الفصل الرابع

106K 3.6K 209
                                    

طفلة في قلب الفرعون

الفصل الرابـع :-

وفي اللحظة التالية كان يزيد يتوقف مستديرًا لهم ليُخرج "الميكروفيلم" من جيب بنطاله ثم ألقى به نحوهم ليتلقفه احدهم بلهفة فتوقفوا لحظة يتفحصوا ما رماه لهم...
لم يجد طريقة افضل من تلك ليشغلهم عنه ولو ثواني!!...
بينما استدار يزيد ليضغط على تلك السلسلة المعلقة برقبته وخلال لحظات كانت سيارة تقف امامهم ليدفع دنيا برفق داخل السيارة ثم ركب هو الاخر وهو يصرخ بالسائق:
-اطلع بسرعة على بيت الساحل
اخذ يلتقط أنفاسه بصعوبة... إنتفض قلبه فزعًا.. لا يدري ماهية تلك الرجفة التي أصابت كيانه عندما تصنمت دنيا جواره بشحوب....!
نظر لقدمها يردف بلهفة لم يستطع إخفاءها:
-رجليكِ مالها؟؟ حصلك حاجة؟؟ إنتِ كويسة إنطقي!
هزت رأسها ببطء من بين أنفاسها المتهدجة ألمًا ورعبًا... ألم استوحش قدمها فجأة وهي تركض مختلطًا بأنياب الخوف التي نشبت بقلبها مع إنطلاق صوت الرصاص...!
إنتبهت لهزة يزيد وهو يزمجر فيها:
-إنطقي إيه اللي حصلك؟؟
إبتلعت ريقها تحاول تجفيف ريقها ومن ثم همست بشحوب:
-انا كويسة
وبمجرد أن نطقت بتلك الكلمة لم يستطع أن يكتم تلك الرغبة الملحة داخله ليحتضنها... ليشعر بجسدها الهش بين ذراعيه.... ضمها لصدره بحنان بكل قوته وكأنه يود ذرعها بين ضلوعه!!....
وهي الاخرى كادت تقاومه في البداية، ولكن فجأة شعرت أن ذلك لم يكن مجرد "حضن"... بل كان حياة بأكملها... كان شيء لمس ذلك الفوران داخلها من المشاعر, كان خلود لروحها الملتوية بعد ممات....!
استفاق كلاً منها عندما نظر له السائق يردد بجدية:
-يزيد، إطلُب دكتور؟؟
هز يزيد رأسه نافيًا ليجيبه:
-شكرًا يا حسن، اكيد في اسعافات أولية هناك اول ما نروح انا هشوف..
.........................................

بينما على الجهة الاخرى كان احد الرجال الذين كانوا يطاردوهم يصيح بانفعال باللهجة اللبنانية:
-يا الله هيدا نصب علينا وهرب عطانا الميكروفيلم كرمال يهرب
اومأ الاخر مؤكدًا والغضب يحتل مكنونات عيناه السوداء لتصبح خلفية لجهنم، ولكن اجاب محاولاً تهدئة مخاوفه:
-خلص مش مِشكلة هيك هيك نحنا اخدنا منو الميكروفيلم
ولكن اشواك الخوف لم تُقتلع من عقل صديقه، فجادله بقلق:
-وانت شو عرفك انو الميكروفيلم هيدا حقيقي بلكي ضحك علينا كرمال يهرب متل ما عِمل هلأ!!
زفر على مهل وهو يحك رأسه مفكرًا:
-خلص منتصرف ومنحاول نشوف الميكروفيلم قبل ما نعطيه للبيج بوص
استمرت اسئلة صديقه المرتعدة:
-طيب لو طلع مش الحقيقي شو حنعمل؟!
حينها وباستسلام قال:
-ساعتها نترحم على حالنا!! البيج بوص ما رح يتركنا اذا فشلنا بهيك شغلة صغيرة!

****

دلف "يزيد" مع "دنيا" لذلك المنزل الصغير المطل على بحر... ارتيـاح داعب جوارح كلاً منهما واخيرًا بعد صراع طويل مع شعور القلق الذي أمات أي هدوء لهم...!!
وبمجرد أن دلفوا توجه يزيد نحو غرفة صغيرة مغلقة ليفتح ويأخذ الاسعافات الأولية ثم عاد لدنيا التي جلست على الأريكة بإرهاق واضح..
جلس جوارها وبتلقائية كاد يمد يده ليرفع البنطال عن قدمها ولكنها صرخت فيه بتوحش لم يُخفى منه التوتر:
-اوعى إيدك لاتوحشك يابرنس!!
"هم يضَحك وهم يبكي" ....
الجملة الوحيدة التي تناسب ذلك الوضع المتقلب الذي يكاد يخنق كلاهما..!!
لم يعطها اهتمام فكبل يداها بيد واحدة بحزم واليد الاخرى كانت ترفع البنطال برفق حتى ركبتها... زفر بعمق عندما رأى خدش صغير في قدمها فهمس بصوت أجش:
-اهدي، كنت بتطمن بس!!!
صاحت فيه بنبرة درامية:
-واديك إتطمنت.. خدت الرصاصة بدالك، عشان تقعد تبرطم "انا عارف انا بعمل إيه" لا واضح اوي انك عارف!
كز على أسنانه بغيظ.. ثم بدأ يخرج بعض الاسعافات ليعقم لها ذلك الجرح، متمتمًا والابتسامة قد تسللت لعبوس وجهه الصلب:
-خدتيها بدالي ايه، اتجي الله! دي يادوب سلمت على رجلك من بعيد كده وهي بتعدي من جمبها

"طفلة في قلب الفرعون" بقلم/ رحمة سيدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن