"وهنالِك لحظاتٌ غريبة، تلك التي تكون جالسًا فيها بداخِل جسدك، حبيبات الغبار تتراقص بوضوحٍ شديدٍ أمام عينيك، كل شيءٍ يبدو غنيًّا بالألوان ومتخمًا بالنقاء، كوب الشايّ بين يديك دافِئ، تستشعر حرارته عن وعي وترحب به بحبور، طعمُه الحلو والمر قليلًا يداعب حواسك بلطف، عيناك كسولتان تطرفان ببطء، تحاولان أن تحيطا بجمال اللحظة...أن تحتفظا بها في أحد رفوف الذاكرة.
تِلك اللحظات التي تشعرُ فيها بأنك حيّ بكل ما تملِك الكلمة من معنى...
الدقائق التي تستطيع فيها القبضَّ على روعة الحياة ومشاركتها مع نفسِك بسخاء دون الخوف من فقدانها وضياعها...دون اِختلاس النظر كل هنيهة وأخرى نحو الساعة خوفًا من اِنتهائها...تلك الومضات السحرية التي تعلم فيها يقينًا لم أنت على قيد الحياة ويبدو لك أن ذلك 'القيد' قد كسر.
أنك حر. تطفو خارج جسدك. بعيدًا عن ذاتك. أنت راضٍ وممتلِئ وإن لم يكن هذا هو مجد الحياة فلا تدري ماذا يكون. ثم تنتهي اللحظة ويزحف الرخاء، تسبل أهدابك ببطء وتستسلم للحقيقة....
أن كل شيءٍ جميلٍ إلى زوال."
