Ch.5

33 8 5
                                    

مرت عدة ايام على نفس هذا المنوال، استيقظ مرهقة من هذا الحلم المزعج، اذهب للمدرسة واجد صعوبة في التركيز، سيبستيان يتجاهلني، اعود للمنزل مرة اخرى، وهنا يستيقظ صراعي بين الحقيقة والخيال، لم يكن هذا الروتين متوفرا اليوم، لأن اليوم هو ذكرى إنشاء إكسبولسيس، وبهذا يكون اليوم إجازة لجميع المؤسسات، بما فيهم المؤسسة التعليمية، كنت قد اعددت ملابسي التي سأرتديها لحضور الاحتفال، والذي يكون عبارة عن كلمة للعمدة، وخصومات كثيرة في مركز المدينة، لو كان الأمر بيدي لما اهتممتُ بهذا ولا هذا، ولكن حضور كلمة عمدة المدينة هو أمر إلزامي، وبت أفكر مؤخرًا في إمكانية كونه قانونًا من لائحة قوانين المدينة !

عندما انتهيت مشطت شعري للمرة الأخيرة، تنهدت ونظرت لنفسي في المرآة، كان ثوبي باللون السماوي يتناسب مع لون عينيّ وبشرتي البيضاء، فبدت عيناي كقطعتين لامعتين قُصتا من فستاني، بينما أسدلت شعري الأسود ليغطي ظهري، لم أشترِ هذا الفستان، بل اشترته لي أمي، فكان مناسبًا للغاية لمثل هذه المناسبات، ولكنه كان مفتوحًا بشكل كبير على عكس ما اريد، فكانت أكمامه تتعدى مفصل كتفي ببضعة سنتيمترات، بينما كان ظهره مفتوحًا وأحمد الله ان شعري طويل بما يكفي ليغطيه، أما ما لم استطع تغطيته فهما قدماي، فقد كان طوله لا يتعدى ركبتيّ، وهذا ما كان يجعلني غير مرتاحة، تنتظر الفتيات مثل هذه المناسبات بفارغ الصبر؛ لأنها تستطيع ان تبرز فيها كل ما تريد من جمالها، ولأن في هذه المناسبات نستطيع ان نرتدي ما نشاء من ملابس على عكس الأيام العادية التي يلتزم فيها كل فرد بالزي الخاص بمؤسسته، ولكن هذا الأمر لا ينطبق عليّ، فقد ارتديت ما يعجب أمي وليس ما يعجبني، لأنها ترى ان في هذا مصلحة لي، ولكني لا أرى في إظهار بعض مفاتني أي فائدة! 

في النهاية خرجت عند أبي الذي كان يجلس على الأريكة المقابلة لغرفتي، رأيته يبتسم وتنبأت انا بالتالي 
«تبدين جميلة للغاية في هذا الفستان» 
اومأت له مبتسمة، بالطبع كما توقعت، ويجب ان تتدخل أمي الآن بالتأكيد، ها هي تتكلم بينما تخرج من غرفتها
«يجب ان تحمد الله لأني اشتريت لها هذا الفستان، وإلا لكانت قد احرجتنا الآن بارتدائها هذه الملابس الغريبة التي لا اعلم من اين تأتي بها» 
في الحقيقة انا لا آتي بها من اي مكان، انا فقط اضيف عليها بعض التعديلات الصغيرة التي تناسبني، أمي تريدني ان ابدو طبيعية في مثل هذا اليوم، ولكن ان ابدو طبيعية يعني ان ابدو جذابة، وهذا يعني المزيد من التحديق والهمسات، وانا لا اريد ذلك، تنهدت وارتديت حذائي، وهذا كان الشئ الوحيد الذي اخترته، فقد نصحتني امي بحذاء ذو كعب عالي، ولكني فضلت حذائي الأبيض العادي، ارتدت أمي حذائها وكذلك أبي، وفي النهاية أغلقنا الباب وتمتم أبي
«اظن اننا لن نبكر  كما اعتقدت فسنذهب في موعدنا المحدد»
اومأت له أمي، بينما انا انطلقت ناحية المصعد انتظره، وبينما كنت انتظر رأيت احدٌ يتقدم من نهاية الممر المقابل لشقتنا، انا اعرف هذا الطول جيدا، فهو ما فزع بقلبي منذ عدة أيام، انه سيبستيان، ويبدو أنه أستعد جيدا لهذا اليوم هو ايضا، كان يرتدي بنطالا أسود بينما كان يعتليه قميص أبيض واسع أدخل نصفه في بنطاله، انه يبدو...وسيمًا، إن اللون الأبيض يتناسب كثيرا مع لون بشرته الخمرية، عندما اقترب من المصعد وقف قبالتي ونظر في عينيّ،نظر وكأنه يتعمق في روحي،نظر حتى بت لا أرى سوى دائرتان عسليتان ظلا يكبران حتى أحاطا بكل ما أرى وأسمع وأحس، حاولت تنظيم تنفسي وأفلت عيناي من أسر عيناه الساحر، ولفت نظري شخصان آخران يتقدمان من خلفه، اظن أنهما والداه، عندما اقتربا منّا رأيت والدته، سيدة ممشوقة الجسد، بشرة خمرية ناعمة، شعر بني لامع، عينان غامقتان يطغى عليهما الحب، أما والده فكان يشبهه،نفس الشعر الأسود الفاحم، نفس العيون العسلية،نفس الوجه الحاد والبشرة الخمرية، شعرت بوالداي يتكلمان من خلفي
《مرحبا سيد ماكلاند》
《مرحبا سيد آندرسون》
شاهدتهم يلقون التحيات على بعضهم، بينما أمي والسيدة ماكلاند كانا يتحدثان بأشياء لا اسمعها، وعلى حين غرة تكلمت السيدة ماكلاند بصوت ودود
《يبدو انكما تعرفان بعضكما، انتي وسيبستيان》
《اوه..نعم، فنحن نتشارك نفس المقعد في المؤسسة》
قلت مبتمسة، وكم تمنيت أن اخبرها أن ابنها قد قفز من نافذة غرفتي منذ عدة أيام، وبهذا قد تعرفنا، ولفت نظري وصول المصعد،فلم انتظر ودلفت للداخل، وتبعتني أمي والسيدة ماكلاند بجواري، بينما وقف سيبستيان أمامي مباشرة وبجواره وقف السيد ماكلاند وأبي، لم يكن هناك شيئا لأنظر إليه سوى مؤخرة عنق سيبستيان وشعره مشذب الأطراف، لم يكن هذا ما لفت نظري، بل ما جذبني هو وجود خط أسود يظهر من تحت لياقة قميصه وتختفي بقيته تحت القميص، ليس طبيعيا أن تجد خطًا أسود في ظهر أي شخص، لقد كان يبدو وكأنه قد رسم بقلم أسود على ظهره، لم أفهم ما هذا، ولم أستطع أن احدق بما فيه الكفاية لأننا كنا قد وصلنا لمدخل المبنى، لم أرى السيد تومسون، فهو بالتأكيد مع عائلته الآن يستعد للذهاب مثلنا، عندما خرجنا للخارج ضربت الأشعة عيناي، ولكني استمتعت بهذا الهواء الربيعي، لم نركب سيارتنا، في الواقع لا احد يستخدم السيارات في مثل هذا اليوم، فهذا احد القوانين، لا سيارات، حتى نستمتع بالهواء النقي والجولات العائلية التي نادرا ما نقوم بها، رأيت والديّ و والدا سيبستيان يبتعدون قليلا عنّا، حينها سمعت سيبستيان يتكلم
《تبدين جميلة اليوم》
التفت له ورأيته ينظر أمامه... لا، انه ينظر لي الآن مبتسمًا، بدت عيناه العسليتان صفراء شفافة في ضوء الشمس، التفت أمامي و تكلمت بسرعة قبل أن اتوتر
《شكرا لك، انت ايضا تبدو... جيدا》

《اعلم ذلك》
التفت له ووجدته يبتسم بسخرية فأشحت بنظري بعيدا وتمتمت

《احمق》

《صوتك عالٍ》
قال مدعيًا انه لا يهتم

《اعلم ذلك》
أخبرته بينما شعرت بروح النصر تعلو بداخلي، ولكنه قمعها حين سمعت ضحكته، كانت ضحكة رنانة جميلة، جعلت قلبي يخفق بجنون، نظرت بعيدا وحاولت السيطرة على قلبي.

عندما وصلنا وجدنا عدة مقاعد متجاورة، فجلسنا جميعا، وسرعان ما امتلأت المقاعد حولنا بوتيرة منتظمة، كنا نجلس على مقاعد بلاستيكية في الهواء الطلق بينما أشعة الشمس تضرب ظهورنا، وأمامي ببضعة صفوف كان هناك منصة يعتليها منبر العمدة، وها هو قد جاء، رجل أشيب الشعر ولكن ليس الجسد، فقد كان يمتلك جسدا رياضيا بشكل ما، عينان صغيرتان غائرتان في وجهه، واظن أنها أهم ما يميزه، فهي توحي بمدى خبثه، كان يُحيي الناس الذين بدؤا في التصفيق حالما رأوه، وظل يومئ عدة مرات لأفراد السلام المحيطين به، ثم التفت إلينا وبدأ في الكلام

《مرحبا سيداتي وسادتي المواطنين الأعزاء، نحن اليوم نحتفل بإكسبولسيس، مدينتنا وموطننا، الموطن الذي حمانا من شرور العالم، وأحاطنا بدفئه عندما كانت تعصف العواصف بما حولنا، نحن هنا اليوم لنحتفل بما أهدانا إياه المؤسسون، وأيضا لنحافظ عليها من سوء الاستعمال، لقد أنشأنا نظامًا حافظ علينا وعلى بيئتنا، حافظ على استمرار السلام والمودة بيننا ....》

استمر على هذه الحال بينما لم أستطع التركيز في بقية كلامه وأستفقت من حالة الشرود هذه على أصوات التصفيق من حولي، فجاريتهم وحمدت الله على انتهاء هذا العناء سريعًا حتى أعود للمنزل، كان ما زال واقفًا عندما انتهى التصفيق، بالتأكيد ليسأل سؤاله الذي اعتاد أهل المدينة عليه

《والآن اعزائي هل من أحدٍ يحب أن يستفسر عن أي شئ بخصوص مدينتنا؟》
كان هذا السؤال يتبع بالصمت كل عام، ولكن هذا العام، استطيع ان أرى من مكان جلوسي يدًا ترفع في الهواء على بُعد صفين أمامي، ساد الصمت في المدينة بأكملها حتى صرت أستطيع سماع الإبرة إذا وقعت على الأرض، تسمرت كل العيون على هذا الرجل الذي قام واقفًا، والذي بدأ يتكلم

《سيدي العمدة، لقد سألني ابني منذ بضعة أيام عن كيفية صناعة الطعام، وفي الحقيقة لم اعرف بما أجيبه، فهل يمكنك الإجابة عن هذا السؤال》

_________________________________________________________

نهاية الفصل

يعم خليك ساكت احسن وسكت ابنك ده

انتظروا الفصل القادم إن شاء الله
ومتنسوش
الفوت 💥

𝐸𝑥𝑝𝑢𝑙𝑠𝑖𝑠 || إكسبولسيس Where stories live. Discover now