44

2.8K 286 84
                                    

الصّباح التّالي كان لطيفًا وهادئًا، استيقظتُ على منبهي وأنا أشتمّ روائح شهيّة في البيت، وبالطّبع كنتُ وحدي على السّرير.

نهضتُ لأجد هيونغ -الذي يرتدي مئزر البقالة- قد أعدّ الإفطار المكوّن من الخبز المحمّص والنّقانق والبيض المقلي عدا عن الخضروات والأطباق الجانبية ليسيل لعابي لذلك المنظر فيما هيونغ يضحك بسعادةٍ لمظهري.

كنتُ سأغضب لأنّه ذهب إلى العمل لكنّه قال: "لا أستطيع التغيّب إلى الأبد!" ولم أستطع الرّد إلّا بتنهيدةٍ محبطة.

تناولنا الإفطار وأبقيتُ عينًا على هيونغ طوال الوقت حريصًا أن أراه يبتلع الطّعام، وشعرتُ بالرّاحة لأنّه فعل، ولمَ أنسَ أن أتأكّد من تناوله الدّواء أيضًا.

حملتُ حقيبتي لأذهب إلى محطّة الحافلات فيما نظراته القلقة تلاحقني: "جونغكوكي هل تريد أن أوصلك؟"

ابتسمتُ مطمئنًا: "لا تقلق هيونغ! الأمر بسيط"

اقترب منّي وأنا أقف عند المدخل وربّت شعري قبل أن يمدّ يده إلى جيبه ويناولني مبلغًا من المال.

نظرتُ باستغرابٍ: "ما هذا؟"

"مصروفك الأسبوعي، نسيتُ إعطائك إيّاه البارحة"

ابتسمتُ بارتباكٍ: "لا بأس هيونغ، لا أحتاج إليه"

عبس ومدّ يده ليفرد يدي ويدسّ فيها النّقود: "لا تقل ذلك وأبقها معك"

لم يكن هناك مجال للجدال فأخذتها وشكرتُه قبل أن أنصرف وقد ازداد عزمي على تنفيذ ما أفكّر فيه.

مضى اليوم الدراسيّ ببطءٍ، كنتً أشعر بنظرات الطّلاب وهمساتهم عنّي في الأرجاء لكنّي لم أعطهم اهتمامًا بل أخذتُ أركّز ذهني على خطّتي التّي سأنفّذها اليوم.

إذا كان هيونغ سيعود إلى المنزل سريعًا بعد عمله في المتجر لتناول/إعداد الغداء ثم سينصرف إلى عمله في المكتبة حيث سيبقى إلى السّادسة فلديّ من الوقت ما يكفي.

دوامي المدرسي ينتهي قبيل الثّانية، إذًا لن يكون في البيت عندما أعود، وبالفعل رجعتُ إلى البيت لكنّ هيونغ لم يكن هناك، وجدتُ ورقةً على الطّاولة بجوار الأطباق المغطّاة

"آسف لا أستطيع انتظاركَ كوكي، تناوله بالهناء!"

رفعت الغطاء عن الأطباق ونظرت إليها لحظاتٍ قبل أن أعاود تغطيتها وأتّجه بسرعةٍ إلى غرفتي لأرمي حقيبتي وأغيّر ملابسي قبل أن أجلس وأتناول بعض الطّعام بسرعةٍ، والآن حان وقت التنفيذ!

مررتُ على عشرات المحلّات من مقاهي ومطاعم ومكتبات ومتاجر، أريد عملًا، لكن لسببٍ غريبٍ جميعهم لم يكونوا بحاجةٍ إلى عمّال إضافيين، لم أكن أعرف أنّ عدد سكان دولتنا كبيرٌ إلى هذا الحدّ!

سرتُ في الشّوارع حتّى أصبحتُ أجرّ قدميّ من التّعب بدون فائدة، نظرتُ إلى السّاعة لأجدها الخامسة والنّصف أي سيعود هيونغ بعد قليلٍ ومن الأفضل أن أكون في المنزل أدرس بحلول ذلكَ الوقت، لكنّ مروري أمام مقهى ورؤيتي لصور العصائر المثلّجة التي يبعيها والنّقود التّي في جيببي أغرتني كلّها لأدخل وأطلب كوبًا من العصير قبل أن أتّجه إلى البيت.

مرّت دقائق وأنا أعبث بهاتفي إلى الطّاولة باحثًا عن وظائف جزئيّة للطلاب في هذا الوقت الذي لن يثير شبهات سوكجين هيونغ، عندما قال أحدهم باستغرابٍ: "جونغكوك؟"

رفعتُ بصري لأدرك أنّ يونغي هيونغ يقف أمامي وهو يحمل صينيّة فوقها كوب العصير، ابتسمتُ لرؤيته وقلتُ: "يونغي هيونغ!"

وضع الكوب أمامي وقال: "ما الذي تفعله هنا؟"

أدرتُ بصري في المكان ثمّ سألتُ بإدراكٍ: "مهلًا، هل تعمل هنا؟!"

أومأ مبتسمًا وأصدرتُ صوتًا يدلّ على تفهّمي قبل أن أعقّب: "لم أكن أعرف ذلكَ"

"هل عدت من المدرسة للتوّ؟"

نفيتُ برأسي: "لا، كنتُ أحاول البحث عن عمل"

"عمل؟"

أومأتُ مجددًا: "لكنّي لم أجد شيئًا"

قاطع حديثنا نداء أحدهم: "يونغي! الطّلب التّالي جاهز!"

أدركتُ أنّ عليه أن ينصرف لكنّه ربّت على كتفي وقال: "راسلني لاحقًا"

أومأتُ وابتسمتُ شاكرًا قبل أن يمضي لأتنهّد بهدوءٍ وأبدأ برشف كوب العصير وبعد دقائق غادرتُ المكان.



وصلتُ قبل هيونغ بالطّبع وأحضرتث حقيبتي إلى الصّالة لأبدأ بالدّراسة، فأنا فعلًا أريد إسعاده كما أني لا أريد أن يشكّ بما أفعله، وكما توقّعتُ عاد مصطحبًا نامجون هيونغ معه ليبدآ بإثارة الفوضى بنقاشاتهما السّخيفة ومزاحهما السمج الذي يجعلني أضحك مع ذلك.

تناولنا الطّعام وكان نامجون هيونغ يدسّ لقمةً في فم سوكجين هيونغ قبل أن يبتلع سابقتها ليصرخ به موشكًا أن يختنق مما جعلني أنفجر عليهما بالضّحك.

ثمّ درستُ الرّياضيات بمساعدة نامجون هيونغ قبل أن ينصرف إلى بيته بعد ساعة طويلة من الدّراسة، وحدّد لي بعض القوانين لحفظها والتمارين لحلّها.

تلاه جين هيونغ الذي انصرف إلى عمله الأخير وهكذا أصبحتُ وحيدًا من جديد.

تناولتُ هاتفي وبدأتُ مراسلةً يونغي هيونغ آملًا أن يجيبني وألّا يكون مشغولًا بعملٍ آخر فهو كما يبدو آلة عمل كجين هيونغ

يونغي هيونغ

هل لديك وقت؟

أخبرتني أن أراسلك بشأن العمل

هل لديك نصائح بخصوص الأمر؟

وضعتُ هاتفي جانبًا لكنّ ما أثار دهشتي هو الاتصال الذي ورد من يونغي هيونغ لأتناوله مجيبًا بسعادة



---



على الأرجح لاحظتم تغيّر أسلوب السّرد قليلًا حيث أصبح أكثر سرعةً وأقلّ تركيزًا على التّفاصيل، والسّبب أنّي بدأتُ أشعر ببطء الأسلوب السّابق وصعوبة التقدّم في أحداث الرّواية به، على الأرجح لن أستمرّ بهذا الأسلوب وإنّما سأنوّع بينهما أو أجد خليطًا وسطًا على حسب الأحداث، لكن للآن فليكن هذا الفصل هكذا..

💙

أُهْبَة | JJK x KSJ ✔حيث تعيش القصص. اكتشف الآن