إدمان

4.8K 286 117
                                    

أُحبُّك، إن كان هذا هو المعنى أن يأخُذ احدهم قطعةً من روحك ويُلصِقها بجانب قلبه فقد فعلت، إن كانت تعني لحظات الصمت الذي يُغطّي كُلّ ما عجزنا عن البوح به ليبقى مُختبِئًا بداخلنا فقد احببت، احببتُكَ حتّى في حوارنا الوحيد الذي نسردهُ مساء كُلّ يوم دون ان نشعُر بالملل.

- مساء الخير.
- كيف حالكِ اليوم؟
- كيف سار عملُك؟
- هل ستذهبُ باكِرًا الى العمل؟
- حضّرت ثيابك.
- العشاء جاهز.
- تُصبح على خير.

كُلّ تلك العبارات نتلوها على مسامع بعضنا البعض بمثاليّة غريبة، أُحبُّك بصورة اكثر عقلانيّة وهدوء، عندما نتشارك الحياة بعدالة، نتنسّم هواء ذات الغُرفة، يجمعنا ذات الفِراش، نضحك، ابكي وتضحك من طفوليّتي، اخاف فأحتمي بك، ننثُر الحكايا، تتشابك ايدينا، تتعانقُ اجسادنا، وتهوى القُبلات على شفاهنا، كلّ المشاعر ومواسم الحُبّ عشناها سويًّا بقلبٍ يرفُضُ الإعتراف، احببنا بعضنا منذُ اوّل لقاء واوّل لمسة يد، كُنّا مُنسجمين بصورة غريبة وكأننا خُلِقنا لنُصبح هنا، سويًّا بمنزِلٍ واحد.

اذكُر دومًا اولى لحظات حياتنا؛ سردت عليّ يومها نظام حياتنا واستمعتُ اليك بإنصات طالبة مُجتهِدة قُلت لي :
- انا لا أُحبّ الفتيات المُدللات ولست مُتفرّغ لتلبية رغبات العاطفيات الحالمات، اكرهُ النساء الثرثارات ولا أُفضّل الزواج من طفلة، أُريد فتاة عاقلة تستطيعُ تحمُّل مزاجيّتي وعدم التذمُّر من اوامري الصارمة.
واضفت ايضًا:
- لا أُحبّ الاحتفالات ولا اجلب هدايا وورود، انا فقط أُعطي نقود وبإمكانكِ حينها ابتياع ما تُريدين، اتفقنا؟

رباه كم اخفتني حينها، شعرتُ انني سأعيش حياةً مريرة ومأساوية لكنّك ابتسمت فجأةً، تلك الابتسامة الأخاذة التي تسلِبُ الألباب وخِفتُ منك اكثر، بدوت كدُميةٍ خشبية جامدة الملامح، أأرُدّ اليكَ البسمة ام ستغضب؟! فكرّت بقلق وانا ادعوا الله ان تمُرّ هذه الليلة بسلام، ليلة الفُستان الأبيض والورود، ليلة احلام الفتيات التي انتهت بجلسة عسكرية وانت تقِفُ على رأسي كمُدير صارم.

كرِهتُ حينها موافقتي السريعة وتهوّر مشاعري وانقيادي نحو نظريّة حمقاء قرأتُها ذات يومٍ بأحد الكُتُب، كنتُ فعليًّا اسمح للقدر بالإبحار بي حيثُ يشاء دون ان اعترض، اتبع حدس اللحظة الاولى وأُقرر انني موافقة على الزواج من شخص بالكاد اعرِفُ ملامح وجهه لينتهي بي الأمرُ في بيته بثوب زفاف.

امسكت بيدي فجأة، كانت كبيرة وخشنة مثلك تمامًا ولكنّها حنونة مثلك ايضًا، وجدتُ فيها امانًا من كُلّ مخاوفي، ومنذُها وهي احبُّ صديقٍ لي، بات بيني وبينها ميثاقًا بالحماية، ودون ان اشعُر غدت عادتي ان اظلّ بجانبك لأُمسِك بها، في ذلك الوقت بالذات لم أكُن بحاجة لشيءٍ اكثر من الأمان وشيئًا فشيئًا بِتُّ اكثر جُرأة في نيل ما احتاجهُ منك.

بيداءDonde viven las historias. Descúbrelo ahora