الباب الثاني : الفصل الاول

9 1 0
                                    

الباب الثاني:

وفيه فصول:
الفصل الأول: نشأة الإمام موسى الكاظم (عليه السلام).
الفصل الثاني: مراحل حياة الإمام الكاظم (عليه السلام).
الفصل الثالث: الإمام موسى الكاظم في ظلّ أبيه (عليهما السلام).

 

الفصل الأوّل: نشأة الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)

 

هو سابع أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، الكبير القدر العظيم الشأن، الجاد في العبادة المشهور بالكرامات، الكاظم الغيظ والعافي عن الناس، العبد الصالح وباب الحوائج إلى الله كما هو المعروف عند أهل العراق.

1 ـ الأب: هو سادس أئمة أهل البيت بعد الرسول(صلَّى الله عليه وآله) أبو عبد الله جعفر ابن محمد الصادق معجزة الإسلام ومفخرة الإنسانية على مرّ العصور وعبر الأجيال، لم تسمع الدنيا بمثله فضلا ونبلا وعلماً وكمالا.

2 ـ الأم: لقد كانت أم الإمام موسى الكاظم(عليه السلام) من تلكم النسوة اللاتي جلبن لأسواق يثرب وقد خصّها الله بالفضل وعناها بالشرف فصارت وعاءً للإمامة والكرامة وتزوّج بها أبو عبد الله، فكانت من أعزّ نسائه وأحبهن إليه، وآثرهن عنده.
واختلف المؤرخون اختلافاً كثيراً في نسبها فقيل : إنها أندلسية، وتكنّى لؤلؤة(مرآة العقول: 1/451، معالم العترة.) ، وقيل : إنّها رومية(تحفة الأزهار وزلال الأنهار، للسيد ضامن بن شدقم، مخطوط، يوجد في قسم المخطوطات، من مكتبة الإمام كاشف الغطاء في النجف الأشرف.)، وقيل إنها من أجلّ بيوت الأعاجم(الأنوار البهية: 152.)، وكانت السيدة حميدة تعامل في بيتها معاملة كريمة، فكانت موضع عناية وتقدير عند جميع العلويات، كما أن الإمام الصادق(عليه السلام) كان يغدق عليها بمعروفه، وقد رأى فيها وفور العقل والكمال، وحسن الإيمان وأثنى عليها ثناءً عاطراً، فقال فيها: (حميدة مصفاة من الأدناس كسبيكة الذهب، مازالت الأملاك تحرسها حتى أديت إليّ كرامة من الله وللحجة من بعدي...)( بحار الأنوار: 48/6، أصول الكافي: 1 / 477، أعيان الشيعة: 2/5.)، وقد غذّاها الإمام الصادق بعلومه حتى أصبحت في طليعة نساء عصرها علماً وورعاً وإيماناً، وعهد إليها بتفقيه النساء المسلمات وتعليمهن الأحكام الشرعية(الأنوار الإلهية: 153.)، وأجدر بها أن تحتل هذه المكانة، وأن تكون من ألمع نساء عصرها في العفّة والفقه والكمال.

3 ـ الوليد المبارك: وامتدّ الزمن بعد زواج الإمام بها، وسافر الإمام أبو عبد الله إلى بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج، فحملها معه، وبعد الانتهاء من مراسيمه قفلوا راجعين إلى يثرب، فلمّا انتهوا إلى (الأبواء)( الأبواء: بالفتح ثم السكون ، وواو وألف ممدودة، قرية من أعمال الفرع بالمدينة، وبه قبر الزاكية آمنة بنت وهب أم النبي العظيم(صلَّى الله عليه وآله).). أحسّت حميدة بالطلق فأرسلت خلف الإمام تخبره بالأمر، لأنه قد عهد إليها أن لا تسبقه بشأن وليده، وكان أبو عبد الله يتناول طعام الغداء مع جماعة من أصحابه، فلما وافاه النبأ المسرّ قام مبادراً إليها فلم يلبث قليلاً حتى وضعت حميدة سيداً من سادات المسلمين، وإماماً من أئمة أهل البيت(ع).
لقد أشرقت الدنيا بهذا المولود المبارك الذي ما ولد ـ في عصره ـ أيمن، ولا أكثر عائدة ولطفاً على الإسلام منه. لقد ولد أبرّ الناس، وأعطفهم على الفقراء، وأكثرهم عناءً ومحنة في سبيل الله وأعظمهم عبادة وخوفاً من الله.
وبادر الإمام أبو عبد الله فتناول وليده فأجرى عليه مراسيم الولادة الشرعية فأذّن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى.
وانطلق الإمام أبو عبد  الله عائداً إلى أصحابه، وقد علت على ثغره ابتسامة فبادره أصحابه قائلين: أسرّك الله وجعلنا فداك يا سيدنا ، ما فعلت حميدة ؟ فبشرهم بمولوده المبارك، وعرّفهم عظيم أمره قائلاً: (قد وهب الله لي غلاماً، وهو خير من برأ الله).
أجل أنه خير من برأ الله علماً وتقوىً وصلاحاً، وتحرّجاً في الدين وأحاط الإمام أصحابه علماً بأن وليده من أئمة أهل البيت(عليهم السلام) الذين فرض الله طاعتهم على عباده قائلاً لهم: (فدونكم، فوالله هو صاحبكم)( بحار الأنوار: 48 / 2 ، عن بصائر الدرجات: 129، ب 12، ح9.).
وكانت ولادته في سنة (128 هـ)( مناقب آل أبي طالب: 4/349، وتهذيب التهذيب: 10 / 34.) وقيل سنة (129 هـ)( أعيان الشيعة: 2 / 5 ، وعن تحفة الأزهار أنه ولد قبل طلوع فجر يوم الثلاثاء من صفر سنة (127 هـ) وعن بحر الأنساب أنه ولد يوم الأحد لسبع ليال خلون من صفر.) وذلك في أيام حكم عبد  الملك بن مروان.

موسى ابن جعفر الكاظم عليه السلام اعلام الهداية الهداية الجزء التاسع :- مكتمل -:Where stories live. Discover now