44. خدعة.

918 118 26
                                    


هيدال

فركت عيناي بعنف، لم أنم لهذه الليلة وسيكون علينا متابعة السير. لقد استهلكت قراءة هذا الكتاب الضخم كل مجهودي، ولم يتعافى جرحي بعد.

أطلقت تنهيدة وُضع كل ضيقي فيها، و نهضت متجهًا نحو رفيقاي كي ايقظهما.

بالرغم من الإرهاق الذي كان ينتهك جسدي إلا أنني استطعت أن الاحظ بعض من التحركات الغريبة من حولي، شخص او شخصين يقتربان..ولا أستمع لأية أفكار.

أرخيت يداي على الخناجر حول خصري، وأكملت سيري في اتجاه مختلف. ربما هم من عصابة التاكينسي، وربما هم هنا للعثور على سيباستيان.

شعرت بهما يقتربان، واتستقرت خناجري على عنقيهما قبل أن يدركا الأمر، وقبل أن أدرك انا بأن هذه هي نينا، وهذا هو رجل ضخم أشقر الشعر أذكر أني قابلته ذات مرة.

تبادلنا تحديقاتٍ صامتة منبهرة لبضعة ثوانٍ، وصحت موبخًا:" اذا كنت قادمة فلماذا لم تعلميني عبر أفكارك؟"

وأجابت نينا بغضب جم:" إنني احاول فعل ذلك منذ دخلنا الغابة، أتخبرني أنك لم تستمع لكلمة واحدة؟"

الغريب كان أني لم أفعل، وقد يعود ذلك لأني كنت اقرأ الكتاب بتركيز شديد، ولم أمتلك أدنى اهتمام بأي شيء آخر. كنت غارقًا في الحروف والسطور..وكان انتشالي صعبًا.

"هيدال؟" نادتني، وأجبت" كنت اقرأ كتابًا، أعتذر. لماذا انتِ هنا؟"

تجاهلت سؤالي، وسألتني بالمقابل:" أي كتاب؟"

"ليلة في النهر" قلت، وتبدلت ملامحها بسرعة غريبة، فبدت كمن استيقظ لتوه من كابوس موحش، او كصاحب السر حين يفضح أمره. ثم قالت مسرعةً:" هيدال، هناك مشكلة كبيرة تحدث!"

رمقتها بفضول، فأكملت:"إن عصابة التاكينسكي قد وصلت للغابة، هم يبحثون عنك وعن الكتاب الذي قرأته لتوك، أين الكتاب؟"

هكذا فهمت سبب ملامحها المذعورة، وسحبت الكتاب من بين ملابسي فتنهدت براحة، وأخبرتني أن أتركه مكانه وأسرع بالهرب معها.

"لماذا علي تركه؟ سآخذه معي." قلت، وأردفت" لا يمكنك، دع لهم الكتاب ولنهرب..الأمر لا يستحق أن تعرض حياتك للخطر."

"إنه يستحق، نينا. الكاتب هو أول سيسن على أرضنا، وهو من سورد مثلي، إننا نمتلك نفس الدماء وعلي حماية كتابه مهما حدث!"

لم أكن أتخيل أن وصيته القصيرة في صفاحته الأخيرة قد تؤثر بي لذلك الحد، ولكن شعره الأصهب وسحره للحيوانات المفترسة ومسقط رأسه والنهر الذي قضى به طفولته. كل تلك الأشياء تشير نحو سورد فحسب. الكاتب كان شابًا من سورد، بل أن الكاتب هو الشاب الذي بنى سورد من الأصل. لقد كانت مجرد أرض تعج بالمخاطر، ولقد جعل منها أرضًا تصرخ بالحياة.

أليماندرا- | الطريق لك |Where stories live. Discover now