الجُزء الحادي والثلاثين|نِضال القلوب العاشِقَة

16.9K 1.1K 1.4K
                                    

الجُزء الحادي والثلاثين| " تركناهُم فما عادوا
‏و عُدنا مثلما كنّا
‏طوينا ليلنا سهَرًا
‏نُداوي الهمّ و الغمّا
‏رجعنا بعدَما ابتعدوا
‏كأنّا لم نكُن منّا
‏بحثنا عنهُمُ دهرًا
‏فضَاع العُمر إذْ ضِعنا
‏سعَينا في تراضِيهم
‏فمَا لانوا و ما لِنّا
‏حنينُ القلب يسألهم
‏أمَا اشتقتم، كما اشتقنا ؟.."
* * *


لا تُفرِّط أبدًا بِالشَخص الذي يتخلّى عَن العالَم لِأجل رؤيَة إبتِسامَتُك، بمَن يراك أنت الأولويّة الأولى ثُم بَعدَك كُل شَيء بِلا أهميّة، بِمَن يُمسِك بيداك في أكثَر أوقاتَك إنِهزامًا، لا تُفرِّط بِمَن ترَك كُل شيء ليُشارِك وقتَهُ مَعَك، مَن شاهَد جانِبَك المُعتِم وأحبّك رُغم تِلك الصورَة التي تَكرهها لِنفسَك، لا تُفرِّط بِمَن أمسَك بيداك وسط الزحام وأخبَرَك بِأنّهُ لَن يَدع أي شَيء يُصيبَك، فَبعدَهُ لَن تَجِد أحد، وسيُصبِح العالَم فارِغًا، ستُدرِك حينَها أن بوجودَهُ كان كُل شيء ذو قيمَة ومَعنى، وأن العالَم في غيابَهُ مُجرَّد إبتِذال مُمِل، وحينَها لَن يفيد النَدم في شَيء، ولَن يُعيد الأشياء الضائِعَة، التي لَم تَستَطِع تَقديرَها..

* * *

أغلَقت على توقيعَهُ الذي لا يملِكَهُ أحد سِواها، ووَضعَت الكِتاب في دُرجٌ مُهمَل، كي لا تراه، كي لا يُغريَها لِقراءتَهُ، عَلى الحِكايَة أن تنتَهي هُناك، عِند جِسر أرنو، لَن تَقوم بِفتح صَفحات أُخرى، ولَن يُغريَها شَيء بَعد الآن، إن كان الثَمن قَلبَها، لِأن في نِهايَة الطَريق كانَت دائِمًا هي الخاسِرَة، لِأنّها قامرت بِقلبَها، لَم تَكُن مِثلَهُ، هو دَخل مَعَها وشارَكها الطَريق، ولٰكِن دون أن يُراهِن على شَيء، والآن هو الرابِح الوَحيد، عليَها أن تَتعايش مَع خيبَتَها، ومَع خَساراتَها، لِتُكمِل الطَريق دون وجودَهُ، كَم كان بعيدًا عَنها التَفكير بِحياة لا يَكون هو جُزء مِنها!، لَم يَكُن أيًا مِن هٰذا في نصها الذي كتَبتَهُ، كانَت تَمتَلِك الكَثير الذي بِإمكانَها وهبَهُ، ولٰكِن مُنذ البِدايَة لَم يَكُن لَها الحق في كِتابَة النَص، كان هو وَحدَهُ مَن يَحِق لَهُ كِتابَة كُل شَيء، حتى كِتابَتَها، كانَت فَقط حِبرَهُ والألوان، لا شَيء أكثَر، وهٰذا كان كُل ما يَحتاج لَهُ أي كاتِب ورسام..

ولٰكِن هل لِأُنثى الفضول أن تَتجاهَل كَلِمات كُتِبَت لَها!
دون أن يَقودَها فضولَها يومًا ما لِتقرأ كَلِمات الرَجُل الضَبابي الذي لَم يَعُد لَهُ وجود، هل تغيّر قلبَها لِلحد الذي يَجعلَها لا تَحتاج لِلإلتِفات لِلخَلف!، ولِلعودَة خُطوَة واحِدَة لِرؤيَة ما لَم تَراهُ مِن قَبل!، الآن ترى كُل شَيء مِن مَنظور مُختَلِف، لَم تَعُد يولاند تَرغَب بِالمُجازفات، فَبعضَها تَجعلَها تَفقِد جُزء كَبير مِنها، لِأنّها دائِمًا تُجازِف بِإندِفاع وتهوَّر وتُسرِف في إعطاء كُل ما تَشعُر بِه، حتى تَبقى في نِهايَة المَطاف خاويَة، هل ستتخلّى يومًا عَن غضبها!، وتتَجاوز لِتتصالَح مَع الواقِع، ثُم تقرأ كِتاب بِإسمَها دون أن تَسمَح لَهُ أن يُعيد قلبَها لِلغرَق مَع المَجهول!، هل ستتجاوزَهُ لِلحد الذي يَجعلَها تَمحو اسمَهُ مِن قاموسَها، ليعود نيچرو ألبيتسي وَحسب، كما يعرِفَهُ الجَميع!، وكأنّها لَم تَكتَشِف شَيء عَنه، ولَم تَستَمِع لِتِلك الحِكايات التي حددت مَصيرَهُما، أو مَصيرَها هي وَحسب، فهو مَصيرَهُ كان مَكتوب قَبل كُل شَيء..

أسود II |إكتشاف المجهول ☔︎ ✓Tempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang