Part 30

3.5K 92 40
                                        

~بخاف عليك وبخاف تنساني~
-عند فهد ووطن
دخل المستشفى، فهد دخل يركض، عيونه ما تفارق وسن اللي كان شايلها بين يديه، صوته كان عالي، أقرب لصوت رجل تعلق بأمل أخير:أحد يساعدني!
الممرضين جو بسرعة، تردد... للحظة، حس إن يده انشلت عن تسليمها، لكن صوت الدكتور كان واضح:
حطها هنا، بسرعة!
يد فهد تحركت بتردد، مدّدها على السرير
وطن وقفت عند الباب، أنفاسها متقطعة، تشوف كل شيء يصير
، وفهد تحرك ورا الممرضين بدون تفكير، لكن يد الدكتور أوقفته:لازم تبقى هنا
نطق فهد بصوت عالي:لا... لا تخلوني برّا، أنا معها، أبي أكون معها!"
الدكتور معترض:أنت بتأخرنا، خلنا نشتغل
، فهد حس بجسده يتراجع خطوتين، عيونه توسعت وهو يشوف الأبواب تتقفل قدام وجهه
، لفّ باتجاه الجدار، رفع يده وضرب الجدار بقوة، كأنه يفرّغ خوفه اللي كان يزيد مع كل ثانية تمر
وطن، بصوتها المرتجف، نادته بهدوء:فهد...
ما التفت، كان كأنه مو قادر يسمع، ويده لا زالت على الجدار
لكنها تقدمت، بهدوء، لمست كتفه
هنا، أخيرًا، التفت
صوته انكسر، حروفه تهدّمت قبل ما يقدر يكمل:
وطن... لو صار لها شيء، أنا...
هنا، لأول مرة، شافت في عيونه مو بس خوف، مو بس قلق... كان في عيونه انهيار، ضعف
ما عرفت وش تقول، مدت يدها، وأخذت يده بيدها، ضغطت عليها
ثواني، بس حسها عمر... قبل ما ينفتح الباب
الدكتور طلع، ونظراته كانت ثقيلة، عيونه راحت لفهد اللي ما انتظر، اقترب بسرعة:طمني... كيف حالها؟
الدكتور تنفس بعمق، وبهذي اللحظة، فهد حس إن قلبه ممكن يوقف قبل لا يسمع الجواب
الدكتور طالع فهد للحظة، كأنه يوزن كلماته قبل ما ينطق بشيء يهد الجبال:حالتها خطيرة
فهد حسّ الدنيا تضيق حوله، كأن كل شيء تجمد في مكانه
كمل كلامه الدكتور:نزفت كثير... حاولنا نوقف النزيف، بس وضعها مو مستقر أبدًا
صوته كان هادي، بس ثقيل، وكأنه يرمي حمل على قلب فهد أكبر من اللي كان متوقعه
الدكتور وعينه على فهد:إحنا قاعدين نسوي كل اللي نقدر عليه... بس لازم تكونون مستعدين لأي احتمال
بهالجملة الأخيرة،فهد حتى أنفاسه ما عاد يقدر يسحبها براحة
صوته خرج متكسر، وهو يرفع عيونه للدكتور، كأنه يرفض يفهم معنى الكلام اللي نقال قدامه:مستعدين لأي احتمال؟!
وطن، اللي كانت واقفة على جنب، حست برجفة تمر بجسمها، عقلها مو قادر يستوعب... وسن، البنت اللي كانت تضحك قبل كم يوم،، صارت الآن بين الحياة والموت
الدكتور تنهد:دعواتكم هي اللي بتكون الأهم الآن
والتفت وراح، تاركًا وراءه صمت أثقل من الجدران نفسها
فهد حسّ إن رجوله ما عاد تشيله، جلس على أقرب كرسي، حط راسه بين يديه، وأول مرة من وقت طويل... حسّ إن الخوف اللي داخله أكبر من أي شيء يقدر يسيطر عليه

-عند سطام وهيام
وقفت في مكانها، عيونها على الدكتور اللي لسه واقف قدامها، لكن عقلها كان رافض يستوعب الكلام اللي قاله... فقد الذاكرة؟
شعرت بأنفاسها تتقطع، وكأن الغرفة ضاقت عليها فجأة، كأن الجدران قرّبت تضغط عليها، صوت الممرضة وهي تنادي الدكتور، أصوات الأجهزة، خطوات الأطباء اللي يمرون...، لكنها ما كانت تسمع غير صدى كلمته الأخيرة "فقد الذاكرة"
رفعت يدها، غطت فمها وكأنها تحاول تخنق شهقة كانت على وشك تهرب منها، عيونها كانت تغرق بدموع ما قدرت توقفها، عقلها يرجعها ورا... لكل لحظة مرت بينهم، لكل نظرة، لكل كلمة، لكل لحظة ضعف كان سطام فيها معاها، لكل وعد وعدها فيه... والآن؟ نسي كل شيء؟
هزّت رأسها ببطء، وهمست بصوت بالكاد سمعته:
كذّاب... شلون ينساني؟
كان قلبها يرفض يصدق، يرفض مجرد فكرة إن سطام، اللي خاض معاها كل شيء، اللي تحدى الدنيا عشانها... نسيها بهالبساطة نسي كيف كانت تحس بالأمان بس لما يطالعها؟ نسي كيف كان يمسك يدها لما تحس بالخوف؟ مستحيل... هذا مو صدق
وقفت عند الباب، عيونها تراقبه بصمت كان منوم على السرير، عيونه مغمضة
خطت خطوة، ثانية، كل شيء داخلها كان يصرخ، لكنها ما قدرت تطلع صوت، كأن الخوف كان يكمّم حنجرتها وصلت عنده، وقفت قريبة، قريبة لدرجة إنها تسمع أنفاسه الهادية، لكنها بعيدة... بعيدة عن ذاكرته، عن وعيه، عن كل شي كان يربطهم ببعض
رفعت يدها ببطء، لمست أطراف أصابعه بخفة، مجرد لمسة، كأنها خايفة إن الحقيقة تضربها أكثر لو حاولت تمسك يده بالكامل
همست باسمه بصوت مبحوح، صوت ينكسر مع آخر حرف وكأنها هي اللي قاعدة تنهار، مو هو
لكن ما كان فيه أي ردة فعل
سحبت نفس بعمق، حست برجفتها، حست إن الموقف أكبر منها، أقسى منها، لكن ما كان عندها خيار غير المواجهة قربت الكرسي، جلست جنبه، ظلت تراقب ملامحه،
مدت يدها مرة ثانية، لمست كفه بهدوء، أطراف أصابعها تتردد، وكأنها تخاف من الفراغ اللي ممكن تلقاه بين أصابعه، الفراغ اللي يعني إنه مو نفس سطام اللي تعرفه
كل لحظة تمر وهي بهالوضع كانت تعذّبها أكثر، تحس إن قلبها ينكمش، كأنها في كابوس مو قادرة تصحى منه، لكن رغم كل هذا، رغم الخوف اللي يمسكها من كل اتجاه، ما قدرت تبعد... ما قدرت تقوم وتتركه
حست بثقل فوق صدرها، رفعت يدها الثانية تمسح دمعة فلتت منها، تنحنحت، حاولت تثبّت صوتها،
عادت ناظرت ملامحه الهادية، تساءلت... لو صحى، وش بتكون أول ردة فعل هل بيشوفها كغريبة هل بيبعد عنها هل بيكون شخص ثاني تمامًا مجرد فكرة إنها تكون غريبة عليه... تقتلها
تنهدت، سحبت يدها ببطء، نظرت للساعة اللي على الجدار... جواتها، ما كان فيه ليل ولا نهار، كان فيه شعور واحد يطغى على كل شيء... الخوف

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Apr 11 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

مالي غنى عنك أنا الله فيك مغنينيWhere stories live. Discover now