النهاية

6.9K 547 412
                                    

في نصف ليل الروح تنطلق الفراشة من سراديب العقيق
في رأسها تاج من الذهب القديم، يقودها حلم ببستان الحريق
جلبابها البلور يلمع في الظلام بلا بريق
       ****مقتبس****

- اردتُ ان اكون اوّل زائرٍ لكم.
قالها وهو يمدُّ اليها يدهُ مُصافِحًا واضاف بلُطف:
- هذه هديّة بسيطة بمناسبة البيت الجديد.
اخذتها منهُ وشكرتهُ ولا زالا امام الباب؛ وقد فهم هو تردُدها ليقول:
- انا سأُغادر، اردتُ فقط ان اتمنّى لكِ بدايةً سعيدة.
- تفضّل ارجوك، سأصنعُ قهوة ونتحدّث قليلًا.
حسمت امرها وهي مُدرِكة انّ وليد ليس شخصًا قد تخاف منه خاصّة وانّهُ ساعدها كثيرًا منذُ خروجها من المشفى.

رفض هو الدخول مُتحجِجًا بالعمل ووعدها ان يأتي مرّة أُخرى لزيارتها، عادت برفقة سراج الى الداخل ليفتحا الهديّة بفضول، كانت لوحةً متوسّطة الحجم بها اسم بيداء بخطّ عربي مُزخرف.
ابتسمت بسعادة وبداخلها شعور بالاسى تجاه وليد الذي يتقرّب منها بصورة واضحة واحتياجها لوجوده بقُربها في هذه الفترة بالذات لأجل العمل، هو لم يتزوّج الى الآن ويبدوا انّهُ يرغبُ بها ولكن هذا لن يحدُث وقلبها مُتعلّقٌ بطارق، يجب ان تحادثهُ بهذا الأمر لكي لا يظُنّ انّها تستغلّه.

قضّت بقيّة اليوم في توضيب اشيائها بمساعدة حنين وماريا اللتان جائتا لزيارتها بعد بضعة ساعات، وكان لوجودهما اثرًا عميقًا بقلبها فقد ادركت انّها لم تفقدهُما بحماقتها الأخيرة وقسوتها، حنين التي خالفت عناد حسن واتت لصديقتها شعرت بخسارة اخيها لإمرأةٍ مثل بيداء وادركت ان الحياة ستمنحها فُرصة للسعادة لأنها تستحقُّ ذلك، يكفي انّها ملاكًا يجمعُ الأحبّاء، لقد منحتها مفاتيح قلب حسن وجعلتها تُسعدهُ بعد سنواتٍ من العذاب، اهدتها عائلة مُحِبّة وأُمًّا لم تحظى بحنانها ولكنها وقعت بين يدي اخيها الصارِم عديم القلب وما اسوأهُ من حظّ.

.
.

لقد عاشت بمُجتمعٍ يعتبر المرأة مفعولٌ به، يتم تربيتها بصرامة، حمايتها ككنز، تغطيتها كسِلعة مسروقة وتدريبها لتُصبِح الزوجة المثالية دون ان تستطيع إبداء ايّ رأي، كُلّ ما عليها ان تظلّ منصوبة القامة دائمًا فإذا انكسرت لا يمكن لأحدٍ ترميمها وسيؤول اللوم على الفاعل وهم اهلها بالطبع لذلك لا يُمكنها ان تُخفي خوفها من هذه الليلة؛ فلأوّل مرّة بحياتها تنامُ بمنزِلٍ لا يحرُسهُ رجال.

لقد تعوّدت على ان تشعُر بالأمان بسببهم، ان تستنِد عليهم بأصغر امور حياتها، وبالرغم من كونها امرأة مثقفة ومهندسة مرموقة الّا ان العوز الانثوي لوجود رجُل بحياتها سِمة خُلِقت بها كما حال جميع النِساء وسيكون من الصعب عليها مُمارسة دور الأُمّ العازبة بهكذا مجتمع، فهو سيضعها في خانة الممنوعات ما ان تنال لقب مُطلّقة، سيُشهِر عليها الرغبات الحيوانيّة للرِجال وسيتعين عليها حينها ان تُربّي مخالبها للحفاظ على نفسها قبل ان ينهشوها بلا رحمة.

بيداءWhere stories live. Discover now