اكتئآب

4.7K 303 125
                                    

إذا ضمن أحدهم قلبك، سيضمن مغفرتك، وإذا ضمن مغفرتك فسيؤذيك بلا رحمة.
***دوستويفسكي***

د- هل جُننتِ يا نهال! انتِ تمزحين أليس كذلك؟!
قالها بعد ان سحبها لغُرفتها واغلق الباب لكي لا يسمع اي احد حوارهما المُحتد بينما اجابته بهدوء شديد:
- لقد اسقطتهُ بعد زواجنا بإسبوع واحد، انا أُريدُ طفلًا منك انت، لقد تخلصتُ من خطيئتي ويمكننا الآن ان نبدأ حياتنا كأي زوجين.
- يبدوا انكِ نسيتِ سبب زواجي منكِ، لقد خاطرت بعائلتي لكي لا تقتُلين روحًا بريئة ولكن يبدوا انكِ قد تعودتِ على حصد الذنوب، وبيدكِ قد امضيتِ على انتهاء هذه المسرحيّة الزائفة.

دقّ حديثه نواقيس الخطر بداخلها ولكنها آثرت ان تُكمِل ما تُخطط له، فطارق رجُل احلامها ولن تترُكهُ بهذه السهولة.
اقتربت منه ومنحتهُ نظرةً من عيناها التي تحمِلُ سِحرًا انثويًّا فتّاكا، اقتربت اكثر ورائحة عطرها تسبقها لتطوّق انفاسه، تمتمت بجُرأة:
- انت رجُل رائع وتُعجبني للغاية وارى أنني أُعجِبُك ايضًا أليس كذلك؟
ابتسم وخفق قلبها بانتشاء لجمال الواقف امامها والذي ترغبُ به بشدّة.

- تُعجبينني للغاية، بل وتُعجبين ايّ رجُل يلمحكِ.
ظنّّت ان كلماته إطراء ولكنّهُ اردف ولا زال يطالعها باستخفاف:
- ولكنكِ مُستهلكة، وانا أُحبُّ الأشياء النادرة، البعيدة عن متناول احد، كبيداء مثلًا.
انهى حديثهُ وغادر على الفور صافِعًا الباب خلفه، دلف الى مكتبه وهاتف احدهم قائلًا بتهذيب:
- سيدي، نهال اجهضت الطفل، يجِبُ ان اطلقها لكي أُعيد عائلتي لهدوئها.
استمع للطرف الآخر الذي بدى غاضبًا للغاية ليُجيب:
- لا بأس سنلتقي بعد ان تعود من السفر.
اغلق هاتفه وهو يعدّ الأيام ليتخلّص من هذه المُصيبة ويعود لزوجته الحبيبة.

****

قال لي ابي ذات ليلةٍ عقِب تركي لوليد:
- للحفاظ على يديكِ ناعمةً حفرتُ الصخر بأظافري، لأمنحكِ وإخوتكِ حياةً في هذا العالم الميّت تعرضتُ للكثير من الأشياء التي سيؤلمكِ مُجرّد ذكرها، انا ووالدتكِ يا عزيزتي لم نكُن نملك ايّ شيء عندما تزوّجنا، فقط هذه الغُرفة الوحيدة والكثير من الحُب، عند مجيئكم لحياتنا آنستُم وحشة هذا المكان! ووجدنا سببًا جديدًا للخروج كُلّ يوم ومُجابهة الحياة؛ لأجلكم انتم.

تحدّث وعيناهُ تلتمِعُ بحُب، واردف كأنّهُ يعلم كُلّ ماخبأتهُ بداخلي:
- انتِ بالذات لستِ كبقيّة اخوتكِ، منذُ طفولتكِ وعيناكِ تضُجُّ بالأحلام، اعلمُ انّكِ تتمنّين ما لن نستطِع منحكِ اياه، ولكنني مُتأكدٌ من انّكِ ستُحققين كُلّ أُمنياتِك.
امسك بكفّي بين يداهُ المُثقلتان بالحُبّ والتعب ونظر اليّ بعيناهُ الغائرتان الغريبتان كعيناي وقال:
- ثمّة طريقان لتحقيق الأحلام، الحظّ او العمل، إن لم يمنحكِ الحظّ تأشيرة الدخول عليكِ دفع باب العمل ولفعل ذلك يجب ان تتسلّحي بالثقة والاجتهاد، إنسي كُلّ ما مضى وتابعي حصد امنياتك.

بيداءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن