ساموي البارد

1.7K 181 97
                                    

بعد ان قابلته البارحة ذهب كل منا إلى منزله دون أن يتكلم كلمة أخرى شعرنا بأن جملة واحدة فسرت لنا الكثير من الأشياء ..جُرحنا ونزفنا لدرجة أن اوعيتنا الدموية اصبحت خالية من الدماء ..وفي ذات الوقت الذي غادرت دمائنا أجسادنا كانت مشاعرنا قد رحلت بالفعل تاركة الفراغ والبرود والهدوء يستحوذ علينا ..

في الصباح وكالعادة كنت اتثائب وانا انظر للمعلم وهو يدخل قال وهو يصفق :
- الجميع فلتهدأو !

صدقو او لا تصدقو سأحضر جميع الحصص اليوم ..ركزت في الدرس او حاولت ان اركز لكن اكتشفت فشلي بفعل ذلك عندما ناداني ماين بصوت متوتر :
- شيزوكا!..شيزوكا ! المعلم يناديك !

وقفت منتظرة سؤال المعلم ولكن اتضح بأن المعلم لم يناديني لأنه يريد سؤالي بل ناداني من أجل ان يخبرني بأن اركز معه ..ضحك جميع من في الفصل على ماذا ؟..لا اعرف ! ..عليّ ؟ ..ربما ؟..
رحت انظر إليهم واحداً تلو الآخر فتوقفو عن الضحك وعادو للتركيز في الدرس ..ضحكوا والآن توقفو ؟..لماذا ؟..هذه احدى الأشياء التي لا يمكنني فهمها عن البشر ..
بصوت يعاتب حدثني ماين :
- لماذا نظرتي لهم بهذه الحدة ؟

لماذا يقول ؟ ..هل فعلت ذلك ؟..لقد كنت فقط اتساءل لماذا يضحكون ..إذاً لقد كان سبب توقفهم عن الضحك هو ..أنا ؟
بعد كل شيء ..لن أحضر الحصص اليوم مجدداً ..رفعت يدي وقلت للمعلم بهدوء :
- اشعر ببعض التوعك هل يمكنني الذهاب الى غرفة الممرضة ؟
- ا..اجل .

شعرت بأن المعلم اُجبر على الموافقة ..بينما سمعت تنهد ماين حين رأني اغلق باب الفصل خلفي ..

قررت تغيير مكان تخطي للحصص لذلك اتجهت الى غرفة الممرضة وفتحت الباب ..وكالعادة الممرضة غير موجودة ..رميت بنفسي على السرير وتنفست بهدوء مغلقة عيناي ..احاول ان اتذكر مجدداً الشعور بالراحة الذي لا اشعر به منذ سنين ..متى فقدت نفسي ؟..متى فقدت مشاعري ؟..لا بل بالأصح متى فقدت انسانيتي ؟..
تنهدت وهمست :
- يا لسخف !

لحظة !..هذا ليس صوتي !..انا لا امتلك مثل هذا الصوت الرجولي صحيح ؟..وضعت يدي على الستار الذي يغطي على السرير الذي بجواري وفي ذات اللحظة فتحنا الستار ..انه هو مجدداً ..نظرنا بأعين بعضنا البعض ..ماذا يقال عن هذه الحالة ؟..الصدمة ؟..او لربما التعجب او الاستغراب ؟..تزامنا في شيئان للأن ..اولاً جملة يا لسخف وثانياً فتحنا للستار ..والثالثة هي الان في ذات اللحظة نطقنا :
- ماذا تفعل/ين هنا ؟

قررت إيقاف هذا التزامن الغريب فسألت :
- هل تشعر بأنك لست بخير ؟
- لا ..انا هنا لأتخطى الحصص .
- أنا كذلك .

عاود الاستلقاء في سريره وقال مغمضاً عينيه :
- لقد ضحك عليّ جميع من في الصف ..ولم استطع فهم السبب ! وثم ..
قاطعته لمعرفتي التتمة لهذه القصة :
- ثم توقفو عن الضحك بعد ان نظرت إليهم !

فتح عينيه مجدداً ونظر إليّ ..:
- كيف عرفتِ ذلك ؟
- لأن هذا ما حدث معي ..لكن ألا تظن بأننا متزامنين بشكل زائد عن الحد ؟..لم يبقى سوى ان تخبرني بأن اسمك شيزوكا وسنكون بذلك فعلاً ذات الشخص !
- اسمي ساموي ..بالتأكيد ليس شيزوكا !

ساموي إذاً ؟..كلا اسمينا لديهما ما يدل على شخصينا ..انه مثلي ..فقط مثلي ..لا يفهم البشر ..مع انه منهم لكنه ليس كذلك في نفس الوقت ..نهضت من سريري وجلست على جانب سريره ..
- لماذا انفصلت عنك حبيبتك ؟
- لأنني ساموي* ..هذا كل شيء ..
عجيب اننا لا نحزن ..لا نفرح ..لا نبكي ..لا نضحك ..لا نعلم ماذا تعني المشاعر ..لا نعلم من نحن في الحقيقة ..ايقضني من غفلتي صوته وهو يقول :
- وأنتِ هل لديكِ حبيب ؟
ابتسمت وكلانا يعرف بأن هذه الابتسامة زائفة ..
- لقد حاولت مرة من المرات أن اكون مثلهم ولكن كل ما تلقيته كان ..اوه ماذا يسمونه مجدداً ؟
جلس متربعاً أمامي واجاب :
- الألم .
- اه صحيح هذا هو !

وضعت يدي على قلبه وقلت ونحن ننظر إلى اعين بعضنا مباشرة :
- لكن لماذا لا نشعر بأي شيء هنا ؟ لماذا نحن مختلفان ؟
امسك بيدي الاخرى وسحبني ناحيته سألني ببرود :
- إذاً أتريدين أن نكون مثلهم ؟ نبكي ونضحك ونؤذي ونؤذى ونحب ونكره ونحقد وننسى ..أتريدين ذلك ؟
شبكت يدي في يده وقلت :
- أريد ذلك !
نظر لي بعينيه البنيتان ..الهدوء ..والبرود ..والوحدة ..تماماً مثل ما تعكسه عيناي ..هو يريد ذلك أيضاً ..يريد ان يتذكر من كان من قبل ..من انا ؟  انه سؤال سخيف ان قمت بطرحه ولكن أتملك الإجابة لهذا السؤال ؟

دخلت الممرضة وسألتنا بعد ان رأتني انا التي وقفت وساموي الذي استلقى في سريره .:
- ما به ؟ هل هو مريض ؟ ام هل انت المريضة ؟
- انا بخير ..هو فقط يشعر ببعض التوعك فقط لا غير !
- اوه اذا علي ان اعطيه دواء ما !
- لقد تناول الدواء بالفعل !
- امم حسناً اذاً ..لدي عمل لذلك سأذهب لإنهاءه وأعود لأطمئن عليه حسناً ؟
خرجت واغلقت الباب خلفها وفي ذات اللحظة قلنا :
- يا لسخف !
نظرنا إلى بعضنا البعض وقد بدأنا نعتاد على هذا التزامن الذي نفعله ..
- ولكن ..كم كذبة قد قلتيها أثناء حديثك مع الممرضة ؟
- ثلاثة اظن ..
- اتعلمين ..لقد فعلتِ أحد ما يفعله البشر ..الكذب !
- وهذا بالفعل ما قررناه ..ان نكون مثل البشر ! من الان وصاعداً نحن سنكون أصدقاء اتفقنا ؟
- امممم اصدقاء أذاً ؟ انت تملكين ذلك بالفعل ..ذلك الفتى الذي لا يتوقف عن الابتسام بسذاجة !

أيرانا الأخرين كأصدقاء ؟..انا وماين ؟..لقد عرفت ماين منذ المرحلة المتوسطة ولكن عندما كان الاخرين يتكلمون بالسوء عني كان يقف صامتاً ويبتعد تاركاً إياي وحدي ..اهذا ما يعنيه الصديق ؟

- اااه اتقصد ماين ؟..انه ليس صديقي ..لقد اخبرني مرة بسبب بقائه برفقتي ..انه فقط فضولي بشأني .

اممم هكذا اذاً ..هذا ما عبر عنه وجه ساموي ..لكن لحظة لقد اخبرته ان نكون اصدقاء !..ولكن ماذا كان معنى الصديق مجدداً ؟

يتبع ...
* ملاحظة الكاتبة : ساموي باللغة اليابانية معناه صفة للجو وهو بارد .
اهلااااً ...كيف حالكم ؟...ما رأيكم بالرواية ؟
# هنا
- ما رأيكم بالبارت ؟
# هنا
- ما سبب توقف كل من شيزوكا وساموي عن الانخراط مع البشر ؟

- ما الذي يعنيه الصديق بالنسبة لكم ؟

- لماذا لم يعد كل من ساموي وشيزوكا يشعرون مثلما يشعر البشر ؟

".. لعل كوننا من البشر مجرد كذبة  .."Where stories live. Discover now