حيثُ غرفةُ المعيشةِ التي باتت فوضويةً إثرَ أُمسيةِ الأفلامِ تلك وقف آرام، أو بالأحرى كان يدور حول الطاولة بشكلٍ هستيريّ، للمرة التي بالتأكيد نسينا رقمها انفصل عن محيطه بينما يفكِّرُ بعُمق، ربما لو فلَقَ حجَرٌ رأسَهُ الآن لن يشعُرَ بشيء، إحدى عيوبه الفظيعة أنه يندمِج كثيرًا حين يفكر أو يتذكَّر شيئا ما.
‹شيءٌ للمُصالحة›
لم يتخيَّل في حياته أنه قد يحاول الاعتذار لأحدهم، خصوصًا على شيءٍ يراه تافِهًا، ما الجارِحُ لتلك الدرجةِ في تركِها في الغرفةِ بمفردِها بعدَ أن كشفت أحد أسراره؟ لا يبدو الأمر مؤلمًا مهما فكَّر فيه.
‹ربما المشكلةُ فيَّ أنا›
كان هذا استنتاجه الوحيد، ربما الأمر لن يؤلمه هو، لكنه يؤلم الناس الطبيعيِّين، لذا وفي هذه الحالة يجدُرُ به الاعتذار، ورأسهُ خالٍ من الأفكار.
ثم صدح صوت ساعة الوقواق من الممر، إنها الحاديةَ عشرةَ الآن، ما أوحى إليهِ بفكرة.
كانت الخاماتُ تنقصه لتنفيذها، رغم أنه لن يحتاج سوى لورقة، فَشَرَع بالبحث عنها، أو عن أحدٍ من أهل البيت الذين اختفوا لسبب غريب.
تجوَّلَ في الممرات بحثًا عن أحدهم بينما يتساءل، مرَّت فترةٌ طويلةٌ منذ صَنَعَ لأحدهم شيئًا بالورق.
‹هل ما زلت أستطيع فعلها أصلا؟ مؤكَّد ذهبت مع الريح›
توقف في منتصف الممر بعدما طعنته تلك الفكرة، مصير أيِّ شيءٍ يُتقِنُهُ هو الاندثار، ما الذي يمنع أن يكون قد فقد تلك الأشياء أيضًا؟
نفَضَ تلك الأفكار بسرعةٍ واستجمع شتات نفسه، ثم أكمَلَ طريقه، تفاجأ في الطرف الآخر من الممر بليلى والتي بدت متوترة وخائفة لسببٍ ما، وحينَ وقعت عيناها عليه سحبتهما سريعًا واتجهت لغرفةٍ صودِفَ أنها غُرفَةُ سراج، ما جعله يشعُرُ ببرودةِ داخِلهُ من الخوف.
حثَّ خطواته سريعا ودلَفَ الغرفة، كلُّ شيءٍ بدا عاديًّا، باستثناءِ سراج الذي يجلس على السرير ويوشِك أن يقع لولا وجودُ شمس الذي يسنده كي لا يحدث ذلك، أمَّا ليلى فقد جلبت زجاجة مياه من أجل أخيها، كلُّ ذلك بعَثَ في نفسه ذكرياتٍ من مرقَدِها، لكنه أنكَر وسأل، رغم أن نبرته بدت باردة
أنت تقرأ
من قلب الظلال: ذكريات يمحوها القمر «مستمرة»
Fantasy_فانتازيا مظلمة إلى حيث النقطة التي توقف عندها، يلهث بلا توقف، قلبه يضخ الدم بصعوبة كأن دماءه ترفض السير في شرايينه، لكن ما زال عليه الهرب. إلى أين بالضبط؟ ذكرياته لا يثق في كونها تخُصُّه حتى، والأشياء الجديدة يشعر دائمًا أنه رآها من قبل، وهؤلاء ال...