001

5.8K 423 360
                                    

-
-
_

العاشرة من اكتوبر 1940

‎وفي أوجع الحروب، كان ولا يزال يتراقص على أنغام معزوفة "بُحيرة البَجع" يُحرك أرجله بِخفه، يميناً و شمالاً كان يتمايل بجسده الضئيل، تاركاً من روحهِ أن تُعانق السَّماء بِحب

‎في الزِّقاق الخَلفي لِدار الأيتام، في مدينة برلين، كان يَسرق صوت البيانوا الصادح من غُرفة الباليه للفتيات، يُراقص ظله في الخلف وحيداً، لكون الباليه للفتيات، وعارٌ للفتيه أن يرقِصوا بحُرّيه، فالرِّجال لهم الحروب و الأسلحه، الشِّدة و الظُلم، أو هذا ما يعلِّمونه لهم منذُ الصِغر هنا

‎بِملابس باليه، بياض وجههِ ، مُلطخ برماد المدخنه، مُحمر الوجنتين، و شفتيه مُنتفخه جافّه من قِلت الشراب و الطعام

‎ورُغم ذلك هو يرقص بكُل شغف، بكُل حب، تاركاً خلفه دمار العالم، فارداً أجنحة الحريه و الأِنطلاق

‎:"جيمين"

‎تَوقف مُرتعباً للحظه، ما أن دبَّ ذاك الصوت لِمسامعه، ولم يكُن منه سوى أن يمسِك بأزرار بِنطاله مُتقدماً نحو الجِدار، يبتلعُ غزيراً، يُبلل شفتيه، ويُحاول قدر المُستطاع أن يُبعد توتره

‎:"ماذا تفعل هُنا، لقد كُنت أبحث عَنك"

‎إقتَرب صاحِبهُ الأصهب، ليقِف بِجانبه، يفْتح أزرار بِنطاله، و الآخر قد إبتعدَ عاقِداً حاجِبيه مُضجر، هو مُنذ قليلٍ كان سعيداً، كادَت ان تُحلِّق بِه الأرض نحوَ النُجوم، لكِن ماذا؟، صديقُه قَد دمَر كُل شيء، وها هو بِكُل جَرائه يَقفُ بِجانِبه يتَبول

‎:" كُنت أقضي حاجَتي"

‎:"هُنا، عِند مدرسة الفتيات"

‎تٍحدث بِضجر حامِلاً الدَّلو و عَصى تَنظيف المَداخِن:" ليس وكأنك لا تَفعل أنتَ الأن ، و أيضاً، هذا دارُ أيتام تومس، ليسَت مَدرسه"

‎إلتَفت تومس زامَّاً شَفتيه بِغضب طَفيف، يُغلِق أزرار بِنطاله بَعد أن إنتهى:"لا تقُل ذلِك جِيمين، كي لا يَسمعنَّك الفتيات، إن الأمر حسَّاس لِقُلوبِهن الرَّقيقه"

‎تَنهَّد جِيمين، وخَطى مُتجاهِلاً حَديث صَديقِه، لِماذا يجِب أن يَتغافلن عن حَقيقَتهِن..؟!، هُنَّ يَتيمات، يَستغِلون جَمال خَواصِرهِن كَي يُمتِّع الجُنود أنظارهُم ، و المُكافئه تُغادِر لمعِدَة المُعلِمين و المُدراء، مُتناسين حُقوق الفَتيات، فَبالطَّبع ذا الطَّبقات العاليه والإستِقراطيه لَن يَسترخِصوا بِفتياتِهم مِن أجل حُفن رِجال عَفِنين

سِّيمْفُونِيَّة  الْحَربُ الْثانيةWhere stories live. Discover now