استاذ وليد

5.6K 295 106
                                    


أما الخطأ فقد عفونا وأما الود فلا يعود
**** مقتبس****

لأيّ امرأة بمكانها كانت لتكون لها ردّة فعل عنيفة تجاه الأمر ولكنها تفاجأت بأن ابتسمت بوجه عدوّتها اللدودة وشملتها وزوجها بنظرة لامُبالية وصعدت الى غُرفتها مما اجّج مشاعر نهال بحنقٍ واضح لعدم نجاح خُطّتها وللحظةٍ ساورها هاجس غريب وقد بدى انّ صديقتها القديمة قد تبدلّت في تلك الأشهُر التي قضتها بمنزل والديها؛ وسيكون حينها عليها اللعب على اوراق أُخرى قد تُنهي علاقة بيداء بهذا المنزل الى الأبد.

- لا تُفكّري كثيرًا يا عزيزتي، لن تستطيعي ان تُفرقيهما.
همست بها حنين بين أُذُني نهال وواجهتها مُردفةً بثِقة:
- إن انجبتي لهُ مئة طفل ستظلُّ بيداء حبيبته، وسراج الأبن الأغلى على قلبه، ضعي هذا الحديث برأسك.
غادرت بهدوء واخذت نهال تصطلي بجمر الغيرة والحقد، نار لاسعة تصلي قلبها، مشاعرًا خانقة دفعتها للسقوط على اقرب اريكة والأنتحاب بعذاب، فمنذُ طفولتها تنال ما تشتهي، والى ان كبُرت استمرّت بحصد كُلّ ما تتمنّى، تنظُرُ الى الشيء يُعجبها فتنتزعهُ من صاحبه دون رحمة، كما حدث مع زوج صديقتها، تزوّجتهُ بعد حِيلٍ ومؤامرات وها هي اليوم تحمِلُ طفلًا منه ولكن الى الآن لم تستحوذ عليه وهذا ما يُثير جنونها.

رائحةُ الصابون العطريّ، تكاثُف بُخار الماء، دفء المكان دفع جسدها المُتعب للاسترخاء بانهاك، تتجاهلُ بُكاء قلبها كطفلٍ مُدلل، تطوّعهُ على النُضج ولو نحرتها الشفقةُ عليه، تدلِفُ الى عقلها، تُمسِكُ بتلك اللحظات المؤلمة بيديها، تسحقها اسفل حذائها سحقًا، وتُتمتِمُ بنصر:
- لا شيء يستحق، لا شيء يا بيداء.

تُحاوِلُ صرف تفكيرها عن ما حدث قبل قليل وتتجه كما علمتها الطبيبة الى التفكير بشيءٍ يجعلها سعيدة، شيئًا لا يُمكنهُ ذات يومٍ جعلها تكرهُه، فأطلّت على الفور صورة ابنها سراج وارتسمت معها ابتسامةً حُلوة وتبددت كُلّ الآلام.ٰ

عندما خرجت مُرتديةً ثوبها الأخضر المُفضّل وجدتهُ يُلاعِبُ طفله، نظرت اليه بطرف عينها واتجهت لتُمشّط شعرها امام المِرآة، شعرها الذي اشتاق للعبث بخُصلاته الكثيفة، فكّر بذلك ولأوّل مرّة بحياته يشعُرُ بفُقدان السيطرة على مشاعره ومشاهد من لحظاتهما الحميميّة تمُرُّ بخياله، نكهة خُصلاتها وهي تُشاكِسُ وجهه كُلّ ليلة عندما تختلسُ قُبلةً ما قبل النوم من خدّه كطفلةٍ مُهذّبة،الشامة السوداء الصغيرة بجانب شفتيها، ضفيرتها الشقيّة، ابتسامتها الخجولة النادرة التي تصنعُ يومهُ برؤيتها، كُلّ تلك التفاصيل الصغيرة اثبتت انّهُ يشتاقُ اليها بصورةٍ إن علمت مداها لما استمرّت في هذا العناد ولكنّها لن تعلم، لأنّهُ ببساطة لن يُفصِح لها عن تلك المشاعر المجنونة ولو مات شوقًا، او على الأقل ليس الآن.

- هلّا غادرت من فضلك؛ فهذا وقت قيلولتنا انا وسراج.
نظرت اليه وهو يُقبّل وجنتي الصغير الذي ضمّه مُتثائبًا بنعاس ليضعه على الفراش ويقول بحزم:
- نحن يجب ان نتحدّث.
- وانا لا أُريدُ التحدُّث اليك.
قالتها بصرامة وهي تبتعد للخارج فتبعها وقبل ان يتحدّث التفتت اليه رافعةً سبابتها بوجهه قائلةً بلهجةٍ لم يعهدها منها من قبل:
- لقد استمعتُ لحديثك واتيت، ولكنّك لن تُجبرني على ان اخوض معك ايّ حوار، يكفي ان تكون بعيدًا عنّي انتَ وزوجتك المُبجّلة.

بيداءHikayelerin yaşadığı yer. Şimdi keşfedin