الفصل الثامن عشر

19.5K 372 4
                                    

الفصل الثامن عشر

أخذ مازن يرمق نيرة بغموض وهي جالسة إلى يمينه على مائدة الطعام تعبث بهاتفها كل خمس دقائق.. يتساءل بداخله عما يقلقها هكذا فهي تزم شفتيها بقوة.. وتعبث بخصلات شعرها بدون أن تدري.. وتتحرك يدها أحياناً فتمسك بعنقها للحظات ثم تعود إلى خصلاتها مرة أخرى..

كانت تبدو كتلك الليلة التي اصطحبها فيها لتناول العشاء مع جدته.. لم يظن للحظة أن نيرة تقلق مما قد يظنه الناس بها, إلا أنها بالفعل كانت قلقة من لقاء جدته وكأنها تراها للمرة الأولى.. وبالفعل خيم جو من التوتر الشديد على تصرفات نيرة وحتى جدته تتعامل معها بأسلوب متكلف لم يلحظه عليها من قبل, رغم أنها لم تعلم ما فعلته نيرة في حفل الزفاف, إلا أنها تعاملت برسمية مبالغ بها.. فكانت أمسية كارثية بجميع المقاييس خاصة وأن نفسيته لم تهدأ على الإطلاق بعد لقائه الحزين بشقيقه.. ورغم ذلك حاول احتواء التوتر المخيم على الأمسية حتى استهلك طاقته بالكامل في محاولة يائسة ليمر اللقاء بسلام.. واستغل أول فرصة سنحت له ليرحل مصطحباً زوجته معه..

وعند بوابة الفيلا الخارجية.. أنزل نيرة -طالباً منها ألا تنتظر عودته باكراً_.. وانطلق نحو.. دنيا... 

أعاده تململ نيرة وهي تعبث بهاتفها إلى وجوده بمنزله.. على مائدة طعامه تجاوره عروسه.. عروس تبدو مشغولة للغاية بهاتفها..

فألقى بمعلقته فجأة هاتفاً:

ـ يعني مش قادرة تبعدي عن تليفونك ربع ساعة نتغدى فيهم..

رفعت نظراتها إليه لتسأله بلهفة:

ـ هو يزيد رجع مصر؟..

قطب حاجبيه بتساؤل:

ـ بتسألي ليه؟..

ـ بحاول أوصل لعليا بقى لي يومين.. ومش عارفة.. تليفونها مقفول على طول.. فقلت أكيد هو وصل ومشغولة معاه..

ردد مازن بتأكيد وهو يتذكر محادثته ليزيد في ليلة زفافه الكارثية.. ومحادثة أخرى بعد عودته من زيارة حسن:

ـ لا.. يزيد قدامه أربع أيام على ما يرجع..

تمتمت نيرة بعجب:

ـ غريبة!..

رمقها لوهلة وقبل أن يستفسر منها ارتفع رنين هاتفها لترفعه بلهفة ولكنها ما إن رأت اسم المتصل على الشاشة حتى أعادت الهاتف إلى المائدة وعلامات الامتعاض تعلو وجهها.. مما دفع مازن لسؤالها:

ـ ليه ما بترديش؟..

هزت كتفيها باستهانة:

ـ دي مش عليا.. دي صبا..

ـ صبا أختك؟..

مرت في عينيها نظرة نارية.. وأومأت برأسها موافقة.. بدون أن ترد على هاتفها.. حتى اختفى الرنين الذي ما لبث أن ارتفع مرة أخرى.. فقال مازن بلهجة آمرة:

متاهة مشاعرWhere stories live. Discover now