الفصل الثالث والعشرون

15.2K 348 2
                                    


يا من سرقت قلبي..أخبرني ماذا أفعل إذا رحلت عني!!
هل يعيش الجسد إذا رحلت عنه دقات قلبه!!
هل تتنفس الرئتان بعدما يرحل عنها قلبها!!
أنت من سرقتني فأعد لي قلبي قبلما ترحل
لا ترحل هكذا وتتركني دون روحي تائهة أتخبط في غياهب الظلام
أقسم إن تركتني لن أسامحك أبداً ما حييت هذا إذا حييت
أعد لي حياتي..روحي..قلبي الذي سلبته نبضاته بعدها إرحل كما شئت
يكفي ما عانيناه حتي الأن..ألا تحب أن تراني معك..أبتسم لك..كن معي ولا تتركني بالله عليك يا قاسي القلب
...............................
عادت للمنزل قمة في السعادة لأنها رأته..تحدثت معه بينما قلبها يرتجف خوفاً عليه من القادم...وجدت والدتها تنتظرها في الردهة..تقدمت منها في إبتسامة هادئة
أسيل:إزيك يا ست الكل..عاملة إيه؟
نظرت لها بلوم قائلة
سميحة:كدا بردوا تنزلي من غير ما تقوليلي وتصدريلي مازن؟؟
قبّلت يديها في مشاكسة قائلة
أسيل:خلاص بقي يا سوسو حقك عليا...أنا يدوب نزلت قعدت ع البحر شوية مش أكتر وكمان كان معايا البودي جارد والله
ربتت علي يديها برفق بإبتسامة قائلة
سميحة:طيب ياحبيبتي المهم إرتحتي وإتبسطي ؟
إلتمعت عيناها الذهبيتان بشدة
أسيل:أيوة البحر حلو أوي يا ماما وإرتحت جداً جداً...بصي بقي هطلع أغير هدومي وأنزلك نشوف هتعملي أكل إيه لبابا ومازن
إبتسمت سميحة بسعادة وهي تراها تعود لطبيعتها ثُم قبلتها من وجنتيها قائلة
سميحة:ماشي ياحبيبتي روحي وأنا مستنياكي أهو
صعدت لغرفتها خلعت حجابها وألقته بإهمال علي الفراش ثُم أتبعته بالسترة ورمت بنفسها فوقهم علي ظهرها تاركة لشعرها العنان وهي تتلاعب في بعض خصلاته الذهبية ثُم إحتضنت كفها التي كانت بين يديه تستنشق عطره الذي تعلق بها..تنعم برائحته التي ستبقي بأنفها إلي أن تلقاه مرة آخري ولكن هل حقاً ستراه!!
................................
كان يتفحص المنزل الذي أخبره صديقه عنه....يتكون من غرفتان واسعتان...ردهة شاسعة...مطبخ ودورة مياه ملائمان لتكون عيادة كبداية لعمله نظر لصديقه في رضا
مازن:حلوة أوي يا محمود أنا هاخدها بس لازم أعرف سعرها كام الأول
رد عليه بمرح
محمود:ياسيدي ما يكون سعرها زي ما يكون مش باباك اللي هيدفع
رد مازن في ضيق ورفض قاطع
مازن:لأ أنا اللي هدفع من فلوسي الشخصية من يوم ما سافرت وأنا مش باخد من بابا فلوس
إبتسم قائلاً
محمود:والله دي حاجة كويسة يا مازن إنك تعتمد علي نفسك من البداية فيه شباب كتير بيضيعوا بسبب صرف أهاليهم عليهم...(ثُم أطرق رأسه قائلاً) عموماً الراجل صاحب الشقة عارفني بحكم إننا جيران من زمان ومتقلقش هحاول أجبلك أحسن سعر بس قولي إنت الأول ميتك إيه ؟
كان علي وشك الرد ولكن قاطعه صوت الهاتف إستأذن من محمود ثُم إبتعد قليلاً وهو يرد
مازن:أيوة ها....وإنت إزاي تسيبه يقرب منها....تعالالي علي (.........) متتأخرش عاوز أعرف كل حاجة حصلت بالتفصيل سلام
أغلق الهاتف في ضيق ثُم ذهب ليكمل حديثه مع صديقه قائلاً
مازن:معلش يامحمود كانت مكالمة مهمة.....المهم يعني أنا آخري تلاته ونص
رد بعد تفكير
محمود:خلاص تمام هحاول أقربها من السعر وأكلمك بكرا ماشي؟
أجابه في إعتراض
مازن:لا يا محمود أنا عاوز الرد إنهردة بالليل علشان لو وافق نكتب العقد وأخلص إتفقنا
أومأ بالإيجاب وهم يخرجون من المنزل قائلاً
محمود:خلاص ماشي إتفقنا
في تلك الأثناء أتي الحارس الشخصي الذي يخص أسيل بينما مازن كانت ينتظره بنزق إستقل السيارة وجلس الرجل بجانبه يحكي له ما حدث بالتفصيل منذُ أن خرجت حتي عادت ما كان ليوافق علي خروجها إلا إذا كان يعرف كل خطواتها فهي أصبحت غامضة في الأونة الآخيرة وهو خائف عليها بشدة ولكنه لا يشك أبداً بها.....ولكن ما سمعه الأن جعله ينفث غضباً وهو ينظر لهذا الحارس الغبي قائلاً
مازن:هو أنا مواديك معاها إيه كيس جوافة يابني...لما الجدع ده قرب منها وكلمها موقفتوش ليه..إنت أصلاً إزاي تسيبه يكلمها يابني أدم؟
كان مازن غاضباً بشدة بينما الرجل يفرك يديه بتوتر ويتصبب عرقاً من غضب سيده ثُم قال بصوت متلجلج
الحارس:والله ياباشا أنا قلت هيسأل علي حاجة.... وكنت مستعد لأي تصرف لكن لما لقيت الأنسه أسيل بتمسك إيده...وتكلمه عادي قلت أكيد عارفاه ومبانش في عنيها أي خوف حضرتك وهو معملش حاجة تستدعي.
إزداد غضبه وإشتعلت أعصابه عند كلمة (مسكت إيده وتكلمه عادي) كيف هذا أسيل شقيقتي طفلتي تتحدث بتلك الحميمية مع شخص آخر غيري...أخرجه الحارس من غضبه قائلاً وهو يبتلع ريقه بتوتر
الحارس:حضرتك فيه حاجة تانية حصلت !!
رد عليه بنزق دون أن ينظر له
مازن:إيه هي يازفت ؟
إبتلع ريقه مرة آخري حتي كاد أن يبتلع لسانه معه من كثرة توتره
الحارس:الأنسة أسيل خلعت سلسلة مكتوب عليها لا إله إلا الله وإدتهاله ولبسها بس الحقيقة أنا مسمعتش إيه اللي.....
لم يكمل جملته بينما يري مازن يخبط عجلة القيادة بعنف..إزداد غضبه حتي كان أن ينفث لهباً من عيناه وأذناه ثُم أوقف السيارة علي جانب الطريق وبكلمة واحدة مقتضبة
مازن:إنزل
خرج الرجل من السيارة بينما مازن ينطلق بها غير مبالي بشئ آخر سوي هذا الرجل الذي تأمنه أسيل علي كل شئ....تعطيه عقد جدته الذي أمنتها عليه قبل الممات!!!! رباه من هو !! يكاد عقله ينفجر من كثرة التفكير
ظلّ يدور ويدور لا يعلم إلي أين يذهب ولكنه لن يجازف بالذهاب للمنزل الأن من الممكن أن يحطم رأسها المتهور هذا... يجب أن يهدأ أولاً.....أوقف السيارة بجانب الشاطئ ولكن لم يترجل منها بل أغمض عينيه وأسند رأسه إلي عجلة القيادة لا يريد مجرد التفكير في هذا الشخص فقط يحتاج أن يهدأ...وبالفعل بعد وقت ليس بالقليل قرر أن يعود للمنزل ويتحدث معها بهدوء علّها تصارحه بشئ مما يحدث علّها تكون صادقة معه كما كانت من قبل....وجد والدته تنظر له في قلق قائلة بخوف
سميحة:كنت فين يا مازن قلقتنا عليك أنا بتصل بيك من الصبح تليفونك مقفول ؟؟
كان ينظر ورائها كأنه يبحث عن شئ ولكنه لم يجد سوي والده الذي قام بقلق يقف خلف والدته ينتظر إجابته إبتلع ريقه وهو يخرج هاتفه ليجد أن بطاريته قد إنتهت ولم ينتبه لهذا بالطبع
مازن:أنا أسف جداً يا ماما تليفوني فصل شحن ومأخدتش بالي..متقلقوش أنا إتمشيت شوية بس بالعربية
رد ياسر هذه المرة قائلاً بعتب
ياسر:إبقي خد بالك المرة الجاية يادكتور مش ناقصين قلق..ها عملت إيه في موضوع الشقة ؟
جلس علي الكرسي في محاولة منه ليكون طبيعي قدر الإمكان علّه يصعد إليها في النهاية دون إثارة شك والديهما ثُم رد في هدوء شديد
مازن:هنشوف يا بابا هي عجبتني بس لسه هشوف سعرها محمود هيكلمني إنهردة
جلس علي الأريكة قائلاً في حنان
ياسر:يعني بردوا مش عاوزني أساعدك؟
إبتسم قائلاً
مازن:يابابا ياحبيبي أنا خلاص إتعودت أعتمد علي نفسي وأكيد لو إحتجت حاجة هقول لحضرتك..هي أسيل فين صحيح مش شايفها يعني؟
إبتسمت سميحة قائلة
سميحة:ما صدقت إن ياسر وافق علي كتابة المقالات إتغدت وقالت هتتطلع تكتب شوية
رد بدبلوماسية وهو يقف
مازن:طيب أنا هروح أشوفها عن إذنكم
كان يحاول إخفاء مشاعره قدر الإمكان...لا يريد أن يغضب الأن بل يجب ألا يغضب فهي مازالت في مرحلة النسيان لكل ما حدث ويجب أن يكون هادئاً حتي يساعدها علي هذا...طرق باب الغرفة حتي سمع صوتها الرقيق
يأذن له بالدخول..دلف للغرفة وجدها تتربع علي الفراش واضعة الحاسب المحمول علي قدميها...رفعت شعرها لأعلي بمشبك صغير كما تفعل كل ليلة وترتدي نظارة طبية زادتها أنوثة ثُم نظرت له بينما لاحظ إلتماعاً شديداً بعيناها ولكنه للمرة الثانية يضغط علي أعصابه ضغطاً حتي لا تنفجر...بينما هي قامت له تحتضنه بحنان قائلة
أسيل:إنت لسه جاي ولا إيه؟
جلس بجانبها علي الفراش قائلاً بإبتسامة يخفي بها الكثير
مازن:مانتي اللي مسألتيش عني طول اليوم شكلك ناسياني إنهردة
لاحظ توترها بينما ترد بإبتسامة خجلي
أسيل:أنا قلت أبطل أشغلك طول الوقت زي زمان...وقلت لما تيجي أطمن عليك
سألها فجأة بينما يزيد التدقيق بها قائلاً
مازن:أمال سلسلتك فين؟؟
لاحظ إرتعاشها..وضعت يداها تلقائياً علي عنقها بينما تطرق رأسها أرضاً وهي تفكر بأي رد ثُم إبتلعت ريقها وقالت دون أن تنظر له
أسيل:أصل...أصلي قلعتها وأنا بستحمي ونسيت ألبسها
رفع ذقنها برفق وهو يقول بحزم
مازن:عمرك ما كدبتي عليا...ليه بتكدبي دلوقتي؟؟...أنا عارف إنك إديتها لحد بس مين معرفش وكنت مستني تيجي تصارحيني
إزدادت وجنتيها إحمراراً بينما إتسعت عيناها دهشة مما قاله للتو فقامت من جانبه وهي تفرك كفيها ببعض بتوتر ملحوظ! بينما صوته الغاضب لكن الهامس يأتيها
مازن:إنطقي ردي عليا...إزاي تدي لحد سلسلتك اللي تيته أمنتك عليها قبل ما تموت وعمرك ما قلعتيها ده انتي عمرك ما إديتهاني
أدارها إليه ثُم أكمل بحزم وهو ينظر بعيناها مباشرة ولأول مرة لا تؤثر به دموعها الحبيسة
مازن:وإياكي تكدبي فاهمة إيااااااااكي
إبتلعت ريقها بصعوبة ثُم إرتشفت القليل من الماء وهي تجلي حنجرتها...حبست دموعها بشجاعة ثُم بدأت بالحديث وأغفلت بعض التفاصيل الغير مهمة إطلاقاً من وجهة نظرها...بينما هو يستمع إليها ويعتصر قبضتيه حتي إبيضت سلامياته...كان يتصنع الهدوء بشدة واخرج قلبه خارج المعادلة ثُم إستمع بعقله فقط
مازن:يعني هو بيحبك؟؟
لم تستطع أن ترفع رأسها في عينيه بينما وجهها يغزوه الإحمرار الشديد كالثمرة الناضجة ولكنه بالكاد سمع همسها وهي تقول
أسيل:أنا خرجته من الضلمة للنور...وصدقني معرفش إزاي ده حصل بس لقيتني إرتبطت بيه..سامحني إني مقلتلكش كل حاجة من زمان بس كنت خايفة والله العظيم هو رفض إنه يكون معايا دلوقتي لحد ما يلاقي نفسه تاني
كان حديثها يضغط علي وتره الحساس هو نفسه لا يعلم متي أحب وكيف عشق فقط يأتي دون ميعاد ....إنه الحب يا سادة...إبتلع ريقه وهو يتلمس كفيها متسائلاً بصوت مبحوح
مازن:طيب وإديتيه السلسلة ليه؟
لوهلة لم ترد بينما يزداد إرتعاش يديها تحت كفه ودمعة ساخنة حائرة تلمسته ثُم قالت بصوت خفيض
أسيل:حسيت إنه محتاجها أكتر مني أنا حواليا أهلي وصحابي وكل الناس هو مش معاه حد حتي باباه مريض ومش بيقدر يروحله لنفس السبب اللي رافض يكون معايا بسببه
ثُم رفعت رأسها تنظر له بشجاعة زائفة
أسيل:مازن الإنسان ده دافع عني بحياته إتغير علشاني وعرف ربنا بسببي لو سيبته أو إتخليت عنه هيرجع للي هو فيه أو ممكن يخسر حياته أرجووووك ساعدني إني أكون معاه وأنا أوعدك مش هخبي عليك حاجة تاني بس والله العظيم مكنتش أعرف إني هشوفه إنهردة دي كانت مجرد صدفة مش أكتر
إحتضنها بينما يبتسم بتفهم وحنان شديد لم يكن ليمتلك هذا التفهم إذا لم يكن يحبها هي من جعلته متفهم لهذه الدرجة...قبّل قمة رأسها قائلاً
مازن:أسيل إنتي عارفة كم الصعوبات اللي هتواجهك ولا مش واخدة بالك منها؟؟
نظر له بتساؤل من بين دموعها بينما مسحها بإبهامه
مازن:إحنا في مجتمع مش متفهم للدرجادي وكمان بابا وماما مستحيل يوافقوا لو عرفوا كل الحقايق دي مستحيييييل بمعني مستحيييييل وأنا لولا إني حاسس بيكي وإننا إصحاب مكناش زمان ده بقي رد فعلي فاهماني ؟
حاولت أن تستوعب حديثه قليلاً بينما تتجمع كل الخيوط في رأسها حتي إتسعت عيناها قائلة
أسيل:يااااااه ده الطريق صعب أوي يا مازن
إبتسم وهو يومئ برأسه دليل علي الإيجاب بينما هي تستعيد شجاعتها وتقول له بحزم
أسيل:بس أنا عارفة إنه مش هيتخلي عني ولا أنا هتخلي عنه أبداً بس أرجوك إوعدني إنك تقف جنبي وتساعدني
نظر لها بحنان شديد ثُم أمسك كفيها يقبلهما
مازن:حاضر أوعدك مش هتخلي عنك بس إصبري لحد ما الأمور تهدي ونعرف نهاية طارق ده إيه...المحامي كلمني وقالي إن معاد المحاكمة بعد شهرين
تنهدت بحزن
اسيل:ربنا يستر ويخلصنا منه علي خير...حاضر أنا هصبر لأني عارفة إنك جنبي زي ما كنت طول عمرك
إحتضنها بشدة وهو يربت علي شعرها ثُم قال بجدية
مازن:إحنا أهم حاجة دلوقتي زي ماطلب منك نروح نطمن علي باباها إن شاء الله تمام؟
إتسعت إبتسامتها وهي تحمد الله علي وجود مازن بجانبها ثُم قبلته من وجنتيه وهي تومئ برأسها...بينما هو يقول بمرح
مازن: يلا بقي هش علشان أشوف موضوع الشقة بتااعتي
ضربته علي كتفه بغضب طفولي وهي تقول
أسيل:هش إنت دي أوضتي...بس قبل ما تهش قولي شوفت الشقة ؟
ضحك ملئ شدقيه حتي ظهرت غمازتيه ثُم
مازن:شوفتها ياستي بس لسه صاحبي هيكلمني متفقناش ع السعر...هروح بقي أغير هدومي وأتغدي
قبّلها مرة آخري بحنان ثُم خرج تركها حائرة وخائفة بشدة من القادم...المواجهة لن تكون سهلة أبداً مع والدها أو والدتها كيف ستواجه كل هذا...بل كيف ستخبرهم عنه...هل ستقول لهم إني أحب خاطفي !!!!
..............................................

فى جحر الشيطانWhere stories live. Discover now