~ لك سحاب الشوق ما فارق سماي ..~
-عند فهد ووطن
كل شيء كان يتحرك بسرعة حول وطن، لكنها كانت ثابتة، كأنها فقدت الإحساس بكل شيء إلا فهد الإسعاف وصل، شالوه بسرعة، وهي تبعتهم للسيارة بدون ما تحس حتى برجليها
داخل الإسعاف، كانت جالسة عند رأسه، تشوف الأجهزة اللي توصله، تسمع صوت الأجهزة ترن، صوت ما كانت تعرف إذا يطمنها أو يزيد خوفها يدها كانت تمسك يده، باردة، ما فيها أي قوة... لكنه كان حي هذا الشيء الوحيد اللي كانت تتمسك فيه
وصلوا المستشفى،الدكاتره سحبوه بسرعة للداخل، واحد منهم التفت عليها: ممنوع تدخلين الحين، بنسوي اللي علينا
وطن كانت تبي تعترض، تبي تقول إنها ما تقدر تتركه، بس حنجرتها كانت ناشفة، وجسمها كان متيبس وقفت عند الباب، شافتهم يدفعونه للداخل، وباب الطوارئ تقفل بينهم
حست بضعف يجتاحها، كأنها فقدت القدرة على الوقوف، سحبت نفس عميق، لكنها ما قدرت تخرجه بسهولة، كأن صدرها انضغط مع فهد
رفعت يدها، حطتها على صدرها، تحاول تهدي الارتجاف اللي بدأ يتسلل لجسمها، لكنها فشلت كانت محتاجة تسمع خبر، أي خبر، بس الانتظار كان يعذبها أكثر من أي شيء ثاني
- بعد ساعة -
وطن ماتدري مرت دقايق؟ثواني؟ساعه؟ من الخوف
جالسة على الكرسي قدام غرفة العناية المركزة، عيونها معلقة بالممرضة اللي طلعت، وقفت بسرعة، حتى قبل لا تسأل، الممرضة: الدكتور يبي يكلمك
دخلت، شافت الدكتور يطالع ملفه، رفع عيونه لها: الحالة مستقرة، لكنه تعرض لجلطة قلبية... كانت خفيفة، بس لو تأخرتي أكثر كان ممكن تصير أسوأ
جلطه؟ فهد؟ مستحيل... لكنها شافته، شافت كيف كان، وكيف فقد الوعي بين يديها
الدكتور كمل وهو يشوف تعابيرها: بنخليه تحت المراقبة، حالياً أعطيناه أدوية تساعد على توسعة الشرايين، ونحتاج نراقب وضعه الأيام الجاية
وطن عضت شفتها، قلبها يدق بقوة، سألت بصوت مهزوز: يعني... بيكون بخير؟
الدكتور هز رأسه: إذا التزم بالعلاج والراحة، إي، بيكون بخير
تنهدت بارتياح، عيونها تلمع بدموع حبستها، شكرت الدكتور، وطلعت من الغرفة، لكنها ما قدرت ترجع تجلس وقفت عند الباب، تطالع الداخل، تنتظر أي لحظة يسمحون لها تدخل، تشوفه، تطمن عليه بنفسها، تحس إنه بخير مو بس تسمع هالكلام
فهد كان حي، كان معاها، وهذا الشيء الوحيد اللي يهمها الحي
الذنب كان يحرقها ولامت نفسها-عند سطام وهيام
السيارة وقفت قدام البيت، التفت لهيام، شاف كيف كانت ساكتة، عيونها مثبتة على يدها ، كأنها تحاول تشد على نفسها عشان ما تبين القلق اللي جواتها
مد يده بهدوء، أخذ كفها بين إيديه، رفعها يقبلها قبله خفيفة على باطن يدها، نبرة صوته كانت ناعمة لكنها مليانة اهتمام:انتبهي على نفسك
ابتسمت ونزلت،دخلت،هيام جلست على طرف سريرها، يدها ترتجف وهي تفك أزرار عبايتها ببطء، عقلها مليان ضجيج أفكار متلاحقة، كل احتمال كانت تحطه في بالها كان أسوأ من اللي قبله
همست لنفسها:كيف يعني...؟
كلام الدكتور يتردد في راسها
رفعت يدها لراسها، ضغطت بأطراف أصابعها على صدعها، تحاول تهدي الرجفة اللي حستها في قلبها لا... أكيد الدكتور ما يقصدها، يمكن يتكلم عن حالة ثانية، مو شرط يكون كلامه له علاقة فيها
لكن فكرة بسيطة، فكرة كانت تحاول تبعدها، غرزت نفسها بداخلها مثل شوكة: لو كان يقصدها؟
وقفت فجأة، مشت للمرآة، نظرت لوجهها... أدقّت في ملامحها، كأنها تحاول تلقى شيء غريب، شيء ما انتبهت له طول حياتها
سألت نفسها، تحاول تقارن بينها وبين أمها...:
أنا أشبهها؟
ضغطت على يدها بقوة، تحاول تقاوم الشعور اللي بدأ يكبر داخلها، لكن عقلها ما كان يرحمها،
تمتمت: لا لا لا..
، رجعت جلست على سريرها، ضمت نفسها وهي تحاول تقنع نفسها إن كل هذا مجرد وساوس، مجرد تحليل زايد
لكن السؤال ظل معلق قدامها مثل ظل ما يفارقها:
إذا كانت مو أمي... أجل مين؟
مدت يدها بهدوء لصور قديمة جمعتها مع أمها، تأملت الملامح، التفاصيل، الشبه اللي ما تقدر تنكره... بس مو بينها وبين أمها، لا، بين أمها و... الهام
عند إلهام
كانت جالسة، جوالها بيدها، لكن عقلها مو هنا أبدًا أمها دخلت عليها قبل شوي، وبهدوء، ألقت عليها الخبر اللي قلب كيانها: بكرة بيجون يخطبونك لعبدالرحمن
ظلت ساكتة للحظات، كأنها تستوعب الجملة كلمة كلمة، قبل ما ترفع عيونها لأمها، ملامحها بين الصدمة والارتباك:
بكرة؟
إلهام عضّت شفتها، قلبها يدق بطريقة ما مرت عليها قبل
ما قدرت ترد، بس اكتفت بهزة خفيفة من راسها، كأنها تقول لأمها إنها فهمت
