Part 8

870 62 42
                                    

بعدَ ليلةٍ كانت طَويلة على عينٍ لم تغفو ، تركَ سريرَه واستقلَّ كرسياً في المطبخ ليشربَ شيئاً دافِئاً يدفعُ خمولهُ بعيداً . وشروده العميق بشيءٍ لايُذكر جعلهُ غافِلاً عن وجودِ أحدٍ قامَ باحتِضانِ كتفيه من وراءه سانِداً رأسهُ إلى أحدهما .

" همم .. صباحُ الخير ، فراوِلة-كن ! "
همهمت قُربَ أذنِه وحيّتهُ لصباحِه بلقبٍ جديد وبصوتٍ لم يستوعب بأن الصّباح قد حلّ بعد ، مغمضةً لعينَيها بكسَل وكأنها ستعودُ لأحلامِها فوقَ كتفه تستمتعُ برائحةِ شعرهِ القريب .. (فراولة بالحليب ، فراولة فراولة) كما تصف .

" س-سينباي !! "
ارتَعش قابِضاً أصابِع قدميه بِقوّة جوفَ جوارِبه ، بلقبِها نادى مستعجِباً فِعلتها المفاجئة ، فأجابَت نِدائهُ بهمهمةٍ كسُولة فضوليّة لما سيقولُ بعدَه .

' قريبةٌ جداً ، قريبةٌ جداً ، قريبةٌ جداً !! الرّحمة ، لا يمكنني أخذُ هذا ! كيفَ لصَوتها ان ينطلق بهذه الطّريقة ؟ وكأنها منحرفة ام انّ تفكيري كذلك ؟ يا إلهي هذا .. '

يكلّمُ نفسهُ بتعرّقٍ داخليّ ورعشاتً سُكّريّةٍ تدغدغُ قلبهُ ومَعِدته ، ورغمَ ذلك لم يظهر ذلك وضوحاً على ملامِحه او كلامِه ، يبدو بأنّ تدريباتهِ الغريبة دعمت هدوءه واستقرار ردود افعاله بعض الشّيء .. على الأقل من الجيّد أنهُ لايعلم قدرتها اللامتناهية في سماع أيّ شيء سواءَ كانت تلتقطهُ الأذن البشريّة او لا ، سيكون من المحرج أن يدرك أحدهم بأن افكارهُ والضجيج الذي في داخلهِ يسمعُ من قِبَلِ شخصٍ آخر !

قاطعت ثرثراته الصّامِتة بندائِها للقبهِ الذي ظَهرَ لأولّ مرة هذا الصّباح وأمالَت برأسِها لتُراقِبَ بُندقيّتيهِ عن كثب .

" هل أزعَجكَ هذا ؟ "
سألت بتمثيلٍ للبراءة بأنها لا تعلم ما كانَ يشغلُ تفكيره قبلَ ثوان ، و أظهرت عينيّ الجرو منتظِرةً جوابَه مُستميلةً قلبهُ ولطفه لصفّها بتلكَ النّظرات .

" لا ، ليسَ الأمر هكذا ! فقط قد تفاجأت قليلاً .. اردتُ قول صباح الخيرِ لكِ أيضاً ~ "
نفى وبرّر الأمر وأنهى قولهُ بابتِسامةٍ مُتعرّقة ؛ صمتتَ هي لفترةٍ ثمّ أسدلَت جفنيها ضاحِكةً لما حَصل .

فركَت شعرهُ وابتعدت لتجلِس على كرسيّ يُقابله في الطرفِ الموازي للطاوِلة . كسلها الشّديد لإظهارِ حجريّ عينيها منحهُ فرصَةً ليقومَ بمُراجعةِ حفظهِ لملامِحها التي لطالما فكّر وأُعجِب بالطريقةِ التي تمتزجُ بها الحدّةُ والبرود بالطفولية في تفاصيلِها ، التناقض في شخصيتها وملامحها كان أحد الأسباب الذي شغلت تفكيره قبلَ غرقهِ في نومهِ كُلّ ليلة .

" اوي اوي ! هل أنتم ذباب أم ماذا ؟ من أين لكم كل هذا النّشاط ؟ "
صاحَ ثلجيُّ الشّعرِ مُداهِماً المطبخ مُنطلقاً نحوَ البرّاد ليطمئنّ أن حلواه لَم تُسرق أثناء نومه ، بينما يوجي قد تحوّلت ملامِحهُ إلى شكلٍ مُستاء جداً بعد سماعه كلمة (النّشاط) الذي نطق بها معلّمه ، فبالنّظرِ للهالات حولَ عينيه و لمن تُكمل نومها جالِسة مقابله فلا يوجد أيّ معنى للنشاط !

جوجيتسو كايسن || كنزيَ القُرمُزيّ Hikayelerin yaşadığı yer. Şimdi keşfedin