اليوم السادس "أمرٌ مخفي"

707 24 0
                                    

اليوم السادس

كان اليوم يوم الجمعة ، استيقظت و تذكرت ما حدث ليلة البارحه فكسى الضيق ملامحها الطفوليه.

توضأت و قامت لتقرأ سورة الكهف حتى يحين موعد صلاة الجمعة و شعرت براحة أبعدت عنها كُل ضيق، قامت للصلاة و من ثم ذهبت لكي تستعد للذهاب إلى منزل جدتها حيثُ تجتمع العائلة.

كانت ترتدي فستاناً بدت فيه من أجمل الفتيات، وضعت مساحيق تجميل خفيفة لتبرز ملامحها الأنثوية ، فالحقيقة كل من كان يرى مريم يقع في شباكها و لكن لم تكن تعلم بهذا الأمر فجميعهم يخفونه.

كانت تجلس و تثرثر مع بنات خالاتها و يضحكنَ من دونِ توقف ، سألوها عن إسبوعها الأول فالجامعة فتذكرت كل جزء منه و ظلت تسرد ما حدث و على من تعرفت بهذا الأسبوع ، أخبرتهم عن الموقف الّذي حدث معها فضحكوا جميعاً و هي كانت تتظاهر الغضب.

هناك جانبٌ في مريم لم يعرفهُ أحد ، كانت مغرمة ! مغرمة بزايد إبنُ خالتها ، لم يكن أحدٌ يعرف بالأمر فقد كان مستحيلاً لأنهُ مغرمٌ بأخرى و ينوي الزواج بها، و أيضاً إحتراماً لعاداتنا و تقاليدنا و هذا .

كان الأمرُ يؤلمها بشدة ، فماذا عن الحب من طرف واحد! إنهُ من أبشع صورِ الحب ، تراهُ سعيداً مع أخرى و لكن لا بأس إن كان سعيداً فهذا ما يهمها و لا تُبالي بقلبها الذي يحترق ألف مرة عندما تراه!

و لكن في جانبٍ آخر .. كان هناكَ أيضاً من أَحبها بطرفٍ واحد و فضَّل السكوت على الإعتراف إحتراماً لفارق العمرِ بينهما.

كان هو يبلغ من العمر ٣٠ عاماً بينما كانت هيَ فالتاسعةَ عشر زهرة في ريعان شبابها ! شتانٌ ما بين عمرها و عمره.. ١١ سنه فرق بينهُ و بينها و كان يؤلمه الأمر لأنهُ لا يستطيع مصارحتها به.

كان محمد أرمل، توفيت زوجته منذ عامين في خادث مروري و لديه إبنة تبلغ ٤ سنواتٍ فقط! إبنة تحطم قلبه حينما تسأله عن والدتها و يقول لها إنها مسافرة إلى السماء و لن تعود بينما تضربه بكفها الصغير تقول لا أمي هُنا أمي سوف تعود.

كانت ترى أمها كل ليلة ، تمسح على رأسها و تقرأ قصةً لها حتى تنام، و لكن لم تكن تقول لوالده عن أي شيء.

فالحقيقة ما جعل محمد يقع في غرامها هوَ أنهُ يرى زوجتهُ فيها! كانت شديدة الشبه بها، و لكن أبى أن يظلمها معه.

و ما ذنبُ قلبٍ وقع في غرامكِ
ما ذنبُ عقلٍ أخذتهِ معكِ
ما ذنبي أنا أصبحت كطفلٍ متعلق بأمه
ما ذنبي أنا أحببتكِ مثلَ ما يُحب الإنسانُ نفسه
كوني رحيمةً بقلبٍ أنتِ نبضٌ لهُ
فساعةٌ تُسرعين بنبضاته و ساعةٌ تُبطئين
و خوفي بأنت توقفينهُ فالأخير
ليتني أستطيع أن أبوح بما في قلبي
و لكن أيضاً ما ذنب شابة بريئة مثلكِ أن تُظلم مع رجلٍ مثلي !

كانت جالسة ترا زايد يتحدثُ مع جدتها ، لم تنتبه بأنها تراه فقد كانت في عالمٍ آخر ، رآها و بادلها بإبتسامة و إستغرب بأنها لم تبادلهُ بأخرى بل ظلت ترمقهُ بنفس النظره.

حينما نهض من عند جدته ليعود لمكانه رآها تنظر بإتجاه المكان الذي تجلس به جدته فإستوعب بأن عقلها ليس معها.

لم يكن يعرف بأنهُ هو من يحتل كامل تفكيرها، كانت تُفكر كيْف سيُطاوعها قلبها أن تحضر زفافه الَّذِي سيكون بعد شهران من الآن، كيف ستسطيع أن تقوم بترتيباتها للزفاف و ليست هيَ من يُزف لهُ.

عادت للمنزل و الخيبة تملأ وجهها ، و كان هذا حالها كُل جمعة ، و كالعادة هوَ لا يعرف بالأمر و هذا ما يؤلمها حياله.

حينما تكون لوحدها ، غالباً ما تتخذ قراراتٍ تندمُ عليها و هذا ما حدث هذه المره ، لا تعلم أين كان عقلُها حينما قررت أن تُكلمه و تعترف بما في قلبها، أرسلت لهُ رسالة نصية و لكن لم يعرف من هو المُرسل لأنه لا يعرف رقمها و لم تضع إسمها في نهاية الرسالة ، ظل يُفكر من قد يكون و لم يُفلح بالعثور على إجابة.

نامت و هيَ على أملٍ أنهُ يعرف ما بقلبها و لم تعلم بأنه لم يعرفها من الأساس! و حتماً سيخيب ظنها حينما تعرف بأنهُ لم يعرفها أساساً

ليتني لم أثق بكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن