008

2.6K 286 159
                                    


-
-
_

الثَّاني عشَر مِن نوڤمبَر 1940

هذا الوقتُ منَ المَساء هوَ الأفضلُ لي، السَّماءُ مالَ لَونُها على الأُرجُواني لفِعلِ الغُروبِ على الغُيوم الماطِرة، النَّسيمُ بارِدٌ ومُنعِش، وتَغريدُ العَصافير يملأ أرجاءَ الحيِّ الهاديء، رائحةُ الثَّرى تُلامِسُ الرّوحَ لنقاوَتِه، وبِرَكٌ صغيرةٌ قد تكوَّنَت في الحَديقةِ الخلفيَّة للمنزِل، معَ بعضٍ من الفَراشات تَطيرُ فَوقها

هادئةٌ هيَ تِلكَ اللحظاتِ الصَّغيرةِ من حياتِنا، كَما لَو أنها تُعافي جُزءاً مَكسوراً بِداخِلنا، تُشعِرُنا انَّ الحَياة بِخَير، ولا حُروبَ فيها، لا هُمومَ ولا أحزان

أسدلتُ جُفُناي بعدَ أن اِستَلقَيتُ على الكُرسي، أستَشعِرُ هذه اللحظه بِروحي، والكِتابُ المُغلَقُ قَد اِستقرَّ فَوق صَدري

قَلبي هادئ رُغمَ وقوعِهِ بالحُب، هَل أنا أحِب..؟! نعَم أنا مُغرَمٌ بيونغي وجِداً، لكِن مرَّ فَقط شَهر..؟! اعلَم، لكِن تصرُّفاتِه أوقَعَتني بِه، إهتِمامُه، دِفئه، وهُدوئه، أدمَنتُ وجودَه، وأدمَنتُ صَوتَهُ الهادِئ الأجَش، لكِنَّك ستُغادِر..؟! الأمرُ صَعب

:"جِيمين"

همسٌ خافِتٌ أفاقَني، مِن حَديثِ النَّفس، لأفتَحَ عَيناي وأحدِّقَ بيُونغي، الذي يَنظُرُ لي والغِطاءُ على ظَهرِه

جلستُ سامِحاً لهُ أن يجلُسَ بِجانِبي، فاقشعِرَ بدَني لقُربِه، وتَنهيدتهُ العَميقة، الَّتي أخرجَها، تَنبعِثُ مِنه حرارَةٌ فضيعَة

نظَرتُ له، ثُمَّ مدَّدتُ يَدي لأضَعها على جَبينِه، وبَعدها اِستَقمتُ مُتَّجِهاً للمَطبخ، أُحضِرُ لهُ الحَليب معَ بَعضِ العسَل، كَي يُعيدَ القوَّةَ لَدَيه، عُدتُ إليهِ ثُمَّ مدَّدتُ يَدي لَه

:"إشرَبهُ سَيُعيدُ لكَ طاقَتَك"

:"شُكراً لَك"

مسَكَ الكوبَ مُبتَسِماً، لأرمُشَ عدَّةَ مرَّاتٍ، قبلَ أن أتفوَّهَ بالتُرُهات

:"أتَعلَم يُونغي"

هَمهَمَ لأُكمِل:" إبتِسامَتُكَ خلَّابه"

سعَلَ هوَ مُخرِجاً نِصفَ ما شرَبَ منَ الحَليب، لأشهَقَ وأنا أُربِّتُ على ظَهرِه

:"ياإلَهي آسِف"

مسَحَ طرفَ شفَتيهِ لينظُرَ لي، فعَبستُ :"ماذا قُلت..؟!"

سِّيمْفُونِيَّة  الْحَربُ الْثانيةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن