- * -

22 1 0
                                    

وهذا النقد غالباً ما ينشر مناخاً تنويرياً عقلياً.

ولكن لم يخطر ببال أحد من هؤلاء النقاد أن طريقة معالجة هذا الموضوع خاطئة وأنها لا تتناسب معه أبداً.
إنهم يعتقدون أنهم يعالجون حقائق عقلية ويتناسون أن هذه المسألة كانت دائماً ظاهرة نفسية لا عقلانية.

ونحن نرى ذلك واضحاً في الطبيعة اللاتاريخية للأناجيل حيث كان الاهتمام اﻷول لها هو عرض خوارق المسيح بأقصى ما يمكن من تأثير وحيوية.

ويتجلى ذلك أكثر ما يتحلى في الشهود اﻷوائل مثل بولس الذي كان أقرب كتبة اﻷناجيل (الرسل) إلى اﻷحداث.

وأنها مما يؤسف له حقاً أن نرى بولس يمنع المسيح من الحديث عن نفسه ولا يسمح له بالتفوه بكلمة واحدة.

كان المسيح الحق في تلك الفترة المبكرة جداً (ليس في إنجيل يوحنا فقط) محجوباً بغشاوة كثيفة بل منفياً وراء سحابة من المفاهيم الميتافيزيقية : الحاكم على كل القوى الشريرة ، المخلص الكوني ، الواسطة بين البشر والله.

وواضح أن كل اللاهوت الذي سبق المسيحية وكل ﻻهوت الغنوصية في منطقة الشرق الأوسط ، بل اللاهوت الذي تضرب جذوره في أعمق أعماق التاريخ قد حجب المسيح الحق عنا وجعله مجرد شكل عقائدي لا يحتاج معه إلى أساس تاريخي.

وإذن ففي مرحلة مبكرة جداً يختفي المسيح الحق وراء المشاعر واﻹسقاطات التي حامت حوله وانهالت من القريب والبعيد.

وهكذا سرعان ما تم "ابتلاعه" من قبل اﻷنظمة الدينية المجاورة كما تمت صياغته من جديد وفقاً ﻷساطيرهم الأساسية.

بذلك صار المسيح الصورة الجماعية "الملفقة" التي كان ينتظرها لاوعي المعاصرين له.

وبذلك صار السؤال عن حقيقته سؤالاً بدون جواب . . .

وهناك الكثير من الدلائل على أن اللاوعي الجماعي كان نشطاً جداً ، خاصة إذا اعتمدنا على المقارنات في تاريخ اﻷديان.

وهنا لا بد من السؤال عما جعل الناس يؤمنون بالرسالة المسيحية؟ أما إذا أردنا الجواب عن هذا السؤال فإن علينا أن نسبر الرمز المسيحي الموجود في العهد الجديد ، باﻹضافة إلى رموز آباء الكنيسة المنثورة في نصوصهم.

وفي رسوم القرون الوسطى ، وأن نقارن كل ذلك بما يتضمنه اللاوعي من رموز أصيلة (مستمدة من الوثنيات القديمة) . . . إن كل التقارير اﻷسطورية التي قدمتها المسيحية وغير المسيحية تعتبر عن تصورات أسطورية نعثر عليها غالباً في أحلام الناس.

وهي جميعاً تدور حول الحلم بكائن بالغ القوة ، وبطل كامل.

إنها تشبه أحلام الناس بحيوانات ذات صفات سحرية ، أو بتركيبة سحرية ، أو بكنز من جواهر ، أو بخاتم أو تاج . . .

اﻷصول الوثنية للمسيحيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن