الحادي والعشرين "خائن"

6.7K 272 12
                                    

الفصل " الحادي والعشرين "
"خائـــــــــــــــــــــــــــــن"

" صباح الخير يا أمل " نظرت نحوه بغرابة فمنذ ان تركها من اسبوعين وهو لا يتكلم معها ، بل ولا يتواجد معها بمكان هي موجودة فيه ، ردت باقتضاب
" صباح النور" " يالا عشان نفطر مع ماما انهاردة " وامسك يدها ولكنها سحبتها منه، صعدت لارتداء ملابس مناسبة اكثر ونزلت معه ، واندهشت من محاولاته للتقرب منها كثيرا في المصعد ، رغم ان المصعد كان فارغ إلا انه ظل الي جوارها!.
حالما دخل القي تحيه الصباح علي الجميع وهو مشرق علي غير عادته وبعد ذلك دخل محمد وآية ولكنهم كانوا متجهمين كثيرا ، كانت سارة مع السيدة نور في المطبخ ، دخلت أمل لهم والقت تحيه الصباح .
دخل حسام واحاطها بذراعيه من الخلف وضمها بشدة نحوه وقبلها علي وجنتها وسط دهشتها هي وسارة التي نظرت امامها كي تخفي هذه الدهشة، حاولت التملص منه إلا انها لم تستطع ابدا ، ابتسمت لهم السيدة نور واضطرت أمل لإخفاء دهشتها ،" ســـــــــــــــــارااا " كان هذا أحمد ، " روحي يا سارة أنتِ ل أحمد وانا هكمل مع موله حبيبي " نظرت سارة نحو أمل فترة  باندهاش ثم ذهبت ل أحمد .
تركها ولكنه ظل واقف الي جوارها يسالها عن أي شيء حتي لو كان يعرف مكانه ، كانت السيدة نور فرحه للغاية لأن حسام نسي صافي واخيرا تراه جيد مع أمل وبدأ قلبها يطمئن ، نظرت لهم بحب " ربنا يسعدكوا واشوف ولادكو قريب " امسك يد أمل وقبلها وهو ينظر في عين أمل بثقة " قريب اوي إن شاء الله يا ماما " .
عضت أمل علي شفتاها لا يمكنها احتمال هذا سوف تذوب ، لم تعد تحتمل تمثيل  البرودة والبلاهة!! ، خرجت السيدة نور وهمت هي بالخروج فورا بعدها ولكنه همس بأذنها وجعل كل ذرة بها تنتفض " متحوليش مش هتعرفي تهربي مني تاني ابدا .. أنتِ ملكي " وقبلها قبله رقيقه علي وجنتها كتلك التي قبلها لها اول مرة وغمز لها مشاكسا.
هربت سريعا قبل ان يلاحظ انتفاض جسدها كله وهرعت للحمام واخذت تضع المياه علي وجهها ، بعد ذلك اخذت تلوح بيدها كي تجلب بعض الهواء الذي نفذ من رئتيها " هل جن؟  ما الذي حدث له كي يفعل ما يفعله! " ، خرجت من الحمام لتجده بوجهها والقلق بادي علي وجهه " حبيبي أنتِ كويسه جريتي كده ليه؟ " ، فتحت فاها من الدهشة فهي لم تعد تستطيع التمثيل ثم أغلقته وازدردت لعابها
" بطل تمثيل من فضلك انا مرضتش احرجك قدام طنط بس متسوقش فيها " ، وضع يده علي خدها بحنان بالغ " ربنا يسامحك بس اعمل إيه كان نفسي المسك واحضنك اوي " .
تركته وذهبت نحو الطاولة وحالما اصبحوا أمام الجميع امسك بيدها مرة أخرى وازاح لها الكرسي قبل الجلوس علي الطاولة ، قالت آية بعبث " يا سيدي يا سيدي علي الدلع " فما كان منه إلا ان نظر الي أمل نظرة العاشق الولهان وقبل يدها مرة أخرى ، لم تتمالك سارة نفسها عن الضحك حالما رات وجه اختها المحمر بطريقه غير طبيعية وكتمت ضحكتها بيدها .
سال أحمد بفضول " بتضحكي علي إيه يا اوزعه ؟ " تذمرت بطفوليه " أنتِ حشري اوي يا أحمد كل حاجه عاوز تعرفها!" " طب كلي بسرعة عشان تحلقي ليا قبل الصلاة يالا " " حاضر" .
سال محمد " بيدفع لك كام يا سارة عشان تحلقي له؟ " عقدت ذراعيها " مشوفتش حاجه منه لسه والله يا محمد " ، قال أحمد بترفع وهو يلوح في الهواء بكبر " خلاص ، خلاص هبقي اشوفك بحته بعشرة كده ولا حاجه " قرصته في يده " طب شوف مين اللي هيحلق لك بقي تاني " صاح بمحمد " أنت ياض ورايا ورايا ما تسبني انا و مراتي في حالنا يا رخم " " ما انت اعد انت وهي ضحك وحب من الصبح لما قرفتونا! " .
نظرت سارة له شزرا " حقه يا طنط ، حقه يا ابيه احنا قرفناكو؟! " "لا يا حببتي سيبك منه " وقال عبد الرحمن " هو بس غيران يا سارة عشان أنتِ بدلعي أحمد ، تلاقي آية مبتعرفش تحلق له " اخرجت سارة لسانها له مغيظه اياه " مراتك بتطلعلي لسانها " " مراتي مبتعمل..." وبتر كلامه عندما نكزته سارة وقال " مراتي حرة تعمل اللي هي عاوزاه! " .
نظر محمد نحو آية وقال بغضب مفتعل " عجبك كده يا هانم! أنتِ السبب لو كنتي  بتحلقي ليا مكنش حد اتريق عليا كده " وضعت آية من يدها فنجان الشاي بهدوء وقالت بابتسامه صفراء " عادي ممكن اتعلم فيك بس لو غلطت وحلقت رقبتك بدل دقنك متبقاش تلومني " ، سعل محمد بشدة فقد توقف الطعام بحلقه وامسك برقبته وقال بخضوع " لا لا وعلي إيه؟! انا هلم نفسي واروح للحلاق متتعبيش نفسك أنتِ!! " لتضحك العائلة كلها بمرح علي مشاكساتهم التي لا تنتهي ابدا.
كان هذا اليوم مشرق وجميل واقترح حسام بعد الصلاة " ماما إيه رأيك نتغدي كلنا في النادي الجو حلو اوي انهاردة " فكرت لبرهة " والله فكرة بدل ما نطبخ ، مش كدة يا بنات " رحبت سارة بالفكرة كثيرا ، وآية لم تمانع ، ونظرت أمل لحسام وهو يبتسم لها بحب وتسألت تري ما الذي تنوي فعله يا حسام؟ .
_ لقد كان الجو مشرق بحق واخذت سارة بيد أحمد وذهبت للتنزه " الله يا أحمد ربنا يخليك ليا يا رب " " هههه هي الدعوة حلوة مفيش كلام بس انا عملت إيه؟ " " اصل المكان هنا يجنن ومليان ورد " ضمها بشدة إليه ثم شبك يده بيدها وتمشي معها وهو واثق لأنها تنبهه بلغتهم الخاصة التي اخترعتها خصيصا له وحده .
واخذ حسام ايضا أمل للتنزه وامسك بيدها وركض مسرعا بها وسط دهشتها هل جن هذا ام ماذا؟! وذهب بها اسفل شجرة عملاقه واخرج علبه من جيب سرواله واعطاها لها " إيه دي! " اخذها وفتحها والبسها خاتم ماسي رائع بيدها ، ازدردت لعابها لما عساه يفعل ما يفعله؟ " لا لا انا مش هقدر اخده " " ارجوكي يا أمل متزعلنيش انا انهاردة مبسوط بيكي اوي " ورفع وجهها بإصبعه " انا جايبة مخصوص عشانك وكاتب عليه اسمي وتاريخ انهاردة ، عشان ده اليوم اللي لبستيه فيه ومش عاوزك تشيليه من ايدك ابدا " وابتسم برقه " ممكن " .
كانت أمل مدهوشة ولا تعلم أي شيء وقفت امامه كالصنم لا تعرف ما العمل بللت شفتيها وقالت بوهن " بس .... " " بس إيه؟ حد يرجع هديه جوزو حبيبه " وغمز لها ليذيب أي قناعه او برودة تحاول جلبها كي لا يفضح امرها امامه وامسك يدها وتنزهوا كي يستنشقوا الهواء العليل .
"  محمد مش بتمشي آية ليه؟ " سالت السيدة نور ، " احنا هنقوم بس كنا بنشرب العصير " ثم التفت ل آية " مش يالا بقي يا يويو "، ابتسمت الي السيدة نور ومضت  الي جوارة  " الجو حلو انهاردة مش كدة " " اها " ، ذهب وقطف وردة جميلة واعطاها لها وهو يبتسم ، اخذتها منه علي مضض واخذت تعبث بها ، همس لها " عارفة انا قطفتها ليه " " تؤ " " عشان دي أحلي ورده وأنتِ أحلي واحده تستهلي أحلي وردة " ذهب شبه الابتسامة من علي وجهها فهذا التشبيه جعل قلبها ينقبض ، هل حقا سوف تقطفني وتتركني اذبل؟ ولكن مهلا اليس هذا ما حدث بالفعل! ونظرت الي الأرض بآسي وهي تسير الي جواره .
****
كان السيد شهاب والسيدة نور يتكلمون حول أمر ما وعبد الرحمن يضع سماعة الهاتف ويرتدي نظارة شمسية والقي بظهرة الي الوراء مستمتعا بدفء الشمس ، رن هاتفه معلن عن وصول رسالة نصيه من رقم مجهول
" اقرب الناس مخدوعة فيك، تفتكر هيعمل إيه لما يعرف انك خاين؟!! "، اعتدل عبد الرحمن في جلسته فجاءة وازدرد لعابه بعصبيه، ما هذا السخف؟ ما الذي يحدث؟ عصفت الشكوك والافكار براسه وحاول الاتصال  بالرقم إلا انه وجده مغلق تلاحقت انفاسه بشدة.
" في حاجه يا عبد الرحمن؟ " " لا ابدا يا ماما ده شغل من شرم متخلف بوظ صفقه مهمه " " معلش يا حبيبي يمكن خير اهدي شويا " هز راسه موافقا وسمع صوت سارة وأحمد الذين اتو وجلسوا الي جواره وهم يضحكون ، تري هل يقصد احد حبي لسارة؟ لكن مستحيل لا احد يعلم ابدا أي شيء عنها وعن حبي لها هذا غير ممكن ابدا!، يا الهي هذا ما كان ينقصني حقا!!.
رن الهاتف مرة أخرى وخفق قلبه بشدة وهو يفتح الرسالة الموجهة له من رقم غريب ايضا " المسكين اعد جنبك مش حاسس بالغدر من اعز الناس " ، ذهب اللون نهائيا عن عبد الرحمن وأستأذن كي يذهب الي الحمام ، لا شك إنه يقصد سارة لقد انتهيت لقد ذهب كل شيء ادراج الرياح بلا عودة ، سوف تقوم قيامه هذا المنزل وغسل وجهه وهو يتسأل من يفعل هذا؟ من؟!! .
كان هناك من يراقب في الخفاء ويبتسم وتأكد من شكوكه وبدا بوضع خطه محكمه .
التقي محمد وحسام وآية وأمل وسار الأربعة سويا وقابلهم عدة اصدقاء من النادي وعرفوهم ب آية وأمل وبعد فترة قابلوا مجموعه من خمسه اشخاص ، ثلاثة فتيات وشابان والقوا التحية علي حسام ومحمد وقالت واحده منهن بعتاب مبالغ فيه ل محمد " كده يا محمد معتش حد بيشوفك خالص إيه الغيبة دي يا بني  " تنحنح محمد " شغل . . معلش ظروف " " ظروف ولا المدام مش بتخرجك من البيت ؟ " رسمت آية ابتسامه صفراء علي وجهها وهي تنظر لها غير عابئة بأي شيء فهي لا تهتم بها البتة او بما يمكن ان تظنه عنها ثم ازالت تلك البسمة واشاحت بوجهها بعيدا عنهم .
" ما تيجي يا حسام تلعب معايا ماتش " قالتها فتاة طويلة تعقص شعرها الي الخلف ومرتدية ثياب رياضيه ومن المضرب بيدها لابد وانها تلعب التنس ونظرت لأمل بمرح " بعد اذن المدام طبعا " ابتسمت لها أمل " مفيش مانع " لم تشعر بحنق نحو الفتاة بل بالعكس وجدت نفسها تضحك والأخرى تبادلها الابتسام ، امسك بيد أمل وقال لها " مرة تانيه يا شرين اصل معملتش حسابي في الهدوم وبعدين يرضيكي اسيب مراتي لوحدها " ونظر ل أمل بحب.
" ههههه لا يا سيدي خلاص لو كدة ميرضنيش " وسالت أمل " بتعرفي تلعبي؟ " ، هزت أمل راسها نافيه ، فهمست لها " انا هنا في النادي كل يوم لو حبيتي تلعبي عشان تغلبيه أنا هدربك " ابتسمت لها أمل " إن شاء الله " تحدثوا مع الشباب قليلا ومضوا في طريقهم ، نظر حسام الي أمل بتعجب لما لم تغار من شيرين ولم يصدر عنها أي رده فعل ، هل نسيت حبه فعلا ؟ هل ما حدث جعلها فتاة أخرى غير الصغيرة الخجلة التي تعرف عليها؟ .
بينما آية حنقت علي محمد وتركته ومضت بعد ان القت بالوردة علي الأرض ولم تعبأ بأن يسمعها كل من أمل وحسام ، عذرتها أمل فيما فعلته فالفتاة التي كلمت محمد كانت نظراتها جريئة للغاية وتلمح ان هناك شيء خاص بينهم ، تجمعوا حول الطاولة ولم يكن هناك من يأكل بشهية ويضحك سوي سارة وأحمد .
فكل من حسام ومحمد وعبد الرحمن في عالم خاص به ..... .
ظل عبد الرحمن قلق يود ان يعلم من ارسل تلك الرسائل إلا انها ارقام غير مسجله لذلك لم يعلم من فعل هذا ، والنوم والراحة اصبحوا شيء من الماضي و انتهي كل شيء في ومضه عين ..... .
***
استيقظت آية وهي تصرخ ثم اخذت تبكي برعب شديد وضمت ساقيها الي حضنها ونظرت برعب في الغرفة من حولها وركضت خارجها وهي تبكي بشدة ، قررت النزول الي الاسفل كي تشرب كوب ماء علها تهدأ ولكنها سمعت صوت محمد وهو يقرأ القرآن الكريم وذهبت نحو الباب وهي تبكي ودون ان تطرق الباب قالت بصوت معذب " محمد " " صدق الله العظيم " .
انتفض محمد وفي لحظه كان فتح الباب وسألها بلهفه شديدة " أية مالك؟ " كانت تبكي بشدة، جذبها له وضمها اليه بسرعة رهيبة واخذ يربت عليها كي تهدأ " حد كلمك؟ حد حصله حاجه؟ " هزت راسها نافيه ولكنها لم تستطع منع نفسها من البكاء " اهدي اهدي بس يا آية حاولي تقولي لي مالك " لم تستطع من كثرة بكاؤها ان تخبره بأي شيء .
جذبها بهدوء الي غرفته واجلسها علي السرير وظل ممسك بها يربت عليها محاولا تهدئتها ، انفطر قلبه علي حالها اما هي فقد زاد بكاؤها " قال يأس " طب حلمتي حلم وحش " من ملابسها وشعرها المسدول المشعث قليلا لابد وانها كانت غارقة بالنوم " هزت راسها وقالت من بين شهقاتها " حلمت ... اني ... " " استني يا آية متحكيش الحلم لو وحش بلاش تقوليه احسن " بكت بشدة وقال بيأس " بس انا خايفه اوي " رفعت راسها تتأمله وهي تري وجهه حزين للغاية من اجلها ، وغرقت بموجه حارة من البكاء ليس من اجل الحلم السيئ فقط لا بل من كل شيء يحدث معها لقد نالت كفايتها ولم تعد تعلم كيف سوف تتصرف وما هو مصير هذه الزيجة؟ .
ضمها محمد له بكل قوته وقبل راسها " متخفيش والله ما هسيبك يا آية " بعد فترة ابعدت نفسها عنه واخذت تمسح دموعها وتنظر للأرض بأسي واجتاح جسدها رعشة خفيفة فملابس نومها خفيفة للغاية ، جلب محمد ستره البيجاما خاصته والبسها اياها وسط استسلامها التام واغلق السحاب عن اخرة كي تشعر بالدفء ، نظرت نحو المصحف وقالت بآسي " انا اسفة عطلتك  " ، مسح علي راسها " متتأسفيش محصلش حاجه خالص " كانت مترددة للغاية وهي تطلب منه " مم ... ممكن تقرأ ليا " واشارت بيدها المرتعشة نحو كتاب الله .
حزن كثيرا لرؤيتها ضعيفة هكذا ، فهو اعتاد رؤيتها قوية عنيدة ولم يعهدها منكسرة ، ابتسم لها برقة وجذبها الي صدرة وامسك بكتاب الله واخذ يقرأ لها بصوت هادئ رصين جعلها تهدأ تماما عن البكاء وتسبح في عالم الاحلام ، وبعد مدة " صدق الله العظيم " واغلق المصحف ووضعه بهدوء مكانه ورفع راسها ببطيء وتأمل وجهها البريء وهي نائمة ، يا الهي كم هي هادئة وجميلة تلمس وجهها بهدوء شديد واحتار في امرة كثيرا فهو لا يريدها ان تشعر بأي خوف ولكنه اتخذ قرار نهائي فهو يعلم انها متقلبه المزاج بشكل غير عادي! .
حملها برقه وذهب بها الي غرفتها ووضعها بهدوء شديد ثم دثرها جيدا بالغطاء ومسح علي راسها وقبلها بهدوء وذهب لجلب المصحف وجلس امامها علي كرسي يقرأ بهدوء يشبه الهمس وظل هكذا طوال الليل .
استيقظت آية ووجدت نفسها بغرفتها والي جوارها كرسي فارغ وعليه " المصحف "
وباب الغرفة مفتوح ، دخل محمد بعدها ومعه صينيه فطور وهو مرتدي كامل ملابسه عدي ستره بذلته ويبتسم لها بود ، وضع الصينية علي حجرها وقال " صباح الخير ازيك الوقتي؟ " كان صوته هادئ للغاية لدرجه اربكتها وكأنه رجل ناضج لا ذلك المشاكس المشاغب الذي تعرفه ، ردت بخفوت " الحمد لله " " انا مضطر امشى الوقتي عشان متأخرش بس لو عاوزاني اعد انا ممكن اخد انهارده اجازة " " لا متعطلش نفسك " ارتدي سترته وقال لها بمودة شديدة " افطري وروحي اعدي مع أمل متعوديش لوحدك عشان متفتكريش حاجه  ولو افتكرتي استغفري بسرعة ماشي " هزت رأسها موافقة ، ابتسم مرة أخرى" مع السلامة " وتركها وذهب وسط دهشتها .
نظرت الي الفطور ووجدت ورده انها احدي ورود السيدة نور ، هل نزل صباحا كي يحضرها لي؟ ونظرت الي الكرسي لابد وانه لم ينم شيئا الليلة الماضية ، ونظرت الي سترته التي ترتديها وعضت علي شفتها من الحيرة لقد كانت ضعيفة للغاية في البارحة وبين أحضانه ولكنه لم يفعل لها أي شيء لم يستغلها مثلما تظن هي ، تري اهي خدعة؟ ام انه تغير بالفعل الله وحده يعلم ، بدأت بتناول الفطور وهي تشم رائحة عطرة بالسترة ومن ثم ابتسمت الي نفسها .... .
_ اما عن أمل فقد ظلت شاردة للغاية ، ما الذي غير حسام هكذا وفجاءة ، ما الذي حدث؟ .
بعد ان امضوا اليوم بالنادي وعاد الجميع الي المنزل ، صعدت هي غرفتها مباشرة وفي معاد النوم طرق الباب فتحت له بحذر ، قبل راسها ونظر لها بحنان " عاوزة تنامي من غير ما تقولي ليا تصبح علي خير! " ازدردت لعابها واطاعته وهي منومه " تصبح علي خير " واغلقت الباب قبل ان تنهار امامه .
اما هو فذهبت عنه البسمة لتحل محلها نظرة مبهمة لا يعلم احد معناها سواه هو .
_ ذهبت أية لأمل ومضوا الوقت سويا وفي الساعة الثانية عشرة ظهرا اتصل محمد " ازيك يا آية " " الحمد لله " " احسن ان شاء الله " " الحمد لله " " طيب متطبخيش النهارده انا هجيب اكل معايا ، اطلبلك زي ولا عاوزة حاجه معينه؟ " ردت بحرج ،" لا زيك " " ماشي مش عاوزة حاجه اجبهالك وانا جاي؟ " " لا شكرا " " مع السلامة " ، وجلست متحيرة مع اختها يا الهي كيف اعلم الحقيقة؟ .
وفي المساء لم تستطع آية الصعود الي غرفتها وقررت النوم بالأسفل وابقت التلفاز علي محطه القران الكريم وحاولت النوم علي الاريكة ،
" آية " جاءها صوته الهادئ ، جلست ونظرت له وهو يمد يده لها ، ازدردت لعابها ووضعت يدها بكفة وهي مترددة صعد بها الي الأعلى وادخلها الي غرفتها كانت تشعر بتوتر شديد ولكنها ايضا كان لديها رغبة ملحه في معرفة اذا ما كان يريد ان يستغلها ام انه تغير بالفعل .
لم تستطع النظر له فهي تكره خوفها هذا امامه ، لكن الحلم البارحة افزعها لدرجة رهيبة حتي انها في الصباح بعد تناولها للفطور وبعد ان انتبهت الي انها وحدها لم تستطع الصلاة حتي في الغرفة وارتدت ملابسها وذهبت لأمل مسرعة ، ذهب غرفته وجلب " المصحف "وكوب حليب وجلس الي جوارها " اشربي ده عشان يهدي اعصابك " لما يعاملها بحنية الاب هكذا؟ ما الذي حدث له؟ اهي خدعة ما !! ، شربت الحليب وجعلها تنام واخذ يقرأ عليها " القرآن الكريم " وهو جالس الي جوارها بعد ان دثرها بالغطاء .
وبعد فترة ذهبت في النوم قبل رأسها ولثم يدها برقة واغلق المصباح الي جوارها وذهب الي غرفته وترك باب غرفتها مفتوح حتي يستطيع سماعها اذا ارادت شيء ما ، حالما ذهب فتحت آية عيناها ، لقد قبل يدي وراسي ولم يتمادى معي وذهب ، كانت مدهوشة منه ومن أفعاله هذه وما ان انتهت من تحليل موقفة حتي شعرت بالرعب وتمنت لو لم تدعي النوم لأنها الآن وحدها وخائفة ، اخذت تغمض عيناها وتتذكر صوت تلاوته للقرآن الكريم حتي هدأت ونامت .
ظل هكذا معها عدة ايام وقت النوم يدخل معها ويقرأ لها وحين تنام يقبل راسها ويلثم يدها ويذهب الي غرفته وصار الجو بينهم هادئ نوعا ما .... .
اما عن أمل فحسام كان يفاجئاها كل يوم وهي بدأت تذوب في عشقه ونسيت تماما ما اتفقت علية مع سارة .
***
بعد اسبوع من وصول الرسائل له كان عبد الرحمن عصبي للغاية ولم يستطع احد  ان يخمن ابدا لما اصبح بكل تلك العصبية ، وما زاد الطين بله وصول رسالة أخرى تؤكد شكوكه بشأن سارة وان هناك من يعلم بحبة لها
" لو عرف هيقتلكوا انتو الاتنين او هيموت بحسرته "
كانت تلك الرسالة هي النهاية التي دمرت أي قوة او ذرة عقل لدي عبد الرحمن ، لم يعد هناك مجال للشك ابدا ، لكن من الحقير الذي يفعل هذا؟ فقط لو يعلم من هو سوف يدمره بضغطه زر ، جلب مسدسه من الخزينة وعمرة جيدا ولم يعد يتحرك بدونه فهو مستعد لان يدمر مستقبلة علي ان يظل حب سارة سر دفين ..... .
_ طرق الباب طرقة خفيفة يعلم من يطرقها جيدا ، قال بنفاذ صبر " ادخل " ابتسمت سارة كثيرا له ودخلت وهي واضعة يدها خلف ظهرها ، وقالت بمرح كبير " ازيك يا ابيه " " ايوة يا سارة في حاجه؟ " لم يكن ينظر لها حتي وعلي وجهه غضب بالغ فهو لا يعلم من يرسل تلك الرسائل اللعينة ولا يريده ان يتأكد مما يحدث .
قالت سارة بصوت طفولي معذب " يا ابيه بقولك ازيك! " ، صاح مزمجرا بها " اعمل ايه انا يعني يا سارة؟ " جمدت مكانها وتجمعت الدموع بعينها ، وقع نظرة علي السلسال الذي يتدلى من رقبتها فهي لم تخلف بوعدها وذاب من الحزن لأنه صاح بها هكذا ، تقدمت بخطوات واهنة وبيد مرتعشة وضعت علبة مغلفة بعناية علي مكتبة وتمتمت بآسي " كل سنة وحضرتك طيب " .
عض علي شفتيه من الآسي ورمي الملفات من يده علي المكتب وجلس وهو يستغفر الله ، تساقطت دموعها وتمتمت " بعد اذن حضرتك " " استني يا سارة " كانت تنظر للأرض وتشعر بخجل شديد منه " انا اسف والله يا سارة ، اصل الدنيا مدمرة في شرم " واخذ نفسه يعلو ويهبط بشدة ولكنها همت بالخروج هرع خلفها بسرعة وسد عليها الطريق " طيب امم مش هتستني لما اشوف العلبة فيها إيه؟ " لم تنظر له " لو سمحت عاوزة اخرج يا ابية " " طيب اعمل انا ايه الوقتي؟ انا هخاف افتحها لتكوني حاطه حاجه هتنفجر في وشي ولا حاجه " ضحكت رغما عنها وهي تمسح عيونها بظهر يدها " خلاص بقي متعيطيش والله غصب عني " وجعلها تجلس علي الكرسي واعطاها الهديه و  منديل كي تمسح دموعها واخذ يتأملها وهي تفتح الهدية ببطيء وتخرج له ساعة يد رائعة ، ابتسم بشدة عندما راها ومد يده بمرح " طب مش هتلبسيها ليا بقي! " ضحكت سارة وذهب عنها الخوف والرعب الذي كانت تشعر به منذ قليل والذي جعله يشعر بالسخط من نفسه لأنه ارعبها هكذا دون أي ذنب منها ، ارتدي الساعة وشكرها مرة أخرى .
" استاذ فتحي في المكتب وعاوزك هو وعمي " " متعرفيش ليه؟ " " تؤ" " طيب يالا لما نشوفهم " تقدمته سارة ودخلت المكتب وهو خلفها ليصيح الجميع به مرة واحدة " كل سنه وانت طيب " ضحك عبد الرحمن لم يتخيل هذا ابدا ، كل عائلته موجودة والمكتب ملئ بالبالونات والزينة وقالب حلوي وعلية رقم"37" قبلته والدته ، وهنأته آية وأمل واخوته كذلك وأعطوه الهدايا ، كان يشعر بخجل واخذ يمرر أصابعه في شعرة الكث " انتو احرجتوني والله يا جماعه انا مليش في الحاجات دي " قال السيد شهاب " قولنا كده والله يا سيدي بس سارة صممت تفاجأك وقالت لي هو يعني عشان مش متجوز محدش يا خد باله منه كدة! " .
اعطاه الجميع الهدايا وشكرهم وهو محرج فما تفعله سارة بسذاجة ردا للجميل سوف يجعل المتربص يشك اكثر بهم والعائلة كلها سوف تنهار اذا علم احد بما يجري معهم .
سال محمد " ها إيه اكتر هدية عجبتك؟ " نهرته سارة " يا بني السؤال ده محرج " رد أحمد بثقة بالغة " انا عارف إيه اكتر هديه عجبت عبد الرحمن " شعر عبد الرحمن بتوتر ، سالته آية" إيه هي يا أحمد؟ " رد بثقه اكبر مما سبق " هدية سارة طبعا " ذهب اللون تماما عن عبد الرحمن وشعر بالأرض تميد من تحت أقدامه .
سال حسام بنفاذ صبر " اشمعني مراتك يعني؟! " " يا بني دي بقلها اربع شهور بتحوش مرتبها وبتخنسر من مصروف البيت عشان تجيب الهدية دي ، يقدر يقول غير كده ، والله انا كنت ضربته! " ضحك الجميع وقرصته سارة من شدة الخجل " انت إيه؟ مبيتبقش في بوقك فوله ابدا " واحمرت خجلا من الجميع ، رسم عبد الرحمن البسمة علي وجهه وقال " فعلا هي هديه حلوة اوي شكرا يا سارة ، انا متأسف بس مضطر انزل الوقتي حالا وشكرا علي المفاجأة يا جماعة " وانسحب سريعا وسط تذمرهم ، ونزل الي الأسفل وطار بسيارته لا يعلم لما وضعه القدر في هذا الحظ لقد رضي بأن يتألم وحده ويصمت ولكن هناك من يريد ان يدمره وتلك الساذجة الصقت بنفسها تهمه ، لن يصدقها احد لو حلفت له مائه عام بانها بريئة ولم تفعل شيء علي الاطلاق .
خلع الساعة من يده واخذ يتأملها اثناء جلوسه بالسيارة من فوق المقطم شعر بشيء متناقض تماما بداخله اراد ان يلقي بها بعيدا عنه ، وفي نفس الوقت كان ينظر لها بحب لأنها هدية من اعز الناس علي قلبة ، تنهد بآسي فرأسه مليء بصراع لا ينتهي ليته لم يعدها بأنه لن يسافر وبأنه سوف يظل الي جوارها ، هل يتخلى عنها من اجل مصلحتها؟ ، لكن هل يستطيع تركها تعاني مرة أخرى هكذا؟! .
وصلته رسالة أخرى اللعنة علي الهاتف " للدرجة دي بتستخفوا بالمسكين أحمد " اشتاط غضبا وضغط الساعة بيده واحس بحفر غريب في الساعة فقلبها ليتأملها وجد نقش دقيق عليها تأمله جيدا " الي احسن اخ كبير في الدنيا دي كلها " اغمض عينيه وارجع راسه الي الخلف وتمتم بوهن شديد بعد ان راي تلك الكلمات " احنا انتهينا يا سارة " .... .                                











" نهاية الفصل "

الحب ....
هل مكانه بالخفاء ام العلن؟
وما هو الحب الذي يبغضه الناس؟، وما هو الحب الذي يشجعه الجميع؟
لمَ هناك فروق؟ فهو في النهاية حب، عشق، مشاعر وأحاسيس تجاه شخص ما وما دخلنا نحن فيها!.
_ هل قاومت؟  اجل.
_ هل قاومت بما فيه الكفاية؟!! .....
لا اعلم فانا .....





" حائر "
Please vote if you like it 😍 😊

مذكرات حائر الجزء الأول "الحلم المستحيل" بقلم هالة الشاعر Where stories live. Discover now