اعترافات

4.8K 287 58
                                    

لم يكن الحب يوماً يكفيني، أو يساعدني على الاستمرار، أو يعرّض حياتي للخطر برحيله، كنت أكتفي بي دائماً
أنّ الحبّ نقيض الحريّة، و أنّي امرأة بجناحين ولا قلب لي
  ****مقتبس****

اغلقت نوافذ الحنين بغُرف قلبها فأعتمته، واحرقت رغباتها في مهدها؛ ها هيّ ليلتها الطويلة تمُر بالرغم من كُلّ شيء، باردةً ككُلّ لياليها السابقة ولكن لا بأس فشمس اليوم تحمِلُ بين طيّاتها حصّة جديدة من الأمل، وصفحة جديدة تُفتحُ من حياتها، تُمسِكُ يداها بقلم الثقة؛ وحدها تكتُب احداث حياتها، دون توجيه من ايّ احد، تكتُب فقط ما تُريد، ما يجعلها تُحافظ على سكون قلبها وراحة روحها، وفضّلت ان تكون بعيدةً عن طارق لتُحقق هذه الأُمنيات فوحدهُ من يُقلق راحتها.

ببُطءٍ شديد مرّت الأيام، بدأت بالعمل وغرقت في دوامة الروتين المُتعِب، وبين الاهتمام بسراج والعمل تناستهُ تمامًا، تراهُ من حينٍ لآخر، ولكنها لا تُعطيه ادنى اهتمام، رُبما هذا الأفضل لكليهما.
انهت ترتيب خزانة سراج المليئة بالثياب الطفوليّة الملونة، راقبتهُ مُبتسمةً بحنان، ينام كملاكٍ بريئ بعد ان ارهقها وهي تركُض خلفهُ هنا وهناك فهو اكثر طفل مشاغب رأتهُ بحياتها.

جلست على السجاد الريشيّ الازرق امام الخيمة التي هي المكان المُفضّل لسراج، اخذت تُرتب العابه وبداخلها سرور عظيم؛ فالطفولة الرائعة التي طالما رسمتها بخيالها ولم تعِشها قط، اعطى القدر ابنها فُرصةً ليحياها بكُلّ تفاصيلها، وهذا جزاء عادل لكلّ ما عانتهُ بحياتها سابقًا، ولكن لازالت هنالك بعض الجوع بقلبها لتعويض تلك الفترة، ماذا سيحدُث اذا لعبت قليلًا بألعاب ابنها؟! ليس هنالك مانع بالتأكيد!
فكّرت بذلك وهي تعود لنثر الألعاب والجلوس القرفصاء لأستكشاف تلك الادوات الصغيرة التي تمنح الصغار مُتعةً لا تُضاهى.

لم تنتبه للوقت واستغلّت كُلّ ثانية اعادتها طفلةً كما كانت، فأوّل درس تعلمتهُ من طبيبتها، ان تفعل كُلّ ما قد يجعلها تبتسم حتى وإن بدى مجنونًا للآخرين، توجّب عليها ان تتعرى من زيف العقل وتُظهِر حقيقة احتياجها لكُلّ ما لم تعِشهُ من قبل، ولا تخجل من هذا الأمر لأنّ الوقت الآن يخوّلها فعل كُلّ تلك الأشياء التي افتقدتها سابقًا، وفكّرت بجدّية ان تبتاع لُعبة احلامها، دُمية باربي التي احتضنتها طويلًا بأحلام الماضي.

لم تنتبه لوجوده ولن تفعل؛ فيبدوا انها مُندمجة للغاية في مُراقبة السيارة التي تعمل عن بُعد، سارت السيارة الحمراء وهي تهمِسُ بحماس:
- رائع! رائع، دقائق لا تبتعدي! دعيني أُغير وجهتكِ!
- رائع! انها بالفعل تُحادث سيارة!
فكّر طارق رافِعًا احد حاجبيه، اتسعت عيناهُ ضاحكةً وراقب كيف تسيرُ على رُكبتيها ويديها كطفلةٍ لتصل الى السيارة التي طرقت حذائه، رفعت حينها عيناها اليه ليقفِز قلبه بدهشةٍ وكأنّما يراها للمرّة الأولى.

بيداءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن