الفصل الثاني

2 1 1
                                    


الفصل الثّاني: موقف الإمام الكاظم (عليه السلام) من حكم الرشيد

لقد استعرضنا أساليب الرشيد وسياسته الظالمة مع الإمام(ع)، والآن نريد الحديث عن موقف الإمام (ع) قبال هذه السياسة.

الإمام(عليه السلام) وسياسة الرشيد

إنّ سيرة الإمام(ع) ومواقفه من الرشيد لم تكن استسلامية بل كان الإمام(ع) صلباً في مواقفه يتحدّى بها الرشيد، وان كان في بعضها شيء من المرونة في بعض الأحيان وذلك لمعرفة الإمام(ع) به وبنواياه فكان يراعي في مواقفه المصالح العليا.
ونختار بعض المشاهد التي تعبّر عن حقيقة موقف الإمام(عليه السلام) من حكومة الرشيد.

المشهد الأوّل: عن محمد بن طلحة الأنصاري قال: كان مما قال هارون لأبي الحسن(عليه السلام) حين أُدخل عليه: (ما هذه الدار؟ فقال(عليه السلام): هذه دار الفاسقين، قال الله تعالى: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً)( الأعراف (7): 146.). فقال له هارون: فدار من هي؟ قال(عليه السلام): هي لشيعتنا فترة ولغيرهم فتنة. قال: فما بال صاحب الدار لا يأخذها؟ فقال: أخذت منه عامرة ولا يأخذها إلا معمورة. قال: فأين شيعتك ؟ فقرأ أبو الحسن(عليه السلام): (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ)( البينة (98): 1.). قال: فقال له: فنحن كفار؟ قال(عليه السلام): لا ، ولكن كما قال الله: (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ)( إبراهيم (14): 28.). فغضب عند ذلك وغلظ عليه إذ قد لقيه أبو الحسن(عليه السلام) بمثل هذه المقالة، وما رهبه وهذا خلاف قول من زعم أنه هرب منه من الخوف(تفسير العياشي: 2/29 الأذيلة وعنه في بحار الأنوار: 48/138، ح 13 والاختصاص: 256، بحار الأنوار: 48 / 156.).

المشهد الثاني: عن الإمام الكاظم(عليه السلام) قال: (قال لي هارون: أتقولون أن الخمس لكم؟
قلت: نعم.
قال: إنه لكثير.
قال: قلت: إنّ الذي أعطاناه علم أنه لنا غير كثير)( بحار الأنوار: 48 / 158 عن كتاب الاستدارك.).

المشهد الثالث: إنّ هارون الرشيد كان يقول لموسى بن جعفر(ع): (حُدّ فدكاً حتى أردّها إليك، فيأبى حتى ألحّ عليه.
فقال(عليه السلام): لا آخذها إلاّ بحدودها. قال: وما حدودها؟ قال(عليه السلام): إن حددتها لم تردّها. قال: بحق جدّك إلاّ فعلت. قال(عليه السلام): أمّا الحد الأول فعدن. فتغير وجه الرشيد وقال: إيهاً. قال(ع): والحد الثاني سمرقند. فأربدّ وجهه. قال(ع): والحدّالثالث أفريقية. فأسودّ وجهه وقال: هيه . قال(عليه السلام): والرابع سيف البحر مما يلي الجزر وأرمينيه. قال الرشيد: فلم يبق لنا شيء، فتحوّل إلى مجلسي! قال موسى(عليه السلام): قد أعلمتك أنني أن حددتها لم تردّها. فعند ذلك عزم على قتله)( تاريخ بغداد: 13 / 31 وعنه في تذكرة الخواص: 313 وفي مناقب آل أبي طالب: 4/346 وعنه في بحار الأنوار: 48/144.).

موسى ابن جعفر الكاظم عليه السلام اعلام الهداية الهداية الجزء التاسع :- مكتمل -:حيث تعيش القصص. اكتشف الآن