(12)

351 18 2
                                    


المقطع الخامس والاخير : الســر :




كانت طرقات الباب تزداد حدة ..
وكانت أصوات رجال الشرطة تعلو وهم يحاولون كسر الباب ..
زياد لم يكن يستطيع الحراك ..
الخوف والدهشة كانت تملأه ..
أما عبدالرحمن فكان يعمل بصمت ..
كان كشخص يتوقع حدوث هذا الامر ..
أشار بيديه لزياد أن يتبعه ..
تحرك زياد بسرعه خلف عبدالرحمن ..
دخل عبدالرحمن الى مطبخ شقته ..
وبدأ بفتح تلك النافذة الكبيرة ..
وبدأ الاثنان بتسلق تلك الانابيب الى الاسفل ..
كانا يبذلان جهدا كبيرا ..
وصلا الى اسفل البناية ..
دخلا الى القبو الخاص بالدور الارضي ..
كان قديما جدا ويتضح أنه لم يدخل شخص الى هنا منذ زمن بعيد ..
بدأ عبدالرحمن يسير ببطء حتى وجد نافذة خلفية ..
فتحها وتبعه زياد ..
أخيرا هاهما وسط الشارع الخلفي للبناية التي لايزال رجال الشرطة بداخلها ..
بدأ واضحا أن عبدالرحمن كان يبحث عن سيارة أجرة ..
وفعلا هاهما يستقلان سيارة الاجرة ..
وطلب عبدالرحمن من قائدها أن يتجه نحو الحي الجنوبي ..
الحي الذي خمن عبدالرحمن من خلال الارقام أنه هو مفتاح اللغز ..
كانت الدقائق تمضي بسرعة ..
حلول الليل لم يبق عليه سوى ساعتين ..
وعبدالرحمن كان يعتصر الافكار براسه فربما يجد حل جديد ..
زياد فقط كان يكتفي بالهدوء ..
وهدوءه هذا ربما كان خلفه القلق والخوف الذين يسيطران عليه ..
قطع كل تلك الافكار صوت سائق الاجرة وهو يقول :
أين تريدون بالضبط ..
هاهو الحي الجنوبي أمامنا ..
رد عبدالرحمن بسرعة : أتجه الى الحديقة العامة للحي ..
نعم عبدالرحمن يريد تلك الحديقة ..
تلك الحديقة التي كانت قبل سنين وتحديدا قبل حادثة عبدالرحمن الاولى هي شقة عبدالرحمن ..
شي ما بداخل عبدالرحمن يهمس له بأن كل اللغز هنا ..
داخل هذه الحديقة ..
توقف سائق التاكسي تماما مقابل بوابة الحديقة ..
نزل زياد وعبدالرحمن ..
كان زياد يتأمل هذه الحديقة ..
أنها مترامية الاطراف ومساحاتها واسعة ..
كيف سيبحث عبدالرحمن عن مفاتيح اللغز هنا ؟؟
كان تفكير زياد منطقيا ..
الامر غاية بالصعوبة ..
بدأ عبدالرحمن قلقا وهو يقول لزياد : هذه هي الحديقة ..
هل تشاهد شيئا غريبا ؟؟
رد زياد بتهكم : ماألاحظه فقط أن بوابة هذه الحديقة مغلقة ويبدو أن لديهم أعمال صيانة ..
أقترب عبدالرحمن من بوابة الحديقة فوجد حارسها رجل كبير بالسن يستمتع بتناول بعض الشاي ..
فقال له عبدالرحمن : مساء الخير ياعم ..
هل يمكننا الدخول ؟؟
لم يرد ذلك الحارس بل أشار بيده نحو لوحة معلقة كان مكتوب عليها
" الحديقة مغلقة لأعمال الصيانة "
فهم عبدالرحمن مايريد ذلك الحارس قوله ..
ثم قال لزياد : حسنا ..
سنعود بعد أن يتم الأنتهاء من أعمال الصيانة ..
مضى الأثنان ..
ثم قال زياد لعبدالرحمن :
هل سننصرف حقا ؟؟
قال عبدالرحمن : هل تمزح ؟؟
سنتسلق السور ولكن من جهة بعيدة عن أعين الحارس والمارة ..
وفعلا بدأ الاثنان يسيران بمحاذاة السور الخارجي لتلك الحديقة ..
ثم توقفا عند أحد الاركان ..
وقفز الاثنان بسرعة عبر السور ..
كانت الحديقة خالية تماما وكانها مقبرة ..
بدأ عبدالرحمن يحاول تفحص ماحوله بسرعة ..
لم يكن هناك شي مميز ..
أو شي يمكن أن يدعو للشك ..
بدأ الاثنان يتفقدان تلك الغرف الخاصة بالجلوس ..
ثم يحاولان البحث بين تلك الالعاب المتوقفة ..
وكان واضحا أن لاشي يستحق البحث هنا ..
فقط المزيد من الأتربة ومكائن جز العشب ..
بدأ زياد فاقدا للأمل وهو يقول :
يبدو أننا أتينا الى المكان الخطأ ياعبدالرحمن ..
فلا شي جديد هنا ..
كانت ترتسم على محيا عبدالرحمن علامات الخيبة أيضا ..
ترى ماهو الشي الخطأ الذي أوصلهم الى هذه النتيجة المخيبة ؟
كان زياد يبدو متعبا وهو يقول : يبدو ياعبدالرحمن أن هؤلاء الاخرون سينالون مايريدون ..
دعنا نذهب الى مركز الشرطة فربما نجد منهم بعض المساعدة ..
قاطعه عبدالرحمن : أي مساعدة وهم كانوا قبل قليل يريدون ألقاء القبض علينا ؟
كان تبرير عبدالرحمن منطقيا ..
فكرر زياد : أذن هيا نخرج من هذه الحديقة فلا شي يعنيه وجودنا هنا ..
ثم قد يرانا ذلك الحارس ويصنع مشكلة ..
بدأ الاثنان يسيران بأتجاه السور الذي دخلا منه ..
كانا صامتين تماما ..
قطع زياد حبل هذا الصمت وهو يقول :
لاتغضب ياعبدالرحمن من صراحتي ..
ولكن أنت بالغت في أستنتاجاتك لتلك الارقام ..
لم يكن عبدالرحمن يجيب ..
فواصل زياد : الامر لم يكن سوى رقمين تكرارهما فقط كان مصادفة ..
ولكن أنت ياعبدالرحمن شطحت بعيدا وبدأت تحلل الامر على هواك ..
كان عبدالرحمن مايزال صامتا ..
بينما زياد كان يواصل حديثه ..
رقمين عاديين ..
14
و
7
كأي رقمين ..
تكرارهما عادي جدا ..
كان يضحك زياد وهو يقول : حتى الذي أختار الرقمين أختار في مغامرتك الرقم 14 وعاد الان ليختار النصف فقط 7 وكأن باقـ ...
توقف عبدالرحمن تلقائيا عن السير وهو يقاطع حديث زياد ويقول :
نعم ..
يالنا من أغبياء كيف لم ننتبه للأمر ..
كيف فاتتنا هذه ؟؟
توقف زياد بدوره عن المشي وهو يردد مندهشا :
مالذي فاتنا ؟؟
هل وجدت شيئا جديدا ..
لم يكن يرد عبدالرحمن ..
بل أنطلق صوب أحدى الغرف وبدأ في تسلقها ..
لحق به زياد وهو يقول : عبدالرحمن أرجوك ..
ماذا يدور براسك ..
أرجوك لاتتركني هكذا بدون أجابات ..
كان عبدالرحمن قد وصل الى أعلى تلك الغرفة وبدأ يتفحص منظر الحديقة من أعلى ..
كان واضحا أنه يبحث عن شي محدد ..
كرر زياد سؤاله : عبدالرحمن نحن شريكان بمهمة واحدة ومصير واحد ..
أرجوك أشرح لي ..
بدأ عبدالرحمن مهتما وهو يقول :
أنت يازياد ذكرت معلومة مهمة فاتتنا ..
قاطعه زياد : وماهي ؟؟
رد عبدالرحمن بسرعة : الرقم 7 هو نصف الرقم 14
عاد زياد يسأل مستغربا : وماعلاقة ذلك بوجودنا الان على سطح هذه الغرفة ..
قال عبدالرحمن : يازياد ..
أعتقد أنها أشارة ..
فالنصف بين الرقمين تعني البحث في منتصف هذه الحديقة ..
بدأ زياد غير مقتنع وهو يقول :
منتصف الحديقة ؟؟
ولكن منتصف الحديقة ليس به شي مميز للبحث ..
قاطعه عبدالرحمن :
يازياد أنا صعدت هنا أعلى هذا المكان حتى تتضح لي الصورة ..
ففي مغامرتي الأولى لم أجد مفتاح اللغز داخل تلك المقبرة ألا بعد أن صعدت على صخرة وبدت لي معالم المقبرة واضحة حينها وأستطعت أن أتوصل للقبر الذي كان يحوي السر كاملا والذي بدأ برقم 14 فقط * ..
________________________________________________
* راجع الجزء الاول للحصول على تفاصيل أكثر
________________________________________________

