الفصل العاشر "وخزه قلب"

7.3K 305 15
                                    

الفصل العــــاشر

"وخزه قلــــــــــب"
لم تكن تلك الليلة مثل كل الليالي التي سبقتها فهو يحلم بها كل عده أيام لكنه حلم غريب للغاية لم يستطع تفسيره وحاول إبعاده عن تفكيره فهي لغيرة وليست له ، اما الليلة فاخذ يستحضر ذلك الحلم ويتذكر كل تفاصيله بدون أي شعور بالذنب فبعد ان علم أنها فسخت خطبتها أصبح بمقدورة الآن أن يتقدم هو لخطبتها سوف تكون له هذ الحورية الصغيرة، صحيح انه يكبرها بحوالي ستة سنوات فقط إلا أنه يشعر أنها صغيرة للغاية ويريد حمايتها بشكل لا يوصف ، لو أستطاع لوضعها بقوقعه بحريه واغلق عليها وأخفها مثل اللؤلؤ في قاع المحيط بمكان لا يعرفه سواه لكنه لا يستطيع فعل ذلك .
اغلق عينيه وهو مبتسم هو يعلم انه سوف يحاصرها الي ان يحصل علي موافقتها واغمض عينيه وعلي فمه ابتسامة ومن ثمة ازدادت تلك البسمة بعد أن غط بنوم عميق ، يبدو انه راها بالحلم ... .
_ أما حسام الذي دلف الي غرفته بعد أن أخبر أخوته بما حدث معه وما فعله
"بالحيوان الأنوي" وشعور كل من أحمد وعبد الرحمن بالاشمئزاز من ذلك الشخص ، لما شعر بهذا الشعور لا يعلم؟ لكنه يشعر أنه بشكل أو بأخر يتحدث عن جزء منه وقرر في نفسه بأنه سوف يمنح صافي الطلاق بعد أن علم بمعاناة أمل  رغم أن وضع أمل هو أسوء مليون مرة من طليقة فأمل خسرت مستقبلها وسعادتها وتركت كل شيء خلفها لتهرب من ظلم زوجها بينما صافي لم تخسر سوي ينبوع المال الذي يمدها بما تريد شراءه فقط لا غير .
*** **** ****
في اليوم التالي بعد انتهاء اليوم الدراسي مر حسام لاصطحاب أمل التي لم تخرج من باب الجامعة الا بعد ان رأته  شخصيا  يلوح لها ، واسرعت الي داخل السيارة بعدها اصطحابها الي منزله حيث يعدون العدة لحفل سارة ، في الطريق اخبرها بأن المحامي يحمل بشري ساره بأنه يستطيع الانتهاء من تلك القضية في خلال شهر واحد ، دهشت أمل " شهر واحد وابقي حرة! " نظر لها حسام نظرة سريعة ثم أشاح بوجهه مرة أخري للطريق " واقل من كده كمان " .
_ مر محمد لاصطحاب آية التي فور أن راها نزل ليفتح لها باب السيارة وقرر معاملتها بكل كياسة ولباقة وترك الصبيانية خلف ظهرة ، لكن ما راه جعل رأسه يشتعل وتناسي كل شيء عن اللباقة!.
كانت تقف مع أحدي زميلاتها ومن ثم أتي شابان أخران وتبادلا بعض الكلمات وبعدها أعطت آية إحدى الشبان دفتر وهي باسمة، ترك السيارة وزرر بذلته واتجه نحوها ورسم ابتسامة باردة علي وجه " مساء الخير " نظرت نحو الصوت ولم تبد السعادة علي وجهها رددت ببرود " مساء الخير " ، " ماشي يا أنجي أشوفك بكرة " ولوحت بيدها للشاب وقالت وهي مبتسمة " سلام " وذهبت مع محمد الذي نظر نظره فاحصة يقيم بها العقبة الجديدة التي ظهرت من العدم ، فتح لها الباب وحاول ألا يظهر أي عصبية نحوها وأنطلق بالسيارة وهو يعد من واحد الي الألف قبل أن يتكلم كي لا يبدو الغضب في صوته ، تنحنحت هي وقطعت عليه الرقم " 456" ! .
" مفيش داعي تعدي عليا تاني خلاص " عض شفتيه غلا لبرودة قولها هذا " ليه خير؟ " نظرت لهاتفها وقالت ببرود " مصطفي خلاص معتش هيجي تاني ، ومفيش داعي تيجي ليا الكلية " ثم نظرت إليه " وبعدين أقول ايه لأصحابي لما يشفوك كل يوم بتعدي تاخدني " .
كاد ان يفتك بالمقود تحت يده من شدة الغيظ  " احنا اتفقنا مع عم شاكر اسبوعين علي الاقل " " وانا بقولك دي اخر مرة هركب معاك فيها " " ومين بقي اللي حضرتك شايلة همه يتكلم عليكي الاستاذ اللي كان واقف معاكي ولا في حد تاني ؟ " صاحت به صارخه وخرجت من برودتها " أنت اتجننت في عقلك قصدك إيه؟! " صاح هو الآخر " احترمي نفسك ومتعليش صوتك عليا تاني ابدا وإلا اقسم بالله هتشوفي وشي التاني يا آية " .
حاولت كتم غيظها " نزلني " وعندما لم يجب أخذت تعبث بكل شيء امامها بالسيارة بكل غيظ وحقد وهي تصرخ " نزلني بقولك نزلنـــي! " لم يعرها أي انتباه في الأول ولكن ما إن زاد صراخها وهياجها  اضطر الي وقف السيارة ، صاح بقوة " كفاية يا آية بقولك كفاية " ، أخذت انفاسها تعلو وتهبط بشدة " افتح الباب بقولك " " مش هيحصل وكفاية بقي لحد كده " أغمض عينيه بشدة من الألم الذي يجتاح رأسه ومرر أصابعه بشعره الاسود الفاحم " انا اسف يا آية وبعد ما الاسبوعين يخلصوا اوعدك مش هتشوفي وشي تاني بس لازم اوفي بوعدي لعم شاكر " كان يتكلم بهدوء غريب جعلها تسكن واقرت في نفسها انها تشفق عليه ، وهو نفسه قد رأي الهدوء في عينيها لحظه انه يقسم علي ذلك لكن سرعان ما ذهب الهدوء وحل محله الغضب ونظرت الي الخارج .
تنهد بآسي وسار بالسيارة تري ما الذي يحدث معه ولما هي تكرهه بشدة هكذا؟، اما هي فقد ترددت في راسها جمله واحدة جعلتها تنسي الشفقة عليه تماما .
وصلوا دون ان يتفوه احدهم بكلمه أخري وعندما دلفوا الي الحديقة كان امل وحسام يعملون وقد بدوا مستمتعين بما يفعلوه ومن ثم لحق بهم عبد الرحمن وأحمد الذي أخذ يملي عليهم طلباته التي لا تنتهي!.  
كون حسام وأمل فريق وأثناء انشغال آية وعبد الرحمن بإخراج الزينة من العلب ، انحني حسام نحو امل وقال بصوت خفيض " انا خلاص هطلقها " رفعت امل راسها بسرعة وتركت ما بيدها  " هو انت كنت لسه مطلقتهاش !! " " لا طلقتها رمت عليها اليمين ومكنتش ناوي اديها حريتها الوقتي ، بس بعد ما شوفت اللي حصل معاكي قررت أديها ورقتها " هزت امل راسها بخفوت شديد ويبدو انها ذهبت الي عالم آخر .
جلس الي جوارها " امل في إيه مالك ؟ " تمتمت بتردد " انت ممكن ترجعها لو عاوز " ضحك باستهجان " مستحيل انا طلقتها تلات مرات خلاص كنت مضايق أوي وطلعت غضبي كله مرة واحده ، نظرت له امل وعلي وجهها نظرة جامده
" ممكن ترجعها وممكن متكونش طلقتها أصلا " استغرب كثيرا لرد فعلها " بقولك طلقتها تلات مرات " واشار بيده علي الرقم ثلاثة " يعني خلاص انتهت " .
" رأي الشيوخ مش واحد في الموضوع ده وانت بتقول انك كنت غضبان أوي وفي رأي بيقول أنك لو غضبان أوي الطلاق ميوقعش ولو خدت بفرضيه انو طلاق صحيح مش معني أنك قولت لها مرة واحده أنتِ طالق تلات مرات يبقي خلاص كده ، في رأي بيقول انك لسه ليك طلقتين كمان " وضعت يدها علي جبينها تفركه بشدة " انا مش عارفه بصراحه يا حسام الأفضل انك تسأل شيخ ، أنا قريت في الموضوع ده فترة عشان كان نفسي جوزي يرمي عليا اليمين واطلق كمان بالمحكمة كنت هبقي مرتاحة اكتر ، وطبعا انا مش هفتي انا بس بقولك لو فاكر انك مينفعش ترجع ليها عشان طلقتها تلات مرات خلاص " زمت شفتيها وهزت كتفها بأنها لا تعلم وقالت بهدوء " لازم تسأل حد متخصص الأول " .
جلس حسام وترك الزينة من يده و اجتاح جسده بروده  شديدة ، هل يريد حقا لصافي ان تعود له وان تصبح زوجته مرة اخري ، وهل يمكن فعلا أن اليمين لم يقع لأنه كان معمي عن الغضب عندما طلقها ، أيعقل انها لاتزال زوجته طوال هذه المدة وهو لا يعلم ؟! .
عصفت الأفكار برأسه مرة واحده ، بينما أمل نهضت وحاولت ألا تذهب سريعا وبعد ربع ساعة استأذنت عبد الرحمن بعد أن اتفقوا علي كيفيه خداع سارة في الغد كي لا تشعر بشيء ولا تفسد المفاجأة ، أوصلهم محمد ولم يتكلم أحد طوال الطريق فأية لا تطيقه وأمل تظن أن حسام لا يزال يحب زوجته ولم تشفق علي حالها بل بالعكس وبخت نفسها لأنها لا تزال متزوجة ولم يكن يجدر بها بأن تفكر به أبدا وقررت أن تتجنبه وألا تتحدث معه مرة أخري وأما بالنسبة للجامعة لن تذهب هذه المدة أبدا وسوف تتعلل بأي شيء .
*** *** ***
جاء الغد رتيبا بعض الشيء علي سارة فهي تشعر بالإرهاق المستمر ، تستيقظ باكرا من أجل العمل وعندما تعود الي المنزل في الساعة الرابعة تبدا مناوشاتها مع أمها وأخوتها التي لا تنتهي تتمني أن تذهب من أجل النوم ولاكن في الثامنة والنصف يتصل بها أحمد بعد أن ينال قسط لا بأس به من الراحة يتجاوز الثلاث ساعات تقريبا  ويرغب بالتحدث الي الثانية صباحا وكل ليلة تقنعه بأن ينام كي يستطيع الاستيقاظ باكرا في الغد .
كانت لتكون في غاية السعادة لولا أن عصبية أحمد قد زادت حدة في الفترة الأخيرة واصبح يصيح بها بكثرة حتي وإن كان يعلم بوجود أحد معهم .
***
_ لاحظت والدتها تغيرها وشحوب وجهها فالإرهاق والقلق خير ما يأكل من صحة أي أنسان ، " مالك يا سارة اليومين دول في إيه يا حبيبتي ؟ أنتِ كويسه مع أحمد " لم تستطع الصمود أمام حنيه والدتها لدقيقة أخري واعترفت لها بكل شيء يدور في خلدها ، مسحت دموعي برقة وبحكمتها البسيطة كالعادة حدثتها " تخيلي نفسك في أوضة ضلمة 24 ساعة سبع أيام في الاسبوع سنين وسنين كده حالك هيبقي عامل أزاي؟ " تنهدت بآسي " أكيد هبقي مضايقة ، أنا عارفة والله يا ماما ربنا يكون في عونه وانا بسامحة وهو بيعتذر لي كل مرة بس حاسة في حاجه غلط مش مرتاحة! " .
كانت تتكلم بصوت معذب ولكن بهدوء شديد ونظرت الي والدتها وأكملت
" ومتفهمنيش غلط أنا بحبة جدا بس أحساسي أن في حاجه غلط مبيروحش ومش عارفه اعمل إيه " سالت والدتها مستفهمة " حاجه غلط أزاي؟ " أردفت بآسي " حاجه وحشه هتحصل " قرصت كل من وجنتي سارة بمرح " أنتِ اللي طول عمرك بدوري علي المشاكل " وذهب المرح عنها وهي تضم وجنتيها بكفاها " سارة أنتِ مستكترة علي نفسك تفرحي وحاسة أن في حاجه وحشة هتحصل عشان اتعودتي علي كده بس خلاص أرمي ورا ضهرك اللي فات معتش في فايدة منه بوصي قدام شوفي أحمد متعلق بيكي أزاي " ثم زفرت زفرة معذبة " مش عاوزة افكرك بس مضطرة فاكره "علي" مكنش بيبوص في وشك مكنش بيكلمك كنتي بتعيطي كل يوم في أجازتك لأنه عمرة ما أفتكر يتصل يطمن عليكي " تنهدت أمي بآسي مرة أخري " أنا مش عاوزة افتكر الأيام دي خلاص راحت لحالها ، بوصي قدامك يا سارة متبوصيش وراكي " كالعادة حنيتها وطيبة قلبها طمأنت سارة وهدأت من خوفها.
***
_ بعد أن انتهيت من العمل ذهبت مع محمد لشراء هاتف حديث ، حيث أخبرني بأنه يود مفاجأة أحمد بهاتف جديد وأراد مني الذهاب معه ، أحضرنا الهاتف وأصر علي اصطحابي الي المنزل رغم انني أخبرته بأنني متعبه للغاية ولكن عندما أخبرني بأن والدته تنتظرني لم أستطع الرفض.
كانت الحديقة مظلمة للغاية وشعرت بالخوف نظرت الي محمد " هو في إيه ؟ " زم شفتيه " طيب ادخلي اعدي في الحديقة علي ما اشوف سكينه الكهربا " ، غاص محمد بالظلام وتقدمت خطوات قليلة بالداخل وفجأة دب الرعب في داخلي وشعرت بشيء غريب يحدث وتراجعت للهرب الي الخارج ولكن الأضواء والزينة التي فتحت مرة واحده وتهليل العائلة جعلني افهم ما يدور بالضبط .
*** *** ***
_ وضعت يدها علي قلبها من المفاجأة ثم نزلت دموع الفرح علي وجنتيها لرؤية المفاجأة السارة هذه أمامها لقد كانت العائلة متجمعة حول طاولة مليئة بالحلويات وقالب حلوي رائع وضع عليه شمعة تعلن بلوغها الثالثة والعشرين والمظلة يتدلى منها الكثير من الأضواء الملونة والزينة ومحمد يلتقط لها الصور وهي تبكي والعائلة كلها مجتمعه في ابهي حلة وأحمد يقف بشموخ رهيب ويرتدي بذلة أكثر من رائعة ويمسك بباقة ورد بيده ، وقد تخلي عن نظارته الشمسية فهو يعلم كم تحب أن تري عيناه ، لقد كان أحمد يسحر لب أي فتاة بأناقته هذه تقدم نحوها بثقة مدروسة فهو أكد عليهم ألا يوجد أي عائق أمامه وهي الأخرى تقدمت نحوه ببطء وهي لا تزال تخفي نصف وجهها بيدها غير مصدقة أن هذا الحفل الرائع لها هي ، دفنت وجهها في صدرة وهي تبكي وربت هو عليها بحنان وقال لها بعذوبة شديدة " كل سنة وأنتِ طيبه يا أحلي سارة في الدنيا " كاد قلبها ان يتوقف لشدة الفرحة والمفاجأة وقبل رأسها بحب شديد أفاقت من ذهولها علي صيحات أخوتها وأخوة أحمد وهم يشعلون المشاعل النارية ويصيحون باسمها.
ضحك السيد شاكر كثيرا وقال بمرح كبير للسيد شهاب وأولاده " والله انتو تاعبين نفسكو أوي أحنا كبرنا نخبي منها التورتة " وضحك كثيرا وضحكت معه عائلته " والله يا عمو الحركة دي بتجننها ومفيش داعي تكلفوا نفسكو كده تاني " سال عبد الرحمن مستفهم " يعني إيه تخبوا التورتة منها ؟! " وضحت له أمل " ماما يوم عيد ميلادها بتعمل التورتة والريحة بتبقي منتشرة في البيت طبعا وكلنا نعمل أننا ناسين عيد ميلادها وبالليل بعد ما تيأس ومتلقيش التورتة وتخوش تنام ، نهجم عليها ونصحيها ومعانا التورتة وكل سنة بتتفاجئ وتنبسط وبس ولا هدايا ولا حفله أنتو تاعبين نفسكو والله " ، ضحكت العائلة كثيرا علي ما قالته امل .
ربتت السيدة وفاء علي كتف السيدة نور " أنتِ عرفتي السر اهه كل اللي عليكو تخبي التورته منها " لم تصدق أسرة السيد شهاب سذاجة سارة هذه ، وتقدم كل من سارة الباكية وأحمد الوسيم ببذلته السوداء الأنيقة وببيون عريض جميل وكأنه يوم عرسة كانت تشعر بحرج بالغ وتمتمت بعد شكرهم " مكنش لازم تتعبوا نفسكوا كده أنا كنت هتبسط اوي لو خبيتوة التورته مني " ليضحك الجميع بشدة عليها وغنوا لها أغنيه عيد ميلادها وهمت بإطفاء الشموع وعندها همس أحمد بأذنها " هتتمني إيه؟ أتمني اننا نفضل مع بعض علي طول " " لا مش هقولك عشان الأمنية تتحقق " كانت تعلم أنها خرافة ولكنها تمنت من كل قلبها أن يري أحمد من جديد النور في هذا العالم وأن تصبح زوجته الي الأبد .
بعد اطفائها الشموع ناولها عبد الرحمن هديته وقال لها " قبل ما تفتحيها لازم تشوفي هديه أحمد الأول " وأنسحب عبد الرحمن وأخوته من أمامها لتظهر سيارة رائعة كانت في بقع معتمه أضاءها ، شهقت سارة ممن شدة هذه المفاجأة ووضعت يدها علي فمها وهي مذهولة تماما نظرت الي أحمد باكية من الفرحة " عشان كده كنت مصمم أتعلم السواقة ، بس ده كتير أوي انا مقدرش أخدها " قرص وجنتها بمرح " هو إيه اللي مقدرش أخدها هو أنا واحد صحبك! انا جوزك ! " وضحكت العائلة كلها عليها بينما عضت هي شفتها السفلي من الخجل ونظرت الي الأرض.
بعد ذلك انهالت عليها الهدايا ولكن عبد الرحمن أصر علي ان تفتح هديته الأول التي كانت عبارة عن سلسال ذهبي رائع يتدلى منها لفظ الجلالة " الله " فرحت بها سارة كثيرا ونظرت بامتنان نحو عبد الرحمن " شكرا يا أبيه دي هديه حلوي أوي " هز عبد الرحمن رأسه لها وتدخل أحمد قائلا " وبالنسبة لهديتي يعني ماشي يا سارة " قال السيد شهاب " بطل مشاكسة فيها بقي يا أحمد " " ماشي يا بابا عشان خاطرك بس " والبسها السلسال الذهبي ببطيء شديد متعمد جعل أخوته يتذمرون وسارة تغرق بالخجل ، وبعد ان أنتهي رفع رأسه قائلا " ها حد معاه حاجه تانيه تتلبس " لتضحك الأسرة بأكملها عليه.
" كل سنه وأنتِ طيبه يا سارة " ناولها حسام هديتها واردف " لبسها يا سيدي اما نشوف اخرتها معاك " اخرجت سارة الساعة واعجبت بها كثيرا وشكرت حسام واعطتها لأحمد كي يلبسها إياها وبعده جاء السيد شهاب الذي أهدها خاتم رائع وأصر أحمد أيضا انه هو الذي سوف يلبسها إياه ولم يترك والده يلبسها الخاتم وتقدم السيد شاكر باسوراه ولكنه قال لأحمد بحزم " أنا اللي هلبسها ليها يا أستاذ أحمد بما أن ده أخر عيد ميلاد لها عندي " والبسها إياه وقبل راسها وهو سعيد لرؤية لمعه عيونها من الفرحة فهو لا يريد شيء أكثر من هذا كل ما يرغب  به هو سعادة أبناءه فقط .
أعطتها أمل هديتها وسال أحمد " ها يا أمل هلبسها إيه ، أي أي خلااااص " قرصته سارة أمام الجميع " دي أزازة برفان أسكت بقي " التفت نحو صوت آية وسألها " وأنتِ يا آية أنا حاسس أن الأمل كله في الشنطة اللي معاكي " احمر وجه أية كثيرا وكذلك سارة عندما علمت أن الهدية عبارة عن بلوزة ، تمتمت سارة من بين أسنانها " بس بقي يا أحمد " بعناد بالغ  " لازم اعرف الهدية إيه ؟؟ " قال له محمد " بلوزة يا سيدي أتهد بقي " حك أحمد راسه " امممم سبيها هلبسها لك بعدين " صاحت السيدة نور به " يخرب عقلك يا أحمد أسكت بقي! " قال السيد شاكر له " والله يا أحمد انت زي القمر في البدلة دي والببيون ها إيه رأيك نزفك علي سارة أنهارده " لف أحمد ذراعيه حول سارة بسرعة " وانا موافق والله ياعم شاكر ومعنديش أي مانع " بالطبع ضحك الجميع عليه مرة أخري ، بينما سارة التي غرقت بالخجل اضطرت الي عض ذراعيه كي يتركها وهربت نحو السيدة نور .
صاح أحمد " أأأه ، شايف يا عم شاكر بنتك بتعمل إيه في جوزها شايف؟ بس انا مسامحها أنهاردة فرحنا بردو " " هو إيه ده؟ لا طبعا " صاحت به سارة ، وقالت لتهرب من هذا الموقف " وبعدين كلكو لا بسين حلو وانا بهدوم الشغل ومبهدله " وصاحت بمحمد " بطل تصوير بقي! " ربتت السيدة نور علي كتفها " متقلقيش أمل وأيه جايبين طقم ليكي فوق أطلعي بدلي هدومك وظبطي نفسك بقي " وأعطتها كيس هدايا كبير وهي تغمز لها بعينها ، فتحت سارة الكيس وشهقت شهقة عالية ، لقد كانت مجموعه متكاملة من أدوات تجميل لماركة عالميه شهيرة لم تكن سارة لتحلم بأن تقطني منها أداه أو اثنتين ، قبلت السيدة نور وشكرتها علي هديتها الرائعة واتجهت كل من أمل وآية واروت كل منهم فضولها لمعرفة ما هي الهدية وشهقت كل منهم مثل شهقة سارة وقبلت كل منهم السيدة نور وسط دهشة الجميع !.
سال السيد شاكر " مالك أنتِ يا حشريه منك ليها!! ، دي هديه سارة " قالت آية وامل " في دي بالذات احنا وسارة واحد " سال أحمد باندهاش  "هي الهدية إيه عشان ده كله! " قالت أمل بانبهار شديد " ميك أب " وذكرت أسم الماركة بحب واعتزاز شديد ، سال حسام " كل الهيصة دي عشان مكياج ؟! " وأردف وهو يشير بيده علي انه غير مصدق " البنات دي محدش يقدر يفهمها " أزاحت سارة الكيس من يد آية وأمل " متحلميش أنتِ وهي " قالت أيه بآسي " طيب أصور معاهم بس! " ردت بكبر بالغ "هفكر " صفق محمد بيديه من دهشته وسط ضحك الجميع " كل سنه وأنتِ طيبه يا سارة " وناولها حقيبة الهدايا " ها يا محمد هلبسها إيه "عض محمد شفتيه بغيظ " الهدية اللي انا جايبها متلبسش الا في حاجه واحده بس " سأله أحمد بفضول قاتل " إيه!! "
" دماغك يا بعيد! "
ضحك الجميع عليه " أنا أول واحد يفكر في شقتك كل سنه وأنتِ طيبة يا سارة " وفتحت سارة الهدية التي اعجبت الجميع تقريبا! .
سألها محمد " ها يا سارة إيه أحلي هديه جاتلك انهاردة ؟! " وبدي الجميع منتظر الإجابة بنفاذ صبر ليروا نتيجة مجهوداتهم ، عضت شفتيها " كلهم حلوين " " سؤالي واضح بطلي اللف والدوران " " احم من غير زعل كده .. اممم هديه طنط نور " والتفت لأخوتها وكتمن صيحات فرحه مضحكه فكلما تحمسن كلما صرخن من فرحتهن نظر الشباب لهن ببلاهة وللصيحات الغريبة التي تصدر عنهم " صوت السرسعة " ضحكت السيدة وفاء " معلش يا ولاد هما كل ما يفرحوا يعودوا يصرخوا ويعملوا الهبل ده ، وربتت علي كتف السيدة نور " ربنا يكون في عونك " ، بينما ضرب أحمد رأسه بكفه وقال متأوه " يا خسارة فلوسك يا أحمد كنتي قولي لي يا ماما !! " .
صعدت سارة وبدلت ملابسها ووضعت  لمسه خفيفة من أدوات التجميل الرائعة التي اهدتها لها السيدة نور ورشه خفيفة من عطر امل ونزل الثلاث فتيات بعد فترة وتناولوا الحلويات مع العائلة وهم فرحين ، اقترب منها وسال بهمس شديد " مبسوطة ؟ " " جدااا ربنا يخليك ليا يا أحمد " وجمد برهة " البرفان ده جديد ؟ " " أها هديه أمل " " تأوة بعذاب أضحكها " الله يسامحك يا امل " ، وأمضوا سهرة رائعة وتوعدت سارة محمد في نهايتها إذا نشر بأي من صورها بملابس العمل ولكنه لم يسمع لها بالطبع .
كان عبد الرحمن هادئ يراقب فرحتهم وهو صامت ، حتي انه بالكاد لاعب فارس الذي يعشقه ،
وحدث نفسة كي يصمت ما في داخله
" المهم انها سعيدة ومش مهم حاجه تانية  "
****
مر شهرين آخرين واصبحت سارة قائدة ماهرة تجيد قيادة السيارة الرائعة التي اهداها لها أحمد وأصبحوا يخرجوا بحرية أكبر دون الاعتماد على عبد الرحمن مثل السابق ، وعندما كانت تشعر بالكسل كان عبد الرحمن يتولى أمر توصيلهم .
أما عن آخر يومين فهي لم تقود السيارة مطلقاً لأنها تشعر كل حين بألآم  شديدة تصيب معدتها ولكنها اهملتها واكتفت بأخذ المسكنات التي أصبحت لا تغادر حقيبتها.
كان يوم الجمعة وكالعادة قرر أحمد أن تقضية سارة معه ، حاولت الاعتذار منه لأنها ليست على ما يرام ، إلا إنه رفض اعتذارها هذا وصمم علي حضورها قائلاً " انا هعمل إيه طول اليوم لوحدي تعالي عشان تقرأى ليا " ، لم تجد سبيل أمام صوته الحنون سوي الذهاب حتي لو كانت متعبة .
لم تستطع قيادة السيارة فهي لن تغامر ماذا لو داهمها الألم علي الطريق، وعندما وصلت لم تجد سوي عبد الرحمن وأحمد والسيدة نور، أما السيد شهاب ومحمد وحسام كانوا في زيارة ما وسوف يحضرون بعد ساعة.
جلست الي الطاولة بالحديقة معهم يتحدثون عن الشقة وأنه يجب البدء بالديكور والبحث عن الفرش المناسب ، كانت السيدة نور مهتمة جدا بهذا الموضوع ، لم تفهم سارة نصف اقتراحاتها واستأذنت للذهاب إلى الحمام .
***
_هناك شيء غريب بها لا تبدو بخير..
هذه ليست ضحكتها إنما تحاول فقط أن ترسمها !..
، لمَ تبدو باهتة وشاحبه هكذا؟! ،
عيناها هي الأخرى هذه ليست نظرتها ، حتي أن هذه ليست طريقة تنفسها ،
لمَ تعض على شفتاها كل فترة ، إنها تخفي شيء ما .
استنتج أخيراً أنها تتألم وفجأة وبدون اي مقدمات شعر ب وخزه في قلبة وتأكله القلق عليها " ها مقولتش رأيك يا عبد الرحمن؟ " كانت تسأله والدته عن شيء ما لم يعرف بما يجيبها " مش عارف انا هجيب التاب ونشوف كدة " كان يعلم أنها تتحدث عن الديكور،  ذهب سريعا وهو يشعر بشيء غريب لقد تأخرت كثيرا صعد السلم بسرعة البرق وعندما سمع تأوهات مكتومة صادرة منها صاح بلهفه " سارة " لم تجيبه سوي ب كلمتين قالتهم بتوسل شديد " الحقني يا أبيه " ولم تعد تعي أي شيء .
***
_ لم تسقط من علي السلم انها تعي ذلك بالرغم من الضوء الأبيض الذي يضرب عيناها وصوت طنين رهيب يصم اذناها ، إنها لا تسمع ذلك الذي يصيح بها ، نعم يصيح فحركة فمه هذه تدل علي أنه يصيح وينطق باسمها .
قبل أن تسقط شعرت بذراع قويه تمسك بها ولكنها الآن لا تشعر بأي شيء علي الإطلاق ، برودة أجل بعض البرودة تغلفها والآن لا شيء ابدا ، لقد فقدت الاتصال بأي شيء وفقدت أيضاً القدرة علي الحركة ، ازدادت حدة النور الأبيض بشدّة لدرجة اعمتها ، والآن لا شيء سوى السواد ، سواد لا نهاية له ظنت أنها سوف تظل غارقة به الي مالا نهاية ولكن مهلاً لحظة، لقد عاد البياض مرة اخرى بشكل متقطع صحيح ولكنه عاد ، أصبحت تري شيء غير الظلام تري هل لا زالت حيه؟ أم أن النور صادر عن شيء آخر، لا يهم المهم أنها لم تعد تشعر بالألم الآن .
لم تدم فرحتها هذه لقد اتضح كل شيء انها أضواء، أجل أضواء مصابيح تمر بسرعة رهيبة من فوق رأسها وهذا ، مهلاً ما هذا؟ إنه رأس يتدلى فوقها يبدو الألم في عينيه ويحاول أن يخبرها بشيء ما ، تحاول استعاده حاسة السمع وتحاول بكل مقدورها أن تسمع ما يقوله لها ها هي التقطت بعض الأصوات " متقلقيش يا سارة حاولي تفوقي سارة ، سارة " .
أجل إن اسمها سارة وهذا الذي يصيح بها من ؟ إنه. . إنه .. تأوهت بشدة لقد عاد الألم ورأت صدي المها في عينيه تكاد تقسم بأنها رأت الدموع في عين هذا الرجل الطويل المطل فوقها ولكن فقدت السمع مرة أخري وبدأ الظلام يزحف الي عالمها من جديد ولم يعد لديها أي قدرة علي تحمل المزيد فاستسلمت الي هذا الظلام رغم كل محاولات هذا الرجل الذي يساندها كي لا تستسلم له ، لكنها لم تعد تستطع تحمل أي من هذا فغابت عن الوعي مرة آخري. 
رجع النور مرة أخري يزحف ببطيء شديد نحو عالمها وصوت طنين غريب في اذنها وما المها حقا هو جفاف حلقها الشديد فهي تشعر بظمأ لا نهاية له، فتحت عيناها بحذر هل سوف يعود الألم لكنها نظرت الي اخر عين نظرت لهم قبل أن تغيب عن الوعي ، جاءها صوته بلهفه " سارة " ونهض سريعاً من علي كرسيه ووقف الي جوارها " الحمد لله انك فوقتي انا لازم أبلغ الدكتور " نطقت شفتاها بصعوبة رهيبة " مايه " سكب الماء بسرعة ووضع لها ماصة كي تستطيع شرب الماء دون أن تتحرك شربته بسرعة وبشدة ولكنه سحبه منها قبل أن تنهيه
" براحه عشان متتعبيش " هزت راسها وحاولت الشرب بتعقل، وأخيراً أستطاع لسانها التحرك همست بتعب بالغ " ايه اللي حصل؟ " "هوووش حاولي متتكلميش عشان متتعبيش  الزايدة كانت ملتهبة جداً ، ليه يا سارة مقولتش لحد إنك تعبانة " غضت شفتها السفلي " مكنتش أعرف .. أنها الزايدة "  " خلاص المهم الوقتي حمد الله على سلامتك " نظرت في الغرفة فلم تجد سواه .
" ماما هنا هي اللي هتبات معاكي بس هي راحت الحمام عشان تتوضي وزمنها جايه ، انا لازم اعرف الدكتور انك فوقتي هتبقي كويسه؟ " هزت رأسها بوهن ثم نطقت " أحمد " ازدرد لعابه وقال " أحمد روح انا اللي صممت أنو يروح وهيجي بكرة في معاد الزيارة " ابتسمت له بوهن " شكراً يا أبيه " " متشغليش بالك نامي يالا عشان ترتاحي " دخلت امها في تلك اللحظة.
" سارة الحمد لله " قبلتها وابتسمت لها بوهن وتساقطت دموعها كالشلالات فوق
خديها
"الحمد لله يا رب اللهم لك الف حمد والف شكر " ثم اردفت بلوعه " كدة يا سارة ليه خبيتي يا بنتي ومقولتيش أنك موجوعة " وبكت بشدة " كنتي هتروحي مننا يا بنتي الزايدة كانت ملتهبة أوي والدكتور قال لو كنتي اتأخرتي عن كدة كان حصلك تسمم ، كتر خيره عبد الرحمن هو اللي جابك علي طول " نظرت له بامتنان كبير علي ما فعله معها.
ربت علي كتف والدتها واجلسها " مش وقته يا طنط المهم أنها هنا معانا وفاقت لازم أعرف الدكتور حاولي تهدي شويا وبلاش نتعبها بالكلام "  هزت رأسها موافقه ومسحت دموعها وأخذت تقبل يد ابنتها بفرح متحاشيه الإبر المغروزة فيها .











نهاية الفصل

Hope you like it 😊 😍

مذكرات حائر الجزء الأول "الحلم المستحيل" بقلم هالة الشاعر Where stories live. Discover now