الذكريات

77 2 0
                                    

أقترب من البناية و أشعر بحلم اللقاء الذي كنت أتمناه كثيرا .. كنت أتخيل دائماً أنك ستأتي لتبحث عني و تقول لي بابتسامتك المعهودة .. أين وتيني ؟ ... لا أعلم تفاصيل وجهك عندما نضجت و لكنني أعلم جميع تفاصيلك الاخري .. تبتسم دائماً تري أن الكون جميل لأنني فيه .. الان أنا أمام البناية و في تلك الساعة المتأخرة قد أتممت الخامسة والعشرين عاماً و أنا أتممت العشرين منذ يومان ..و لكن لا أعرف أن احتفل بهدوء فهناك الكثير من الضوضاء و الاصوات العالية لشباب لا أعرفهم .. و لكن شئ غريب يجعلني أنظر لشاب يقف مبتسم و يتحدث معهم و هم ينصتوا له باهتمام مبالغ .. لا أعلم ماذا يقول و لكن تلك القشعريرة تزداد و أصبحت ارتجف بشدة و أنا بالفعل ظنوني تأكدت .. لم يتغير كثيراً نفس ابتسامته المعهودة و ملامحه و تفاصيله كل شئ كما هو كأنه مازال ذلك الطفل و لكن لم يتغير سوي سنه ...يا تري عن ماذا يتحدث و لماذا تلك اللمعة في عيناه و هو يتحدث .. هل سيعرفني ؟ .. أم أصبحت مجرد ماضي لا يتذكره .. لا أعلم و لكني سأنتظر قليلا ..

.....................................................................................................................

كنت دائماً اذهب الي تلك البناية و اتاملها و أتذكر وتيني .. التي فارقتني منذ فترة .. لا أعلم أين هي و لكني أعيش بذلك الامل و هو أمل اللقاء ... أنا يوسف .. أصبحت شاباً يُعتمد عليه في كل شئ .. و لكن رغم كل ذلك أشعر بالنقصان من دونها فهي كانت و مازالت طفلتي المدللة .. أُقنع نفسي دائماً أنها أحبت غيري .. و لكن ليس لدي المقدرة أن أشعر بالاكتمال بدونها ....

أقف مع أصدقائي و احكي لهم عن طفولتي حتي ظهرت فتاة أشعر أنني أعرفها .. تلك العيون الحزينة عند أول لقاء لنا .. هل هي فعلاً أم من كثرة حديثي عنها أصبحت أتخيلها .. سأذهب إليها ربما تكون حقيقة ..

- أنا ... أنا يوسف و أنتي ؟

نظرت له في هدوء لعله يتذكر دون أن أنطق اسمي ..

- وتين ... قوليلي إنك هي

ابتسمت له في بهجة .. لقد تذكر اسمي و ملامحي فحتماً لم ينساني يوماً

- كويس إنك افتكرت يا يوسف ..

لمعت عيناه في سعادة بالغة و صوته يتقطع من الفرحة

- وتيني ... انا ... أنا عمري ما نسيتك ... أنا دايمأً باجي هنا يمكن ألمحك بالصدفة بس مكنتيش بتيجي .. أنا مش مصدق إنك واقفة قدامي

فتحت حقيبتي و سحبت منها صورة لا تفارقني أبداً و أعطتها له

- كل سنة و أنت طيب يا يوسف

أخذ الصورة و هو يتأملها فهي الصورة الوحيدة التي تجمعنا معاً

- في الصورة ديه كنت أول مرة أقولك لقبي المفضل ليكي ... أنتي وتيني و مازلتي .. عمري ما نسيت لحظة ما بينا .. شكرا إنك رجعتي تاني .. أنا بجد خايف أكون بتخيل ..

- مش بتتخيل .. كنت بحلم باليوم ده و أهو أتحقق ... لازم أمشي حالا الوقت متأخر جدا .. أنا بس كنت جاية أحتفل بعيد ميلادك ..

كان ينظر لي بعيون حالمة .. عيناه تلمع أكثر من الماضي .. القشعريرة تزداد أكثر و أكثر ..

- هوصلك يلا

- لا أنا بيتي قريب من هنا هتمشي

- أنسي مش هسيبك أنا ما صدقت لمحتك بعيني

ابتسمت في هدوء دليلا علي الموافقة ..

- ممكن أسالك سؤال غريب شوية ؟

- اسأل

- عملتي ايه في السنين ديه كلها .. أكيد حبيتي و اتحبيتي صح ؟

- بص للصورة اللي في ايدك و أنت هتعرف الاجابة .. ده بيتي .. سلام


تفاصيل البدايةWhere stories live. Discover now