الفصل الثالث : إنكار مستمرّ

3.6K 243 132
                                    


عندما يصعب على المرء الإعتراف بمشاعره ..

سيحاول إنكار وجودها

*************

رمشت ناردين عدّة مرات بعدم تصديق بعدما إستغرقت العديد من الثواني لفهم ما ألقاه على سمعها للتوّ ..

حاولت التحكّم في إنفعالها سائلة إيّاه بمزيج من الإستغراب و الإستنكار :

" لمَ سآتي معك؟ .. أعني يكنني الذهاب وحدي .. أنا معتادة على ذلك على كلّ حال .. " ..

" لأنّكِ زوجتي .." ..

هكذا أجابها بكلّ بساطة بينما يأخذ أوّل رشفة من قهوته .. يراقب كيف إرتفعت زاوية شفتها في إبتسامة ساخرة سرعان ما أخفتها .. و هذا جعله يسترسل مجدّدا و قد تخلّى عن نبرته الهادئة ليحلّ محلّها تلك الحادّة التي إعتادتها منه :

" لن نتناقش في الأمر كثيرا .. أنا أحتاج للذهاب إلى العاصمة و أنتِ كذلك .. لذا سنذهب معا .. الأمر بسيط لا داعي لتعقيده .. "

شيء ما في صوته الذي خرج حازما جعلها تشعر بسخط حاولت التحكّم به قدر الإمكان .. فأخذت نفسا عميقا لتهدئة ذاتها .. هي ستذهب لترى أعمالها و هو كذلك .. أي أنّها وصلت لغايتها على أية حال و لا يهمّ كيف ..

لم تعرب لا عن رضاها و لا عن رفضها للفكرة .. فقط ألقت نظرة سريعة على الفنجان الذي أحضرته قبل أن تنهض قائلة :

" سأستأذن الآن .. " ..

منحها إيماءة بسيطة .. يراها تأخذ خطواتها نحو الخارج إلى أن إختفت خلف الباب الذي أغلقته .. ظلّ يحدّق بولهٍ في أثر إختفائها و داخل عقله تتوافد العديد من الأفكار .. شعر فجأة بالفضول حولها .. يودّ معرفة كلّ صغيرة و كبيرة تخصّها لكنّه لا يمكنه سؤالها مباشرة ..

زفر عند النقطة الأخيرة و حمل الفنجان ليرتشف منه مرّة أخرى .. عندها ظهرت إبتسامة حقيقية على وجهه .. لقد جلبت له قهوة مُرّة .. و رغم أنّه يشربها حلوة دائما إلّا أنه وجد نفسه يحتسيها بكلّ تلذّذ و رحابة صدر فقط لأنّه لم يجد من اللائق إحراجها و قد أحضرتها بالفعل .. حسنا .. هذا تحليله وحده و هذا ما كان يحاول إقناع نفسه به دون جدوى .. ألا يمكنه فقط الإعتراف بأنّه شربها لأنّها من صنعتها و ينتهي الأمر ؟ ..

**************

في وقت لاحق .. منزل آل دالي أحمد

ترقرقت دموع الشوق في مقلتي زينب و هي تجلس مقابل إبنتها على طاولة الغداء .. تشعر بوخزة في قلبها لأنّها لم تكن قادرة على منع ما حدث .. تعلم أنّ ناردين لن تخبرها بحزنها و لن تظهره لها حتّى و إن كانت تموت من تعاستها ..

لذلك تنهّدت بصوت مسموع جعلت من الأخرى ترفع بصرها إليها مع إبتسامتها الرائعة التي تبعث راحة غريبة في نفس كلّ من يراها ..

الحكم و الخلاصحيث تعيش القصص. اكتشف الآن