٢٢-مفاجأة!

1.3K 41 10
                                    

تنهد عمر و بدأ يتصفح وجهه الوسيم ليرى إن كان هناك المزيد من قطرات الماء التي مازالت على وجهه أم لا يوجد أي قطرات بعد استحمامه بحمامٍ دافئ بسبب تعرقه الشديد من قيامه برياضته المعتادة في الصباح الباكر. و بعد تأكده أن وجهه أصبح جافاً تماماً قرر المشي إلى خارج الغرفة ليبحث عن رأس حمراء في الأرجاء لمعرفته أنها كالزئبق تغير أماكن جلوسها و مكوثها في الدقيقة عدة مرات فتفاجأ بوجودها في الغرفة القريبة من غرفتهما و هي نفس الغرفة التي كانت فيها مسبقاً فتعجب لوهلة ثم قرر الدخول إلى الغرفة ليرى ما تفعله.
كانت ذات الشعر الأحمر الطويل و الجميل الذي لا يُمَل منه و العينان البنيتان كلون الشكولاته ترتدي فستاناً قصيراً أبيض اللون يظهر جمال الحمل عليها و كانت تجلس أرضاً على ركبتيها و حولها العديد من الكتب التي أحاطتها كالدائرة. و كانت كلتا يديها مرفوعتان عن جانبيها واحدة من منهما أعلى بطنها و الأخرى أسفل بطنها و عينيها البنيتان مغلقتان تظهران جمال رموشها الطويلة.

 و كانت كلتا يديها مرفوعتان عن جانبيها واحدة من منهما أعلى بطنها و الأخرى أسفل بطنها و عينيها البنيتان مغلقتان تظهران جمال رموشها الطويلة

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

نظر عمر عليها ليجدها ساكنة لا تتحرك و ظل هذا السكون لثواني عدة و هذا ما سبب له القلق. فلماذا لا تتحرك؟ هل هي بخير؟ هل تشعر بألم؟ أم أنها نامت و هي جالسة؟
لم يملك عمر الوقت للتفكير بمنطقية لعدم قدرته على التفكير بشكل سليم لقلقه الزائد على زوجته بعد الحمل، فَهَمَ الزوج للاطمئنان على حبيبته و شريكة عمره فاقترب منها و بدأ يبعد الكتب التي استقرت أمامها ثم جلس القرفصاء و أخذ يتصفح وجهها الجميل قبل أن يفعل أي شيء.
فتحت البرتقالية عينيها شيئاً فشيئا للنظر أمامها لتقابل عينيها مع عينيه السوداوتين التي تعشقها فبدلاً من ارتعابها من وجوده المفاجئ أمامها ارتسمت البسمة على وجهها.
-حبيبي...
أمسك عمر يدها و ضغط عليها و نظر إلى عينيها بخوف و رهبة.
-حبيبتي، هل أنت بخير؟
أرجعت دفنة نفسها إلى الوراء قليلاً و فتحت عينيها بالكامل هذه المرة و أخذت تحدق عليه.
-أنا بخير...
دخل صوتها العذب إلى أذنه و أراح قلبه فابتسم.
-جيد... سكونك هذا أرعبني للحظة..
ابتسمت ذات الشعر الأحمر فرغم أنها لم تكن تريد أن تجعله يقلق عليها كان قلقه عليها و لهفته لرؤيتها له طعم آخر و قبل أن تقول شيئاً حيال ذلك أنزل الرجل رأسه لينظر أرضاً ليلتقط ناظره الكتب التي التفت حولها.
-إذاً، لماذا... كل هذا؟
أخذت دفنة نفساً طويلاً و ظلت ابتسامتها تشرق وجهها الأبيض الجميل.
-كنت أحكي لإمينة بعض القصص...
أومأ عمر برأسه لاستيعابه ما قالت ثم امتدت يده لتربت على بطنها و الابتسامة تملأ وجهه.
-روحي.. صباح الخير.
التفت عمر مرة أخرى للغرفة ثم عاد بناظره إلى الفتاة.
-أراك تدخلين هذه الغرفة كثيراً... ماذا هناك؟
تنهدت دفنة و رفعت رأسها لتنظر له و بعدها نظرت إلى الغرفة الفارغة.
-أفكر... يعني بعد أن توافقني الرأي...
-ماذا؟
ترقب عمر فكرتها بصبر و هي تنظر إلى الغرفة و زواياها.
-أفكر في أن نجعل هذه الغرفة لإمينة، نشتري سرير و نضعه هنا... و خزانة هنا. و ننثر لها ألعاب في الغرفة كلها تلعب بها... و عندما تدخل المدرسة، نضع لها مكتب صغير هنا لتدرس عليه!
كان قلب الفتاة يضق كالمجنون لحماسها و شدة لهفتها للقيام بشيء كهذا و ملئ الغرفة بأشياء ابنتهما الخاصة التي لم تولد بعد.
كانت دفنة تؤشر بيدها على كل مكان فكرت في أن تضع الأشياء فيه و بابتسامة تنير وجهها بالطبع ولكن ما لم تكن تعرفه أن عمر كان ينظر لها و يراقب حركة إصبعها و يراقب تلك الابتسامة التي أدفأت قلبه و جعلته مغرماً بها أكثر فرؤيتها فرحة و سعيدة و متحمسة بهذا الشكل جعله يطمح أن يسعدها و يفرحها أكثر فأتت فكرة إلى عقله من دون إنذار و أحب تلك الفكرة كثيراً و قرر القيام بها.
و عندما عادت البرتقالية بنظرها إليه تساءلت عن سبب نظرته و ابتسامته تلك و أراد هو أن يغير الموضوع كي لا تمسك به و تعرف ما يفكر فيه.
-ماذا هناك؟
-لا، لا يوجد شيء...
صمت عمر قليلاً من ثم نظر حوله في الغرفة و أصبح يتخيل نفس المنظر التي تخيلته الفتاة مسبقاً و ابتسم لدفئ و جمال الفكرة.
-نفعل هذا... إنه شيء رائع!
-أليس كذلك؟
فرحت ذات الشعر الأحمر لسماع كلام عمر و أنه وافقها على رأيها ثم قررت أن تنهض من مكانها التي كانت تجلس فيه. فكانت تحاول النهوض و لكن لم تعرف كيف تفعل هذا لأنها مهما حاولت لم تستطع رفع جسدها عن الأرض بسبب ثقل جسدها بما أن بطنها كانت كبيرة الآن و أخذت ابنتها حيزاً كبيراً من جسدها فهذا أثقلها و جعلها لا تستطيع أن تنهض.
لاحظ عمر ارتباكها و محاولة ضبط نفسها كي تنهض بشكل سليم و لكنها لم تعرف كيف تفعل فضحك عليها فلاحظت دفنة ضحكه على ما كانت تفعله فنظرت له بحدة.
-لا تضحك!
-حسناً، حسناً لا أضحك... هاتي يديك لأسعادك.
استندت دفنة على ساعدي عمر و أخذت تتحامل على قدميها شيئاً فشيئا إلى أن نجحت أخيراً بالوقوف.
-أوه، لقد نجحت أخيراً!
ضحك عمر عليها مجدداً و اقترب ليضع قبلة على وجنتها ثم فتح فمه ليقول شيئاً.
-أحسنت!
ضحكت دفنة و من ثم التفت يد عمر حول عنقها ليستند بساعده على كتفها و بدآ يمشيان إلى خارج الغرفة سوياً.
....................................................................................
حدق الرجل على الحاسوب الذي أمامه و أخذ يضغط على الفأرة بيده اليمنى فكان في قمة تركيزه لشيء داخل الحاسوب و هذا الشيء شده لدرجة أنه لم يركز على أي شيء خارج الغرفة التي كان يعمل بها. و هو في قمة تركيزه، لم يلحظ دخول صديقه المقرب الذي كان يتأفف من شيءٍ ما و حين انتبه عمر لوجوده في المكان لم يهتم لهذا الشيء الذي كان يتأفف منه.
-أف! لقد تعبت من كوراي حقاً، هو لا يتركني و شأني!
كان سنان يعرف عمر جيداً و يعرف أنه لا يستطيع أن يبقى مع كوراي في نفس الغرفة لأنه بالكاد سيصاب بالصداع لهذا كان دائماً يحاول الهرب من كوراي و حين تأتي سيرته، كان ينتقده دائماً بشكل سلبي و لكن اليوم لم يفعل فكان يعمل على الحاسوب عن غير عادته و هذا العمل يبدو أنه كان مهماً جداً لأنه لم يرفع رأسه عن الشاشة حتى.
-عمر...
نادى سنان على عمر بعد ما أثار فضوله لمعرفة ماذا يفعل على الحاسوب فلم يرد الرجل عليه بسبب انشغاله للبحث عن شيء ما.
-ماذا تفعل؟
-أشتري شيء ما.
كان عمر يحدق على الحاسوب و لم يرفع رأسه حتى ليجاوب.
-أنت؟ تشتري شيء ما؟ هل أنت حقاً تفعل هذا؟
انتاب عمر الفضول لمعرفة ما قصده الرجل بكلامه فرفع رأسه متعجباً مما يقوله الرجل و تساءل حول ردة الفعل تلك.
-ماذا تقصد بهذا الكلام الآن؟
-يعني أنت دائماً تجعل أخي شكري يفعل كل شيء حتى بيتك الذي تعيش فيه هو الذي قام بإيجاده!
استوعب شاه السمر تلك الإجابة و لم يستطيع إنكار ما يقوله صديقه و حدق على صديقه للحظات ثم عاد بناظره إلى الجهاز مجدداً و قرر إجابة فضوله.
-هذا مختلف.. إنه شيء... مميز نوعاً ما.
ما سمعه سنان لم يلغي فضوله و انتابه فضولاً أكثر لمعرفة ما كان يشتريه صديقه و بسرعة تحرك إلى جانبه و أخذ ينظر على ما كان يفعله فلاحظ وجود صور أثاث.
-ما هذا؟ هل تفكر في تغيير أثاث المنزل؟
نظر عمر إلى سنان الذي لم يستدرك الموضوع بعد فبرغم أن الصور كانت شديدة الوضوح لم يدرك هذا.
قرر عمر عدم الرد و ترك صاحب الشعر البني استدراك الموضوع بنفسه.
و بعدها أدرك سنان أن هذا ليس أثاث للمنزل بل هو في الحقيقة أثاث غرفة طفل صغير. ففهم الآن أن عمر كان يتجهز ليستقبل مولودته الصغيرة فنظر للصورة بشغف و لهفة و ابتلع لعابه ثم نادى الرجل باسمه.
-عمر...
تأفف عمر من كثرة مقاطعة سنان لعمله و ترك الحاسوب لينظر إلى الرجل الواقف بجانبه حيث التفت بالكرسي له لكي ينهي كلامه و بعدها يطرده من الغرفة.
-... أنت ستصبح أباً الآن حقاً!
عقد شاه السمر حاجبيه لغرابة ما يسمعه فسنان لم يأتي بالجديد ليخبره به.
-... أنت حقاً تتجهز لهذا!!
ظل عمر محدقاً على صديقه لثواني عدة و لم يعرف كيف يجب أن تكون ردة فعله حقاً و لكن بعدها، ضحك تلقائياً.
-شكراً لتذكيري أني سأصبح أباً سنان، حقاً!
تنهد سنان و حاول العودة إلى وعيه و من ثم حدق بالحاسوب مرة أخرى و خطر على عقله سؤالٍ ما و حاول الإمساك بعمر كي لا ينتقل إلى مزاج آخر و يتأفف لمقاطعته الدائمة له.
-و لكن...
انتبه عمر لكلام سنان مرة أخرى.
-... لماذا تجهز الغرفة الآن؟ لماذا لا تنتظر بعد ولادة إمينة؟
تنهد عمر و نظر إلى صديقه.
-أنا لم أفكر في هذا الشيء مسبقاً... دفنة هي من فكرت في ذلك.
صمت عمر لثوان و أخذ سنان ينتظره ليكمل كلامه.
-أعجبتني الفكرة، لهذا... قررت أن أقوم بتحضير مفاجأة لها.
....................................................................................
-يعني، أنتما حقاً ستتزوجان؟!
ابتسم الرجل و هو ينظر إلى صديقته الجالسة على الكرسي أمامه و في فمها حبة بذر تأكلها و عند سماعها الخبر توقفت عن أكل البذر فعلقت قشورها على شفتها السفلية.
و بدون أن يجاوب الرجل نظرت دات الشعر الأحمر إلى الأسفل و أخذت تفكر في هذا الخبر الذي سمعته لتوها.
-كيف لم ألحظ نظراتكما لبعض؟ كم أنا غبية؟!
تنهدت دفنة استسلاماً و أرجعت ظهرها إلى الخلف لتريح ظهرها.
-و لكن حقاً، تهاني! فرحت كثيراً لأنك ستدخل القفص الذهبي يا أخي!
و بعدها نهضت لتقف مكانها و تحتضنه و تبارك له ثم احتضنت خطيبته عائشة جول و أخذت تهنئهما مرة أخرى فبعد تهنئتها لصديقها إيسو هو و خطيبته عائشة جول جلست مرة أخرى و أخذت تفكر في الموضوع و كيف لم تكن تدرك ما يحدث من حولها أبداً.
-كنت دائماً هكذا ديفونزو، ما الجديد في ذلك؟
بدأت نيهان بتناول البذر و النظر إلى صديقتها التي كانت غارقة في التفكير.
-و لكن... تخيلوا... إيسو سيرتبط أخيراً. إنه يتزوج بالفعل!
نيهان نظرت إلى أصدقائها و زوجها بحماس و أخذت تتذكر كيف كان حال إسماعيل الذي عانى الكثير من آلام الحب لعدم قدرته على الحصول على ما يريده و أخيراً هو الآن قد حصل على ما يريد و سيرتبط أخيراً بالفتاة التي يحبها و يتزوجها.
-أي روحي إيسو... ستتزوج أخيراً!
ابتسمت دفنة بعد ما أخرجتها صاحبة الشعر البني من عالمها غصباً و أخذت تنظر إلى صديقها.
-ليتزوج... يكفي إلى هذا الحد يعني!
سردار صاحب الشعر الأسود توقف عن أكل البذر و قال.
-شكراً لتشجيعكم الذي جعلني أشعر أني قد أصبحت عجوزاً!
ضحك الرجل على أصدقائه و أخذوا يتكلمون عن عدة أشياء عدة و يغتابون الناس كالعادة و يخبرون ديفو بأخبار الحي التي فاتتها.
-لكن دفنة، هناك شيء...
انتبهت دفنة إلى كلام نيهان و حركت رأسها لتنظر إليها.
-همم؟
-أنت تركت عمر و أتيت؟
لم ترد دفنة قبل وضعها لبذرة في فمها و عندما فصفصتها و ابتلعت ما بداخلها بعد أكلها بالطبع قررت الإجابة.
-لقد قال بأني لابد و أني اشتقت لكم و أخبرني بأن أذهب و أجلس و أقضي الوقت معكم قليلاً...
نظر كل منهم بغرابة لأن معرفتهم لعمر، عرفوا طباعه و كيف كان أنانياً قليلاً فيما يتعلق بدفنته الخاصة فكيف يتركها أن تذهب هكذا بالساهل.
-غريب...
ضحكت دفنة لأنها بالكاد تعرف ما يفكرون به لأنها فكرت بنفس التفكير هذا.
-هو قال أن أصدقائي لهم حق مشاركته إياي.
..................................................................................
-Canım...
التف ذراعي الفتاة ذات الشعر الأحمر حوله عنق رجلها و حبيبها و كل شيء بحياتها و احتضنته بشدة لشدة اشتياقها له و ظلا هكذا لبضع ثوانٍ و بعدها ابتعدت لتضع كلتا يديه على صدره و تنظر إلى داخل عينيه و الابتسامة لا تفارق وجهها.
-Seni çok özledim, Defne!
قال الرجل و هو يمسك بخصر زوجته و ينظر إلى داخل عينيها الجميلتين.
-Ben de, canım!
عندما نظرت الفتاة على عينيه مرة أخرى لاحظت أنه كان ينظر على شيء آخر و هذا الشيء كانت بطنها، طفلتها الصغيرة التي لم تولد بعد.
-كيف حالك إمينتي؟ هل استمتعتي مع إيسو و الآخرين؟
ابتسمت ذات الشعر الأحمر للطافة عمر و قررت إجابة السؤال بدلاً من ابنتها.
-أه و الله يبدو أنها استمتعت كثيراً فأخذت تركل بطني مراراً و تكراراً حين كانوا يتكلمون معها بشيء ما!
ابتسم عمر ثم رفع رأسه و عاد بناظره إلى دفنته و لاحظ أنها كانت ستتلكم فترك لها الفرصة لفعل ذلك.
-قال إيسو أنه سيتزوج أخيراً و تخيل من من سيتزوج... عائشة جول.
قالت الفتاة و لازالت مندهشة من ذلك الخبر السعيد و لكن لم يبدي عمر أي رد فعل.
-إذاً اسمها هو عائشة جول...
قال عمر و هو مبتسم فسألته عن سبب ملامحه تلك.
-لما لا تبدو مندهشاً مثل؟
-كنت أعرف..
عقدت ذات الشعر الأحمر حاجبيها و أخذت تتأفف بسبب بطء استيعابها.
-كلكم كنتم تعرفون و أنا لم أفعل!!
ضحك عمر على رد فعل الفتاة فمسحت على وجهها.
-على أي حال، قل لي الآن ماذا فعلت في غيابي؟
-قبل أن أقول لك هذا، دعيني أريك شيئاً أولاً..
أمسك صاحب الشعر الأسود بيدي زوجته و ابتسم و عقدت دفنة كلا حاجبيها اندهاشاً مما يقوله.
-ماذا تريد ان تريني؟
تساءلت الفتاة من فضولها فابتسم عمر و قرر عدم إخبارها.
-Surpriz!
لابد أنها كانت تتوقع شيئاً كهذا فهو لا يخبرها بأي شيء و يقوم بمفاجآت كثيرة من أجلها.
-لقد كثرت مفاجآتك عمر، سيغمى علي من كثرتها!
ابتسم الرجل و اقترب ليقبل وجنتها ثم ابتعد لينظر إلى داخل عينيها.
-لا يغمي عليك فانا أحتاجك!
ترك عمر يديها الاثنتين و خطى بعض الخطوات لكي يأخذ شريطة بيضاء طويلة نوعاً ما من على المنضدة.
-أغمضي عينيك لكي أربط عليها هذا...
عقدت الفتاة حاجبيها مرة أخرى بسبب تصرفاته و طلباته الغريبة.
-أنت جاد؟!
-نعم، في غاية الجدية دفنة!
تنهدت البرتقالية في استسلام لعدم قدرتها على استيعاب ما يفعله و لكن وثقت فيه و قررت الاستماع لكلامه فالتفتت لتتركه يربط الشريط على عينيها و انتظرت لترى تلك المفاجأة التي قام بها عمر من أجلها بفارغ الصبر و قلب يضق كالمجنون و حماس زائد.
بعد ربط ذلك الشريط الأبيض، أنزل كلتا يديه ليمسك بذراعيها العلويتين و أخذ يساعدها على المشي.
-انتبهي لخطواتك!
كانت الفتاة تمشي بعد سماع إرشادات زوجها و سعدت لانتباهه لخطواتها كي لا تصتدم بشيء ما عند مشيها في الطريق و لكن أرادت أن تجرب حظها معه ليخبرها إلى أين هما ذاهبان.
-أخبرني أين أنا ذاهبة كي لا أتسرع و أصدم شيئاً.
ضحك عمر على قولها و رد عليها.
-أنت تريدين أن تخمني المفاجأة أليس كذلك؟
صمتت دفنة لثواني ثم قررت الرد ضاحكة.
-أنت تقرأني...
-تصحيح... أنا أعرفك.
ضحكت على ما قاله مجدداً و أخذت تمشي اتباعاً لتعليماته.
-انتبهي للسلم!
-هل سنصعد السلم أيضاً؟!
أحس عمر بالعجز لطول السلم و لعدم قدرتة على إعطائها التعليمات للمشي فلاحظت دفنة توقفه فحركت رأسها يميناً و يساراً لعدم معرفتها ما يحدث و عدم قدرتها على توقع أي شيء.
-عمر... ماذا يحـ-
لم تكمل الفتاة جملتها حتى شعرت بيد على فخذيها و أخرى على ظهرها و بدون استطاعتها على ابداء أي رد فعل، فجأة شعرت بارتفاع رجليها عن الأرض لتكتشف أن عمر كان يحملها و بدأ بالصعود على السلم.
-ماذا تفعل حبي؟! إنني ثقيلة الوزن الآن اتركني كي لا تتعب يديك!!
قالت ذات الشعر الأحمر و هي تحاول أن تحرك كلا ساقيها لتنزل إلى الأسفل و لكن تشبثت يدا الرجل بها كي لا يتركها تهرب. دفنة التي كانت مثل الريشة الخفيفة مسبقاً زادت في الوزن بعد حملها لطفلتها الصغيرة بالطبع و لكن هذا لم يشكل فارقاً لعمر الذي كانت العضلات تكسو جسده و يستطيع حملها مهما كان وزنها.
-أنت مثل خف الريشة دفنة.
ضحك عمر و أخذ يصعد السلم سلمة سلمة ببطء حتى لا يؤذيها بصعوده.
-لا تقل هذا، أنا أعرف أني أثقل في الوزن و لكن أنت تحب أن تحملني ماذا نفعل...؟
قال الفتاة و هي في حضنه حيث لفت ذراعيها حول عنقه و حاولت بشتى الطرق أن تخفف عليه الوزن و لكنها لم تستطع بأي شكل من الأشكال.
-نعم، أحب... فأنتي حبيبتي!
قال عمر ثم بعدها صمتا إلى أن وصلا إلى نهاية الدرج الطويل و بعدها وضعها أرضاً.
-أنت مجنون! لما تفعل هذا؟ هل ذراعيك على ما يرام؟
سألت دفنة هذان السؤالان و بدأت تحرك يديها بطريقة عشوائية و أخذت تحاول الوصول إلى ذراعيه و هي مغطاة العيون.
-أنا بخير دفنة... لا تقلقي!
أمسك عمر بساعديها ليهدأها فصمتت دفنة لثواني و عندما تأكدت أنه بخير و أنه يستطيع تحريك يديه عاودت التفكير في تلك المفاجأة التي لم ترها بعد و قامت بسؤاله شيئاً و هي تضحك.
-إذاً لقد وصلنا إلى الطابق الثاني... ماذا سنفعل الآن؟ هل ستحملني إلى السماء.
-تعالي تعالي... أمسك عمر بيد من يديها و أخذ يمشي ناحية أقرب الغرف إلى غرفتهما.
و عند فتحه للباب سحب زوجته إلى داخل الغرفة ببطء و أوقفها في منتصف الغرفة ثم انتزع العصابة التي كانت على عينيها، ثم أخذت دفنة تنظر إلى ما أمامها تحاول استيعاب ماذا يحدث حولها. ففتحت عينيها باتساع لتفاجؤها بأشياء تراها لأول مرة.
هل هذا المكان في بيتهما حقاً؟ نظرت دفنة إلى ما خارج الباب لتلحظ أنها أقرب الغرف لغرفتهما و هي نفس ذات الغرفة التي كانت تقضي الوقت و تقرأ لإمينة القصص و تتكلم معها عن أشياء عدة فيها. و لكن بالكاد لاحظت تغير العديد من الأشياء فيها، بل تغيرها كلياً في الحقيقة.
نعم، أصبحت غرفة نوم حقاً الآن.

ابتسمت دفنة لجمال الغرفة التي كانت فيها و كيف كانت كما تخيلتها حتى اختيار لعمر اللون الوردي بنفس تفكيرها برغم أنها لم تخبره شيئاً سوى أنها تريد وضع الأثاث في المكان لا غير

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

ابتسمت دفنة لجمال الغرفة التي كانت فيها و كيف كانت كما تخيلتها حتى اختيار لعمر اللون الوردي بنفس تفكيرها برغم أنها لم تخبره شيئاً سوى أنها تريد وضع الأثاث في المكان لا غير. وجود السرير و الخزانك و المكتبة و الرفوف و الكرسي كان مثل ما أخبرت عمر بالضبط. كيف هو هذا الرجل؟ كيف يفعل هذا؟ كيف يستطيع أن يسعدها بأي شيء في الدنيا بهذه البساطة؟!
-عمر... ما هذا؟
بعد ما تصفحت الغرفة شبراً شبراً، حركت رأسها لتنظر لحبيبها فابتسمت من الأذن للأذن و حدقت بزوجها بعينين لامعتين من الفرح فابتسم الرجل لرؤية ملامح وجهها السعيدة و عرف أنها سعيدة لما فعله.
-لقد أردت مفاجأتك بها، أتمنى أن تكون كما تخيلتي..
لم تتغير ابتسامة ذات الشعر الأحمر من وجهها بل زادت اتساعاً و من ثم أخذت بضع الخطوات لتذهب للسينيور و تلف يديها حول ظهره لتعانقه فابتسم عمر و عانقها هو الآخر و طبع قبلة على كتفها الأيمن و تنهد براحة.
-أنت مجنون، إنها رائعة... أكثر من رائعة!
-أنا سعيد لأنها لأعجبتك..
احتضن الرجل فتاته و أخذ يحرك يده و أصابعه داخل شعرها و خصلات شعر دفنة و بعدها أخذ ينظر إلى الغرفة من حوله مفتخر و سعيد بما فعله و بعد هذه اللحظة ابتعدت الفتاة عنه و أخذت تنظر إلى كل شيء في الغرفة. السرير، الخزانة حتى المكتبة الموضوعة و كانت سعيدة جداً لرؤيتها و تمنت لحظتها أن ترى ابنتها ما تراه فهي الآن آملة أن تعجبها هذه الغرفة حين تأتي إلى هذه الدنيا كما أحبتها هي بشدة.
عند رؤيتها مشغولة بالنظر و تصفح المكان، أخذ عمر الفرصة ليخرج من الغرفة ليبحث عن شيئاً و عند عودته مرة أخرى كان يحمل في يديه شيئين.
قاطع عمر نظرات فتاته و شغفها و حبها للغرفة و التقط انتباهها له.
-حبيبتي...
نظرت إلى الرجل الذي أخذها من عالمها لتتفاجأ بالشيئين الذي حملهما في يديه الاثنتين.
-يبدو أنه قد حان الوقت لنضع الحذاء و الجورب في الغرفة... أين تريدينا أن نضعهما؟
ابتسمت البرتقالية و أخذت الحذاء الوردي في اللون الذي صنعه عمر بيديه و أخذت تلامسه بإبهامها.
-أين نضعه؟
سألت الفتاة ثم بدأت تنظر حولها على مكان لتضع الحذاء و الجورب فيه و عينها سقطت على الرفوف الموجودة بجانب الخزانة فابتسمت و اتجهت إلى هناك.
حاولت ذات الشعر الأحمر رفع نفسها على أطراف قدميها ثم وضعت الحذاء في رف من الأرفف الموجودة أعلى ثم عادت إلى عمر الذي كان مازال واقفاً أمامه و ينظر لها فنظرت إليه بابتسامة دافئة.
-لنضعها هنا... نضعها هنا دائماً حتى بعد أن تكبر إمينة، تمام؟
-لماذا؟
مشى عمر تلك الخطوات التي تبعد بينهما ووضع الجورب الذي صنعته زوجته بجانب الحذاء الذي صنعه هو و بعدها عاد بناظره إلى زوجته ليرى ابتسامتها الخفيفة الدافئة.
-لأن هذا الحذاء و هذا الجورب... دليل على حبنا لإمينة و لهفتنا لرؤيتها!

Cinderella And Her Prince حيث تعيش القصص. اكتشف الآن