بدأ زياد مقتنعا ..
ثم عاد عبدالرحمن يكرر : أنه المطعم نعم ..
قال زياد : أي مطعم ؟
كان عبدالرحمن ينزل تاركا سطح هذه الغرفة وزياد يتبعه ..
وأنطلق عبدالرحمن بسرعة وزياد خلفه ..
وصلا الى مبنى صغير كانت تزينه لافتة مكتوب عليها " مطعم الحديقة "
عاد زياد يسأل عبدالرحمن : مالذي يقلقك في هذا المطعم ؟
أنه مجرد مطعم فقط ..
قال عبدالرحمن : أنه الشي الوحيد الذي يقع في منتصف الحديقة تماما ..
كرر زياد : المنتصف تماما ؟
كان عبدالرحمن مشغولا بشي ما ..
بدأ لزياد أن عبدالرحمن يحاول تفحص مسافة حائط المطعم ..
نعم كان يقيس بخطواته حائط المطعم الجانبي ..
وبدأ لزياد وكأن عبدالرحمن يحاول التأكد من شي ..
فقاطعه قائلا : ماذا تفعل ياعبدالرحمن ؟
قال عبدالرحمن بسرعة : أحسب طول حائط هذا المطعم وعرضه ؟؟
أندهش زياد وهو يكرر : ولماذا تحسبها ؟
لم يكد زياد ينهي هذه الجملة ألا وشاهد تلك الابتسامة تعلو محيا عبدالرحمن ..
كانت أبتسامة مخيفة ..
أبتسامة أنتصار ..
نفض زياد خوفه وهو يسأل عبدالرحمن :
ماذا بك ؟
هل وجدت شيئا ؟؟
رد عبدالرحمن : لن تصدق يازياد ..
لن تصدق أبدا ..
قال زياد : ماذا ؟؟
أرجوك قل ..
رد عبدالرحمن : هل تصدق يازياد ..
أن طول هذا المحل 14 م
بينما عرضه 7 امتار
علت الدهشة وجه زياد ..
ولكنه عاد ليسأل : وماذا يعني ذلك ؟؟
أبتسم عبدالرحمن وهو يجيب :
معناه أننا نسير في الطريق الصحيح ..
كما يعني أن كل مانريده هو داخل هذا البناء ..
داخل هذا المطعم ..
هذا أن كان فعلا مطعم ..
ودب الخوف في قلب زياد من جديد ..
فعلا ...
مايقوله عبدالرحمن يبدو صحيحا ..
فهذا البناء يبدو مهجورا ..
وليس به مايدل على أنه مطعم سوى تلك اللافتة ..
فهل فعلا هو مطعم حقيقي ؟؟
بدأ عبدالرحمن يتفحص باب المطعم ..
ثم أستجمع قواه ..
وركل الباب ..
كانت ركلته قوية بما يكفي لأنتزاع ذلك القفل الصغير ..
أنفتح الباب وكان يبدو المكان مظلما ..
حاول زياد أن يساعد عبدالرحمن على تفحص المكان ..
فدفع الباب حتى نهايته ..
ثم بدأ الضوء يتسلل الى داخل ذلك المطعم ..
وبدأ عبدالرحمن وزياد يميزان مابداخل البناء هذا ..
وكانت مفاجأة مذهلة بأنتظارهم فعلا ..
فذلك المطعم لم يكن يحتوي على تجهيزات مطعم بداخله كما توقعا ..
بل كان مجرد بناء فارغ ينتصفه بئر مغطاة ..
بئر كانت تفوح منها رائحة الخوف ..
والغموض ..

قصة جوال امرأة ميتهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن