الخامس والثلاثين "انهيار المعبد"

6.9K 285 41
                                    

الفصل " الخامس والثلاثين "
" انهيـــــــــار المعبد "
" اتفضلي " دخلت وهي تنظر الي الارض ليس من الخجل وانما من الآسي يعلم ذلك جيدا , كانت مرتعبة فاراد ان يزيح عنها بعض الحمل " سارة شكلك تعبان اطلعي ارتاحي في اوضتك " صعدت مباشره دون ان يصدر عنها أي رد فعل .
وقف امام مرآه بالصالون الفاخر الذي اختاره وفقا لما تذكره من ذوقها اجل فهو جلب كل شيء علي حسب تذكره لذوقها وهي تشتري اغراضها مع أحمد رحمه الله , عدل من ربطه عنقه ورسمت بسمه باهته وقال بمرح مصطنع لنفسه " مبروك يا عريس "  أخيرا بارك لي احدهم !! .
"دخلت الغرفة المجاورة لها وبدلت ملابسي واطفأت النور سريعا , يفترض بي ان اكون عريس , فتحت النافذة بحذر لا أريد ان ينتبه علي أحد الجيران , اجل فانا عريس ظللت اذكر نفسي كل مدة! .
كنت اراقب الشارع والحديقة أعلم انها لم تنم وانها تبكي , فانا اسمع صوت بكاؤها والتفت نحو شرفتها " يا حبيبي " انها واقفه في الشرفة تبكي ونور الغرفة مضاء ونحن بالدور السادس , لقد علم الشارع كله بأن غرفه العروس مفتوحة , لم يعد هناك أي داعي للاختباء خلف النافذة لقد فضحت وانتهي امري .
ادليت برأسي لها وقلت بسخرية شديدة " سارة " نظرت فجأة نحوي وفزعت عندما رأتني . كان نصف جسدي خارج من النافذة , " انا عارف ان الموضوع ده هيفجأك بس احنا المفروض عرسان انهاردة , واظن الشارع كله عارف كده من البلونه اللي عليها اسمنا والأنوار اللي في الحديقة " ثم اشار بيده نحو البالون في الاسفل " شوفي ربنا , اهه عم ابراهيم بيفضي البالون اهه , فاعتقد يعني ان الشارع فاهم اننا عروسه وعريس وكده .... , وممكن , ممكن مش اكيد! لما يبصوا علي اوضة العروسة يلقوها واقفة بتعيط وفاتحة النور وانا مش في الاوضة " , وزم شفتيه بسخرية  " صدقيني هتبقي وحشة في حقي " .
احمرت سارة بشدة رهيبة جعلته يضحك بصوت عالي للغاية ودخلت واغلقت الشرفة والنور .
ظل يقهقه واغلق النافذة وارتمي علي السرير يضحك بشدة , لقد دمر نفسه , هو يعلم ذلك وخسر كل عائلته والأهم من ذلك انها لا تطيقه .ومع ذلك استمر في هذه الزيجة الي النهاية , هو لا يعلم لما فعل بنفسه هكذا , يعلم ان ما فعله خاطئ تماما ولكنه فعله ولا يوجد لديه شيء آخر يفعله ..... .
ثم قال بسخرية يحدث الصوت الذي يتحدث اليه دائما " انت فين؟ انت فين يا عم انت! مش لو واحد ووحده اعدين لوحدهم الشيطان بيبقي تالتهم , انا اهو وهي في الاوضه اللي جنبي ولا انت مبتجيش ليا غير في النكد وبس!! ".
***
_ اعلن اشعار " الفيس بوك " عن بلوغه التاسعة والثلاثين , ابتسم بوهن لم يهنئه احد من اخوته حتي برسالة واهية علي الموقع , لقد مر اسبوع علي زواجه من سارة ولم يرها إلا نادرا حتي انها لم تخلع حجابها امامه حتي الآن ولو لمرة واحده كانت تضع له الطعام وتصعد غرفتها وغير ذلك لم يكن يراها .
تنهد بآسي شديد علي حالته هذه ونظر الي الساعة وجدها التاسعة حدث نفسه " اما اقوم اصلي العشا و اتخمد احسن من الأعدة دي " , نزلت سارة ولكنها لم تره وهو نائم علي الكنبة الوثيرة امام التلفاز , نظر نحوها بترقب وهي تشرب المياه وملأت كوب واخذته معها وصعدت مرة اخري .
سعد كثيرا فهذه اول مره يري شعرها كانت عاقصة اياه للخلف علي شكل ذيل حصان , وكان يهتز الي اليسار واليمين اثناء صعود ها السلم , لابد وانها شردت ونزلت دون ان تنتبه لما ترتديه , كانت ترتدي بيجاما للمنزل لم يسبق له أن راها هكذا , صحيح انها كانت تجلس امامه بملابس للمنزل ولكنها كانت طويلة وفضفاضة اما هذه البيجاما الطفولية كانت قصيرة الاكمام وبدت سارة رائعة .
"جميل وجدت شيء يزيد من عذابي!"
اغلق التلفاز وصعد سريعا الي غرفتها وطرق الباب ورغم انه كان اكيد من ان ذلك ما سوف يراه إلا أنه حزن , ارتدت طرحة وسترة بيجامتها ولم تكلف نفسها عناء النظر إليه بل ظلت تنظر الي الفراغ , " انا بكرة هنزل الشغل بس لو غيرتي رأيك في السفر ممكن نسافر من بكره لأي مكان تحبيه " , هزت رأسها نافية .
" رائع لم أعد اسمع صوتها حتي!" .
" تحبي اجهز ليكي مكتب وترجعي الشركة في خلال اسبوع هكون موضبة " " لا مش عاوزة اشوف حد " .
" يااااله من رد بديع!! " .
" سارة انا جوزك مفيش داعي تلزمي نفسك بالطرحة قدامي , علي الاقل لما يبقي حد هنا يا ريت تراعيني شويا " , نظرت لي وعلمت انها تريد البكاء لم استطع المقاومة رفعت يدي وسحبت طرحتها وقلت لها بهدوء " وبعدين شعرك جميل قوي بتخبيه مني ليه؟! " ازدردت لعابها بعصبية " تصبح علي خير " واغلقت الباب ، نظرت الي الباب المغلق في وجهي وقلت بتهكم " وأنتِ من اهلو " .
_ من الجيد انني ذهبت الي العمل , هكذا ادفن مشاكلي ووحدتي انها أفضل طريقة وكلما ارهقت نفسي اصبح لدي فرصه في النوم ليلا حالما اضع رأسي علي الوسادة .
***
من الواضح ان الخطط لم تكن عادة أهل منزل السيد شهاب فقط فالسيدة وفاء وضعت خطه هي الأخرى كي تخرج ابنتها من حالتها السيئة فهي تعلم تمام العلم انها ليست علي وفاق مع عبد الرحمن وانها لا تريده ولكنها اضطرت للضغط عليها هي ووالدها فوضع سارة اصبح حساس للغاية , لقد تزوجت مرتان ولديها مشاكل في الانجاب , وفرصها في الحصول علي زوج مناسب كانت ضعيفة للغاية , كما أنه لا يوجد أحد سوف يحتمل حالتها هذه وامام اصرار عبد الرحمن واقناعه للسيد شاكر والسيدة وفاء , وامام الشعور بالخوف اجل فالسيد شاكر وجد مرتان رسائل تهديد بإحدى المحلات , حتي ان فارس كاد يخطف مرة ولكن بارك الله في الشرفاء الذين انقذوه , فالجميع ينظر للمال والله وحده يعلم ان لا أحد مسه منهم حتي سارة نفسها لم تفعل به أي شيء , لعنه الله علي المال الذي جعل الناس يتحولون الي وحوش ضارية , ومال العالم كله لن يعيد لابنتها ما فقدته ابدااا .
السيدة وفاء " ايه انا عاوزاكي تسيبي أمل خالص , وتحججي بأي حجه عشان سارة هي اللي تخلي بالها منها " وبالفعل صعدت أية لتخبر سارة بذلك , وفي خلال عدة ايام كانت سارة انشغلت تماما بأمل وبصحتها وطلباتها ومنزلها ونظافته واصبح هناك ما يشغلها اخيرا , واكثر شيء اسعدها حين اخبرتها أمل بانها تتمني لو تتحسن صحتها ولو قليلا كي تستطيع الخروج لشراء اغراض الطفل .
ارادت سارة إسعاد أمل لذلك اخذت سياراتها المتوقفة منذ مده طويلة وذهبت للمركز التجاري وتبضعت الكثير من الاشياء للطفل وعادت متأخرة في ذلك اليوم وصعدت مباشرة الي أمل .
فرحت أمل كثيرا بالأغراض واشرق وجهها الشاحب وكذلك حسام الذي دمعت عيناه وهو يتخيل الطفل بتلك الملابس او يلعب بتلك الالعاب , جاء محمد وأية وفرحوا للغاية كانت اغراض كثيرة وكل مستلزمات الطفل تقريبا , فأثناء وجودها بالأمارات كانت تضع الخطط كثيرا لشراء تلك الاغراض وتشاهدها وتستفسرعن الاجود والاحسن , ولكن القدر لم يعطها فرصة لشرائها وحرصت علي ان تكون الالوان محايدة " لما تعرفي نوع البيبي هروح اجيب بقيه الحاجة عشان الالوان وكمان هجهز الاوضه باللون بتاعه بس انا حاسه انو ولد ان شاء الله " " يا رب يا سارة " قالت امل بينما قال حسام " انا نفسي في بنت بس كل اللي يجيبه ربنا كويس " , وضحكوا لأول مرة منذ مدة .
امسكت أية بسماعه الهاتف " تعالي يا طنط أنتِ وعمو " " أمل كويسه؟ " اه متقلقيش بس تعالوا يالا " .
صعد الاب والام وسعدوا كثيرا ف اغراض الاطفال صغيرة وبريئة وتشعر أي شخص بالسعادة عند رؤيتها , كانت الصالة مفروشة بالأغراض واخذت سارة تشرح لأمل وحسام كل شيء عن الخامات وانواع زجاجات الرضاعة واجودها وعن الخامات التي يجب ان يبتعدوا عنها وايهما مضر وايهما مفيد , حتي محمد وأية رغم انهم لن ينجبوا الا انهم كانوا يستمعون لها بإنصات شديد .
بعد ذلك اخذت ترتب هي وأية الاغراض ووضعت عده اشياء بعيدا للتطهر ها وتنظفها مثل الالعاب , اما أمل فكانت تضم عده ثياب صغيرة ولم تستطع الامساك بدموعها والجميع اخذ يضحك ويلعب مع الاغراض وكأن الطفل حضر .
رن جرس الباب ودخل عبد الرحمن الحانق بشدة يصيح بها " أنتِ فين من الصبح ومبتروديش علي التليفون ليه؟ " اكملت توضيب الاغراض ولم ترد عليه , كان الجميع يضحك وحالما دخل هو تجهم الجميع رحلت المرارة ليحل محلها الحنق والغضب .
صاح بغضب بالغ " ردي عليا " وقفت ببرود " أمل انا هغير هدومي واجي اكملك باقي الحاجه " ومشت نحو الباب ولكنه اوقفها ليسحق ذراعها اسفل قبضته وهو يصيح بها , صاح به حسام علي الفور رغم أن أحمد فعلها قبله كثيرا إلا أن ضخامة عبد الرحمن مقارنه بصغر حجم سارة كانت غير عاديه , كما ان أحمد كانت له ظروفه الخاصة .
صاحت به بحده " سبني انت ازاي تمسكني كدة! " , لم ترد سارة علي أحمد ولو لمرة واحدة , تملك الشيطان الذي يحدثه منه واصبح هو " إيه , مستغربه قوي كده ليه؟ اول مرة حد يعمل معاكي كده! " , في البداية ذهلت سارة منه ثم دمعت عيناها بشدة وصاحت بغضب وهي تضرب بيدها الحرة علي صدره " أحمد احسن منك مليون مره , أحمد عمرة ما عمل معايا كده بمزاجو ابدا , ولما رجعله نظرة عمرة ما زعلني , انا بكرهك بكرهك " , وركضت الي الأعلى وتركته واهن وحانق غير مصدق لما فعله هو او لما قالته هي! .
اما الجميع كان متحير , هناك شيء يحدث شيء مريب لما تمت هذه الزيجة ولما تحول عبد الرحمن هكذا؟ لا احد يعلم ذهب هو الآخر دون النظر الي احد ... .
صعدت سارة واغلقت علي نفسها باب غرفتها واخذت تبكي بشدة ومرارة رهيبة , انها تكرهه بشدة , اجل تكرهه من كل قلبها لقد حرمها من ذكري حبيب قلبها , حرمها من شقتها التي تعشقها وتستكين لها وتذكرت ايامها مع أحمد وكيف غطت بنوم عميق اول يوم لها بالشقة رغم انها لا تنام سريعا بمكان غريب وشرفتها التي كانت تراقب منها الحديقة , انها تكره هذه الغرفة انها موحشة باردة لا يوجد بها دفء او حياة , حتي الشرفة لا يوجد بها ارجوحتها التي جلبها لها أحمد لأجلها كما انها شاهقه الارتفاع وهي تكره المرتفعات ولا تري الورود عن قرب منها , كل شيء هنا يرعبها ويخيفها , تتمني لو تعود الي شقتها وهذا الذي تزوجته انه يهينها ولكن ليس هذا ما اثار حنقها انه اهان أحمد "تبا له اقسم انه سوف يدفع الثمن" .
_ انت من اعطاها تلك الفرصة , عليك بها لا تتكاسل لا تتهاون انها تراك ضعيف , انها لم تواجه أحمد يوما , عليك ان تثبت انك قوي , عليها ان تنصاع لك، يمكنك ذلك المرأة تحب الرجل القوي.
هكذا اخذ يوسوس له ويزيد ما يجيده الي تلك الكلمات كي يُذهب الندم عن ذهن            عبد الرحمن .
بينما هي وضعت علبه هدايا علي السرير وجلست تراقبها وتتذكر كلمات والدها لها " سارة أنتِ متجوزة واحد تاني معدش ينفع تسيبي حاجه أحمد اديها لماما يالا يا حببتي " " لاااا حرام عليكو حراااام " " يا بنتي علي عيني دموعك بس خلاص يا سارة أحمد مش سابك وطلقك ولا حتي سافر وهتستنيه يا بنتي ده راح للي خلقه واللي مات عمرة ما بيصحي خلاص يا سارة لازم تفوقي فرحك بعد اسبوع , هاتي الحاجه دي عشان حرام أنتِ كدة خاينة لجوزك " " لا ده مش جوزي أحمد هو اللي جوزي " , امسكها جيدا وقلبه يعتصر من آلام علي حزنها واخذت والدتها وهي دامعه الاعين كل اغراض زوجها الحبيب وخرجت واخذت سارة تتوسل والدها وتصرخ ولكنه لم يسمع لها , لا أحد يسمع لها ابدا .
_ هيا افتحيها , انك مشتاقه له بشدة .
لا ابي اخبرني لو فعلت ذلك اصبح خائنة .
_ لا لست بخائنة انه زوجك حبيب قلبك الم تشتاقي له ؟ هل نسيته أنتِ الأخرى مثل الجميع
لا والله لم افعل يوما ولن افعل.
_ حسنا ما الذي تنتظرينه اذا؟.
عندما خبأ عبد الرحمن المفاتيح شعرت سارة بالغدر كان لديها عدة اغراض لأحمد خبأت اهم الاشياء له وهي آخر ملابس كان يرتديها قبل وفاته كان بها رائحته , رائحته هو نفسه , رائحة عرقه رائحة حضنه , رائحة انفاسه , رائحة دفئه رائحته الخاصة فقط ولا شيء آخر , واشترت عطور بدلا من تلك التي اغلق عليها عبد الرحمن فهي تحفظ اسمائها عن ظهر قلب , وخبأتها تحت ساعة اهدتها لها صديقة يوما ما بعلبة الهدايا ووضعت ورقة كرتونية ثم الساعة ولم يشك أحد بأمرها .
علمت انها سوف تحتاجه في يوم من الأيام , وها هي تجلس امامه ولكن تخشي فتحه , لا تريد ان تكون خائنه " لست بخائنه حتي انه ليس زوجك ليس لك شأن به هيا الم تشتاقي؟ بلي والله قلبي مشتاق له اكثر من اشتياق رئتاي للهواء .
نزلت دموعها وفتحت العلبة بيد مرتعشة خائفة من العقاب وفي نفس الوقت متحمسة للقاء حبيب قلبها , ازاحت الساعة وازاحت الورقة الكرتونية وامسكت بكارت ذاكرة وقبلته لقد حفظت عليه كل صور أحمد , فقد اخذ والدها الهاتف ومسح كل شيء , وضعته بحرص الي جوارها ونظرت الي زجاجات العطور وشعرت بآسي انها ليست الزجاجات الاصلية ولكنها نفس الرائحة.
امسكت بالزجاجة الاولي كان عطر فرنسي عالمي يضع منه أحمد بالمناسبات الخاصة فقط , فتحت الغطاء بحرص شديد ووضعته علي انفها وغاص قلبها بصدرها وتزاحمت الصور بشدة في عقلها وتدافعت إليها الذكريات بقوة شديدة يا الهي انها قوة الرائحة التي تختزن ذاكرة للمواقف بعقولنا ونتذكرها بشم الرائحة مرة أخري , ذلك العطر الذي وضع منه يوم عقد قراننا , ويوم عيد ميلادي ويوم الزفاف ويوم زفاف حسام ومحمد وزفاف ابن خاله , وتدافعت كل الذكريات الجيدة تتذكرها بشدة ووضوح امامها وتراه يبتسم ويضحك ويشاكس بها، ابتسمت كثيرا ونزلت دموعها دون أن تشعر انها تراه امامها يفعل كل تلك الاشياء الرائعة التي فعلها من اجلها .
اغلقت الزجاجة الاولي ووضعتها بهدوء ,"  ألهذا حرم الله علي النساء وضع العطور خارجا ؟ كي لا يتعلق بها الرجال , إن للعطور قوه خفيه سر من اسرار الطبيعة لا يعلمه سوي الله , لقد ارجعت أحمد اليها بشكل رهيب لطالما فعلت ولكنها حرمت من ذلك الشعور منذ فتره منذ ان بعدوا أشياءه عنها كي انساه , ولكن كيف؟ وهي تعيش علي ذكراه تتنفس علي رؤياه لا احد يشعر بها , لم يفعل احد سواه " .
فتحت الزجاجة الثانية انه العطر الذي يضعه بالعمل كان رائع بل اكثر من رائع , انه عطر يشعرك بقوته ويحسك علي النظر له في أي مكان , لقد اشتمت هذا العطر يوم بكاؤها وسقوطها معه وكانت تشتمه كل يوم وهي جالسه الي جواره تقرأ له وهو يتحدث معها بود , مجرد الكلام معه كان يجعل اوتار قلبها ترقص ولكنها لم تحلم ابدا ان ذلك الشاب الرائع سوف يصبح زوجها , لم تتخيل حتي الأمر ... .
هذا العطر الذي كان يضعه يوم طلبها للزواج وامسك يدها تلك اللمسة التي الهبت مشاعرها واحرقت يدها حنانا , ذلك العطر الذي كانت ترشه له كل يوم وهو ذاهب للعمل وترش له ثلاث زخات وابتسمت بشدة وهي تتذكر , كانت ترش رشه علي كتفه الايسر ورشه علي كتفه الايمن ورشه علي صدره وفجاه تربت علي بطنه بمرح كي يضحك , كانت تفعل ذلك كل يوم وكل يوم كان يضحك وهو يعلم جيدا انها سوف تفعلها، اما زجاجه العطر الثالثة كان يضع منها بالمنزل وخاصة يوم الجمعة وتدافعت الذكريات تدفئها بشدة رهيبة .
وبعد ان تذكرت كل شيء وضعتها الي جوارها بهدوء ونظرت للملابس امسكتها بهدوء شديد وضمتها لتشتم رائحته الاصلية فيها رائحة عرقه هو، كان اجمل من أي عطر بالعالم كله , ضمتها بشدة الي صدرها , " يا الهي لما حرمت نفسي منه كل هذه المدة؟" وضعت رأسها علي القميص ونامت , نامت فورا لأول مرة بتلك الغرفة الموحشة تنام مليء جفونها فهي بحمايه أحمد الآن ..... .
وعندما استيقظت كانت سعيدة للغاية لقد اتاها بالحلم وضمها وقبلها , اعادت أغراضه الي الصندوق بحرص وادخلته الي الدولاب وندمت لأنها حرمت نفسها منه طوال هذه المدة .
سوف تنتقم من هذا الذي حرم عليها حبها وجعل حياتها تعيسة "سوف أعود لك يا أحمد , صدقا سوف اعود، انت وحدك زوجي انا وانت سوف نكون معا بالجنة , لما لم تأخذني معك يا أحمد؟ ولما ذهبت الي الاسكندرية؟ سوف اعود لك اقسم بذلك , ولكن اولا سوف انتقم من ذلك الذي حرمني منك" .
ارتدت ملابسها وادت صلاتها وهمت بالذهاب الي أمل اوقفها وهي تفتح باب المنزل وقال بآسي " سارة انا اسف عشان اللي قولته امبارح " , لم تنظر نحوه حتي ونزلت الي أمل مشرقة كي تكمل توضيب أغراض الطفل , اما هو فقد شعر بحنق نحوها لا نهاية له , ولم يمنع ذلك الذي يوسوس عندما وسوس له , بل تركه يرتع بحريه وراحة فهو حانق منها كثيرا.
نزلت سارة وحضرت الفطور وتناولته مع أمل وحسام وهي سعيدة ومشرقة وقد استغربوا كثيرا نظرا لأنها صاحت بعبد الرحمن البارحة واعلنت كرهها له امام الجميع .
لم تستطع أمل تمالك نفسها وهي تراها سعيدة وتتناول الطعام بشهية " الحمد لله يا سارة أنتِ منورة انهاردة مشاء الله " ابتسمت سارة وكادت تخبرهم عن الحلم ولكنها امسكت نفسها في آخر لحظه " اصل . امم لقيت فكرة جميلة قوي ل اوضه البيبي " " متشكر يا سارة بجد والحاجات اكتر من روعه لما اجي من الشغل لازم تعرفني باقي الحاجة " " اكيد يا حسام " ثم التفتت الي أمل " هتروحي امتي عشان نعرف نوع البيبي عشان ابدا في الاوضه " " الاسبوع الجاي ان شاء الله  ههههههه انا في اخر الخامس اهه وروحت تلات مرات عشان اعرف النوع وكل مرة الاستاذ مدينا ضهره " وضحك الثلاثة بمرح علي هذا الجنين المشاكس منذ البداية " علي فكره يا حسام ابنك شكله هيطلع عنا " " هو لسه هيطلع عنا يا سارة مش كفاية مبهدل مامته من اول الحمل " وقبل رأس زوجته " استودعكم الله , خلي بالك من نفسك ولو ان من ساعة ما سارة بقت معاكي وأنتِ وشك نور تاني هي البت أية كانت بتاكل اكلك ولا ايه؟ " وضحكوا مرة اخري وقالت أمل محذره " بس لتسمعنا ونروح كلنا في داهية " فاغلق فمه بيده سريعا.
وقفت سارة ترتب اغراض الطفل في بالدولاب والتمعت عيناها بشدة , لقد عرفت ما عليها فعله للانتقام منه , سوف تعلن للجميع حبها لأحمد وتهينه كي تجبره علي الطلاق ..... .
_ بعد يومان كانت بغرفتها حوالي الساعة الرابعة والنصف تطبق الملابس بالخزانة فهي منذ الصباح عند أمل ولم يتسنى لها الوقت لترتيب غرفتها بعد , دخل عليها فجأة والشر يقطر من عينية المحمرة بشدة رهيبة , كانت تعلم انه من فعلتها واحست بنشوة النصر بداخلها من هزيمته , " لم يكن عليه أن يهين أحمد ابدا سوف يدفع الثمن غالي " .
ضغط فكيه بشدة وزمجر بها " أنتِ ايه اللي هببتيه ده! " , ردت ببلاهة مغيظة " مش فاهمة " أنتِ روحتي للأستاذ فتحي وطلبتي فلوس وعاوزة تبيعي اسهمك وصرفتي للموظفين شهر رحمه علي روح أحمد " تقدمت ببروده نحوه وقالت بطريقة مغيظه " ايوة دي فلوس أحمد , وكلها هتروح صدقه علي روحه وبعدين انا حرة اعمل اللي عاوزاة ولا حضرتك عندك رأي تاني " وقالت وهي تأكد علي الكلمة بشدة " يا ابيــــــه!"  .
عض شفتيه من الغيظ لقد انزلت منشورات ترثي فيها أحمد بشدة وانا لا أحد بعدة سوف يكون حبيب لها علي موقعها , والشركة كلها كانت تتحدث عنة اليوم وعن افعالها وانها لا تهتم له البتة , استسلم لكل ما وسوس له به الشيطان في اذنه وراح الغضب وحل محله ابتسامة شيطانية , ونظره ارعبتها جعلتها ترجع الي الخلف علي الفور خلع سترته ببرودة وهو محتفظ بتلك النظرة والقي بها علي كرسي طاولة الزينة وفك اساور يده وازرار قميصه ورأي الرعب ينشب بجسدها كله وضحك اكثر " علي العموم الحق مش عليكي يا سارة بس انا واثق ان بعد اللي هيحصل الوقتي مش هتقدري تقولي ليا لا حضرتك ولا ابيه تاني " " انت بتعمل ايه!! " .
" وصلت الرعشة الي صوتها ولكني لا اهتم سوف انتقم منها الآن شر انتقام .... ".
رأته وهو يقترب نحوها وازدادت ضربات قلبها بحده وتعالت انفاسها , كان ضخم للغاية وعضلاته ارعبتها، كيف ستقاوم ذلك الوحش؟! جذبها بعنف من ذراعها ثم .... اسودت الدنيا بوجهها.
_ شعرت السيدة نور بشيء غريب وقررت الصعود الي سارة ولكن السيد شهاب طلبها ولم تستطع الصعود!! .
جلس مرتعب ويضع رأسه بين كفيه , عيناه محمرة للغاية وانما من الخوف , أنفاسه متلاحقة من الرعب , ما الذي فعله؟ كيف استسلم لشيطانه هكذا؟ , تذكر الآن ما حدث، تذكر ما قاله لها وكيف كان صوته بارد ومخيف؟ , يا اللهي انه يخيفه هو نفسه عندما يتذكره وتذكر الرعب في عينيها وصراخها وتوسلاتها وصوت صراخها وبكاؤها , لم ينتبه له حينها ولكنه الآن يعذبه , تذكر كيف عاملها بوحشيه رهيبة كان ينتقم لا شيء آخر , انتقام شديد وموجع لكل ما حدث معه الايام الماضية لا ليس لأيام بل لأعوام واعوام وهو يضحي ولا يأخذ أي شيء يتمناه , اغمض عينيه لا يستطيع ان يراها تري هل ما زالت علي قيد الحياة؟ .
لقد كانت سارة علي الارض غائبه عن الوعي او صعدت روحها الي السماء الله وحده يعلم , فمها ينزف الدماء وجسدها ملئ بالكدمات وشعرها مبعثر علي الارض وملابسها ممزقة للغاية .
لقد صب غام غضب كبته بداخله لأعوام واعوام بها هي وحدها دون أي شفقة او رحمة لا يصدق انه فعل ذلك , ظل جالسا هكذا ولم يفعل أي شيء لم يتحرك من مكانه لإسعافها , لم يجس نبضها ليعلم إن كانت حيه أم لا؟ , فقط ظل جالس.
دخلت السيدة نور بعد ان طرقت الباب عدة طرقات ولم يفتح لها أحد , لقد اتت بالمفتاح فهي تشعر بان شيء كريه حدث , لم تسمع أي صوت بالشقة ودب الرعب في قلبها , بالكاد تماسكت كي لا يغشي عليها صعدت بحذر شديد ووجدت غرفه سارة مفتوحه الباب وتقدمت بحذر .
الله وحده يعلم كيف حملتها قدماها وجدت اشياء كثيرة مبعثرة علي الارض وغطاء السرير كذلك ثم اتضحت الرؤية بعد ان رات سارة ملاقاه علي الارض ووجهها مضرج بالدماء والكدمات وكذلك ما ظهر من جسدها شهقت من الرعب ونزلت دموعها , دخلت بحذر شديد وجدت ابنها جالس علي كرسي بعيد نسبيا عن سارة ويضع راسه بين كفيه ولا يرتدي سوي سرواله .
هزت رأسها غير مصدقه ما يحدث هل وصل الجنون بابنها الي هذا الحد! .
انعقد لسانها من الصدمة , تقدمت برعب نحو سارة وحركت رأسها , ولكن سارة لم يصدر عنها أي شيء علي الاطلاق ولا رمشه ولم تتأوه من الالم حتي! .
ضربت علي صدرها " يا مصبتي !! " وضعت كفيها علي وجنتيها واخذت تنوح , ثم وقفت واخذت تضرب ذلك الجالس بغل وتصيح به " وديت نفسك في داهية , عملت في روحك وفيها كده ليه؟ منك لله , منك لله , قوم شيلها قووووم " .
نظر نحو سارة وانتفض فجأة وكأنه يراها لأول مرة ورجع الي الوراء وظل صامت مكانه والتصق بالحائط ودموعه تسقط وظل هكذا ومهما ضربته والدته او صاحت به لا يفعل شيء أبدا , ولا يتحرك من مكانه .
" هي ماتت ولا عايشه؟ رد عليا عملت ايه؟ منك لله وديت نفسك في داهية ضيعتها وضيعت نفسك " , نظرت الي سارة مرة أخري لم يصدر عنها أي شيء حتي صدرها لا يعلو ويهبط كي يشير الي تنفسها .
حاولت كتم صراخها وهلعها بشدة وضغطت بكفيها علي فمها و جلبت اسدال الصلاة خاصة سارة واخذت تلبسها اياه وهي تبكي بشدة " فوقي يا سارة فوقي يا حببتي " لا شيء أبدا ....
امسكت بالهاتف بيد مرتعشة " ايوا يا حسام اطلع ليا حالا انا عند اخوك فوق " وحاولت ترتيب الغرفة قدر امكانها وصاحت بعبد الرحمن " البس حاجه اخوك طالع , البس حاجه " صاحت به اكثر ولكنه لا يتحرك , وقذفت بقميص في وجهه ولكنه ايضا لم يتحرك .
صعد حسام وتكلم من الدور السفلي " اطلع انا فوق " قالت له بعصبيه " تعالي " صعد حسام بحذر فما الذي يستدعي دخوله غرفه نوم سارة!
وحالما وجدها ملاقاه علي الارض دهش وهز رأسه بعصبيه " مين اللي عمل فيها كده؟! " ونظر الي اخيه الصامت العاري وفهم كل شيء , هزته أمه بعصبيه " انت لسه هتنح! تعالي شيلها حوطها علي السرير وشوف دكتور تعرفه كويس , يجي ينجدنا من المصيبة دي " حملها حسام ولم يصدر عنها أي شيء ودثرتها السيدة نور وقالت بعصبية " هي عايشه؟ " " نعم!! " شهق  حسام بهلع من سؤال والدته , كانت السيدة نور ترتعش بعصبيه , اشارت بيدها المرتعشة " شوفها كدة " , وقف حسام مصعوق لا يعلم ما الذي يجب فعله! , امسك يدها بيد مرتعشة ولم يعرف هناك نبض ام لا؟ , كاد أن يبكي " مش عارف! " .
خرج عبد الرحمن وهو منوم بعد أن أخذ قميصه وارتداه بإهمال , امسك حسام الهاتف وهو مرتعش " اطلب مين؟ " ونظر لعبد الرحمن وهو يخرج , وقال بعصبية لوالدته " هيروح في داهية " " اعمل حاجه هنسيب البت تروح مننا " , امسك بيدها وتركها فسقطت يد سارة بلا حياة امسك رأسه من الصدمة ويده ترتعش بشدة , وخرج وهجم علي عبد الرحمن " عملت فيها كده ليه؟! "  ولكمه لكمه شديدة في وجهه , سمع محمد وأية صراخ حسام و صعدوا سريعا وبعدهم صعدت أمل ..... .
" انت بتعمل كده ليه؟ حرام عليك , كفاية اللي فينا يا اخي , حس بقي جرالك ايه انت مكنتش كده ابدا " , كان حسام يصيح بأخيه الكبير الباكي ويمسكه من مقدمه ملابسه , دخل محمد علي هذا المشهد " في ايه يا حسام؟ " " اخوك اتجنن ضيع نفسه وضيعها معاه " .
حالما سمعته أية هرعت الي الداخل واخذت تصرخ بسارة كي تفيق ولكن لا شيء أبدا يحدث , ربتت علي وجهها الدامي بشدة واخذت تهزها بعنف شديد , وازداد صياح وهستيرية أية وبكاء السيدة نور ، ضمت قبضتها واخذت تضرب بشدة علي قلب سارة وهي تصرخ بها , ثم واخيرا تحركت شفتها بتأوه شديد الوهن , بكت أية من الفرح وانخفضت نحو اختها تبكي بشدة وتضمها , زاد تأوه سارة من الالم ونزلت دموع حارقه علي جانبي وجهها.
في تلك الاثناء كان حسام يصيح بأخيه " ايه اللي بينك وبين سارة يا عبد الرحمن؟ انت مش عارف هي عملت معانا إيه؟ مش عارف عملت مع أحمد إيه , ملقتش الا دي وتعمل فيها كده! " كان حسام يشير الي التغير الذي حدث بحياته هو واخيه محمد والذي ساعدته سارة فيه كثيرا .
نزع محمد ملابس عبد الرحمن من يد حسام واخذ اخاه بعيدا , خرجت أية راكضه بعد ان فاقت سارة وهجمت عليه وانهالت علي صدرة بالضربات والصراخ " هوديك في ستين داهية , عملت فيها كده ليه؟ اتجوزتها ليه؟ انا هبلغ عنك انت فاهم , هوديك في داهية " قالت جملتها الاخيرة ومحمد كان يحملها بعيدا عنها إلا انها لم تكف عن الصياح والصراخ به .
كانت أمل واهنه للغاية جلست علي اقرب كرسي وهي خائفة من الدخول الي سارة , خرجت إليه السيدة نور هي الأخرى , نظر نحوها ونطق ببلاهة يائسة " هي عايشه؟ " .
" انا عاوزة افهم كل حاجه الوقتي , عاوزة اعرف الجنان اللي انت بقيت فيه والشيطان اللي ركبك علي كبر ده جه منين؟ " كانت السيدة نور غاضبه للغاية وتتكلم بلهجه محذرة الي اقصي درجه " انت  هتطلقها الوقتي ولو جيت جنبها تاني هتبري منك لا انت ابني ولا اعرفك " وصاحت اكثر " ازاي تعمل فيها كدة؟ " هز رأسه بآسي " مش هطلقها انا بحبها " " صرخ به حسام صرخة افزعتهم جميعا " كداااااب لحقت تحبها امتي واللي يحب حد يعمل فيه كدة , كل ده عشان الورث ملعون ابو دي فلوس! " .
هز عبد الرحمن رأسه بهستيرية رافض ولم يره أحد ضعيف وواهن في حياته مثل الآن , قالت الام بتحذير للجميع " كفاية صريخ " واشارت الي محمد " انزل اقفل الباب ابوك لو سمع حاجه من دي هيطب ساكت مكانه " نزل محمد سريعا وقال عبد الرحمن بصعوبة " انا بحبها ومش هطلقها " زمجرت به أمل " انت لسه متجوزها من شهر , ليه اتجوزتها غصب عنها ؟ كلنا عارفين انها لسه بتحب أحمد , انت عملتلها ايه حرام عليك " .
تهاوي علي كرسي وقال بوهن شديد وقد فضح كل شيء " انا بحبها من زمان قوي " صعق الجميع وكادت ان تخرج عيونهم من محاجرها , وقال محمد بدهشة " انت بتقول ايه يا عبد الرحمن! " هز حسام رأسه غير مصدق وهو يشير بيده في الهواء " انت اللي جبتها الشركة , انت اللي خلتني اوظفها " وصرخ به " كنت بتحب مرات اخوك! " , فزعت السيدة نور وارادت ان تنفي التهمه عن ابنها ولم تنتبه الي ما قالته ... .
" لا يا حسام متظلموش ابوك هو اللي جاب سارة , جابها عشانك " , توجهت العيون المحدقة الآن للسيدة نور التي تهاوت علي كرسي هي الأخرى واخذت تتمتم بالكلام بوهن , وأمل كتمت فمها بشدة كي لا تصرخ لما تسمعه " ابوك اللي جابها عشان تغير رأيك في صافي وتسبها وتشوف حد غيرها , وعملها مديرة مكتبك " , صرخت أمل بحسام " انت كنت هتتجوز سارة " هز رأسه غير مصدق وقال وهو مدهوش " انا اول مرة اسمع الكلام دة " اكملت السيدة نور " بس غير رأيه لما أحمد وقع معاها , عشان يفضل يروح الشغل ويخرج من اوضته لأن مكنش فيه اصلا وقتها شغل , كانت حجه عشان يخرج مش اكتر " .
صاحت أية بهم جميعا " انتو بتلعبوا بيها حد يفهمني ايه اللي بيحصل؟! " ,
نظرت أمل بذعر لحسام الذي اقسم لها انه لا يعلم أي شيء عن الموضوع .
لقد وضع السيد شهاب والسيدة نور مخططات ل اولادهم ولكن القدر وضع مخططاته الخاصة ونفذها.
نظرت لابنها وقالت بحدة " طلقها " هز رأسه " لا انا سبتها زمان عشان أحمد ومش هعمل كده تاني " , سال محمد بذعر " انت بتحب سارة من امتي ؟ " " من قبل ما أحمد يشوفها " , امسك حسام برأسه وتذكر صراخه بسارة وكيف ثار عبد الرحمن يومها وتذكر كيف رفض في البداية الزواج حالما علم , تمتم حسام بوهن " وفضلت تحبها طول المدة دي! " هز رأسه موافق , لم يصدق محمد ان اخوة كان يحب زوجه اخيه وانه فعل بها ما فعل صاح به بغضب هادر " ايه القرف دة؟! " , لم تتمالك أمل نفسها والقت برأسها في اقرب سلة مهملات بعد ان تملك منها الاعياء ليس بسبب الحمل وانما بسبب الكلام المقرف التي سمعته , وضعت أية هي الأخرى يدها علي فمها ومنعت نفسها بأعجوبة من الإصابة بالغثيان .
هجم عليه حسام بعنف " انت حيواااان ازاي كنت قادر تبوص في وش اخوك وهي , هي تعرف ولا لاء , ازاي قدرت تعمل كدة ؟ " , رد عبد الرحمن بوهن " انا اعرفها من زمان من قبل ما تيجي الشركة " .
لم تسمع سارة أي من الحوار حقا , ف الألم متملك منها بشكل كبير ولكنها خرجت , لطالما كرهت شجار الأخوة وكان لديها قناعه بانها اذا تسببت يوما ما بشجار بين الاخوة فإنها سوف تتشاجر مع اخوتها , وهذا ما كانت تكرهه تماما , سمع حسام الصوت الواهن من خلفه ولم يصدق " سيبه يا حسام من فضلك " , سخرية منذ اكثر من اربع سنوات كانت تترجي عبد الرحمن كي يترك حسام والآن تترجي حسام كي يترك عبد الرحمن! .
ذهل حسام وظن انها سمعت الحوار الدائر , اما هي فكانت ممسكه بالباب بشدة كي لا تسقط أرضا , سال حسام بذهول " بتدفعي عنه؟! أنتِ كنتي عارفه! "  صرخت به أية " اخرس سارة مش ممكن تعمل كده " , نظر عبد الرحمن نحوها وقال بصوت واهن " انا اسف.. " " طلقني " .
" أنتِ تعرفي عبد الرحمن قبل ما تشتغلي في الشركة؟ " سال محمد ,  ردت بوهن " لاء " نظر شزرا الي اخوة " ليه بتكدب؟ " " انا مش بكدب انا اعرفها قبل كده وبحبها من زمان " نظروا لسارة بشدة وتهاوت هي امام الباب " انا معرفوش انا اول مرة اشوفه في الشركة " , " سارة مش بتكدب سارة رجعت من الامارات ومخرجتش ولا مره غير لما اشتغلت في الشركة " قالت أية بحدة , ونظروا جميعا مرة اخري للمتهم الاول بهذه القضية " انا اعرفها من قبل ما تسافر الامارات " بكت سارة بشدة " والله عمري ما شوفته , ليه بتكدب ليه؟ " .
تمتم بوهن شديد " سارة هي اللي كنت عاوز اتجوزها واتجوزت " , كتمت السيدة نور فمها بشدة وذهل حسام ومحمد , فحال اخوهم انقلب منذ عدة سنوات وظل واهن وحزين ولم يبح بالسر سوي لأحمد في البداية ثم عرف من بالمنزل ما به وكيف دفن نفسه بالعمل حينها .
سالته والدته بلوعه " ليه منطقتش كل المدة دي ليه مقولتش سارة راحت الشركة قبل أحمد ما يشوفها باكتر من شهر " قال بوهن شديد " خفت لما تعرف تسيب الشركة , فقولت اسبها تهدي الاول وبعدين اكلمها " وجلس جوارها علي الارض ونظر نحوها بآسي لحالتها المزرية وقال بوهن شديد " انا اعرفك من لما كنتي لسه صغيرة بضفاير " صرخت به سارة " كداااب " وضربته علي وجهه واخذت تبكي وتصيح باسم أحمد " يا أحمد تعالي خدني من هنا " .
لم يهتم عبد الرحمن للألم الواهي الذي لطمته به سارة حتي وحاول تهدئتها لكنها انتفضت " طلقني , طلقني " " انا جوزك يا سارة ومش هسيبك " كان يتكلم بلوعة ويرجوها بصوته وعينيه , إلا انها لم تصمت ولم تكف عن الصراخ وعن طلب أحمد , اما اخوته ووالدته فقد صمتوا عندما علموا ان سارة هي الفتاة التي حزن بسببها منذ عدة سنوات بشدة وظل عازف عن الزواج بسببها .
سال حسام وهو تائه تقريبا " أحمد كان عارف , كان عارف ان سارة هي اللي انت كنت عاوز تتجوزها! " , تذكر عبد الرحمن الورقة الممزقة عند نهايتها التي تركها له قبل وفاته وتذكر الجملة التي حيرته  " انا عارف انت وسارة ... " , لم يفكر في الجملة سوي الآن , نظر نحو حسام وهو شارد ثم قال بوهن " مش عارف " , صاحت به سارة هذه المرة " يعني ايه مش عارف!! " .
ظل غارقا بهمومه أيعقل أن أحمد سافر بسبب ذلك لا بسبب .... , أيعقل انه علم ان سارة هي الفتاه التي ارادت الزواج مها منذ عدة سنوات .... .
اما سارة فشعرت بالرعب ايمكن ان أحمد سافر بسبب ذلك؟ هل شك بي؟ هل مات وهو غاضب علي؟ .
كان عبد الرحمن جالس امامها علي الارض , انهالت عليه بالضربات صحيح انها كانت واهية لشدة ضعفها , إلا انها ارادت ان تؤلمه بأي شكل وصرخت بحدة " منك لله , انا بكرهك , انت دمرتني يا حيواان , انا مستحيل اعيش هنا يوم واحد معاك تاني , انا مش عاوزة اعرفك تاني ابدا طلقني , اهئ اهئ , منك لله " .
وانهارت سارة بالبكاء ولم تعد تحتمل أي من هذا وقالت بوهن من بين بكاؤها " خوديني يا أية من هنا " ذهبت إليها أية وضمتها بينما انتفض عبد الرحمن واقفا ونظر للجميع نظره شر واضحة وتعالت انفاسه بشدة وصاح بالجميع " طلاق مش هطلق , وخروج من البيت مفيش , ومش عاوز اسمع نفس حد بيدخل في حياتي " واردف بغضب هادر " فاهمين ولا لاء " ودخل غرفته وصفق الباب ودقائق ونزل الي الاسفل .
امرت السيدة نور حسام وامل بالنزول والجلوس مع السيد شهاب كي لا يشك بشيء ومحمد نزل الي الصيدلية كي يأتي ب اغراض لسارة من أجل الكدمات .
والسيدة نور وأية حملوها وهي تبكي بشدة وساعدتها أية علي أخذ حمام سريع ونظفت جروحها وخرجت واخذت تنوح علي صدر أية , حاولت السيدة نور وضع بعض الثلج علي وجهها الي انت وأية هنا انهاردة " هز رأسه موافقا واضطرت السيدة نور الي النزول كي لا يشك السيد شهاب بشيء .
لقد سقط المعبد وتهاوي فوق رؤوسهم وانكشف كل شيء ونظرات الشك وعدم التصديق ملأت قلب الجميع بلا استثناء ..... .
نهاية الفصل .
Please vote if you like it 😍

مذكرات حائر الجزء الأول "الحلم المستحيل" بقلم هالة الشاعر Where stories live. Discover now