10 - نَدم في قلب جريء

9.5K 216 24
                                    



ما سألتوا صاحب النظرة الخجولة
كيف يسهرني وله وجهٍ صبوح
كيف يظلمني وله طهر الطفولة
كيف يسكنّي وهو دايم يروح
وكيف أنا ألقى ربيعه في فصوله
دام كذبه صادق وصدقه مزوح

تمسّكت هنَاي بيدين أكَابر وهي تشُوفها بنظرَة تفحُصيّه وتقُول : الحمدلله يارب أنك بخِير !
أكَابر بصدمَه : كِيف دخلتِي وليش جيتِي اصلًا وكيف و..
قاطعتها هناي بنفاذ صَبر : مب مهم الحِين تسألين عنّي المُهم انك تلمِين اللي تقدرين عليه
أكابر بتوَتُر : ليـه !
هنَاي وهي توَلّع الإناره حقت العليّه وتقُول وهي تلم اغرَاض أكَابر : يعنِي ليه يا أكابر الله يصلحك !  أكيد عشان تطلعين من هنَا!
طول هالوَقت كانُوا يقولون انك سافرتِي وتركتي البَلد وتركتِي اللي تربيتِي معهم وتبين تقعدين برُوحك ، بس انا ما أقتنعت ورحت وحَشرت أمي إيلين اعترفت لي بأنك محبُوسه هنا من تخطيط ابوي وكيدهَا هي "تقدمت لها وهي تطالعها بحزن " تكفِين يا أكابر لاتعلنِين حرب المشاعر والكُره على المساعد بعمُوم وبندر بخصُوص ترا مافيهُم الا ابوي وأمي اللي يعيشُون على بُؤس غيرهُم
ولا الباقي ومنهُم دلال البزر مايستاهلُون ابد منك كُره
وانا بنتهُم واقولك بالحَرف الوَاحد أنهُم اساس هذا كله
أكَابر صدت بضيق وهِي فعلًا اعلنت الحرب عليهُم وتنهدت وقالت : هنَاي حبيبتِي أنا ما أقدر اطلع من هالمكان "سكتت شوي وهي تتذكر تهديد عز لها بنجلا وجُود ومَاجد الصّغير واردفت" و لي اسبَابي الخَاصه
فتحت هنَاي عيونها بصدمه وتقدمت لهَا وقالت : أكابر أنتِ تستهبلِين ! وش اللي قاعده تقُولينه
وش اللي تبِين تقعدِين

______________

دَخل البيت بضجر بَعد ما وصَله إتصال بَحر وهو يتعذر منهُم ويقُول انه رح يجِي طياره وبالتّالي افترق هو ومحمد اللي رَاح للشّاليه
حس بحَركه غريبه وعَدم ارتياح وهُو يسكر بَاب بيته وتوَقع أنها مُجرد اوهام وانزعج اوَل ماطرت له ببَاله وتنهد وهو يتقدم بهدُوء للعليّه لجل يقطع الشّك باليقِين وأول ماتقدم أنتبه لبَابها المفتُوح وأنذهل واستغرب وكِيف طلعت ولكن وصله صُوت شخص ثانِي غيرهَا خلاه يعرف صَاحبه ويعقد حوَاجبه بغضب وهُو يسمع حكيهُم اللي كان..

صدت أكَابر وقالت : العِيشه هنا أصرف لي من العِيشه مع أهلك والهدُوء هذَا ارحم لي من صَخب المشاكل والكِيد
هنَاي وهي مب مصدقه ابدًا كلام اكابر وراحت لها وهي تهزهَا : وش تقُولين يابنت صقر وش تقُولين ! أهلك اللي ربُوك موجودِين وأبُوك موجود وأمك اللي جَابتك مُوجوده اكيد انتِ بس اطلعِي وروحي دوريهُم وسافري صدق ولاتقعدِين
أكابر خنقتهَا العَبره واردفت بغضب :وين امي وابوي اللي جَابُوني دامك ذكرتِي طاريهُم ؟
هنَاي رمشت بهدُوء وقالت : هذا السؤال جوابه عندك دورِيهُم وإن شاءلله ينلم الشّمل حقكم !
لانه ابسط حقُوقكم
أكابر خذت نفس وقَالت وهي تحاول تهدّي نفسهَا : اهلي اللي ربُوني بحايل مب هنا ولا اقدر ارُوح لهم اصلًا "تذكرت كلام جُود لها وهي تندب حظهَا وهي مستحيه شلون تقُول لهناي ان اهلها اللي ربُوهَا طردوها وكمّلت" وتبيني اقعد بين بيت وبِيت وشارع وشارع بدُون مصرُوف وبدون سند وبدُون ولد وأب وأخ وأدور امي وابوي اللي مدري وينهم فيهم ! ومدري اصلًا اذا كانُوا هنَا بالبلَد ومدري اصلًا اذا كانُوا معنَا بهالدّنيا او لا
واردفت وهي تخَاطب نفسهَا " دام اللي ربُوني واهلي اللي من لحمِي ودمّي طارديني كلُهم
بيجون وبيكفلُوني اللي انجبُوني على هالدّنيا ؟ مستحِيل" وختمت افكارها وكلامها بضحكه سخريه وهي تطَالع الأرض وهي تحَاول تحبس دمُوعها
وانصدمت بكل جوارحهَا هي واللي قاعد يسمعهُم من الكف اللي ضربت فيه هنَاي اكابر وصُوته اللي رنّ بالمكان كله
هنَاي بضيقه وغضب : ماهقِيتك ضعيفه وخوّافه كِذا يا الأكابر ، انتِ متأكده انك قد أسمك؟
وبعدِين ماجيتك الا وانا بساعدك ايلين تجتمعِين مع امك وابوك واكيد اني ماراح اتركك بنص الطريق كِذا وبهذَا الضّياع وحنين أختي معك ولميس وجده عفراء وعمتي مُزن وورد وحلا بعد واكيد باقي العيال اغلبهم معاك وبصفك لاتخافين
أكابر حطت يدهَا على خدها وهي تتحسسه بألم ورفعت عيُونها لهناي بنرفزه لان هناي ماتعرف ولاتدري بأن اكابر لو تبي تطلع بتطلع بدون مساعده احد ولو تبي تنتقم بتنتقم وتحرق الكل ولكن كل اللي تسويه خوفًا على نجلا وجود ومن عز وظلمه واردفت بصُوت عالي وهي تهاوشها خوفًا عليها لاتتورط او تتأذى : مالك دخل انتِ ! وش تبين فينِي سواءً قعدت ولا ماقعدت انا ابي اقعد هِنا عاجبني المكان ومرتاحه فيه ولا أبِي أطلَع منّه واقابلكُم ولا حتى اقابل ابوي وامي لاتحاولين تبينين انك تخافِين علي اكثر من نفسِي ترا ديني ودين اللي يتحكم فيني
وانا هذا المكان عاجبنِي على الأخير
هنَاي ضحكت بسُخريه وقالت : والله ان القطُو مايحب الا خناقه ولا من يقعد بهالمكان الكئيب واللَي محد سكن فيه ويقُول انه عاجبه! وفوق ذا كله مايفصلك عن ليث واللي هُو اقشر خلق الله الا باب!
أكابر بحده وهي لمعت براسها فكره وقررت تقُولها عشان تصرّف هناي : أنا أقعد فيه وانا عاجبني وليث اصلًا بكُبره عاجبنِي وما اشُوفه بطريقتك ابدًا
هنَاي بنفس الحدّه والصّدمه وهي مب مستوعبه ابدًا اللي سمعته: لاتحاولِين تكذبين علي تراك فاشله بالكذب !
أكَابر بهدُوء : انا قلت اللي عندِي وانتِ بكيفك تبين تصدقيني ولا تبين تكذبيني ، وانا مُمتنه لك ولمحاولتك بس جد يا هنَاي انا ماقدر
اكتفت هنَاي تطالعها بحَسره وتنهدت وقالت : اهم شي انك تكُونين بخير
"وكملت بضيق وهي تشوف النافذه" وتراني ما اقتنعت يوم قلتِ لي انك مُعجبه بلِيث
لِيث بإستمتاع : ولا أنا كنت متوَقع اللي بسمَعه
شهقت اكابر وهي تلف تناظر لِيث برُعب
وهنَاي مب في افضل حَال منها والثّنتين خافُوا من كل قلبهِم بسبب وجُود اللّيث!
او بمعنَى اصح من وجُودهم في عرِين اللّيث ولحالهُم واللي باي لحظه مُمكن يكّشر عن أنيابه
فزت أكَابر بسرعه وهي تحتمِي خلف هنَاي
هنَاي بخُوف من ردّه فعل أكابر قالت ولِيث يسمعهَا : وش فيك ! لايكُون مسوي لك شي !
أكَابر بهمس : غطَاي مب معي
هنَاي شهقت وانتبهت ان طرحتهَا على كتُوفها
وعلى طُول رفعتهَا وتغطت فيهَا زين ولفت على اكابر تحاول تخفيهَا وقالت : انت شلُون تدخل كِذا لا احم ولا دستُور !
لِيث رفع كتُوفه بعدم مُبالاه وقال : انتِ وين ؟
هنَاي : عند أكابر
لِيث بسخريه : واكابر وين؟
هنَاي : بالعليّه ! وليش تسأل؟
ليث ابتسم : واعتقد ان هالعليّه في بِيتي صح ولالا ؟
هناي رمشت بدهشه وحمّر وجهها هي واكابر من الفشله لانه صَادق
واردفت اكابر بتوتر : هناي ابي غطَاي
هنَاي : وينه !
اكابر اشرت : على ذاك الكرسي
هنَاي بترجي : لو سمحت اطلع مقدر امشي للكرسِي وهي وراي
ليث طلع وهُو فعلًا مب مهتم حتى لكلام اكابر وقبل مايطلع اردف بغضب اقشَعر له بَدن الثّنتين : خمس دقايق وتجون تَحت عندي
وفعلًا طلع وتوَجهه لمكتبه الخَاص وجلس فيه
وماهي الا دقايق ودخلت هنَاي و وراهَا أكابر
وعدّل جلسته وقال بتهديد وبنبرة هاديه: هنَاي اللي يخالف كلامي وش يصير له ؟
هنَاي بلعت ريقهَا بتوتر واكابر طالعتها بنُوع من الندم وردت عنهَا : هنَاي مالها ذنب هي كانت تبي تساعدنِي
ليث بإنزعاج : ترا سم ضرُوسي اللّقافه واللي يتكلمُون بدون اذني وبدون مايكُون لهم علاقه او دَخل بالمُوضوع !
اكابر : مب بكيفك تهَاوشها قد..
هنَاي مسكت يَد اكابر وردت بهدُوء : مصيره النّفي ولا العِقاب
ليث ببرود : النّفي ولا العِقاب ؟
هنَاي عضت شفتها وقالت : العِقاب
اكابر كانت تطالعهُم وهي مب فاهمه شي وكانت بتتكلم لولا يد هنَاي اللي ضغَطت على رسغهَا بمعنى  معناه "اسكتِي" وفعلًا سكتت أكابر لجل هناي
لِيث : العلم رح يُوصل حق ابوك ياهناي
هنَاي شهقت وهي تشوفه وقالت بتلعثُم : ليث لا
ليث حط مرفَقه على الطَاوله ويده على خده وقال : ليه لا ؟ مب اللي سوِيتيه اصلًا غلط؟ وحركه همجِيه بأنك تطمرِين على بيت ولد عمك يابنت العز
اكابر كانت مثل الأطرش في الزّفه ولكن ماعجبها وضع هنَاي ابدًا وهذا اللي متاكده منه وقالت على طول : مالك حق تسوِي لها شي وتعلّم ابوها باللي سوته استر عليها ! ولا اقول لك
انا بتحمل العِقاب بدالهَا وعاقبنِي بدالها أنا هي ماتستاهل
لِيث وصل لمبتغاه وشقت الضحكه وجهه وقال بنبره لعُوبه : وش ماكان العِقاب
اكابر : ايه و..
قاطعتهَا هناي : وش تقولين انتِ ! لاتتدخلين
ليث : بالعكس خليها تتدخل وتفزع لك دامكم مسوين حزب وعلى فكره انتِ مب ناقصه شي
ويكفي ان بَحر بكره او بعده بيوصل للرياض
هناي طالعته برعب والدّموع تتجمع بعيونها وهي مب مستعده ابدًا ولا قادره تشُوف بحر او تحط عينهَا بعينه ! او بمعنى اصح تقابل خطِيبها و زُوجها المستقبلِي السّي سيد! والمُتسلط عليهَا واللي فعلًا متحكم فيهَا و ولي أمرها بسبب ابوها اللي عطَاه الإشاره الخضرَاء من يوم عمرها عشرين سنه رغم اعتراضها القطعي وللأسف ماقدرت تعترض أكثر او تقول كلمة فوق كلمة ابوها
ومن بعد هالموقف اللي هناي تعتبر فيه ان اهلها رمُوها بوسط البحر وهي في حرب ومشاكل دائمه مع أمها و أبوها اللي مخفين حقيقه انهم مجبرين هناي عالزّواج على باقي المساعد
اكابر لفت عليه بخوف على هنَاي  : وانت بتخلي هاللّي اسمه بحر يعاقبها بدالك ! انت ماتشوف وجهها كيف انقلب !
ليث بانزعاج وغضب ارعب الثّنتين: للمره الثانيه احذرك لا تتدخلين بشي مايخصك ، وبحر يكُون اخوك ويكُون الرّجال اللي خطبهَا "ابتسم وكمل" يعنِي اللي جنبك زُوجه اخوك المُستقبليه

رغم البراءة والحضور الطفولي الله مخلي كيدها في عيونهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن