الفـصـل السـادس

106 10 2
                                    

الفصـل السـادس

في صباح يومٍ جديد، تداعب أنغام العصافير سماعات الأذهان كنغمة فوق الأشجار، تتسلل أشعة الشمس الحارقة برفقٍ إلى أرجاء المنزل، تحمل معها دفئًا يلامس أعماق القلوب، مُعطيةً أصحاب المكان لمحةً من الطاقة الإيجابية لاستقبال فجر يومٍ جديد فتنشر الابتسامات على وجوههم، راضين وممتنين لنعمة الحياة وبداية اليوم

عندما انتهت ليلى من صلاتها ظهرًا وضعت سجادتها بعناية ثم تركتها على ظهر الكرسي  أخذت سبحتها بين يديها وبدأت كما هو الحال دائمًا في قراءة أذكار اليوم بصوت مسموع تطلب فيها من الله الرحمة والسلامة والهداية في كل لحظة من يومها

سمعت ليلى أصوات الأقدام تتردد على الدرج، سمعت صوت فاطمة وهي تعبر عن انزعاجها من تصرفات ابنها، في حين حاولت ليلى بعفوية أن تبتسم على مشاجرتهم  ثم جاءت لها ذكريات تصرفات ابنتها الخاطئة فتذكرت تلك اللحظات بحزن، ولكنها بدأت بالاستغفار

كانت ليلى تردد داخل عقلها طول حياتها تحارب من أجل أن تعيش هي وأولادها في سلام وسعادة، دون أن يتأثروا بأفعال والدهم الذي كان مثيرًا للجدل كانت تطمح أن يعيشوا في جو من الود والرحمة، دون أن يفتقروا لشيء، نشأتهم على قيم الحب والعطاء دون أن يفقدهم هذا الشعور

على الرغم من حنو قلب ابنتها، إلا أنها ورثت بعض سلوكيات والدها السلبية، بينما اتسم ابنها بحكمتها وتصرفاتها الحكيمة

«صحيح، الطفل يختار بنفسه القيم التي يرثها، ومن ثم لا يكون هناك من يمكنه تغيير ذلك إلا الشخص نفسه إذا أراد ذلك وكان على استعداد لفهم أخطائه وتحسين نفسه لا يمكن لأحد أن يتوقع تغيير قيم شخص ما إذا لم تكن موجودة بالفعل في ذاته وإذا لم يكن هو نفسه يسعى لتحسينها وتطويرها

في رحاب الحياة يعلو الإنسان على أوتارها كما يريد، لكن في الحقيقة ينمو الشخص ويتطور تحت تأثير العوامل المحيطة به يتلقى الإنسان تربيته وتأثيرات بيئته وتجاربه الشخصية، مما يؤثر على مسار حياته وتطوره
هكذا، يمكن للشخص أن يصبح أكثر وعيًا بذاته وبما يريده في الحياة، ويتجه نحو تحقيق أهدافه بثقة وإصرار، وهو يدرك أنه بيد القدرة على تشكيل مصيره بما يرغب»

دلفت فاطمة بينما تصرخ بنفاذ صبر، وهي تحاول بلا جدوى استعادة قدرة حركتها من تحت ثقل جسد ساهر عنها الذي يتخذ منها وسادة لينام عليها كطفل في الخامسة من عمره حاولت سحب نفسها بعيدًا عنه، لكنها وجدته مصممًا على المزاح والالتصاق بها

لم تستطع ليلى إلا أن تضحك على هذا المشهد الطريف، وبينما كانت فاطمة تقترب جلست لكن ساهرالذي لا يزال يتمسك بفاطمة بمزاح  لم يفك انتباهه عنها شعرت فاطمة بضغطه المفرط عليها، فحاولت بشدة التحرر منه، ولكنها وجدت نفسها محاصرة بقيوده الودية، فانفجرت بالضحك والعصبية في الوقت نفسه-:  يـا واد وسع خنقتني،  خلاص يا ساهر مش قادرة اتنفس بجد.

رحلتي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن