الفصل الثاني والعشرون

16.6K 370 6
                                    


أن تري الحب والعشق في عين من تحب أروع بكثير من أن تسمع منه كلمات الغزل
لن تكون أبداً بحاجة لكلمات عندما تلتقي عيناك بمن تحب
لأن الصمت في تلك الحالات أبلغ من الحديث
أن تسكن بين ذراعيه تشعر بالدفئ والأمان..تستمع لدقات قلبه التي تهدر بين اضلعه فتعلم أنه يعشقك بصدق
لن تحتاج سوي للسكون معه والهروب بعيداً عن الواقع
لقاء من تحب ورؤيته يبتسم لك تلك الإبتسامة العاشقة أروع من كل شئ ربما تمر به
...............................
خرج من المسجد بعدما أدي صلاتيّ العصر والمغرب وجلس يتحدث قليلاً مع هذا الرجل الكبير في عُمر والده تقريباً وإتفق معه أن يأتي كل يوم ليُقابله حتي يخبره عن الله هذا ما طلبه يوسف بالضبط بعدما هدأت نفسه قليلاً جملة واحدة (أرجوك عاوز أعرف ربنا أكتر وأتعلم عنه)
إستقل سيارته وهو يعرف وجهته تحديداً نعم هذا القرار لابد منه ويجب أن يفعله لا يستطيع الإنتظار أكثر....توقف أمام بيتها والإبتسامة الهادئة تداعب شفتيه وهو يقول في سره (لم أفعل هذا قط أن أقف أمام بيت فتاة عشقتها بكل جوارحي وأنا في الثلاثون من عمري!! )
أخذ نفساً عميقاً وهو يخرج هاتفه المحمول ليطمئن علي والده في المشفي جاءه الصوت المعتاد للممرضة ثُم قال
يوسف:لو سمحتي عاوز أكلم الأستاذ إبراهيم
الممرضة:أقوله مين حضرتك !!
يوسف(بهدوئه المعتاد):إبنه يوسف
كان إبراهيم كالعادة يقرأ في المصحف بينما أوقفته الممرضة الشابة قائلة
الممرضة:إبنك علي التليفون يا أستاذ إبراهيم هحطلك السماعة علشان تكلمه
أنهي الآية التي كان يقرآها بينما قلبه يدق بعنف وإرتعشت عضله خده بينما إغرورقت عيناه بالدموع وهو يومئ برأسه لتضع السماعة علي أذنه....جاءه صوت يوسف المبحوح
يوسف:إزيك يابابا وحشتني أوي
رد عليه بلهفة وقلبه مشتاق لرؤيته
إبراهيم:حبيبي يايوسف وإنت كمان وحشتني أوي أوي طمني عليك عامل إيه ؟
لأول مرة منذُ زمن طويل يشعر أنه بخير حقاً دون قيود وضع يديه تلقائياً يتلمس المصحف القابع بجانب صدره وإبتسم في حنان وهو يقول
يوسف:الحمد لله أنا كويس أوي يا بابا صدقني أنا بخير....قريب أوي هنرجع زي الأول بس إدعيلي أرجوك
أدمعت عينا إبراهيم هذه المرة كثيراً هو يقول
إبراهيم:بدعيلك علي طول ياحبيب قلبي ربنا يفك كربك ويهديلك الحال يابني ....(ثُم أطرق وهو يسأله بتوجس)...يوسف المصحف لسه معاك؟
ضحك هذه المرة كأن والده يقرأه فيعلم ما به قال بهدوء
يوسف:أيوة يابابا مبيفارقنيش لحظة لأن ربنا رحمته وسعت كل شئ مش كدا
زفر أنفاسه بإرتياح وهو يبتسم قائلاً
إبراهيم:الحمد لله والشكر لله...أيوة طبعا رحمته سبحانه وتعالي وسعت كل شئ
يوسف:حبيبي أنا مضطر أقفل دلوقتي وهكلمك تاني إن شاء الله...خد بالك من نفسك علشان خاطري ومتنساش دواك
إبراهيم:حاضر ياحبيبي وإنت كمان....لا إله إلا الله
يوسف:محمد رسول الله
أغلق الهاتف وهو يُعيد نظره للنافذة لماذا لا تفتحها حتي يطل وجهها الملائكي ويكتمل يومه ويستطيع النوم في هناء...لماذا لا تفتحها لتعيد له صفاء روحه بعينيها الصافيتين كصفاء السماء...لقد تأخرتِ حبيبتي ولكن لا مانع لدي في إنتظارك إلي آخر عمري فأنتِ وأنتِ فقط بر الأمان بالنسبة لي فساعديني للوصول إليكِ يا بر أماني....فجأة أطل وجهها الملائكي من النافذة مما جعل نبضات قلبه تتوقف عندما رآها ترتدي منامة قطنية باللون الوردي رافعة شعرها العسلي كما لون عينيها بالضبط وترتدي نظارة طبية وبيدها ورقة وقلم وتستند بجذعيها إلي النافذة تنظر للسماء وتبتسم وتبدأ بكتابة شئ ما
قبل هذا بساعات طويلة بعدما رحلت من المشفي هي ومازن كانت حالته النفسية قد تحسنت كثيراً ولكنه كان ينظر لها بريبة يريدها أن تتحدث تقول أي شئ ولكنها لم تنبت بحرف فقط (تصبح علي خير )
دلفت لغرفتها أدت فرضها وغيرت ملابسها ثُم إندست تحت الغطاء وإبتسامة عاشقة لا تفارق شفتيها بينما تتذكر نظرته وهو يخبرها بحبه بطريقته الخاصة فقط لها...غرقت في نوم عميق بينما هو لا يفارق أحلامها في صحوها أو منامها....في صباح اليوم التالي إستيقظت بعد نوم عميق لم تتذوقه منذُ زمن ثُم إغتسلت وأدت فرضها ثُم فتحت النافذة وهي تضع حجابها علّها تراه مرة آخري ولكنه لم يكن هناك...تُري أين هو !!
تنهدت بإحباط وهي تزيح الحجاب وتستعد لتناول الفطور ولكن أجفلها ظهور مازن أمام غرفتها بنية الدخول لها...حاولت أن تبتسم بهدوء وهي تقول
أسيل:أنا كنت جاية أفطر معاكم يدوب صليت
إبتسم هو الآخر ولكن بتوتر ملحوظ عليه ثُم
مازن:عارف بس كنت عاوز أتكلم معاكي شوية قبل ما ننزل تحت ممكن؟
ردت بحذر وهي تعود للغرفة
أسيل:أيوة طبعاً ممكن إتفضل
دلف مازن للغرفة وأغلق الباب ورائه ثُم جلس قبالتها علي الفراش وأخذ نفساً عميقاً
مازن:عارفة وإنتِ صغيرة مكنتيش بتخبي عليا حاجة خالص وماما دايماً كانت تضايق منك لأنك بتحكيلي علي كل صغيرة وكبيرة حتي لما كنتِ بتكلميني وأنا برا وتقوليلي ع المقالب اللي بتعمليها في كل بودي جارد بابا بيجيبوا ليكي (إبتسم بسخرية ثُم أكمل)..كنتي مجنونة متهورة بس عمري ما شفتك حزينة حتي لو خسرتي حاجة أو حاجة ضايقتك دايما تقولي الحمد لله خير وهتتعوض إن شاء الله....(وأكمل بهدوء شديد يحاول السيطرة علي أعصابه)...إنما اللي شايفها قدامي دلوقتي مستحيل تكون إنتِ..اللي قدامي مجرد شبح للبنت اللي دايماً متفائلة وبتضحك دايماً هادية مش بتتكلمي حتي لما بابا حاول يخرجك م اللي إنتي فيه رفضتي لما سألتك عن اللي حصل وليه بتحميه قلتي كلمة واحدة بجمود (أنقذ حياتي من الموت و الإغتصاب)..أسيل أرجوكِ أنا قلقان عليكي إنتِ أختي وحبيبتي وبنتي وإوعي تفتكري إن إهتمامي بنادين وخوفي عليها هيبعدني عنك...من فضلك إتكلمي فضفضي ليا وإحكيلي
كان جسدها يرتجف مع كل كلمة تخرج منه تتزايد دقات قلبها المتعانقة بصدرها وأغشت الدموع مقلتيها وهي تنظر له ثُم بصوت متحشرج ردت عليه
أسيل:أنا كنت قاعدة في عشة مع واحد غريب عني لمدة متقلش عن أسابيع وكنت لسة متهورة زي منا...حاولت أدخل جواه وأعرف إيه دوافعه للي بيعمله وليه بيقتل وليه يخطف ومع ذلك مقربش مني ولا لمس شعرة مني حماني حتي من نفسه وأنقذ حياتي من صاحبه...كان ممكن يخلص مني في أي لحظة لأنه مش خايف من الفيديو علي حسب ما فهمت ملوش سجلات في البوليس ومع ذلك معملش أي حاجة....عرفت ليه بقي بدافع عنه لأنه أنقذ حياتي من الموت و الإغتصاب وأنا أنقذته من الضياع وإديته فرصة يتوب
لم تستطع أن تكمل فإنفجرت في البكاء وظل جسدها يرتجف بشدة أخذها بين أحضانه يهدهدها كما كان يفعل معها وهي طفلة ربت علي شعرها وهو يقبل قمة رأسها ويقول بصوت مبحوح
مازن:حبيبتي سامحيني أوعدك مش هتكلم معاكي في الموضوع ده تاني بس بطلي عياط علشان خاطري ووريني إبتسامتك اللي وحشتني
هدأ جسدها قليلاً وإبتسمت له من بين دموعها وأنفها المحمر فإبتسم هو الآخر وهو يقبل جبهتها قائلاً بمرح
مازن:يلا بقي ياهانم إدخلي إغسلي وشك علشان ماما متقبضش عليا بتهمة عياط البرنسيسة أسيل
ضربته بدلال علي كتفه وهي تقوم قائلة
أسيل:اه برنسيسة فيه مانع يا دكتور
فرد ذراعيه بإستسلام وهو يبتسم
مازن:لا يافندم مفيش أي مانع...هستناكي تحت يابطة
تناولوا الفطور في جو هادئ نوعاً ما لا يخلو من المرح الذي إفتقدوه جميعاً...قررت أن تعيد كتابة مقالاتها ولكن ياسر إعترض وبشدة بينما مازن حاول تهدئته قائلاً
مازن:يا بابا ياحبيبي هي هتكتب مقالاتها علي النت هتعمل مدونة وتنزل عليها المقالات
قام ياسر من مكانه في حدة وهو يقول بحزم
ياسر:لا يعني لأ يا مازن خلاص أنا مش مستغني عنها تاني وبعدين إنت محسسني إنهم مش هيعرفوها من النت ما تتكلم كلام عاقل
حاولت سميحة تهدأته قائلة بتوتر
سميحة:طيب إهدي بس شوية يا ياسر الضغط هيعلي عليك
ولكنه لم يبالي بما تقول ثُم نظر لأسيل ووجهها المغرق بالدموع قائلاً بحزم
ياسر:أنا مش مستعد أخسرك يا أسيل وده آخر كلام عندي صحافة وكتابة يبقي تنسي المقالات السياسية النقدية غير كدا معنديش
ثُم ترك المائدة وتوجه لعمله قائلاً كلمة آخيرة
ياسر:أنا رايح الشغل وإحتمال أتأخر وإنت يا مازن حاول تشوف شقة كويسة تعملها عيادة بيتهيألي إنه خلاص لازم تبدأ شغلك
كان الجو مشحون بالتوتر بينما هي تبكي بشدة وهي تنظر لهم بألم..أخذتها سميحة بأحضانها وهي تقول بحنان
سميحة:ياحبيبتي إنتي عارفة بابا خايف عليكي هو بس يهدي ونحاول نقنعه بحل وسط مش كدا يا مازن !!
نظرت له تطلب منه الدعم بعينيها ولم يخذلها بل إبتسم مطمئناً إياها
مازن:أيوة طبعااً ومتخافيش ياحبيبتي هنقنعه إنك تعملي إسم مستعار ومفيش أي حاجة تعرف هويتك أنا هروح دلوقتي أدور علي شقة وهعدي عليه في الشغل أكلمه...يلا بقي يابطتي وريني الضحكة الحلوة
تهللت أساريرها وهي تقفز إليه تحتضنه وتقبله بحنان بينما هو يبتسم ويقول
مازن:يلا بقي هقوم أغير هدومي وأمشي.....
قبلها من قمة رأسها وقبل يد والدته ثُم رحل بينما سميحة أخبرتها أنها ستجلس في الحديقة تستمع بالهواء النقي وسألتها الإنضمام إليها وهي وافقت علي الفور
عندما حلّ المساء عاد مازن يحمل معه موافقة ياسر علي كتاباتها المقالات....قفزت إلي أحضانه تقبله ثُم أبيها الذي قبل قمة رأسها قائلاً بحنان
ياسر:علشان خاطرك بس أرجوكِ خدي بالك من نفسك ولازم إسمك يكون مستعار ولو حسيتي بأي خطر تبطلي كتابة ممكن؟
أومأت برأسها بحب ثُم توجهت لمازن بسؤال
أسيل:ها ياحبيبي لقيت حاجة تقدر تعملها عيادة؟
جلس علي المقعد بإرهاق وهو يقول
مازن:بدور والله ياأسيل بس واحد صاحبي كلمني وقالي علي شقة كويسة هروح أشوفها بكرا إدعيلي
أسيل:يارب ياحبيبي يكرمك يارب....طيب هقوم أنا أصلي عاوزة أبدأ كتابة شوية وأنام
قبلتها سميحة من وجنتيها
سميحة:روحي ياحبيبتي ربنا يوفقك ويحفظك من كل سوء
قاطعهم مازن وهو يتأبط ذراع أسيل قائلاً
مازن:خديني معاكي يا بطة أنا عاوز أنااااااااااااام
ضحك الجميع بينما يأخذ ياسر سميحة من كفيها قائلاً
ياسر:وأنا كمان هاخد عروستي وأنام
ذهب كلُ إلي غرفته بينما هي إرتدت منامتها القطنية ورفعت شعرها لأعلي بدبوس تاركة العنان لبعض الخصل تلتف حول وجهها وأمسكت ورقة وقلم ثُم فتحت النافذة ونظرت للسماء بإبتسامة صافية مُحدثة نفسها
(إشتقت لك كثيراً...أريد أن أراك...ُأُمني نفسي برؤياك)
أجفلت لوهلة حتي كاد قلبها أن يخرج من صدرها من كثرة نبضاته التي تكاد تسمعها عندما رأته بنفس الهيئة ونفس الإبتسامة التي تدمر كل ذرة سيطرة لديها...تعالت أنفاسها معانقة دقات قلبها الهادرة في صدرها قدميها المرتجفتان...شفتيها المرتعشتان بإبتسامة مترددة بينما هو ينظر لها كعادته بعينان يملؤها العشق والإشتياق الشديد وإبتسامة عاشق حتي الثمالة هربت إلي الداخل عندما تنبهت لشعرها المتطاير بينما هو يضحك ملئ شدقيه علي طفلته الصغيرة
...........................................
دخل إلي غرفته رمي سترته علي الفراش بإهمال ثُم أخرج ملابسه من الخزانة وضعها علي الفراش يريد أن يستحم لعلّ المياه تُريحه من الإرهاق الجسدي والذهني منذُ الأمس وهو يفكر هل يجب عليه أن يتصل بوالديها ليخبرهم أم يتركهم هكذا فهم من تركوها في المقام الأول ومن وجهة نظره أنهم لا يستحقون أبداً إبنة مثل نادين فهي جوهرة.....وقف تحت المياه الباردة وهو يتذكر سكونها بين أحضانه دون غيره إنها تثير به المسئولية بشكل غريب
يسكنها حزن وشجن يريد أن يخفيه ويجعل إبتسامتها دائمة..يالله فقط أريدها معي أن تسكن بداخلي...وأسكن بداخلها..أريد أن أعتصرها بين ذراعي حتي تمتزج روحها بروحي فأرتاح وأعلم أنها لي وحدي
أنهي حمامه ووضع المنشفة علي خصره وشعيراته المبللة تغطي جبهته رمي بنفسه علي الفراش وهو يمسك هاتفه ليتصل علي إياد يريد فقط أن يسمع صوتها لن يستطيع النوم قبل الإطمئنان عليها...بعد بضع رنات رد عليه إياد بمرح
إياد:نعم يا عريس
إبتسم من طرفته قائلاً
مازن:أيوة عريس إنت مالك يعني..عاوز أكلم خطيبتي بقي ممكن؟
إستعاد إياد هدوئه
إياد:مازن أنا قلتلك مينفعش كتر الكلام ما بينكم دلوقتي
حاول أن يكون منطقياً في رده قدر الإمكان
مازن:بص يا إياد بجد وجودي جنب نادين هو اللي هيسرع علاجها أولاً لأنها عندها مشكلة في الثقة بالناس وحاسة إن محدش بيحبها ولما أنا متصلتش بيها الفترة اللي فاتت أديك شفت اللي حصل...هي محتاجة تحس إني جنبها ومش هسيبها أبداً...أوعدك ياسيدي إني هقلل من زياراتي علي أد ما أقدر بس مكالماتي معلش مش هقدر
أطرق رأسه يفكر بكلامه بعقلانية وجد أنه علي حق رد عليه بتفهم
إياد:كلامك صح يا مازن وأنا معاك في كل اللي بتقوله بس تفضل عند وعدك ومتجيش كتير
أرخي رأسه للخلف بإرتياح وهو يقول
مازن:الحمد لله إنك إقتنعت...أوعدك صدقني هقلل من زياراتي...ممكن بقي أكلمها ؟
قام من مكانه متوجهاً لغرفة نادين وهو يرد بمكر
إياد:ماشي بس مش هسمح بأكتر من دقيقتين إنت عارفني محافظ
ضحك بشدة علي دعابته قائلاً وهو يتخلل شعره المبلل بأصابع يده
مازن:إخلص يابني البت وحشتني الله
طرق باب الغرفة إبتسم قائلاً
إياد:تليفون علشانك يا أنسة نادين...مازن
لم يكمل جملته حتي إختطفت منه الهاتف وقالت بصوت ملهوف
نادين:مازن
خرج إياد بهدوء وأغلق باب الغرفة ورائه أما علي الجانب الآخر لما يشعر بالحرارة تجتاح جسده بالكامل من مجرد نطقها لحروف إسمه الذي يعشقه من بين شفتيها..إبتسم وهو يقول بصوت مبحوح
مازن:يا عيون مازن
إرتجفت يديها علي الهاتف وإحمرت وجنتاها تلقائياً ثُم نظرت ورائها لم تجد إياد لذا جلست علي المقعد وهي تتلاعب بخصلات شعرها فقد تناولت دوائها من أجله فقط فقد وعدته بهذا لذلك هي تشعر بالهدوء والسكون
أجفلت عندما أتاها صوته الرخيم وهو يقول
مازن:حبيبتي عاملة ايه إنهردة؟
ردت عليه بخجل شديد وهي تقول
نادين:الحمد لله تمام وإنت؟
زفر نفساً عميق وهو يعتدل في جلسته قائلاً
مازن:حبيبك مشتاااااااااااااق أوي
لم تستطع التحمل أكثر من ذلك إنه يغزوها بكلماته...يقتحمها بهمساته..يخترقها بصوته العاشق الذي لا يبالي بشئ سواها
نبضات قلبها تهدر في صدرها بعنف..عضت علي شفتيها السفلي بخجل وخرج صوتها متحشرج قائلة
نادين:أسيل عاملة إيه طمني عليها ؟؟
تنهد بإحباط لن تقول أي شئ يجب أن يأخذها بين أحضانه حتي تخبره بحبها هذه العنيدة..قريباً جداً حبيبتي سيحدث هذا
مازن:أسيل هتبدأ تنزل مقالات علي النت هتعمل مدونة أقنعنا بابا إن إسمها هيكون مستعار إنتي عارفة بعد اللي حصل بيخاف عليها أوي
جاءه صوتها فرحاً كثيراً وهي تقول
نادين:أكيد مبسوطة أوي صح !!
إبتسم هو الآخر قائلاً
مازن:أوي دي طلعت من دلوقتي تكتب وتفكر في إسم مقال تنزله
نادين:ربنا يوفقها يارب وإنت هتعمل إيه في شغلك ؟
تنهد بعمق قائلاً
مازن:بكرا هشوف شقة ولو كويسة هبدأ أعملها عيادة
فرحت كثيراً بهذا الخبر وهي تقول بسعادة
نادين:بجد!!...ربنا يوفقك يارب ويكرمك...بس أنا حساك مش مبسوط ليه؟
رد بحزن قائلاً
مازن:كان نفسي تكوني معايا في كل خطوة في شغلي
عندما لم يسمع ردها علم أنه أحزنها بهذه الكلمات لذا إستدرك قوله قائلاً
مازن:بس أنا واثق إن إرادتك قوية وهتكوني كويسة بأسرع وقت وإعملي حسابك ياهانم مفيش خطوبة فيه جواز علي طول إنتي فاهمة ؟
ضحك بشدة عندما وبخته قائلة بغضب
نادين:مازن إتلم الله...ويلا إمشي بقي علشان الدوا اللي باخده ده بيخليني عاوزة أنام
قام من مكانه يرتدي ملابسه ثُم قال وهو يضحك
مازن:حاضر حاضر أهو متزوقيش...تصبحي علي خير ياحبيبة قلبي
ردت بخجل
نادين:وإنت من أهله...باي باي
إستوقفها قائلاً
مازن:نادين!!
نادين:نعم!
جاءها صوته مبحوح محمل بعاطفة شديدة
مازن:بحبك
لم تستطع الرد أغلقت الهاتف في وجهه سريعاً في محاولة فاشلة جداً لتهدئة نبضات قلبها الثائرة وقدميها المرتعشتين أما هو فنظر للهاتف وإبتسم ثُم أكمل إرتداء ملابسه غطّ في نوم عميق لم ينمه منذُ أن عاد لمصر
......................................
في صباح اليوم التالي إستيقظ كعادته توضأ وأدي فرضه ثُم إتجه إلي غرفة والدته بعدما جهز لها وجبة الإفطار ليُطعمها قبل أن يذهب للعمل وجدها تصلي جلس بجانبها علي شفتيه إبتسامة بلهاء لم تفارقه منذُ الأمس..أجفل علي صوت عايدة الحنون وهي تقول
عايدة:اللي واخد عقلك ياسيدي !!
نظر له بإبتسامة هادئة قليلاً وهو يضع صينية الطعام أمامها ويطعمها بيديه
أحمد:أنتي طبعاً يا ست الكل
نظرت له بمكر وهي تقول
عايدة:لا خلاص بقي أنا راحت عليا في واحدة تانية كدا شقرا وجميلة
نظر لها بدهشة وهو يضحك قائلاً
أحمد:إيه ياوزة اللي بتقوليه ده بس !!
إبتسمت بحنان وهي تنظر لعينيه التي إلتمعت لمجرد ذكرها
عايدة:حبيبي عنيك لمعت أول ما جبت سيرتها تفتكر إن كلامي مش صح !!
لأول مرة يشعر بالإرتباك أمام والدته أخذ نفساً عميقاً ثُم أدار نظره الناحية الآخري وهو يقول بتحشرج
أحمد:ماما من فضلك أنا عندي شغل دلوقتي وهقابل ريما بعد ما أخلص علشان أساعدها في المذاكرة وقبل ما تتخضي صاحبتها هتكون معاها علشان كدا هناديلك طنط أم محمود تعملك الغدا وتطمن عليكي ماشي
أتبع حديثه وهو يُقبل يديها ثُم جبهتها مرتدياً سترته وخرج من المنزل وهو تائه ولأول مرة يشعر بهذا التيه إنه يحبها حقاً يحب جرائتها الغريبة عليه..خجلها الفطري..إرتعاشها..شعرها الأشقر..عيناها وآه من عيناها سهم متوهج من المشاعر المتناقضة....كيف حدث هذا !!
إنه أحمد المتحكم دائماً بمشاعره لا يفكر في أي فتاة ولا ينظر لها بأي طريقة أما معها هي فإخترقت حصونه أصبح يراها حتي لو لم تكن معه
أصبح يعشق تفاصيلها التي حفظها عن ظهر قلب ومع ذلك هي تمتلك الشجاعة أكثر منه لمواجهته وإيجاد الحجج للحديث أما هو يقف حائر لا يعرف كيف يتصرف لا ليس حائر إنما....جبان؟!!!
................................
قامت بالإتصال علي هايدي بعدما تناولت فطورها وإرتدت أكثر ملابس تجعلها متواضعة بعض الشئ وتُزيل هامة الغرور التي تحيط بها فطرياً قميص قطني طويل باللون القرمزي وسروال واسع أسود حقيبة رياضية مع حذاء من نفس اللون أسود رافعة شعرها الأشقر لأعلي وتركت العنان لبعض الخصل الهاربة منه لتنساب علي عينيها الذهبيتين المختفيه بنظارة شمسية ....ردت عليها هايدي بصوت متعجل
هايدي:نازلة أهو والله إصبري
إبتسمت بإشراق وهي تقول
ريما:طيب متتأخريش مستنياكي..سلام
أغلقت الهاتف وهي تلقي نظره أخيرة علي مظهرها الذي إعتنت به كثيراً اليوم من أجله...هي في داخلها تعلم أنها إعتنت بنفسها من أجله فقط
إبتسمت بخجل وهي تتذكر صوته العميق الذي يطن في أذنيها منذُ الأمس أجفلها صوت هايدي النزق وهي تصعد السيارة بجانبها
هايدي:منا قلتلك روحي إنتي وإسبقيني ولا هو لازم تسربعيني يا مستفزة انتي ؟
إبتسمت وهي تدير المحرك لتنطلق بالسيارة إلي الجامعة بينما هايدي لكزتها في كتفها قائلة
هايدي:إنتي بتضحكي علي إيه حضرتك ها !!
إتسعت إبتسامتها وهي تقول
ريما:ياستي مبسوطة الله وبعدين أنا عديت عليكي إنهردة لأني عاوزة منك خدمة وليا مزاج أخرج معاكي ها ؟
إبتسمت هي الآخري بسعادة لهدوء صديقتها النفسي
هايدي:إنتي تؤمري ياستي بس مش أعرف سر الإنبساط ده إيه ؟
اخذت نفساً عميقاً ثُم
ريما:ما هو الإنبساط له علاقة بالخدمة الصراحة يعني
نظرت لها بتساؤل تحثها علي الإستكمال بينما إرتعشت يداها علي المحرك قائلة
ريما:إنتي عارفة إني بقالي أكتر من شهر غايبة عن الجامعة وفيه حاجات كتير أنا معرفهاش يعني وخصوصاً حاجات الحسابات وكدا (ثُم أكملت بتردد شديد وهي تصف السيارة داخل موقف السيارات) بصراحة كلمت أحمد إمبارح ولما عرفت إنه خريج تجارة طلبت منه مساعدتي
نظرت لها هايدي بغضب وهي تضرب باب السيارة بعنف ثُم
هايدي:إنتي أكيد إتجننتي ومتعلمتيش م اللي حصل قبل كدا صح؟
تراجعت للوراء وهي تتذكر ما حدث في الماضي مرة واحدة ثُم إبتلعت ريقها بصعوبة وهي تنظر لها بألم
ريما:أنا منسيتش اللي حصل قبل كدا يا هايدي وعمري ما هنساه بس أحمد مش كدا أبداً...دايما بيتخانق معايا علي تأخري برا ولبسي وكل حاجة غلط كانت في حياتي هو وانتي السبب في تغييرها....(ثُم أكملت والدموع تأبي مغادرة مقلتيها) وعلشان تعرفي إنه كويس طلب إنه يقابلني برا بشرط إنك تبقي موجودة
قبل أن تهم بالمغادرة أوقفتها هايدي من مرفقها وهي تقول برفق
هايدي:أنا أسفة بجد ياحبيبتي مكانش قصدي والله بس من خوفي عليكي خلاني قلت الكلام ده
فاجأتها بسؤالها وهي تقول
ريما:ولا خوفك من المستوي الإجتماعي اللي بيننا وإني أتعلق بيه ع الفاضي!! (ثُم أكملت بسخرية وهي تضع يديها ناحية قلبها )
إطمني أنا خلاص إتعلقت بيه أو بمعني أصح حبيته فعلاً
إحتضنتها هايدي بشدة وهي تتمتم بكلمات الإعتذار
هايدي:حبيبتي أنا بجد أسفة مش قصدي والله أبداً كل اللي بتقوليه ده وبعدين هو لو بيحبك يبقي مفيش حاجة هتفرق بينكم أبداً
ثُم أكملت مداعبة وجنتيها
هايدي:وأنا موافقة ياستي إني أجي معاكي طبعاً أهو ناخد درس إحنا الإتنين ونشوف الواد الأمور اللي وقعك ده
إبتسمت بخجل ثُم لكزتها بمرفقها بينما قلبها يهدر في صدرها بعنف شديد وتتسائل بخوف( هل يحبني حقاً...هل سيحارب من أجلي كما سأفعل أنا أم سيتركني عند أول إختبار!!)

فى جحر الشيطانWhere stories live. Discover now