليه السلام يصنع بها ما كان يصنع موسى وإنَّها لتروع وتلقف ما يأفكون وتصنع ما تؤمر به، إنَّها حيث أقبلت تلقف ما يأفكون يفتح لها شعبتان: إحداهما في الأرض والأخرى في السقف، وبينهما أربعون ذراعاً تلقف ما يأفكون بلسانها)(٥٢)، فإنَّ المعروف عند بني إسرائيل أنَّ إتيان تابوت السكينة كاشف عن صدق دعوى من أتى به، والرواية أرادت أن تشير إلى أنَّ الإمام عليه السلام يحتجُّ على كلّ قوم بما يعتقدونه من الأدلّة، هذا مضافاً إلى أنَّ العصا في حدّ نفسها ليست بكمال وإنَّما الكمال انتسابها لموسى أو الإمام عليهما السلام.
١٢ _ أنَّ المهدي عليه السلام في ضحضاح من نور، فعن سلام، قال: سمعت أبا سلمى راعي النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في رواية طويلة، إلى أن قال: (... قلت: نعم يا ربّ، فقال: التفت عن يمين العرش، فالتفت فإذا أنا بعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي ومحمّد وجعفر وموسى وعلي ومحمّد وعلي والحسن والمهدي عليهم السلام في ضحضاح من نور، قيام يصلّون...)(٥٣)، والوجه في جعلها من الصفات الاختصاصية مبني على رجوع الظرف إليه عليه السلام وإن كان الظاهر عودته إلى الجميع فتكون صفة عامّة.
١٣ _ أنَّ عيسى يصلّي خلفه، فعن أبي سعيد الخدري، قال: قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: (... مهدي هذه الأمّة الذي يصلّي عيسى خلفه...)(٥٤).
١٤ _ ملائكة بدر ينصرون المهدي، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: (يا ثابت، كأنّي بقائم أهل بيتي قد أشرف على نجفكم هذا _ وأومأ بيده إلى ناحية الكوفة _، فإذا هو أشرف على نجفكم نشر راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا هو نشرها انحطَّت عليه ملائكة بدر...)(٥٥).
١٥ _ دولته دولة الله، عن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ) (آل عمران: ١٤٠)، قال: (ما زال مذ خلق الله آدم دولة لله ودولة لإبليس، فأين دولة الله أمَا هو إلاَّ قائم واحد)(٥٦).
١٦ _ أنَّ المهدي عليه السلام أمان لأهل الأرض والسماء، فعن إسحاق بن يعقوب قال: سألت محمّد بن عثمان العمري رضي الله عنه أن يوصل لي كتاباً قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليَّ فورد التوقيع بخطّ مولانا صاحب الزمان عليه السلام: (... وإنّي لأمان لأهل الأرض كما أنَّ النجوم أمان لأهل السماء...)(٥٧)، ويحتمل أنَّ الرواية في صدد دفع توهم أنَّ الغائب لا أثر له بقرينة الذيل وحينئذٍ تكون هذه الرواية في سياق الصفات العامّة.
النتائج المستفادة:
وحينئذٍ نستفيد من كلّ ذلك ونحوه:

1-يتبع....

Kamu telah mencapai bab terakhir yang dipublikasikan.

⏰ Terakhir diperbarui: Jul 31, 2023 ⏰

Tambahkan cerita ini ke Perpustakaan untuk mendapatkan notifikasi saat ada bab baru!

العقيده المهدويه Tempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang