47

2.6K 289 99
                                    

كنتُ أركن السّيارة في شارعٍ هادئٍ ومظلم أعبّ الأكسجين بأنفاس عميقة من القناع الذي أثبّته على وجهي فيما أستند إلى الخلف غارقًا في أفكاري

بعد فترةٍ من الوقت كانت كافيةً لينتظم نبضي من جديدٍ تناولتُ هاتفي واتّصلتُ به

"أين أنت يونغي؟" سألتُ فور أن أجاب المكالمة وقبل أن أسمع تحيّته حتّى، استغرق لحظاتٍ حتّى يستوعب الأمر قبل أن يجيب بهدوءٍ مخفيًا تفاجئه -وعلى الأرجح غيظه- من فظاظتي الغير معتادة: "ما الأمر هيونغ؟ هل تريد شيئًا؟"

"هل أستطيع رؤيتك الآن؟"

"على حسب المكان"

"هل يمكنكَ المجيء إلى المتنزه القريب من المتجر الذي نعمل به؟" كان ذاته المتنزه المطلّ على النّهر والذي حدث فيه ما حدث مع جونغوك قبل فترة

استغرق لحظاتٍ كي يجيب ثمّ قال: "حسنًا، سأكون هناك بعد دقائق"

"سأنتظركَ على الجسر"

لم أسأله أين هو أو ماذا يفعل، ودفنتُ تأنيب الضّمير في زاويةٍ من قلبي سامحًا للغيظ والغضب أن يأخذ المساحة الأكبر

حرّكتُ سيارتي وركنتُها أمام الحديقة قبل أن أترجّل وأتّجه إلى الجسر شاعرًا بهواء الليل الذي يصبح أكثر برودةً يضرب وجهي

بعد فترةٍ من التحديق في النّهر واستعادة أحداث اليوم سمعتُ صوته خلفي: "جين هيونغ؟"

التفتُّ إليه وحدّقتُ في وجهه لحظاتٍ ليعاد في ذهني ما حدث لجونغوك قبل أن أرفع قبضتي وأهوي بها على وجهه

التفت إليّ بغيظٍ ونظراتٍ حادّة: "ما الأمر؟!"

"ما الذي دسستَه في عقل جونغوك؟!"

رفع حاجبيه وهو ينظر إليّ: "ماذا؟"

شددتُ قبضتي وبدأ صوتي يعلو حتّى انتهيتُ صارخًا: "لا تتظاهر بالغباء! ألست أنت من أقنعتَه أن يغنّي؟ ألست انتَ من عرضت عليه أن يعمل في الغناء؟! ألست أنتَ من تسبّب بذهابه إلى الملهى الليلي اليوم؟!"

كان يحدّق بدهشةٍ قبل أن يقول: "ماذا؟ هل جونغوك ذهب إلى ملهى ليلي؟!"

صرختُ: "لا تتجاهل سؤالي!"

عبس ثمّ قال بانفعالٍ: "لماذا لا تستخدم عقلكَ؟! أنت تعلم أنّ جونغوك يبلغ الخامسة عشرة؟! أنت تعلم أنّه يجب أن يعتمد على نفسه؟ وماذا إذًا؟ ماذا إن عمل في الغناء أو الهندسة أو الرياضة أو أي شي لعين في هذه الحياة؟!"

شلّتني كلماتُه وأعجزتني عن الرّد رغم أنّه لم يجب عن سؤال أصلًا لأنزل رأسي وأحدّق في موضع قدميّ لحظاتٍ قبل أن أهمس: "آسف" ثمّ ألتفت مبتعدًا عنه، لكنّ يده على كتفي أوقفتني لأستدير إليه بخفّة، كان يحمل نظراتٍ جادّة على وجهه وهو يقول: "أخبرني ما حدث!"



كنّا نشرب كوبي قهوة ساخنين من إحدى آلات البيع ونحن نجلس على أحد الكراسي مقابل النّهر، وقصصتُ على يونغي ما حدث فيما أحيط الكوب الكرتونيّ الذي أصبح باردًا بيديّ وأتأمل في قاعه.

قال بهدوءٍ: "اسمع هيونغ، أنا لا أعلم بشأن قبول جونغوك الغناء في الملهى. نعم أعترف أنّني من اقترحتُ عليه أولًا الغناء لجني المال، لكنّه عاش وقتًا عصيبًا وهو يبحث عن عملٍ قبل أن أفتح فمي بذلك، لم أقصد إرغامه أو أيّ شيءٍ لكنّه بعد المزيد من أيام تدربه على الغناء جاء وأخبرني عن رغبته في الأمر لذلكَ أخذتُه معي إلى المقاهي والمطاعم التي أعزف فيها، فقط لو رأيت سعادته في كلّ مرّةٍ يغنّي فيها ويشعر الآخرون بكلماته، وفي المرّة الأولى التي حصل فيها على مبلغٍ نقديّ.. فقط.. لماذا لا تحاول فهمه؟! ما الخطأ فيما فعلَه؟ لقد كنتُ أعمل منذ كنتُ بالعاشرة بحقّ الله وهأنذا!"

شددتُ يدي على الكوب حتّى تجعّد قليلًا وقلتُ بصوتٍ خفيضٍ: "وأنا أيضًا، أنا أيضًا أعمل منذ زمنٍ طويلٍ، لم أرد أن يفقد جونغوك طفولته أيضًا لكن يبدو أنّه لا مفرّ من ذلك"

صمتُّ قليلًا قبل أن أتنهّد وأقول: "لا أعلم ما الذي يزعجني في الأمر بالتحديد، فقط لا أستطيع تقبّل الفكرة، وأيضًا لقد كذب عليّ، أخبرتُه أنّه يستطيع العمل بعد إنهاء اختباراته فلماذا استعجل الأمر وأوقع نفسه في المشاكل؟ ما ذا لو حصل له شيءٌ في ذلكَ المكان اللعين أو ما يشبهه؟!"

قال بحذرٍ وبطءٍ: "أتفهّم شعوركَ بشأن أنّه كذب وبشأن تعرّضه للخطر، لكن هناك شيءٌ آخر أعمق. قد يكون ما أقوله غريبًا لكن ربّما أنتَ لا تريد الانفصال عنه؟ أعني رغم أنّك تريده أن ينمو ويتعلّم منطقيًا وعقليًا لكنّك عاطفيًا لا تستطيع تقبّل الأمر، لا تستطيع تقبّل أنّه سيستغني عنكَ أو سيفقدكَ، أنت لا تريد الرّحيل هيونغ.."

فجأةً شعرتُ بشعورٍ غريبٍ في قلبي وترقرقت الدّموع أمامي لتزيد تموّجات الماء أمامنا تموّجًا، لقد كانت لحظة إدراكٍ.. هل كان هذا ما أشعر به كلّ تلك الفترة؟ وأنا الذي كنتُ أضع الأعذار المختلفة طوال الوقت؟

أخفيتُ دموعي ومسحتُ وجهي بخفّة بأطراف أصابعي قبل أن أقف وألتفتَ إلى يونغي راسمًا ابتسامةً: "شكرًا يونغياه، أعتقد أنّي أفهم الآن لماذا جونغوك يحبّ صحبتكَ، آسفٌ مجددًا لأجل اللكمة، إلى اللقاء الآن!"

استدرتُ بسرعةٍ قبل أن أنفجر بالبكاء وابتعدتُ قبل أن أسمع إجابته لكنّه صاح: "لا بأس! إلى اللقاء"

رفعتُ يدي ملّوحًا بها دون أن أستدير لأتّجه إلى سيّارتي

---

هلّو بيوبل

سؤال، بتكرهوا أهبة شي :(؟

صرت محبطة شوي من كمية التعليقات الي عم تجيني إنو الناس تعبوا إنو القصة درامية وحزينة و و و، مع إني وضحت هالشي مية مرة بالبداية والي مو مرتاح مو مجبور يقرأ :(

همم عمومًا

رأيكم بالفصل؟

زمان عن يونجين والله xD

آه وأهبة وصلت 10 آلاف قراءة، شكرًا 😭💙💘

أُهْبَة | JJK x KSJ ✔حيث تعيش القصص. اكتشف الآن