الجُزء الثامِن والثلاثين|القِطعَة الناقِصَة مِن الأُحجيَة

35.2K 1.2K 1.4K
                                    

الجُزء الثامِن والثلاثين| "أُحبكِ
في زَمانِ الخوفِ يا عُمري
ولا أدري لِماذا يا مُنَى قَلبي
إذا ما الخوفُ حاصَرَني
لِصَدرِكِ دائمًا أجري
أُحِسُّ بأُلفةٍ نَحوَكْ
فكيفَ أُلامُ في حُبِّكْ
وقلبي صارَ مِن شَوقي
كَبُركانٍ مِن الإحساسْ
أُحِسُّ بِغُربةٍ بيني
وبينَ الناسْ
أجيءُ إليكِ مُشتاقًا
بأشواقٍ تَفوقُ الوَصفْ
وفي عينيكِ أحرِقُ كلَّ أقنِعَتي
وآخِرَ مُفرداتِ الزيفْ
ولا يَبقَى سِوى حُبِّكْ
جميلاً ساطِعًا .. عُمري
كَشمسِ الصيفْ
فكيفَ أخافُ مِن شيءٍ
وأنتِ الأمنُ لو يأتي
زَمانُ الخوفْ."
* * *

يُقال بِأن الوَقت كَفيل بِإسقاط أهميّة الأشياء
خاصةً الأشياء التي تتأخر في المجيء، لِذا علينا أن نَترُك كُل شَيء في كفّة الوَقت، ألّا نُلقي عَليها كُل الإهتِمام، ألّا نَبذَل المُستَحيل، ما لا يُطاق لِأجل أن نظفر بِها، ما هو لَك سيَجِد طَريقَهُ إليك، سيَجِدَك وأنت في الزِحام، ورُبما وأنت تَجلِس وَحيد في أبَعد زاويَة لِعدَم لَفت الأنظار، مُتخفيًا عَن العالَم، سَيجِدَك وأنت في عُمق النِسيان، في اللحظَة التي تُدرِك فيها أنّك على وشك نِسيان ما كُنت تَنتَظِرَهُ لِطول الإنتِظار، سيَجِدَك الحُب الّذي يُلائِمَك، سيَجِدَكِ الرَجُل الّذي يستَحقَكِ، وستَجِدَك الأُنثى التي تأويك، فَقط حينَما يُقرِر سيّد الموقف 'الوقت' أنّها اللحظَة المُناسِبَة، حينَما نكون في حالَة مِن السَلام النفسي الّذي يَجعلنا نُدرِك أن لَيس بِالضرورَة أن نَحصُل على كُل شَيء لِنشعُر بِالكَمال، وأن القَليل الّذي نَملِكَهُ كافيًا ليجعَل مِنّا نسمو تفرُّدًا، وأن نَحتَفِل بِإنتِصاراتَنا بَعيدًا عَن الحشد، في نِهايَة الطَريق تُدرِك أن النَصر العَظيم هو بِالسعادات الصَغيرَة التي تَحتَفِظ بِها لِنفسَك، وأن لَيس دائِمًا سيكون العالَم جاهِزًا لِلتصفيق لَك لِتُكمِل الطَريق، وأن طَريقَك مِن المُرجّح أن يَكون فارِغًا، هُنا يَكمَن الإنتِصار، أن تتوهّج في العُتمَة، وتُكمِل في اللحظَة التي كان توقفك هو ما يَنتَظِرَهُ الآخرين..

* * *

فتَحت عَينيها السوداء بِجفنيها الثَقيلان، لِتَنظُر لِلسَقف المُظلِم، بِذهنٍ مُشتَت، لَم تتمكن لِبعض الوَقت مِن تَذكُّر ما حَدث، أو حَتى التَفكير بِأين هي، كُل شَيء كان ضبابيًا، كَرؤيتَها، كَما كانَت تَشعُر بِالبرودة في أطرافها، وكأنّها إستيقَظت مِن غيبوبَة طالَت مُدتها، الظَلام الذي يُحيطَها لَم يُظللها عَن الشعور بِالأُلفَة حيث كان جَسدَها يستلقي على السرير المُريح، حينذاك عادَت لَها القُدرَة عَلى الشعور بِروحَها ومشاعِرها، بِقلبٍ راجِف واجِف، أزاحَت الغطاء عَن جَسدَها، لِتجلِس على طَرف السَرير، كانَت لاتزال تَرتَدي ثيابَها ماعدا قدميها الحافيتين، لامَست الأرض وهي تتأمَّل ما حولَها، غَير قادِرَة عَلى تحمُّل الصُداع والغَثيان الذي راودَها حال تَحرُّكَها، لا تَفهم ما الّذي حَدث، وما الّذي تَفعلَهُ هُنا، وكَيف إنتهى بِها الأمر مُنوَّمَة عَلى هذا السَرير، ولِهٰذا وَقفت على قَدميها بِفَزع تَنوي الخروج مِن الغرفَة لِتجِد إجابات لِأسئِلَتها، مُحاوِلَة التماسُك وعَدم إظهار توجسها وإضطِرابَها لَهُ..

أسود II |إكتشاف المجهول ☔︎ ✓Donde viven las historias. Descúbrelo ahora