الفصل الخامس

152 12 2
                                    

#رواية_وَمَا_أُبَرِّئُ_نَفْسِي

مؤلم ألا تعرف مكانتك تحديدًا بقلب من تحب، لكن البحث خلف معرفة هذا فيه لذة عجيبة!"

#الحلقة_الخامسة:

تعدت العاشرة ليلًا، وما زال ينتظر انقضاء وقتها مع رفيقاتها وعائلتها، سيراها وأخيرًا، سيتمكن من رسم ملامحها بين نبضاته، سيسمع نبرتها بطريقة مختلفة هذه الليلة، سيبوح بكل ما يحمل لها من حب، سيتحرر من قيوده وهو معها، سيتصل في أي وقت يريد، ويرسل لها رسائل خاصة متى شاء، سيرسل لها صورًا تخصه وهو في العمل أو في وقت تنزهه، سيصور لها الأماكن بالسعودية، وسيطلب رؤيتها كلما سنحت له فرصة خلوة، سـ... انقطع تفكيره فيما يرغب ويود بسبب رنة إشعار من تطبيق المراسلة، إنها هي، أجابته بعد أن رحل الجميع واختلت بنفسها، لقد كتب لها أن تخبره ما إن ينتهي حفلهم، يا لجمال ردها وهي تقول ببساطة أنها الآن وحدها! هل يطلب رؤيتها الآن؟ أم يحادثها في أمور عادية حتى تزول هيبة الموقف؟ ترى أيكون صوابًا إن باح بكل ما بقلبه دفعة واحدة؟ أم يتريث حتى تعتاد الخلوة معه؟ إنه مشتت، الوقت يمر وهي على الجهة الأخرى ما تزال "متصل الآن" وهو على وضعه من الصمت والحيرة والتيه، الموقف صعب، هي حلاله الآن.. كيف طار كل ما ود قوله هكذا فجأة! كيف راحت تخطيطات هذه الليلة هباءً!

اتخذ قرارًا بعد مرور عشر دقائق كاملين من ردها عليه، سأل أولا عن حالها، فردت تتحمد الله، وردت عليه السؤال فتحمد الله بدوره، سأل حينما شعر أن الحديث يقف بينهما قبل أن يبدأ:
- مبارك عليّ يا موطني.

- بارك الله لك وفيك، وجعلني لك كما تتمنى وترضى.
لماذا الحديث بهذا الثقل.. لماذا الحديث بهذه الصعوبة، الآن هو حر، وهي ملكه، لماذا هذه القيود، لماذا هذا الشعور بالتوتر والقلق! أما حان له أن يركن إلى كسر حاجز المسافات بينه وبينها بكلماته؟ لن يسمح لهيبة الموقف أن تؤثر على رغبته المُلحة في الاعتراف لها بحبه.. دون مقدمات كتب:
- بيسان... أنا أحبكِ.

صمت.. صمت تام دام لدقيقة بحالها ظن خلالها أنها لن ترد، يحاول تخيل شكلها الآن بعد كلمته، يا لغبائه، تسرع في قولها كتابة، كان يجب أن ينتظر حتى يتحدثان مكالمة فيديو فيرى تأثير كلمته عليها، راحت عليه اللحظة. إنها تكتب.. الآن هي تكتب.. هل سترد بأنها تحبه كذلك؟ يقسم أنها لو فعلت فسيقوم بالاتصال مباشرة، لن يتحمل أكثر، إنه يجلس فوق سطح البناية وكل ذرة في كيانه تحترق.. يشعر بشعر رأسه واقفًا تتلاعب به ريح ساخنة تضرب جسده الذي تعرق فجأة... ينظر لكلمة "يكتب..." وقلبه يضرب طبولًا، أكل هذه رسالة؟ أتحتاج كلمة من حروف أربع كل هذا الوقت في كتابتها.. تاهت حيرته وهو يرى ردها:
- أحبك الله ورسله وملائكته.. كيف حالك اليوم؟

حقًا؟! ضاقت عيناه من رؤيته رسالتها، هل تتلاعب بالألفاظ الآن؟ أهلا يا بيسان الماكرة، لن يترك لها مجال الهرب من الاعتراف بما تكن له.. حتى وإن كان مجرد إعجاب. لم يمهل نفسه تفكيرًا.. مباشرة ضغط اتصالًا.. ردت بعد عدة رنات كأنها كانت في حيرة من الرد أو عدمه، صمت تام، أنفاس تروح وتجيء.. قلوب مضطربة، أعين غير مستقرة، حروف تقف على بداية اللسان بحاجة لدفعة كي تخرج، وأخيرًا نطق تميم:
- سعادتي تخطت كل موازين العقل، أشعر أني أسكن السحاب، وأمتطي السعادة، وأذوب مع النسيم، أشعر.. أشعر أني على غير هدى من عقلي.. هل هذا كافيًا ليصف ما أنا فيه؟

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Oct 30, 2023 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

وَمَا أُبَرِّئ نَفْسِي Where stories live. Discover now