introduction

943 39 90
                                    

إنّ فِكرَةَ الاحتِيَاجِ مُؤلِمَة، أن تُقِرَّ أنَّك لستَ أنت، لأنّ أحدَهُم ليسَ هُنا، لأنّ أحدَهُم بالذَّاتِ ليسَ مَعَك، لأنّ شيئًا ما دَاخِلُك لَا يَسْتَطِيعُ أن يَجْهَر بأنّك تحتَاجُ شخصًا مَا.
إنّك تربِطُ علَى قَلبِكَ حِزامًا شائِكًا مِن الصَّبر، تَعضُّ كَفَّك كَاتِمًا الألمَ الذي خلّفَهُ كَونُك وَحيدًا ....

أفكر أحيانا في آن أتنازل قليلا و أذهب إليه بدل انتظار قدومه الذي قد يطول عقود ، و لكن داخلي صوت يخبرني أني مقابل خطوة كهذه سأندم طوال حياتي ! ليس ليوم واحد سأندم و ألعن نفسي ما حييت ...

ألا تظن أن الأمر مقرف حاجتك لأحدهم ، قدرة هذه المشاعر الغبية على السيطرة عليك و دفعك للتصرف دون تفكير ، أن تتقدم دون رسم احتمالات لما يمكن أن يحدث ! تسير بنفسك إلى المجهول بل و ترمي بكل شيء معك ...

هذه ليست انا ! لم أكن أفكر هكذا كثيرا و احسب كل خطوة ، في العادة أن أردت شيء أتجه إليه و لا أفكر في العواقب مهما كانت ، ما الذي يحدث لي !

لما انا أتصرف هكذا معه !

لما لا أفعل ما أريده و لا أهتم بشيء كالسابق !

هذا أصبح مزعجا جدا ! لست قادرة على فهم نفسي بعد الآن ! أريد و لا أريد ، بقدر ما أرغب بقربهِ بقدر ما انا خائفة من خسارة نفسي !

رفعت نظري إليه لأجد أنه يحدق بي باهتمام ، أنه صامت ليس من عادته الصمت ضد حديثي كل هذا الوقت !

بدأ شارد أيضا في ما أقوله ، تنهدت لأقول : " أخبرتك ذات مرة أني لا أريد الإرتباط بحياة أحد ، أن حدث ذلك لن أصبح وحيدة مجددا ! و هذا مخيف لأن هذا يعني أن حياتي ستكون ملك لأحدهم و انا لا أرغب في آن يتحكم بي أحد كما يحدث ...

انا حقا أخشى أن يجعلني أفقد كل ما بينته ... هو ليس شخص سهلا كما اعتقدت هو أعمق بكثير مما يبدو ! ألا تظن ذلك ؟

إزاح يديه ليجيب بحيرة التمستها في نبرة صوته " لم أعتقد يوما أني سأراك تقعينا في حب شخص مثله ! من يصدق ؟ كلاكما حذر و .... "

قاطعته أحاول جعله يتحدث بشكل أكثر ، أريد سماع رأيه و سماع وجهة نظره بالموضوع ! لا أنكر أنه يفيدني كثيرا مناقشة الأمور معه ، قام بنزع نظراته ليقول : " حذر و صعب المراس ، كلاكما يخشى الخسارة بشدة آستيرا ، لا أنكر انك عانيتي الكثير و خسرتي كثيرا ! الأمر فقط أنه لم يعاني بمقدار أكبر لا ، هو فقط لم يجد البديل و تحمل عبأ خسارته وحده "

كنت أحاول فهم ما يقوله ، خسارة ! و لكن ما الذي خسره بالتحديد هل يتحدث عن خسارته لشقيقه ! اندفعت لأقول : " ماذا تعني ، تحدث ؟ تعلم أني أحتاج إلى معلومات ، لا يمكنني بناء الطوب بدون طين ؟"

ابتسم ابتسامة نمت عن سخرية و استقام عن كرسيه تاركا عيناي تتبعانه بترقب،  سار حتى وصل إلى النافذة ليقول : " غريب ! انتي فضولية بشأنه ! و هذا شيء جديد !"

عقدت حاجباي أثر كلماته ، لم أدرك ذلك حقا ! هل أصبحت فضولية بشأنه ، لما أريد معرفة الأشياء عنه ، لما أرغب بذلك !

و لكنه قاطع أفكاري قائلا : " هو لا يشبهك كثيرا آستيرا ، و لكن في نفس الوقت أنتما متشابهين، انتي أيضا لغز معقد بالنسبة له ، و هو على عكسك لا يحب الألغاز و رغم ذلك أظنه انجذ .... "

لجم كلماته فجاءة ، بدى كمن استوعب أنه سيقول شيء لا يجب لي معرفته ، و لكنه عاد باتجاه مكتبه ليقول : " أثق بأنك ستجدينا الحل آستيرا لست شخص يعجز أمام شيء ، و لكن تذكري لن تربحي في كل باب تقومينا بفتحه أحيانا يفضل بقاء بعض الأبواب مقفلة  "

تنهدت بملل ليردف قائلا : " إنه ليس شخص سيء و ليس شخص جيد أيضا ، و لكن أيضا لترى حقيقة أحدهم عليك الغوص في أعماقه بنفسك و لا تستمعي لما يقوله الآخرون عنه ، لم تتغيري بل المعركة التي تخوضينها مختلفة عن ما خضته بالماضي ، كنت تراهنينا على كل شيء حتى حياتك و لكن ليس قلبك ، الآن تفعلينا تدركينا انك قد تخسرينه لذلك يحاول عقلك حمايتك بشتى الطرق ، لا يريد منك خوض مخاطرة يوجد بها احتمال خسارة كبيرة قد تؤذيك أولا و أخيرا  ، لن يجعلك تراهنينا على شيء خسارته تعتي نهايتك ، الاهم من ذلك هل انتي قادرة على ذلك ؟ "

أحاول فهم كلمات هذا العجوز التي عادت إلى كونها فلسفة غبية وحسب ، تأففت بضجر لأقول : " أو تعلم شيئا ، لم أعد أهتم لن يهمني أمره إلى هذا الحد ، أظن أنك تعلم أني أضع نفسي قبل أي شخص آخر ، كبريائي حقير جداً، فيمكنني أن‌ أتركك وأنا أُريدك ، لذلك لا داعِي بٱنْ تُذكرّنِي بِٱنَنِي سيئة فٱنا ٱعّلم•• "

وقفت لأسحب سترتي و أتجه ناحية الباب انوي الخروج و لكن التفت إليه لأجد أنه ينظر لي أيضا ، و في لحظة لا أدرك مرورها قلت " قد أكون سيئة لكني حقيقة ، أقلها لستُ نسخة مقلدة ومُزيفة مثلكم"

لطالما كُنا مُغرمين بالمعارِك، وبإشهار السيوف في الوقتِ الصحيح، مؤمنين بأن النّصر أمرٌ جلل، وأن الهزيمة لم تُكتب لنا..

وأنا - آستيرا-  رغمَ رغبتي الدائمَة في حياةٍ هادِئة وبسيطة لا يشوبها ما يُكّر صفوَنا هذه الأيّام، إلّا أنّني أؤمِن أني ما أفتعل الفوضى وأقيم الكثيرَ من الأحاديثِ التي لا أعودُ منها إلّا وقد نقص منّي شيء، سوى لأنني أعرفُ أن العاصفة ستهدأ وأنّ تلكَ الحياة الهادئة التي أريدها ستكونَ يومًا لي..

○○○○○○○○○○○○○○○○○○○○○○○○○○○○○

مرحبا !

ليس بارت و إنما اقتباس من روايتي القادمة !

اشكركم على الدعم و الكلمات اللطيفة التي تصلني منكم ، أرجو أن تعجبكم هذه الرواية أيضا و تكون عند حسن الظن ....

Pandora Backing of The darkness Where stories live. Discover now