١٤؛ نحوَها.

11.5K 629 212
                                    

بعد بضع دقائق ، تلاشت رويدًا تلك الألوان البهية لبرتقاليةِ الغروب وحلّ محلّها بنفسجٌ قاتم أخذ شيئا فشيئا من السماء حتى غطّاها كلها

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.


بعد بضع دقائق ، تلاشت رويدًا تلك الألوان البهية لبرتقاليةِ الغروب وحلّ محلّها بنفسجٌ قاتم أخذ شيئا فشيئا من السماء حتى غطّاها كلها. استسلمت سيدني إلى مللها ونزعت كعبها ووضعته جانبًا ، ما لا تعرفه هو أن إدوارد وبالرغم من انشغاله بعمله إلا أنه انتبه لحركتها المفاجئة وقرر مراقبتها لبعض الثواني...

شاهدها تُبعد شعرها عن عنقها وترميه بعيدًا بينما تلقي بجسدها على طول الأريكة لتغمض عينيها لدقائق حتى ينتهي. أخذ بِهاتفه من على المكتب وفَتح تلك الصفحة التي يسجّل فيها كل الأماكن التي نالت منه رغبة مُلحّة في ممارسة الحب معها بشغف وهيام غير محدودَان.

عندما نظر إلى تلك الصفحة ، وإلى رغبته فيها ، لم يبقَ لديه أدنى شك في أنه يريد هذه الآنسة ذات الشعر الأشقر المنير لتكون أنثاه المختارة ، وأن تكون الفتاة التي يثبت بها للعالم أنه رجلٌ نالت منهُ أنوثةَ مخلوقةٍ واحدة بعد عشر سنوات من الإنعزال. ليس زيفًا ، بل حقيقة مطلقة.

لقد أغمضت عينيها ونامت ، وعبر زجاج الجدار المطل على مشهد من المباني الشاهقة التي اصطفّت في المدينة ، بانت آلاف النجوم التي تشهد انشغاله بأميرته النائمة ... وميض دافئ من الأنوار المشغلة حولهما واختفاء العدد الأكبر من العمال في الشركة وبقاءهما وحيدين وسط رزم من الأوراق والعقود.

والمشاعر التي تريد أن تُسمّى.

إدوارد قرر في مثل هذه الثانية ، في خضم العرض الخافت لاختفاء النور من السماء واستبدالها بظلمة الليل الساكنة ... أنه يحبّها.

أغلق ملفّ الأوراق بين يديه وقد شعر أنه اكتفى من العمل لعشر سنوات ، اليوم ، يريد أن يتخلص من عبء المسؤولية الذي احتفظ به في صدره لأطول فترة . لقد نجح في إنقاذ عمل والده وأثبت نفسه وجدارته في استلام الرئاسة دون منازع.

ولكن ، كيف أصبح هدفه هذا ، فجأة ، انشغالٌ ثانويّ بعد ظهور هذه الفتاة؟

سرعان ما انحازت افكاره إلى التفكير في طريقة لإقناعها هي أنه جدير بالثقة وبالحب وبأن يكون اختيارها.

في كل مرة خاف عليها ، في كل مرة قلق من أن تتأذى ...
في كل مرة دخل المنزل على أمل رؤيتها ورؤية خطواتها الرقيقة التي تترامى على بلاط الأرضية حافية ..

في المرات التي رآها تنام على أريكة غرفة الجلوس وأحس أن في حياته "حياة" وأن في صدره " قلب" وأن في العالم "امرأة" يريدها أن تكون "امرأته".

وقف من مكانه واستلم سترته بقبضَه بسرعة ومشى بخطوات هادئة احترازا من أن تفيق ، راح نحو الطاولة المصفوفة قبال الأريكة التي تنام عليها سيدني كمترٍ وستين سانتي من الحرير الناعم. جلس على طرف الطاولة بهدوء تام ... خوفًا من أن تفيق.

ابتلع ريقه ، وتذكّر عندما أخبرها أنه لا يخاف شيئا.
الآن ، إنه يخاف أن ترفضه هيَ وتبعده عنها .

رفع أصابعه وأخذ بها إلى شعرها الذي يتسبسب على الأريكة نزولا منها كمياه تخرّ بعذوبة.
لمَسها وتحسسها وأحسّ بأنفاسه التي تثقل وقلبه الذي يأنّ.

خذيني في نَفَسك وابتَلعيني لأسكن داخلكِ
اعذريني واستلمي حكمي عنّي واعطني منك بعضَك

أفكَاره وكلماته التي تتشكل لوحدها ، لا يعلم كيف ، ولكن قراره أخرج كل كينونَاته المدفونة في أعماقه ورمى بها إلى السطح لتثبت أنه بعيدًا عن كونه اللورد الذي يهابه الكثير ، هو رجل نالت منه روحٌ عذبة كروح سيدني.

حمَل سترته وقرر وضعها على ساقيها العاريتين لعلها بردت ، ثبّتها جيدًا وقرر الاستقامة والابتعاد حتى لا يفزع هواءها أكثر لكنها في اللحظة نفسها ، فتحت عينيها ورأته قريب منها قربا مريبا..

" هل انتهيت؟" سألت ...

حرّك رأسه إيجابا .

" هل مازال عرضُ العشاء في الخارج قائمًا؟" سألت ، بأريحية.

ثم حركت عينيها نحو سترته التي تستقر على ساقيها ، ثم عادت بوجهها لتنظر إليه.
" لما...؟" كانت ستبدأ جولة نقاش أخرى لكنها ابتلعت كلامها في اللحظة وتنهّدت مغمضة حدقتيها.

" التكييف في المكتب بارد لأحافظ على تركيزي أثناء العمل.
خفت أن تبردي..."

بحلَق في عينيها عند إجابته ، ثم انخفض بِبُؤبؤيه إلى شفتيها ، وحين توتّرت سارعت في التحرك والاعتدال في جلستها ... وبدلا من تفاديه ، اصطدمت ساقيها بساقيه في فراغٍ ضيّق بين الطاولة والأريكة.

نظرت إلى حيث يتلامسان ثم رفعت رأسها نحوه تحثّه على الابتعاد. في وجهها نظرة جدية ، لكن بمجرد أن التقطت عيناه اللتان تركّزان في شفتيها ابتلعت ريقها في توتر ملحوظ.

" أريد تقبِيلك.. " انخفضت نبرته أكثر
وأضاف :" إن سمحتِ..."

شدّت بقبضتها على سترته وسحبتها نحوها وفورًا انتابها شعور غريب حثها على عدم الابتعاد أكثر.
"لا أسمح..."

" عيناك تقول شيئا آخر.."
قاطعها..

" دعكَ من عيناي." ضادّته مرة أخرى.

فعاد بجِذعه إلى الوراء.
ومد ذراعه ليتَلقط حِذاءها.

عاد إليها وأمسك بساقها ليساعدِها على ارتِداءه في صمت لا يقطعه سوى صوت المكيّف الذي بدى لهما صاخبا جدًا.
" إدوارد..."

قالت بعد دقيقة ، لا تعلم لما تستمر بنعته إدوارد على الرغم من رفضه قبلاً ، لكنه يبدو اسمه أكثر راحة هكذا وكأنه يجعل منه شخصا أكثر قربا منها. وليس بعيدًا بعد عقدٍ منها.


همهم ينتظر منها قول ما تريد.
أرادت أن تقول أبتعد عنّي .. لكن بدلا من ذلك همست
" قبّلنِي."

" متأكّدة؟" حذّرها بهدوء وكفه تحتضن ساقها

" لننسى أنها حدثت بعد أن نغادر المكتب؟"
اقترحت فباشر قلبها يدق بجنون ، اشتدّت عضلاتها وعينيها تجولان في وجهه وكأنها طائر صغير غادر القفص لتوّه وخاف الحرية المفاجئة.

رفع يده الأخرى وأبعد شعرها عن وجهها ، هز رأسه بحركة بالكاد التقطتها سيدني ، لفّ أصابعه حول عنقها وألقى بقوة صغيرة أخذتها نحو شفتيه.

سرعان ما أحسّت بحرارته تنبعث منه وتتناغم مع حرارتها هي . قشعريرة سَرَت في جسدها وبعيدًا عن أنها ترتدي حذاءً واحدا لم يكن في عقلها أي معلومة غير أنها تشعر بالكثير ... لم يزعجها بقُبلة قد تخيفها ، كان يضغط بهدوء على شفتيها ثم يميل برأسه إلى الجانب شيئا فشيئا حتى يقبل كل ميليمتر مما تملكه من شفاه.

جعل بينهما القليل من المساحة لكنه لم يبعد وجهه عنها ، فعندما تكلم ، كان نفسه الحار يرتطم بذقنها ودفعها لتغمض عينيها
" لن ينسَ أي رجل قبلته الأولى من السيّدة التي تعجبه."

حرّك ابهَامه على وجنتها وعاد إلى الوراء ليتركها وشأنها ...
" سأضع بعض الأوراق في الأرشيف.
خذي وقتك ..."

أخذ سترته وسارع في اخذ الملف من المكتب وغادر تاركًا إيّاها تنشغل بارتداء فردة الحذاء الأخرى وهي تبتلع ريقها ، مازالت مُصرّة أنها ستتناسى ما صار للتو في لحظة وضعها لقدمها على عتبة مغادرة المكتب.

إلتقيا مرة أخرى في المصعد ، وكل ما قالته سيدني كان:" نمت نومة غريبة ، حلمت حلمًا غريبا ليته لا يتكرر" مشيرة لتلك القبلة ، وحينما سمعها إدوارد أجابها ببساطة

" على الأقل تسمّينه حلما وليس كابوسا."

أخذ بها إلى مطعم وسط المدينة في منطقة نشطة وحيوية يطلّ على مدينة الألعاب. في رحلة سيارة تخللّها صوت نغمات أغنية settle me down التي أبقاها إدوارد في حالة التشغيل المتكرر.

فَتاةُ المليُون دولاَر. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن