٧-أروع إمرأة رأتها عيني!

2.1K 58 4
                                    

-أف!
نظرت دفنة إلى الأطباق و الأواني التي أمامها و من ثم بدأت بالتذمر.
-حبيبتي، هل أنت على ما يرام؟
-نعم، و لكن... انظر لن نلحق أي شيء!
ابتسم الشاب ثم هدأ الفتاة قليلاً ووضع كلا يديه على كتفيها.
-لا تتوتري و ارتاحي.
وضع كلتا يديه على كتفيها و أجبرها على الجلوس على الكرسي أمام الطاولة.
-يعني، زوجة عمك أصرت و قالت إن هذا من العادات لمعرفة إذا كانت تهتم العروس بعريسها أم لا... و أنا فوراً توترت!
نظرت الفتاة على سقف المنزل لتذكرها ما حدث حيث بدأت تتعرق بشدة.
-اهدأي دفنة، زوجة عمي تعرف أنك حامل و لا تنتظر الكثير منك!
حركت دفنة رأسها بسرعة و نظرت إليه بحدة بعد عقد حاجبيها و بدأت تنظر له بغضب.
-هل تقصد أني لن أستطيع تحضير الطعام لأني حامل؟!
توقف عمر للحظات و نظر لها عندما أحس بتغير نبرة صوتها.
-لا و لكن...
-أنا أستطيع فعل أي شيء عمر بيه!
أبعدت دفنة يده عن كتفيها واقتربت مجدداً من أواني المطبخ.
-ابتعد أنت من هنا!
بدأت دفنة تقطع الخضار و هي غاضبة من زوجها و مما يقوله لها و هو يراقبها في صمت متعجباً مما فعلته.
-دفنة، ماذا حدث لك؟
توقفت دفنة عما تفعله ثم إلتفتت بجسدها ناحيته و رفعت السكين لفوق مما أجبره على أخذ خطوة إلى الخلف.
-أنا لم أصبح مشلولة لأني حامل، تمام!
تلك السكين و تلك نظرات الغضب كانت غريبة و جديدة على عمر. بالطبع كانت الفتاة تغضب منه في كثير من الأوقات و تكسر الكؤوس و ماشابه و لكن كل هذا كان لسبب ما و لكن هذا، لماذا؟
سعل عمر من صدمته بما حدث و رفع يديه استسلاماً.
-حسناً، أنا أستسلم. ماذا تريديني أن أفعل؟
-اذهب للعمل أو النوم، لا أعلم.
-ألا تريديني أن أساعدك؟
-لا، أستطيع فعل ذلك وحدي!
-تمام، سأجلس هنا... و أراقب الوضع...
تحرك عمر ببطئ ناحية الطاولة و فضل الابتعاد عنها الآن لأن على ما يبدو أن هرموناتها تجعلها عصبية نوعاً ما. هو لم يخف منها بالطبع و لكن التعامل معها سيكون صعب جداً الآن.
لم ترد دفنة على عمر و رجعت إلى عملها مرة أخرى و هو جلس ببطء على الكرسي و أخذ يراقبها في صمت.
كانت الشابة تقطع الخضار و تحضر أطباقاً من الطعام لأن كلا عائلتيهما سيأتيان اليوم و يجب أن تعد لهم مأدوبة لتثبت جدارتها كزوجة لإيبليكجي العظيم و تقييمها إذا كانت تصلح أن تكون زوجة أم لا. هي لم تتوتر من ذلك الشيء لأنها قامت بتحضير الطعام مراراً و تكراراً لعمر و هو يشهد بذلك و لكن عندما ذكرت ناريمان كلمة عادات و الاعتناء بالرجل و ما شابه، بدأت تشك في قدراتها و توترت و عرفت الآن شعور نيهان و كيف أكلتها جدتها عندما كانت تحضر لهم الطعام. فقررت أن تحضر لهم طعاماً لذيذاً لن ينسوه طيلة عمرهم.
شردت دفنة قليلاً لتفكر فيما حدث ويحدث و سيحدث و لم تنتبه إلى تلك السكين التي جرحت إصبعها.
-أه!
-دفنة!
نهض عمر سريعاً من مكانه عندما سمع صوتها المفاجئ و عندما رأى إصبعها مجروح يسيل منه الدم خاف كثيراً عليها.
-هل أنت بخير؟
أخذ عمر يدها لينظر لها و إذ بسبابتها مجروحة. لم ترد دفنة على سؤاله ذلك فاندهش من رد فعلها. نظر إلى وجهها و إذ بها جامدة لا تتحرك و تنظر الى اصبعها ببرودة وجه.
تنهد عمر من الاندهاش و أخذها إلى حوض الماء و بدأ بوضع الماء على إصبعها ليزيل الدم.
-دفنة، تكلمي معي... هل أنت بخير؟
بدأت دموع الفتاة بالنزول وحدها مما سبب لعمر الحيرة و الخوف.
-دفنة... حبيبتي!
ترك عمر يدها و أمسك بوجهها بكلتا يديه و رفعه للأعلى و بدأ بمسح دموعها بإبهامه.
-حبيبتي...
-أنا لا أستطيع أن أكون زوجة مثالية لك عمر... انظر حتى الطعام لم أنجح في تحضيره.
حدق عمر بها لثواني معدودة مصدوماً مما تقوله. عن أي زوجة مثالية كانت تتحدث!
-أنا فشلت في كل شيء عمر!
لم يتمالك عمر نفسه و بدأ بالضحك عليها ماسحاً تلك الدمعة التي تنزل ببطء على وجنتها.
-أنا لم أرى امرأة أفضل منك دفنة!
رفعت دفنة رأسها لتنظر لعينيه.
-ماذا تقول؟ أنا امرأة سيئة جداً... أنا لا أستطيع اسعادك.
-أنت إنسانة رائعة، طعامك الذي تطهينه من أجلي أفضل و أجمل مئة مرة من طعام كثير من الناس... أنا أعشق طعامك و لا يهمني رأي الناس!
رفعت دفنة يديها لتتشبث بساعديه.
-حقاً؟
ابتسم عمر لتغير مزاجها السريع و أغمض عينيه ليومئ برأسه.
-حقاً!
ابتسمت الفتاة في فرح لما يقوله الشاب فترك وجهها ثم فتح فمه ليتكلم مجدداً.
-هل يمكنني مساعدتك في تحضير الطعام إذاً؟
..........................................................................
-سلمت يداك دفنة!
جاء الى المكان كل من جدتها أخوها و زوجته و أختها الصغيرة وإيسو من طرف الفتاة و من طرف الشاب عمه و زوجته و سنان و زوجته و ابنتها و كوراي الذي سمع أن هناك طعام غداء فأصر على المجيء.
ابتسمت الفتاة لما سمعته من إطراءات الناس حولها على الطاولة و سعدت كثيراً لأن جميع أحبابها شاركوها اللحظة وأتوا لتناول الطعام الأول لها في بيتها و ها هي الآن مبتسمة من الأذن للأذن متغيرة تماماً عما كانت عليه منذ قليل.
تنهد عمر مرتاحاً عندما رأى حالتها هذه و أخذ يفكر في خطة للتعامل مع عصبيتها و بكاءها المفاجئ بسبب تغير هرموناتها. فهذا بلاء سيحل به في الأشهر القادمة.
جلس الجميع على الطاولة و بدأوا بتناول الطعام و الثرثرة الغير منتهية. و بدأ كل من عمر و دفنة بتناول الطعام معهم.
وفي هذا الوضع، لم تفكر دفنة في كيفية إضافتهم و فكرت كم جاعت و بدأت بتناول الطعام بدون توقف ففي النهاية هي تأكل لروحين. تنبه عمر لها و كم تركيزها في الطعام وابتسم ضاحكاً.
تنبهت دفنة لضحكته و رفعت رأسها لتنظر إليه متعجبة. حركت رأسها في سؤال لماذا يضحك.
-لا شيء..
هز عمر رأسه ثم امتدت يده لإحضار طبق من أطباق الطعام و بدأ يضع لها كمية منه.
تنبهت ذات الشعر البني نيهان لتصرفه و ذاب قلبها.
-أي، كم أنت رومانسي عمر... تهتم بزوجتك الحامل!
نظر كل من عمر و دفنة إلى نيهان.
-بالطبع سيهتم بها، إنها بروحين.
توركان التي كانت جالسة بجانب نيهان قالت و هي تنظر لعمر الذي يدلل زوجته.
ابتسم عمر ثم نظر إلى زوجته و إذ بها تنظر إليه مبتسمة.
-بالطبع سأفعل... فهي حبيبتي.
........................................................................
-سأسأل...
نظر الشاب ذو الشعر الأسود إلى الطرف المقابل له ليرى صديقه الذي بدأ بالتكلم و بعدها أدرك أن هذا السؤال موجهاً له و ليس لأي شخص جالس بجانبه.
-اسأل.
ابتلع سنان ريقه ثم تابع النظر إلى صديقه.
-احكي لي شعورك... الشعور حين تصبح أباً... أو يعني تنتظر مولوداً!
حدق عمر بصديقه للحظات و من ثم بدأ يفكر في جواب له.
عمر لم يكن سعيداً جداً لسماعه سؤال كهذا لأنه حين يفكر في هذا الشيء يشعر و كأنه شعور لا يستطيع وصفه. إنه شعور رائع بالطبع و سعيد جداً فوق الوصف و لكن مهما كان الوضع لا يستطيع قوله.
حرك عمر رأسه إلى سردار الذي كان يبادله النظرات و كأنه يطلب المساعدة في وصف ذلك الشعور الذي لا يعرف كيف يقوله بما أنه قد شعر به مسبقاً.
-أنا حقاً لا أعرف... يعني... سعيد بالطبع و لكن...
رأى كل منهم منظره الغريب و المتردد و أرادوا أن يهدأو منه و لكن كوراي صاحب الضحكة الغريبة تدخل.
-أي عمووش... حالتك سيئة جداً. يبدو أنك لن تستطيع تربية الطفل. سأعتني به بدلاً منة!
ضحك كوراي و هو متأملاً في أن يصبح هذا الطفل الصغير له و يأخذه معه في كل مكان يذهب إليه. و يعطيه اسماً كما أعطى واحداً لإيسو الصغير.
و لكن انكمش كوراي عندما رأى تلك النظرة الحادة من عمر على قوله أنه سيهتم بطفله بدلاً منه.
فبالرغم من عدم مجيء ذلك الطفل إلى الدنيا، أحبه عمر أكثر من أي شيء في الدنيا و سيفعل له المستحيل إذا تطلب الأمر.
-يعني ما تقوله عمر... لا تستطيع وصف إحساسك؟
تدخل الشاب إسماعيل في وسط الحديث و قرر مقاطعة تلك النظرات الحادة من عمر لكوراي الجالس غصباً معهم. انتبه الشاب لقول إيسو و نظر اليه ثم أومأ برأسه ببطء.
-لا تتردد يا بني من هذا!
سمع عمر قول سردار الذي تدخل في الحديث و حركوا رؤوسهم ناحيته.
ثم قرر نجمي عم عمر بالحديث و طمئنته.
-ستشعر بأنك سعيد جداً لهذا و ستشعر أنك تمتلك كل الدنيا و مع هذا لن تكفي تلك الكلمات في وصف ذلك الشعور يا بني.
-تقول ما يشعر به عمر طبيعي؟
-بالطبع... أن ترزق بطفل صغير يناديك بأبي أجمل الأشياء التي قد تحدث لشخص ما في حياته فبالطبع سيكون عدم قدرته على الاستيعاب و الوصف ظاهرة في الوسط.
ابتسم عمر عندما بدأ عقله يرى خيالات أحلامه الذي بدأ يحلم بها في نومه عن حمله لطفله أو حمل دفنة لطفله و كم كان جميلاً صغيراً و رقيقاً جداً.
-و لكن أتعلمون...
انتبه الجميع لما يتفوه به سنان و نظروا له و هو يضحك و ينظر لعمر.
-هذه أول مرة أرى فيها عمر بهذا التوتر.
-بالطبع كل منا له لحظات كهذه في حياتنا...
-حتى شلال الجليد قد يحدث له هكذا أحياناً.
.........................................................................
جلست المرأة أمام مرآتها و بدأت تمحو أثر المكياج من على وجهها بمناديل مخصصة لهذا. لقد كانت دفنة متعبة جداً من يوم طويل و متعب مثل هذا اليوم و كانت تفكر أن تأخذ راحة في البيت لشهور بسببه.
فعند جلوسها هكذا أخذت تفكر فيما حدث اليوم و كيف كانت مشاعرها تتغير في الدقيقة آلاف المرات و استصعبت ذلك عند تفكيرها بأن هذا سيلازمها طوال أشهر حملها بطفلها. و بدأت بسؤال نفسها هل سيتحملها عمر بهذا الشكل أم سيسأم منها و يتركها؟
قاطع عمر تفكيرها و جاء إلى الغرفة متحدثاً.
-حبيبتي.
نادى عمر عليها عندما رآها جالسة تمسح مكياجها التي قد وضعته مسبقاً ثم سار إليها و أمسك بوجهها من الخلف.
-كم تعبتي اليوم، هل تشعرين بأي ألم؟
رفعت دفنة رأسها إلى أعلى لتستقبل قبلة على جبهتها.
-كتفاي يؤلمانني قليلاً لا أكثر..
أنزل عمر يديه من على وجهها إلى كتفيها و من ثم بدأ بتدليكهما برقة لإشعارها بالراحة.
-هل هذا أفضل؟
أومأت دفنة برأسها ببطء و هي تشعر بتحسن شديد بسبب لمساته الساحرة هذه.
-نعم... كثيراً.
صمت الاثنان و قام عمر بتأدية واجبه على أكمل وجه و أخذت دفنة تستمتع بذلك.
-جلست في الحديقة و تركتني لتأكل كل من جدتي و نيهان و ناريمان هانم رأسي للاهتمام بنفسي من أجل طفلنا.
ابتسم عمر على ذكرى الحديث الذي تكلمه مع الشباب و عمه.
-كنتي تأتي أنت أيضاً لتسمعي كوراي الثرثار فقد حول مجرى الحديث له في دقيقتين.
ضحكت ذات الشعر الأحمر.
-لا هذا أفضل بكثير.
-لا تعترضي إذاً!
صمتت دفنة لثواني و قررت أن تكون فضولية في هذه اللحظة.
-بماذا تحدثتم إذاً؟
-عن أشياء عدة.
-مثل ماذا؟
-يعني... حديث رجال.
التفتت دفنة برأسها لتنظر إليه من أسفل.
-حديث رجال... بماذا يتحدثون الرجال عندما يكونوا سوياً؟
قالت هذا السؤال في هدوء تام و فضول لمعرفة ماذا قالوا و عندما رأى عمر هدوئها جائته فكرة لإغاظتها و اللعب معها قليلاً.
-بماذا يتحدث الرجال يا ترى؟ هل يتحدثون عن النساء؟
عقدت دفنة كلا حاجبيها و نهضت مسرعة من مكانها لتقف و تنظر إلى عمر عن قرب.
-هل يتحدثون عن النساء حقاً؟... هل فعلتم هذا حقاً؟
ابتسم عمر و أخذ وجهها بين يديه.
-حبيبتي الغيورة.
ابتسمت دفنة لما ويقوله و نظرت إلى المرآة مرة أخرى لتنهي ما كانت تفعله و لكن هذا لم يغير فضولها في معرفة الشيء الذي كان يتحدثون عنه.
-و لكن هذا لم يلغي فضولي.
ابتسم عمر و أدرك فضولها هذا و من ثم احتضنها من الخلف ووضع يداه على بطنها و تنهد بحرية.
-كنا نتكلم... عن طفلنا الصغير الجميل الذي يكبر بداخلك.
شعرت البرتقالية بالدفئ في كلامه و ابتسمت دون أن تشعر ثم رفعت كلا يديها للإمساك بيديه.
-حبي...
أمسك عمر يداها بشدة و تنهد ليطبع قبلة على رقبتها.
-ذلك الشعور الذي يصفوه بالأبوة... يكبر بداخلي يوماً بعد يوم.
استمعت الفتاة جيداً لحديثه و هي تشعر بالطمئنينة و الدفئ في كلامه.
-الإحساس المترقب بالحب و اللمس و الخوف و الإحتضان و الرعاية و شم الرائحة... هذه المشاعر و الأشياء المترقبة أنتظرها كلها بفارغ الصبر.
حركت دفنة رأسها لتنظر إليه ثم وضعت هي قبلة على خده ثم عادت بوجهها لتنظر إلى عينيه السوداوتين.
-ستكون أباً رائعاً عمر!

Cinderella And Her Prince Where stories live. Discover now