"ذِكريات"

191 13 4
                                    

سيدا هي من دمرني
بِها التَناقُض العَجيب صَدَت لي حُبّي، توهِمُني حبًّا زائفًا وتوقضُني بأن قلبّها لِغيري.

في جنوب العِراق وتحديدًا في البَصره، تِلك التي عُرِفَت بحرارة جوِها، تِلكَ الَتي جَمَعَت دِجلَةَ والفُرات، تِلكَ الَتي خاصمت الغُيوم سَمائها وَندِرَ قُدومُها، تِلكَ الَتي تفاخَرَت بِأنها مَوطِنُ الثُوار.

في إحدى مَناطِقِها النائِيةِ ترَعرع طِفلٌ ذي فِكرٍ مُختَلِف، حَمَّل كثيرًا مِن التَمَيُز لَكِن بِضعَف، لَم يَكُن يقوى على الدِفاع عَن نَفسه، إنطوى وَكَبِر وحيدًا رَبتهُ زاويةُ الغُرفه التي جَلَس فيها دائمًا، تَعَلم الصَبر مِن العنكبوت الذي يَعتبره شريك غُرفته وكيف كان يصنع شِباكَهُ ويَحيكها وينتظِرُ ليصطاد فريسته، تعلم الحُبّ والحذرمن التدخين وكيف ان سيجارَتهُ لاتترُكُه حتى أخِر انفاسها، تعلم ان يتخلى في الوقت المُناسِبِ وان لايتعمق فإن تعلق بسيجارته لَمَسَّتهُ نارِها، تعلم الحكمة من الشمس وكيف انها تحترق لتنير، تعلم الطمع من لذه الناس من دفئ احتراقها مُنسين آلمها وشِدَتَه، لَكِنَهُ لازالَ مُبَعثرًا، تَعَلَم الحُبّ ولَم يُحِب، تَعَلم الصبر ولَم يَصبِر، تعلم الحَذَرَ ولَم يَحذَر، كان كَرِوايةٍ كُتِبَت بِحُزنٍ وُتُرِكَت على الرَف ولَم تُنشَر، كأن كاتِبها ارادها لِنَفسِه اراد أن يروي لِنَفسِه

مَرَت سنين الإنهيارِ الاولى كانَت بِدايَةُ الطَريق

في لِقائي لِسيدا كانَت جميلةً بِحُزن، كانت كَقَمَرٍ انار رُغَم وحدَتِه، لَم يُستَمَد نورها مِن شَمس، كان قمرًا ذاتي النور، كانَت هِيَ شَمسَ نَفسِها، (كانت تمامًا كَوصفِ ديستويفسكي لِناستينكا في قَولِهِ:كانت ناستينكا جمليةً بحزن ومُحِبةً بأسى، كانت فتاةً حالمةً تِلكَ السمراءُ التي أحِبُّها)

عُزلةWhere stories live. Discover now