- * -

24 1 0
                                    



النيقيانية - القسطنطينيانية

وفي عام 382 تم تعديل جديد للنص الذي أعلنه مجمع نيقية ، وجاء فيه :

"إننا نؤمن باﻹله اﻵب العظيم خالق السماوات والأرض وكل ما ظهر فيهما وما بطن.

ونؤمن بالرب يسوع المسيح الابن الوحيد الذي ولد من الله خالق العوالم ، رب اﻷرباب ، نور اﻷنوار ، المولود الذي يصنع ، وله جوهر اﻵب الذي صنع كل شيء ، والذي نزل من السماوات وصار لحماً ودماً ليخلصنا نحن البشر.

ولقد صار كذلك بواسطة الروح القدس ومريم العذراء ، وصار إنساناً وصلب في عهد بيلاطس ، وتألم ودفن وبعث في اليوم التالي ، كما قالت الكنيسة المقدسة ، وصعد إلى السماء ، وجلس على يمين الله اﻵب.

ولسوف يعود ثانية ممجداً لكي يحاسب اﻷحياء واﻷموات.

وليس هناك من نهاية لملكوته.

ونؤمن بالروح القدس ، بالرب صانع الحياة الذي ينبع من اﻵب والذي نعبده ونمجده مع اﻵب والابن.

والذي تكلم اﻷنبياء بواسطته.

وإننا نؤمن بكنيسة كاثوليكية واحدة ، وبعمادة واحدة ، للتكفير عن الخطايا.

وإننا لفي انتظار بعث الموتى وحياة العالم اﻵتية.

آمين".

وفي هذا النص نرى كيف ارتقى الروح القدس إلى مرتبة "الرب" وصار يعبد كما يعبد اﻵب والابن.

لكنه هنا ينبع من اﻵب.

وهذا ما أثار الجدال العنيف بين آبناء الكنيسة فهناك من كان يعتقد أنه نبع من الابن أيضاً ، بما أن الابن إله أيضاً.

ومن أجل تفادي أخطار هذا الجدال وقطع دابره فقد اضطرت الكنيسة إلى أن تخترع نصاً آخر عدلت فيه ما جاء في عام 381 ، وجاء في هذا النص الذي يعتبره الكثير من المسيحيين المتفتحين العقلانيين إهانة للعقل.

وهذا مقطع من النص الذي يعرف بعنوان : "لمن يريد الخلاص" :

"تقوم الكاثوليكية على اﻹيمان بإله واحد في الثالوث ، وتؤمن بالثالوث المتوحد.

إننا لانمزج أحداً باﻵخر ولا نقسم الجوهر ، فهناك واحد يمثل اﻵب وآخر يمثل الابن ، وآخر يمثل الروح القدس ، لكن اﻷلوهة للآب والابن والروح القدس واحدة ، فمجدها واحد وجلالتها أبدية.

وكما هو اﻵب كذلك هو الابن والروح القدس.

اﻵب الذي لم يخلق والابن الذي لم يخلق ، والروح القدس الذي لم يخلق.

اﻵب السرمدي ، الابن السرمدي ، الروح القدس السرمدي.

اﻻب الخالد ، الابن الخالد ، الروح القدس الخالد.

وبرغم ذلك فليس هنالك ثلاثة خالدون ، بل واحد خالد ، وليس هناك ثلاثة غير مخلوقين بل واحد ، وليس هناك ثلاثة سرمديون بل واحد سرمدي غير مخلوق.

وكما أن اﻵب عظيم ، فكذلك الابن وكذلك الروح القدس ، ومع ذلك فليس هنالك ثلاثة عظماء بل واحد عظيم.

وكما أن اﻵب إله ، كذلك فإن الابن إله ، وكذلك فإن الروح القدس إله.

ومع ذلك فليس هناك ثلاثة أرباب بل رب واحد.

وإننا بإيماننا المسيحي ملزمون أيضاً بإيماننا الكاثوليكي بأن لا نقول بآلهة ثلاثة أو أرباب ثلاثة.

إن اﻵب مصنوع من عدم ولم يخلق ولم يولد.

أما الابن فإنه من اﻵب فقط ، وهو غير مصنوع ولا مخلوق ولا مولود.

أما الروح القدس فهو من اﻵب والابن معاً ، وهو لم يخلق ولم يصنع ، بل ينبع منهما ، وبالتالي فإن هنالك أباً واحداً لا ثلاثة آباء ، وابناً واحداً لا ثلاثة أبناء ، وروح قدس واحداً لا ثلاثة أرواح قدسية.

وفي هذا التثليث ليس هناك واحد قبل اﻵخر أو بعده ، كما ليس هنالك أعظم أو أقل عظمة ، فالثلاثة خالدون معاً ومتساوون . . وهكذا إذن يجب عبادة الثلاثة عبر الواحد وعبادة الواحد في الثالوث.

إن على كل من يريد الخلاص أن يفكر بالتثليث كما ذكرنا".

وبرغم هذا النص فقد ظل الجدل حامياً بين أبناء الكنيسة حول التثليث حتى عام 1215 حين أعلن مجمع لاتران المزيد من "الغربلة" لعقيدة التثليث والتي ظلت سائدة حتى يومنا هذا ، وجاء فيها :

"إننا نؤمن إيماناً جازماً ومن أعماق قلوبنا بأن هنالك إلهاً واحداً خالداً لا نهائياً لا يحول ولا يزول ، إلهاً لا نفهمه ، عظيماً لا يمكن التعبير عنه : اﻵب والابن والروح القدس.

ثلاثة أقانيم لكنهم جوهر واحد بسيط جداً في مادته وطبيعته.

إن اﻵب لم يولد من شيء ، وإن الابن صدر عن اﻵب فقط ، أما الروح القدس فقد صدر عن اﻹثنين معاً ، وذلك إلى اﻷبد وبلا نهاية.

اﻵب ينجب ، والابن يولد ، والروح القدس ينبثق.

وكلهم متساوون في العظمة والخلود".

وواضح أن الروح القدس ينال أهمية كبرى في هذه العقيدة الجديدة.

ولا أرى أن العقائد اﻷخيرة التي أعلنها مجمع ترانت قد أضافت شيئاً جديداً . . .

اﻷصول الوثنية للمسيحيةWhere stories live. Discover now