الفصل الثاني

29.7K 553 14
                                    

الفصل الثاني

صرخ "باسل" بكل ما أوتي من قوة ليصدح صوته بالمشفى، فجاء جميع الأطباء و طاقم كامل من الممرضين على صوته، وقفت المشفى على قدمٍ وساق عندما وجدوا صغير عائلة "الهلالي" قاطع النفس و رأسه تنزف ، وضعوه على ناقل المرضى ليركضوا به نحو غرفة العناية المركزة ، هم "باسل" بالذهاب ورائهم إلا أن عيناه لُهبت جمراً عندما تذكر تلك الفتاة مازالت جالسة بالسيارة منكمشة على نفسها و عيناها لا تتوقف عن ذرف الدموع ، ذهب نحوها يطوي الأرض بقدميه ثم فتح باب السيارة بعنف ليجذبها نحوه قابضاً على ذراعها بقبضة فولاذية لتصرخ "رهف" بألمٍ باكية بحرقة و أصابعه غارسة في ذراعيها ، ألتفتت الأنظار نحو المشهد الغريب أمامهم وكما أن مظهرها مُغرياً لأي رجل بملابسها التي لايصلح التجول بها في الشارع ، نظر لما ترتديه بإحتقارٍ هو لا يستطيع تحمل النظرات الجائعة الموجهه لها ، و بحركةٍ سريعة كان ينزع بذلته ليضعها على كتفيها بصرامة، ظهر قميصه الملتصق بصدرة الصلب ليجعله بمظهرٌ مُثير ، أحاطت "رهف" بذلته و رائحة العطر تخترق أنفها ، أستطاعت بذلته إخفاء جسدها الضئيل إذا قورن بجسده الضخمة، دفعها لتدلف للسيارة ثم أنحنى نحوها ليقبض على فكها بقوة مقرباً وجهها من وجهه، ولم يفصلهما سوى بعض السنتيمترات ، ألتهبت عيناه بقوة وخرجت نبرته مرعبة :
- إياكي تتحركي من هنا .. حسابنا لية مخلصش ..

تركها ليغلق باب السيارة بقوة أخرج به شحنات غضبه .. أرتجفت ضلوعها و هي تراه يبتعد ذاهباً صوب المشفى بخطوات أشبه بالركض ، فتحت باب السيارة لتترجل منها راكضة وراءه و هي تقول بتوسلٍ عله يسمعها :
- لو سمحت أفهمني أنا معملتش حاجة !! أنا ..

كان قاب قوسين أو أدنى من دفنها مطرحُها، لذلك ألتفت لها قابضاً على كتفيها بقوة شديدة ليضرب ظهرها بالحائط خلفها حتى تأوهت هي بتألمٍ و هي تشعر بعظامها تهشمت، ناهيك عن رأسها الذي يكاد يفتته الصداع من الضربة المؤلمة التي تلقتها،  أقترب بوجهه منها بشدة و هو يقول بنبرة جحيمية :
- قسماً بالله لو أخويا حصله حاجة بسببك هدفنك !!!

لم تستطيع النبث ببنت شفة ، و كأن لسانها رُبط ، و عيناه السمراء تقتحم عيناها البندقية بقوة !!!
نفضها و كأنها مرضاً معدي ثم ذهب حيث يرقد أخيه ..

سقطت "رهف" على الأرضية تشهق شهقات متتالية ، ضمت بذلته إلى صدرها لتخفي جسدها عن الناظرين ، البعض يرمقها بشفقة و البعض بلا مبالاة و كأن قلوبهم أصبحت كالحجر، فهي هُربت من كارثة كانت ستودي بحياتها وشرفها على يد زوج أمها ليأتى و يكمل عليها ذلك الحقير، ثم يليه أخيه الذي ما إن رأته و هو يعنفها دون حتى سماعها ..

ظلت جالسة على الأرضية ما يقارب الساعتين ، قررت النهوض عندما لم تجد فائدة من جلوسها هكذا ، سارت في الرواق بإنهاكٍ تجُر قدميها ، حتى رأته يقف بهيبته ناظراً لزجاج غرفة أخيه ، أستطاعت رؤية عيناه تلمع بدموع رافضة النزول ، أقتربت منه ببطئٍ خائفة من بطشه، لم يتكبد "باسل" عناء النظر لها ، ظل شارداً و هو يسألها بصوت جاف مميت :
- عمللك أيه عشان تضربي دماغة بالإزازة اللي كانت ممكن تفتحله دماغه،  عـمـلك أيــه ؟؟!!!!!!

حافية على جسر عشقي - كاملةWhere stories live. Discover now