الخذلان

35 3 0
                                    

من أخطر العبر التي يمكن أخذها من عاشوراء الامام الحسين عليه السلام : الخذلان.

ما الذي يضمن ألا نكون من أولئك الذين خذلوا إمامهم في وقت الحاجة لهم ؟

لقلّة بصيرة ، سوء قراءة لـ الحدث ، حكمٌ متسرع لا يستندُ على عقل ، أو جبن ، أو ضعف أمام مغريات الدنيا؟

من يحسن تحصين وتأهيل نفسه واختبارها خشية أن يلقى مصير أولئك الذين تركوا إمامهم نهبًا للسيوف والرماح وعَدْو الخيل..سيرى حصاد عمله يوم امتحانه.

في امتحان البصيرة ، سـ يفشل ذاك الذي اعتاد أن يجعل من نفسه إمامًا لـ نفسه ، فلا يقوم إلا بما يقتنع به ولا رأي فوق رأي نفسه وهواه وفهمه القاصر.

أما تابع الولي المعصوم ونائبه ، فـ سيكون في أمان لأنه اعتاد قولاً وفعلاً على " أمري لأمركم متبّع".

في امتحان الجبن والاستعداد للتضحية سيفشل من يكثر من التعلّقات ومن يعطي للدنيا كل الهمّ والمكانة في نفسه..

وسيفشل من لم يوطّن نفسه ويحدّثها ببذل النفس في أي لحظة في سبيل الله..بذل هواها في أن تكون قائدةً لنفسها بدلاً من أن تكون متّبِعة.

ومن اعتاد على أن تقيده التعلقات الدنيوية من ولد ومال وجاه، من حب لصوتٍ عال، أو صورة لامعة، أو صمتٍ شيطاني..طوال حياته، لن يمكنه التفلت منها في لحظة الامتحان لأن هذه القيود عادة ما تكون صلبة وقاسية..ومن يعتقد بأن بامكانه أن يدير دفة نفسه متى شاء..فهو واهمٌ مسكين،بل وأشبه بالمقامر.

بينما يهون ذلك على من اختبر نفسه في ميدان التضحية واعتاد عليه.. وإلا قد نُفاجأ ونكون عند الامتحان كقائل " وفي الهيجاء ما جربت نفسي ...".

أكثر من يمتلكون المؤهلات المنطقية لنصرة حفيد الحسين عليه السلام ، هم أولئك المجاهدون الذين جربوا التخلي عن الدنيا وشجاعة مواجهة لحظة الرحيل عنها ، فصبروا على هذا الموقف ولم يتراجعوا ولم يتزلزلوا ولم يلههم مالٌ ولا ولد عن القيام بأعباء تكليفهم..

قاتل الرجل الغريب الذي اسمه الحسين ، الذي قدم من مدينة جده إلى مدينة الغدر .. القلوب الملوثة ، البصيرة المنهكة ، الصحراء لم تكتف بإرسال العطش له ولقافلة أهل بيته ، صحراء لا نهاية لرمالها..الجسد المبضع يفترش الرمل وعنده وقف التاريخ والمكان حيرى .. لا يدريان أي المسارات يسلكان!

كانوا يدورون حوله ..وقد زلزلت الأرض زلزالها ..الحسين يجود بنفسه ، الجسد تمزق .. لكن الروح ماتزال هي الروح..ذات بأس شديد..
والقلة المبصرة لازالت قليلة..اثنان وسبعون رجلاً!

-ولاء

منشورات عاشورائية Donde viven las historias. Descúbrelo ahora