اليوم العاشر: بوّح و ألم

707 28 12
                                    

اليوم العاشر؛

وصلت قبل الوقت المحدد بساعة ، رأتهُ و رآها ابتسمَ و كانت ترى ابتسامتهُ لأول مره ، جُنت ! فقد بدا أوسم بأضعافٍ حينما إبتسم و بادرتهُ بإبتسامة .

لم تنتبه للذي كان يُحدق بهما عن بعد و هوَ يحترقُ غيرةً ، شعر بأنهُ هناكَ أمرٌ ما يدور و هوَ لا يعلم بشأنه ، توجه لها محمد من دونِ تفكير و قال لها أن تلحقَهُ للمكتب ، ذهبت وراءه و لحقها حمدان من دونِ أن تشعر .

فالمكتب:
-محمد: شحالج مريم؟
-مريم: الحمدلله، خير دكتور في شي؟
-محمد: لا سلامتج بس بغيت أسألج اذا خلصتي البروجكت اللي طلبته منج كل الطلاب خلصوا الا انتي !

كانت قدّ نسيت الأمر تماماً إعتذرت لهُ و طلبت أن يمنحها يوماً لكي تُسلمه ، وافق بعد اصرار منها فلم تهُن عليه.

كان يتنصت حمدان من وراء الباب و في آخر ثانيه قبل أن تكشفهُ مختبئاً وراء الباب ابتعد و مَثل بأنهُ مرّ بجانب مكتب الدكتور محمد.

صادفتهُ و أوقفها فقالَ لها:
ألا زلتي لا تثقين بالكلامِ الَّذِي قلتهُ لكِ ليلةَ البارحة؟ قلتُ لكِ إن أردتي بأن أثبت لكِ حبي فأنا لستُ خائفاً من بوّحي لمشاعري!

كان يستمع لهما محمد بالصدفه فلم يبتعدا عن مكتبهِ كثيراً ، قرر بأن يبوح لها بما في قلبه و يتحمل مصيره معها فإذ كتَب الله بأن لا تُصبح حلاله فسيرضى بالأمر و لكن لن يقبل بأن تُصبح فتاةَ حمدان ، يعرفهُ و يعرف خُبثه و ما ينوي فقد كان غير مطمئناً منذ أول مره رآهُ بها .

بعد نهاية اليوم توجه لها و قال بأنهُ يُريد أن يعرف لها بأمرٍ ما ، شكت قليلاً و لكن حاولت أن تُبعد هذه الشكوك .

أخبرها عن خُبثِ حمدان و ما يفعله بكل فتاه تصادفه و لكن لم تصدقه فقد كان يبدو حديثهُ صادقاً للغايه ، أخبرتهُ بأن يحضر لها دليلاً و لم يملك أي خيار فباح بما كان يجب أن يخبئه ، أخبرها بأنهُ يحبها و يريدها أن تُصبح زوجته بالحلال ، صُعقت لوقاحته ! لم تمنحهُ أي فرصة بأن يكمل حديثه ، ذكرتهُ بعمرها و عمره و فارق العمرِ بينهما و ذكرتهُ أيضاً بأنهُ يكون أستاذها و ليسَ طالباً يدرس معها ، ذكرتهُ بزوجته و ابنته مبينةً رفضها بأن تتزوج رجلاً متزوج أرمل و لهُ إبنه .

أعطتهُ ظهرها و تركتهُ خلفها في صدمة تلازمهُ طوال حياته ، لم يكن يتوقع بأن ترفضهُ بهذه الجرأه و هذه الطريقة ! كان غاضباً جداً ، ركِب سيارته و ذهب مسرعاً ، نسيَ كل شيء ، نسيَ ابنته و عائلته و وظيفته كان كل ما يفكر بهِ هوَ هيَ .

و فجأة .... حدثَ ما كان لا يتوقعهُ كُل مسرع ، اصطدم بالسيارة الَّتي أمامه و قد تطاير الزجاجُ في وجهه و عيناه ، لم يكُن واضعاً حزام الأمان مما أدى إلى إرتطامِ رأسه بالمقوَد .

فاقَ و كانَ كل ما يراهُ أمامه سوادٌ في سواد ، تيَّقن الآن بأنهُ أصيب بالعمى ! كان صاعقة لهُ و لأبنته الَّتي لم يناهز عمرها السابعةَ حتى ، لم يُفكر بفقدان أمها و كأن ذلك لا يكفيها فزادها بإصابتهُ بالعمى .

ما نتج عن إرتطام رأسه فقدان جزئي في ذاكرته ، أصبح لا يتذكر السنتين اللاتي مضوا و لكن يذكر ما تبقيَ من ما مضى من سنوات.

لسوءِ حظه عادت ذاكرته سنتان للوراء ، أيّ إنهُ لا يعرف بأمرِ وفاةِ زوجته ، كانت إبنته تبكي بجانبه ، سألها عن والدتها فلم يكن يعرف بأنها توفيت منذ سنتان.

إنهمر الدمعُ من عيّنيها على خديّها المحمران من كثرة البكاء ، قالت لهُ بكل براءة:
-بابا إنتَ قلت ماما راحت عند الله

صرخَ بها قائلاً :
-لا تقولين جي أمج موجودة حيّه ما ماتت! وينها أبا أسمع صوتها !!

ظلت إبنتهُ الَّتي لا تفهم أيّ شيء بهذه الأمور تبكي ، تحدث الدكتور عن حالته معَ عائلته و قرروا بأن تمثل أختهُ دورَ زوجته فقد كانت تتقارب أصواتهما كثيراً .

قال إنها سيكون لفتره ما بين شهرين أم أربعة على هذهِ الحال حتى يسترجع ذاكرته و لم يعلم بأنها أكثر اربعة شهور تؤلم من حوله

لحسنِ حظه إنه نسيَ مريم و لن يراها إلا بمعجزة تعيد بصره ، فقد فقدوا الأمل إلا إذ عثروا على متبرع بعينين و حتى من جثة ميته.

كان في نِعمةٍ و نُقمة ، نعمة بأنهُ لا يعرف من تسبب بهذا الحادث و نقمة بأنهُ فقد عيناه و ذاكرته.

ليتني لم أثق بكWhere stories live. Discover now