عندما يصعب على المرء الإعتراف بمشاعره ..سيحاول إنكار وجودها
*************
رمشت ناردين عدّة مرات بعدم تصديق بعدما إستغرقت العديد من الثواني لفهم ما ألقاه على سمعها للتوّ ..
حاولت التحكّم في إنفعالها سائلة إيّاه بمزيج من الإستغراب و الإستنكار :
" لمَ سآتي معك؟ .. أعني يكنني الذهاب وحدي .. أنا معتادة على ذلك على كلّ حال .. " ..
" لأنّكِ زوجتي .." ..
هكذا أجابها بكلّ بساطة بينما يأخذ أوّل رشفة من قهوته .. يراقب كيف إرتفعت زاوية شفتها في إبتسامة ساخرة سرعان ما أخفتها .. و هذا جعله يسترسل مجدّدا و قد تخلّى عن نبرته الهادئة ليحلّ محلّها تلك الحادّة التي إعتادتها منه :
" لن نتناقش في الأمر كثيرا .. أنا أحتاج للذهاب إلى العاصمة و أنتِ كذلك .. لذا سنذهب معا .. الأمر بسيط لا داعي لتعقيده .. "
شيء ما في صوته الذي خرج حازما جعلها تشعر بسخط حاولت التحكّم به قدر الإمكان .. فأخذت نفسا عميقا لتهدئة ذاتها .. هي ستذهب لترى أعمالها و هو كذلك .. أي أنّها وصلت لغايتها على أية حال و لا يهمّ كيف ..
لم تعرب لا عن رضاها و لا عن رفضها للفكرة .. فقط ألقت نظرة سريعة على الفنجان الذي أحضرته قبل أن تنهض قائلة :
" سأستأذن الآن .. " ..
منحها إيماءة بسيطة .. يراها تأخذ خطواتها نحو الخارج إلى أن إختفت خلف الباب الذي أغلقته .. ظلّ يحدّق بولهٍ في أثر إختفائها و داخل عقله تتوافد العديد من الأفكار .. شعر فجأة بالفضول حولها .. يودّ معرفة كلّ صغيرة و كبيرة تخصّها لكنّه لا يمكنه سؤالها مباشرة ..
زفر عند النقطة الأخيرة و حمل الفنجان ليرتشف منه مرّة أخرى .. عندها ظهرت إبتسامة حقيقية على وجهه .. لقد جلبت له قهوة مُرّة .. و رغم أنّه يشربها حلوة دائما إلّا أنه وجد نفسه يحتسيها بكلّ تلذّذ و رحابة صدر فقط لأنّه لم يجد من اللائق إحراجها و قد أحضرتها بالفعل .. حسنا .. هذا تحليله وحده و هذا ما كان يحاول إقناع نفسه به دون جدوى .. ألا يمكنه فقط الإعتراف بأنّه شربها لأنّها من صنعتها و ينتهي الأمر ؟ ..
**************
في وقت لاحق .. منزل آل دالي أحمد
ترقرقت دموع الشوق في مقلتي زينب و هي تجلس مقابل إبنتها على طاولة الغداء .. تشعر بوخزة في قلبها لأنّها لم تكن قادرة على منع ما حدث .. تعلم أنّ ناردين لن تخبرها بحزنها و لن تظهره لها حتّى و إن كانت تموت من تعاستها ..
لذلك تنهّدت بصوت مسموع جعلت من الأخرى ترفع بصرها إليها مع إبتسامتها الرائعة التي تبعث راحة غريبة في نفس كلّ من يراها ..
أنت تقرأ
الحكم و الخلاص
Randomعندما يُحكم عليك .. ستتطلّع إلى خلاصك .. و عندما تجده ستمتنّ لحكمك .. حكمك الذي لولاه لما عثرت على خلاصك .. كلاهما مكمّل للآخر .. لا خلاص بدون حكم .. و لا حكم بدون خلاص .. هذا ما كانا عليه .. حُكم عليهما .. فوجد كلّ واحد منهما خلاصه في الآخر .. حُك...