أنقذ الواقعيّة

33 4 3
                                    

في وسط الرّدهة ها أنا مع أخي الصّغير الذي يتشبّثُ في ملبسي في حين نتنصّتُ على حديث والدتنا قرب الباب بفضولٍ بلغ أشدَّه.

«نعم؟ نعم، أنا هي السّيدة سوزوكي، نعم هذا هو اسم زوجي».

كانت أذاننا تقوى على سماع كلامها هذا باتّضاحٍ، لكن لا فائدة مرجوّة من محاولة إنصات حديث الشّخص الذي قبع عُقب الباب برفقتها؛ فقد كان هادئًا ويبلغ بحروفٍ منخفضٍ حسّها على غرار أمّي ذات الصّوت المتلجلج، ولم يمرّ الكثير حتّى أغلقتْ الباب بينما تطوي رسالةً بجوف يدها.

وبغتةً نادتنا إلى الصّالة، بغية تفسير الرّسالة وما ذُكر فيها لنا، وقد غلب على ملمحها الحزن والفرحة في آنٍ واحد.

ولكن ما كان لأساريري أن تبتهج؛ كيف لا وخبر إيّاب والدي لنا قد أنصتته للتّو؟! ولكن أخي الصّغير اكتنف أمّي في أحضانه باكيًا، فقد كنتُ سعيدةً للغاية، وحتّى لو كانت قدم والدي مبتورة فهو ما زال والدي! وسيعود إلينا!

هو حاليًا يقطن في منطقة تُعدُّ أكثر المناطق قربًا لهيروشيما، وبعد يومين سوف يشرع في مسيرته إلى ناكازاكي رفقةَ صديقه!

كان حماسي متّقدًا للغاية، حتى بلغ بي الآمر أنّي صعدت لغرفتي وسجّلتُ هذا اليوم!

«الرّابع من أغسطس في عام ألف وتسعمائة وخمسة وأربعين! أجمل خبرٍ في حياتي!»

مثلما كان خبر ذهابه قبل ثلاث سنوات أسوأ خبر، ها هو يعود إلينا؛ كي يغدو أجمل خبرًا.

ركبتُ السّيارة وفي يدي المذكّرة التي سجّلتُ فيها الخبر ، منتظرًا بلوغ أمّي وأخي شيرو؛ حتّى نذهب وننتظر وصول أبي. 

ولجت أمي وتأهّبت للقيادة ، وأعربتُ بشيء من الحماس: «حسنًا، اربطوا حزام الأمان!»

ذهبنا لأحد بيوت أقاربنا، ومرّ اليوم بهدوء لكن بعد عودة أمّي وعمّتي من التّسوق قرب ظهر اليوم ذكرتا شيئًا عن إشاعة انفجار حدثتْ في هيروشيما، لكنّ السخرية كانت ملازمة لصوتهما؛ لذا لا أظنُّ أنّ هذا حقيقيّ.

ولكن في اليوم المقبل كانت الصّدمة، فقد تمَّ بثُّ تقريرٍ مبدئيٍّ ينصًُ على سقوط قنبلة نوويّة على منطقة هيروشيما، أونها تصنّمتُ في مقبعي ولم أتحرّك لمدّة، كنت استوعبت أن أبي كان في تلك المدينة.

نطقتُ بين شهقاتي بخفوتٍ: «السابع من أغسطس، أسوأ حدث في حياتي».

وتلو مرور يومان كان التّرح يقتسم من منزلنا حيزًا كبيرًا، وكان الصّمت سائدًا على المطبخ لأوّل مرّة؛ ممّا جعلني أذرف الدّموع مجددًا بشكلٍ تلقائي.

لتنطق والدتي بحزم: «والدك ما زال حيًا، شيميزو!»

تفاجأتُ، رفعتُ رأسي نحوها بسرعة مما تسبّب في بروز الخوف في ملامحها، لربُّ الخوف من عدم صحّة كلامها؟!

ذهبنا حيث قال المسؤولون أنّه ربّما يكون في منطقة النّاجين، كنّا نبحث عنه، وفي لقطةٍ سريعةٍ، لمحناه.

لقد كان والدي هناك!

فُزعت من أن يكون حلمًا! لكنّ توجّه شيرو إليه أيقنني أنّها حقيقة.

اتّجهتُ صوبه أنا وأمّي وألقيتُ ذاتي وسط أحضانه، لأهمس بسعادة: «التّاسع من أغسطس، عودة الأمل وضيائه لحياتي!»
—-

مرحبًا أعزّاء النّقد، ها قد عدنا إليكم بفعاليًة جديدة، نرى أنّ الواقعيّة قد ضُمرت ومُحيت هنا، فما مقترحاتكم لتعديلها وجعل النّص يتحلّى بواقعيّةٍ أكثر؟

ضعوا تعديلاتكم واقتراحاتكم هنا رجاءً.

معكم ستّة أيّام للانتهاء.

دُمتم بودٍ، فريق النّقد يحبّكم.⁦

موسوعة الفئاتWhere stories live. Discover now