الجُزء الرابِع|لوحَة أُنثى الفضول

47.5K 2.7K 890
                                    

الجُزء الرابِع|الأوقات الصعبة قد تحوّلك للشخص الذي لم تتمنى أن تكونهُ يومًا؛ الأقل عطاءً، الاكثر صمتًا، ولك أن تتخيل كم سيبدو هذا مغريًا لإلقاء اللوم عليك وكم ذراعًا ستنسحب من حياتك..
* * *

على الأغلب
يأتي دومًا الشخص الصائِب حينما يُفسدون الخاطِئين كُل شيء فيك، حينما لايبقى فيك شغف، أو ثِقة بِمن أمامك، حينما تتوقّف عن الإنتِظار وتكره كُل من يَقترِب مِنك، حينما تكون حريص على ذاتك بِطريقَة سيئّة تجعلك تَشعُر وكأنّك مُقيّد بِتجارُبك السابِقَة..

تستمِر بِقول أنّك تخطيتَهُم، لم تَعُد تُفكِّر في أي شيء يخُصّهِم، ولٰكِنك تخطّيت وقد مضى مِن عُمرك الكَثير وأنت تَفقِد ذاتك السابِقَة، تخطّيت وأنت شخص آخر، سرقوا مِنك طمأنينَتك، فبِتْ تَعتَقِد بِأن الجميع بِذات الصِفات، كاذِبين، مُخادِعين، مُنافِقين وخائِنين، بِتْ تَشعُر بِأن جميعَهُم نُسخّة مُكررة لِذات الأشخاص اللذين مرّوا في حياتَك وعاثوا فيها فسادًا وسلبوا مِنها الآمان..

جَعلوا مِنك شخصًا خائِفًا مِن أي مُحاولة إقتراب لِحياتَك، شخص مُتوجِّس يهرُب مِن كُل مَن يُحاوِل جعله صَديق أو حبيب، جَعلوا مِنك شخص لاتعرِفَهُ، والأسوء مِن كُل هٰذا أنّهُم جعلوا مِنك شخصًا لايُصدِّق أي شَيء..

وحينما يأتِ الشخص الصائِب، ستُعاقِبَهُ على أفعال غيرَهُ، لن تَثِق بِه، لَن تتمرّد، ولَن تنطلِق بِجموح كما يفعل الآخرين، تبقى واقِفًا في مكان بَعيد لاتتقدّم أي خُطوَة، وكأنّك لاتَهتَم وفي الحقيقة أنت فَقط..خائِف، وتُريد أن تَعتَذِر له قائِلًا:
-مع كامِل الأسف لقد أتيت أنت، وأنا في نُسختي الرديئة..

* * *

السادِسَة صباحًا بتوقيت الدهَشة| إيطاليا | فلورنسا..

كان صباحًا مُمطِرًا بِغزارَة، يستيقظ فيه كُل مَن مُستعِّدْ لِمواجَهة يوم جَديد، ليشق طَريقَهُ نحو تحقيق شيء يستحِق، لِهٰذا كانت هي تستيقِظ بِكُل نَشاط لِلإستِعداد لمُقابَلة وظيفَتها ورُفقاء العَمل، كانت هٰذِه الوظيفَة كُل ما تَملِكَهُ، الشيء الوحيد الذي يَجعلها تستيقِظ وتنسى النوم الذي كانت تُقدِّسَهُ مُسبقًا، في الحقيقة حينما يمتلِك المرء هدفًا وشغف نحو شيء، سينسى أي شيء قد يؤخّرَهُ عنه، لِهٰذا هي تستيقِظ والإبتِسامَة تُنير ملامِحها الناعِسَة، كانت تمتَلِك بريق يجعلَها في أزهى حالاتَها حتى في أكثر حالاتَها سوءًا، متوهِجّة وتَعطي المكان الذي تكون فيهِ حَيَاة..

إرتَدت ثيابُها العمليّة، ورتبّت شعرها الأسود الطويل المُسرّح بِعِنايَة، ثُم وضعت بَعضًا مِن المكياج على ملامِحها لِتبدو أكثر إشراقًا، وإنتهت وهي ترُّش عطرها عشوائيًا، والذي كانت رائِحتَهُ كالأزهار، في حال إنتِهائها خَرجت مِن حُجرتَها في منزِلها الذي كان بسيطًا وأنيقًا، كان كُل زواية فيه تُمثِّل ذوقها وشخصيتها المُحِبّة لِلفَن، كما حُجرتها التي تحتوي على جدار كامِل يحمِل اللوحات التي قامَت بِشراءها، والمكتبة المليئة بِالكُتب..

أسود II |إكتشاف المجهول ☔︎ ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن