«لا يمكنني البقاء أكثر، يوجد الجحيم حيث أتواجد أنا، تلك الأيام قد انتهت»كلمات لاذعة قالها ذلك الشاب ذو الشعر الأدهم.
بدأت بعدها رؤية تلك الصغيرة تصبح مُشوَّشة، عيناها تلمعان وتوشك الدموع تتساقط منهما، تسمع صوت رجفات قلبها المتسارعة وأنفاسها المختلجة تتعالى مع مرور الثواني، لا تريد له أن يذهب
«لا...أرجوك لا تتركني! صدقني سنجد حلًّا للأمر»
لم يُبدِ وجه الشاب أمامها أي علامات تعاطف تجاهها، أمام تلك الطريق الطويلة غير معلومة النهاية كان يقف، بينما ضوء القمر كان ساطعًا عليه لِتظهر عيناه الحمراوان بوضوح.
هبت رياح الليل الباردة وتطاير معها شعره الأدهم في الهواء أثناء نظره إليها، يقف بقدمين مرتجفتَين والخوف بادٍ على سِحنته المضطربة، عيناه متردِّدتان تنظران تارة لها وتارة لشيء يبدو أنه الوحيد الذي يراه.
لم تفهم حقًّا ما الذي يدور حولها ولا ما الذي أصلًا أوصلهم لتلك النقطة،
أدار ظهره لها وسار مبتعدًا ببطء رغم محاولاته لأن يكون أسرع، صوته كان مهزوزًا لكنه كان يتحدث بجدية«قلت لكِ لا!...لا يمكن...ستندمين إن بقيتِ معي، ابقي هناك حيث عائلتك»
سمعت صوت شهقاتها تتعالى وتمنعها من التنفس بشكل صحيح بعد قوله لذلك، وتلك الدموع الساخنة تنهمر على وجنتيها آبية تركه يذهب هكذا، صرخت عله ولو لمرة واحدة يستمع لها
«عد هنا!...أقسم أني لن أسامحك إن ذهبت»
لم تتخيل أن كلماتها قد توقفه عن الحركة، لكن ليس لأنه قرر الاستماع لها، لأن صوته علا فجأة وصرخ بها لِتَكُفَّ عن تلك التوسُّلات عديمة القيمة
«قلتُ لن أعود!»
التفت فجأة نحوها، وبعد حركة واحدة خاطفة من يده رأت النيران تندلع واضعةً حاجزًا بينهما.
بالكاد تقف على قدميها، تعبت من الركض لتلحق به، ربما لو لم تكن في السابعة فقط لتمكَّنت من مواكبة سرعته، والآن تلك النيران تمنعها من الاقتراب منه حتى، بعث منظرها الرعب في نفسها، وأصوات الصراخ التي بدأت تتعالى حولها أصابتها بالذعر.
أنت تقرأ
من قلب الظلال: ذكريات يمحوها القمر «مستمرة»
Fantasy_فانتازيا مظلمة إلى حيث النقطة التي توقف عندها، يلهث بلا توقف، قلبه يضخ الدم بصعوبة كأن دماءه ترفض السير في شرايينه، لكن ما زال عليه الهرب. إلى أين بالضبط؟ ذكرياته لا يثق في كونها تخُصُّه حتى، والأشياء الجديدة يشعر دائمًا أنه رآها من قبل، وهؤلاء ال...