نسيجٌ ساخِر

31 7 2
                                    


الفصل الثّامن: نسيجٌ ساخِر. 


«توم توقّف عن الأكل قليلًا وركّز معي رجاءً!» كان جيري الفأر البنيّ الصّغير يهزُّ ذيله بغضبٍ وعيناه تصدران إشعاعاتٍ حمراءَ اتّجاه القطِّ توم، الذي كان يتناول شطيرةً ما، بها الكثير من المكوّنات لا نعرف ما هي تمامًا، عادةً يكون أكل القطط غريبًا هكذا.

«إن لم تتوقّف عن إزعاجي جيري سوف أقوم بوضعك في الشّطيرة مكان تلك المكوّنات!» 

قالها توم وهو يكملُ تناول شطيرته مغمضًا عينه الواسعة والكبيرة ممثّلًا استمتاعه بالطّعام.

قفز جيري إلى منضدة الطُعام بسرعته القصوى وقام برمي القلم والأوراق في وجه توم؛ ممّا نتجَ عنه سقوطُ شطيرةِ توم من النّافذة إلى حشائش الأرض تحت منزلهم، يبدو أنّ جيري في ورطة!

أمسك توم جيري بغضبٍ، قرّبه من أسنانه وكاد يأكله، ولكن زمن الأصدقاء لم ينتهِ بعد.

«لو لم نكن نعمل كصحفيين في مجلّةٍ واحدة، كنتُ قتلتك دون تفكيرٍ جيري!» 

حرّر توم جيري من قبضةِ يده فورًا فقد كاد الأخير يختنق.

«أنت قلتها توم! لذا علينا أن نكتب مقالنا لليوم حتّى يتمَّ نشره في مجلتنا «مجلّة سيرك الكوميديا»». 

بدأ جيري بالجلوس على المنضدة مقتربًا من توم، الذي بدوره تربّع على كُرسيّه أمام الآلة الكاتبة العتيقة؛ لكتابةِ موضوع مقالهم اليوم وهو: «الحَبكة ضمن فئة الكوميديا».

«حسنًا! علينا أن نعرف أولًا، كيف تكون الحَبكة ضِمن فئة الكوميديا؟» 

التقط توم القلم ووضع قبّعته السّوداء فوق رأسه منتظرًا شرح جيري.

قام جيري بحكِّ رأسه مفكرًا، ثم أردف شارحًا الموضوع بالتّفصيل: «حسنًا توم، على الرُّغم من أنّ الحقيقة التي مفادها أنّ الضّحك يلعبُ دورًا هامًا في حياتنا؛ فإنّ الأدبيّات المتوفّرة عن سيكولوجيّة الكتابة الكوميديّة قليلةٌ جدًا مقارنةً ببقيّةِ الفئات الأدبيّة! لذا نعرف جيّدًا أنّ الكاتب الذي يستطيع إضحاك النّاس من روايته وبنفس الوقت تكون لفكرة روايته أو قصّته مغزًى واضح، كاتبٌ بارعٌ بحق؛ لذلك من الصعب تكوين الحبكة الكوميديّة». 

أومأ توم مُردفًا: «في بداية الأمر كلّنا نعلم أن أشهر أنواع روايات الكوميديا هي الكوميديا السّاخرة! وهي التّي تركّز تمامًا على قضيّةٍ اجتماعيّة مشهورة وتعرضها بشكلٍ ساخرٍ ومضحك؛ لذا أحداث تلك الرّواية تتكلّم عن فكرةِ وجود التّنمر مثلًا، ولكن بشكلٍ ساخرٍ ومضحك! كأن تكون الشّخصيّات الرّئيسة مجموعةً من الحيوانات وتتنمّر عليهم مجموعةٌ من البشر مثلًا، أيًا كان إبداع الكاتب في خلق تلك الأحداث». 

ابتسم جيري قبل أن يُكمل: «على الكاتب يا توم في تلك اللّحظة أن يركّز على الأسباب التي تدعونا إلى الإضحاك وهي: نظريّة المفاجأة، نظريّة التّشامخ والتّرفع، النّظرية الحيويّة، وغيرها من النّظريّات الأخرى التي يمكن للكاتب أن يبحث عنها ويقرأ عنها جيّدًا! دعنا نأخذ نظريّة المفاجأة مثلًا ونتكلّم عنها، فمثلًا نحن نضحك في معظم الأحيان كي نستر مشاعر الحرج، نحن نفعل ذلك بحق! وقد يكون مثل هذا الضّحك نتيجةً بعد أن نكون قد قلنا عن غير قصد كلامًا أحمقًا أو فعلنا فعلًا أخرقًا أو بعد استدراجنا وخديعتنا، وتعدُّ المفاجأة واحدةً من تقنياتِ الإضحاك، فإنّ إعطاء مشهدٍ كوميديٍّ مفاجئ للقُرّاء أثناء سريان الأحداث هذا يضيف نكهة مرحة كوميديّةً للرّواية بشكلٍ ممتاز». 

موسوعة الفئاتWhere stories live. Discover now